تباين عراقي بشأن الحوار مع واشنطن... وحلفاء طهران يرفضون

TT

تباين عراقي بشأن الحوار مع واشنطن... وحلفاء طهران يرفضون

لم تخرج الأطراف السياسية والميليشياوية العراقية المختلفة عن السياق التقليدي والمتوقع بالنسبة إلى مواقفها من جولة المباحثات الرابعة بين واشنطن وبغداد في إطار ما بات يعرف بالحوار الاستراتيجي بين الجانبين، من هنا فإن معسكر «المولاة» المؤيد للحكومة وحوارها الجديد وضمنه رئيس تحالف «قوى الدولة الوطنية» عمار الحكيم، على سبيل المثال لا الحصر، رحب بالحوار، وأعرب عن ثقته في الوفد العراقي المفاوض، وقال عبر تغريدة في «تويتر»: «‏كلنا ثقة بالوفد العراقي المفاوض خلال جولة الحوار الاستراتيجي مع الجانب الأميركي ويحدونا الأمل في أن يضع نصب عينيه مصالح البلاد العليا، وقيادته زمام المفاوضات وصولاً إلى اتفاقات بناءة ورصينة تفضي إلى سحب القوات القتالية والتركيز على التعاون الأمني والاقتصادي والثقافي بين البلدين».
أما على صعيد القوى «المعارضة» للحوار ومن مجمل الوجود الأميركي في العراق وتمثلها الشخصيات والفصائل المسلحة الموالية لإيران، فقد رفضت المفاوضات الجديدة جملة وتفصيلاً، سواء على مستوى الأقوال أو الأفعال، حيث هاجم زعيم «عصائب أهل الحق» قيس الخزعلي تصريح وزير الخارجية العراقية فؤاد حسين الذي أعرب فيه عن حاجة قوات بلاده إلى «البرامج التي تقدمها الولايات المتحدة المتعلقة بالتدريب والتسليح والتجهيز وبناء القدرات». واعتبر الخزعلي أن تصريح حسين «صريح مؤسف للغاية ومرفوض من قبلنا ومن قبل كل عراقي يعتز بمؤسساته العسكرية والأمنية». وأضاف أنه «لا يعكس حقيقة القدرات التي وصلت لها قواتنا البطلة من الجيش والشرطة الاتحادية والحشد الشعبي وجهاز مكافحة الإرهاب».
ولعل الهجوم الذي شن، أمس، بطائرة مسيرة على قاعدة عسكرية تابعة للتحالف الدولي في إقليم كردستان، مؤشر على عدم تأخر الفصائل المسلحة في إعلان موقفها العملي من جولة المباحثات الأميركية - العراقية الجديدة. وقال المتحدث الرسمي لقوات التحالف العقيد واين موروتو في بيان: إن «طائرة مسيرة استهدفت قاعدة تستضيف قوات التحالف الدولي في إقليم كردستان»، لافتاً إلى أن «الهجوم لم يوقع إصابات أو أضراراً». وأشار إلى أن «الولايات المتحدة وقوات التحالف يقظة وستحتفظان بالحق الطبيعي في الدفاع عن النفس».
وفي سياق متصل بموقف الفصائل، أصدرت ما تسمى «الهيئة التنسيقية لفصائل المقاومة العراقية» بياناً مطولاً حول جولة المباحثات، رفضت فيه كل أشكال الوجود الأميركي العسكري في العراق، بما فيه ذلك المتعلق بوجود المستشارين والمدربين. وذكرت الهيئة في بيانها أن «المدربين الأميركيين ومعهم قوات التحالف الدولي أثبتوا فشلاً ذريعاً وبالتجربة في العراق على مدى عشر سنوات كانت نتيجته انهيار كل المؤسسة الأمنية والعسكرية حصل في سنة 2014. وإذا أضفنا إليها التجربة الأفغانية التي امتدت على مدى 20 عاماً من التدريب وما نشاهده اليوم من انهيار وتفكك المنظومة الأمنية، هذه كلها وقائع تدحض كل المتقولين بحجية المدربين كمسوغ لهذا الوجود». وتابعت أن «المجال الذي يعمل به المستشارون الأميركيون لا يخرج عن متطلبات أمنهم القومي والعمل لأجله وأن تسبب بنتائج كارثية على بقية الشعوب، وهم يستغلون مفاصل الأجهزة الأمنية العراقية لتحقيق ذلك». واعتبر البيان أن المهمة الأساس لسلاح الجو الأميركي في العراق هي الدفاع عن أمن (إسرائيل)». وخلصت إلى أن «انسحاب القوات المحتلة، لكي يكون حقيقياً يجب أن يكون انسحاباً كاملاً من كل الأراضي العراقية سواء في وسط العراق أو جنوبه أو شماله، وكذلك يجب أن يشمل كلاً من قاعدة عين الأسد الجوية وقاعدة الحرير الجوية، وهذا يعني عدم بقاء أي نوع من أنواع الطائرات سواء كانت المقاتلة أو المروحية أو المسيرة، ويشمل كذلك قاعدة فكتوريا في مطار بغداد وقاعدة التوحيد الثالثة في المنطقة الخضراء».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.