وسائل التواصل الاجتماعي تنقذ مطاعم مصر وتعيد الزبائن إليها

باتت منصات التواصل الاجتماعي النافذة والمنقذ لكثير من المطاعم المصرية بعد الضربة التي تلقتها على خلفية جائحة «كورونا»؛ فالآن وبعد أكثر من عام ونصف العام على الوباء، أضحت هذه الوسائل تلعب دورا أكبر وتؤثر على خيارات الطعام المقدمة، وأصبحت شهرة المطعم لا تقتصر على مدى جودة ومذاق الطعام.
عندما تتصفح منصات التواصل الاجتماعي لا شك أنك قابلت صورا جذابة لطعام شهي ينطق بالمذاق، فأصبحت مشاهد شطائر البرغر والبطاطا المقلية أو أكواب القهوة المخفوقة مع قطعة حلوى، منافسا لصور مدونات الموضة والجمال، ووسط هذه المنافسة المحمومة اشتدت العروض والتخفيضات والابتكارات لجذب الزبون وتعويض الخسائر.
يقول السوري خالد سيجري، مؤسس مطعم «تيستي كايرو» بفروعه في القاهرة، تركيا، والعراق ورومانيا، وفرعه الأساسي في قلب سوريا قبل أن يغلق أبوابه بسبب الحرب، لـ«الشرق الأوسط»: «ثمة الكثير من المنافسة في صناعة المواد الغذائية وتجارة المطاعم، يحاول الجميع إقناعك بالتحدث عنه ودخولك إلى مطعمه، لذا فأنت بحاجة إلى شيء جذاب حتى تكسب ثقة الزبون»، ويردف «العروض الفريدة والجديرة بالاهتمام لها دور بارز في تنشيط السوق، لا سيما في عصر أصبحت فيه منصات التواصل الاجتماعي هي عملاق التسويق».
ويرى خالد من تجربته في عواصم مختلفة حول العالم، «يساعد الوجود القوي على وسائل التواصل الاجتماعي، المطاعم والشركات الأخرى على التفاعل مع جمهور أوسع وجذب عملاء جدد ربما لم يكن لديهم إمكانية الوصول إليها من قبل». ويمضي في القول «من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، يمكننا الوصول إلى الناس في جميع أنحاء العالم - إنه أمر مهم للغاية، لكن من المهم أيضا أن يكون ما تضعه على وسائل التواصل الاجتماعي هو نفس المنتج الذي يحصل عليه الزبون شخصياً عند زيارة مطعمك. أعتقد أننا قمنا بعمل جيد عندما راهنا على المصداقية وليس التسويق المخادع الذي يعيب أحيانا عالم الرقمنة».
يعتمد مطعم «تيستي كايرو» على نقل ثقافة الأكلات السورية السريعة، على رأسها الشاورما، مع بعض لمسات من المطاعم العالمية مثل البيتزا الإيطالية، وشطائر البرغر مع طبقات الجبن على الطريقة الأميركية، ويقول مؤسس المطعم: «الأكلات السريعة والصور الجذابة نجحت في جذب متابعين منصات التواصل الاجتماعي، ربما لأنها تتماشى مع ثقافة هذه المنصات».
على عكس النمط الذي يقدمه المطعم السوري من وجبات سريعة، نجح مطعم «مندي الغزالي» الموجود في قلب القاهرة، وتحديداً في حي المهندسين المعروف بالطابع السياحي، لا سيما لزائري مصر من الخليج، في جذب رواد منصات التواصل الاجتماعي بإعلانات وعروض مثيرة للاهتمام رغم أنه يقدم خيرات المطبخ اليمني الكلاسيكي، مثل المندي والأرز بالخلطة الخليجية، وأصناف اللحوم الشهية مثل «التيس»، كذلك يمزج المطعم بين المذاق الخليجي والمصري من خلال أطباق الملوخية وطاجن البامية مع أصابع المنبار المقلية.
