الشيوعيون يقاطعون الانتخابات العراقية

TT

الشيوعيون يقاطعون الانتخابات العراقية

أعلن الحزب الشيوعي العراقي، أمس، انسحابه ومقاطعته للانتخابات النيابية العامة المقرر إجراؤها في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، وشرحت اللجنة المركزية في بيان مطول طريقة المقاطعة وأسبابها وتحدثت عن عدم توفر أجواء آمنة تضمن نزاهتها وحريتها.
وقالت اللجنة المركزية للحزب في بيانها: «في ظل تعمق الأزمة السياسية والاجتماعية في البلاد متمثلة في استحواذ القوى المتنفذة على المشهد السياسي، وتفشي الفساد وعدم محاسبة رؤوسه، وفي عمليات الاغتيال والاختطاف والترويع، إضافة إلى تردي الأوضاع المعيشية للناس، لم يعد الحديث عن توفير أجواء مواتية لإجراء انتخابات حرة نزيهة سوى وهم تفضحه الوقائع اليومية المأساوية ومعاناة الملايين المريرة».
و«الشيوعي العراقي» من بين أقدم الأحزاب السياسية في العراق، حيث تأسس في ثلاثينيات القرن الماضي، لكن لم يتمكن من منافسة قوى الإسلام السياسي بعد 2003. ولم يحصل إلا على مقعدين نيابيين في دورتين انتخابيتين شارك فيهما. وعلق «الشيوعي» مشاركته في انتخابات في 9 مايو (أيار) الماضي، لكنه لم يعلن انسحابه النهائي، نتيجة ما اعتبره عدم «توفر الشروط الضرورية لضمان إجراء انتخابات نزيهة عادلة نريد لها، انسجاماً مع ما عبرت عنه إرادة انتفاضة تشرين، أن تكون رافعة للتغيير المنشود».
وتابع البيان: «ما لم تتوفر بيئة انتخابية آمنة، عبر قانون انتخابات عادل ومفوضية انتخابات مستقلة حقاً، وإجراءات تمنع استخدام المال السياسي، وتوقف انفلات السلاح، وتحاسب رؤوس الفساد، وما لم تتم الاستجابة لمطالب المنتفضين العادلة والكشف عن منفذي أعمال الاغتيال ومن يقف وراءهم، فإن المشاركة في الانتخابات لن تكون سوى عملية إعادة إنتاج للمنظومة السياسية ذاتها، منظومة المحاصصة والفساد، ولّادة الأزمات والمآسي».
بدوره، قال الأمين العام للحزب الشيوعي رائد فهمي خلال مؤتمر إعلان الانسحاب: إن «مقاطعة العملية السياسية لا تعني العمل ضد النظام السياسي، إنما الرغبة في فتح باب التغيير وإجراؤها بطريقة عادلة ونزيهة بعيداً عن سطوة السلاح والأحزاب النافذة». وأضاف: «كانت شروط مشاركتنا هي محاسبة الفاسدين وقتلة المتظاهرين ونزع السلاح المنفلت، ورغم قيام الحكومة ببعض التحركات في هذا الاتجاه، فإن مساعيها كانت خجولة وضئيلة وتجنبت في أحيانٍ كثيرة الكشف عن أسماء المتورطين بالقتل والفساد». وتابع أن «إجراء الانتخابات في ظل هذه الظروف تعني إعادة إنتاج ذات المنظومة المسؤولة عن الفساد والأزمات المتلاحقة».
من جهة أخرى، قال عباس الهليجي، شقيق الناشط المغيب علي الهليجي، وابن جاسب الهليجي، إن «القوات الأمنية تمكنت من اعتقال المتهم الثاني في قضية اغتيال والده».
وقتل جاسب الهليجي على يد مسلحين في مدينة العمارة بمحافظة ميسان في مارس (آذار) الماضي، فيما اختطفه ولده المحامي علي جاسب، مطلع أكتوبر (تشرين الأول) 2019. وما زال مصيره مجهولاً.
وذكر عباس الهليجي في تصريحات لوسائل إعلام محلية أنّ «قوة من الشرطة اعتقلت، الجمعة، الشخص الثاني الذي شارك في عملية الاغتيال، وهو سائق الدراجة النارية». وأكد أنه قام بمرافقة القوة الأمنية المنفذة لعملية الاعتقال، وأنّ «القوة اقتادت المتهم، ويدعى (م.ح.ل) من منزله في حي الحسين الجديد إلى مركز الشرطة وسط المدينة، بعد إصرار من قبلنا ومتابعة مباشرة».
وأشار الهليجي، إلى أنّ «عملية الاعتقال جرت وفق دعوة استندت إلى شهادة شاهد عيان، وقد رفعت في بغداد ضد المتهم، لكن السلطات لم تصدر مذكرة اعتقال، مما دفعنا إلى نقل القضية إلى ميسان ومتابعتها بشكل متواصل، وقد علمنا بوجود المتهم في منزله، مما دفعنا إلى التوجه إلى مركز الشرطة وطلب تحرك قوة أمنية لاعتقاله، ومرافقتها حتى تسلم المتهم».
وكان جاسب الهليجي اتهم قبل مقتله علناً، ميليشيا حركة «أنصار الله الأوفياء» الموالية لإيران بالوقوف خلف اختطاف ولده علي جاسب، الأمر الذي نفته الحركة في حينها.



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».