وينقل إسماعيل علي، المدير التنفيذي للمطعم، تجربته ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «وسط المنافسة المتزايدة في صناعة المطاعم، فإن القدرة على جذب عملاء جدد باتت مهمة معقدة، لا سيما مع وجود العديد من الخيارات، يمكن أن تكون وسائل التواصل الاجتماعي وسيلة فعالة للوصول إلى رادار العملاء».
ويضيف علي «لا أبالغ حين أقول إن منصات التواصل باتت تميمة الحظ لمن يهضم قوانينها ويفهم دهاليزها، حقيقة، تضاعف حجم البيع بعد تصدر مطعمنا صفحات تقييم المطاعم على العملاق «فيسبوك»، كذلك مهارة التسويق الرقمي ساهمت في صعود اسم مطعم «مندي الغزالي» كمنافس لكبريات الأسماء في سوق المطبخ على مستوى الخليج»، وأرى أن «مواقع التواصل صبت في صالح المطعم والزبون معا، وبات المطعم على مقربة من الزبون».
ومن المطاعم التي تعتمد على الترويج لأطباقها «وح وح» بمول سلفر ستار، التجمع الخامس، مستعرضاً بتقديم كمية كبيرة من الجمبري على شكل سفينة لجذب الرواد.
لكن الخبراء يحذرون أيضاً من أن المطاعم يجب أن تستمر في الابتكار في خيارات الأطعمة هذه لكي تنجح. يجب أيضا أن يبقى الرهان على المذاق الشهي، وليس الصورة الجاذبة.
من جانبه يؤيد مؤسس مطعم «تيستي كايرو» هذا الرأي ويقول: «التقاط صورة جذابة للطبق مهم - ولكن يجب أن تحتوي على المعايير الأخرى، مثل الخبرة وتناسق الطعام وتطور المنتج»، ويردف «خلاف ذلك، سيحاول الأشخاص تجربة الطعام مرة واحدة، ولن يعودوا مرة أخرى أبداً».
الأمر لا يتعلق فقط بالطعام، بينما يعد التصميم المادي للمطعم والعلامة التجارية مهمين أيضا فيما يخص التسويق عبر منصات التواصل الاجتماعي، بداية من المفارش وزجاجات المياه والسلع الورقية المتنوعة، جميعها جزء من استراتيجية تأسيس العلامة التجارية.
يقول مدير «مندي الغزالي»: «كل هذه الأشياء جزء من قصة العلامة التجارية، لا سيما أن الأشخاص على وسائل التواصل الاجتماعي يشاركون التجربة كاملة لذا يبحثون عن مطعم غريب ورائع».
ويضيف «وسائل التواصل الاجتماعي تؤثر أيضاً على كيفية قيام الطهاة بتقديم الأطباق، بالطبع نفكر في مدى قابلية الطبق لأن يصبح سلعة جذابة على إنستغرام أو فيسبوك».
لم تعد العروض والتخفيضات والصور الجذابة وتعليقات التقييم هي فقط أدوات التسويق الرقمي في سوق المطاعم، بينما شهد العالم ما يسمى «التجربة الافتراضية» التي تتيح للزبون فرصة لتجربة غير الموجودة في الحياة الواقعية. تستخدم المطاعم هذه التكنولوجيا المتقدمة لتحسين تجربة العملاء من خلال السماح لهم باستكشاف قائمة الطعام والوصفات أثناء تحضير طعامهم.
وتتيح تجربة المشاهد والأشياء غير الموجودة في الحياة الواقعية. وتستخدم المطاعم هذه التكنولوجيا المتقدمة لتحسين تجربة العملاء من خلال السماح لهم باستكشاف قائمة الطعام والوصفات أثناء تحضير طعامهم. وتعد المطاعم ملاذا لتجارب ممتعة، ويساعد الواقع الافتراضي في إثراء تجربتهم من خلال السماح لهم باستكشاف المزيد من الخيارات.
ولكن ما يؤكد عليه الخبراء، أنه في النهاية لن تحل أفضل المنشورات الاجتماعية على الإنترنت محل الطعام الطيب والأجواء الرائعة التي تضمن الاستمرارية.