نزوح مدنيين من جنوب إدلب إلى شمالها هرباً من القصف المدفعي

قوات تركية تستهدف نقاطاً للنظام بعد مظاهرات احتجاجية

تظاهرات قرب نقطة عسكرية تركية احتجاجاً على القصف السوري في جنوب إدلب أول من أمس (أ.ف.ب)
تظاهرات قرب نقطة عسكرية تركية احتجاجاً على القصف السوري في جنوب إدلب أول من أمس (أ.ف.ب)
TT
20

نزوح مدنيين من جنوب إدلب إلى شمالها هرباً من القصف المدفعي

تظاهرات قرب نقطة عسكرية تركية احتجاجاً على القصف السوري في جنوب إدلب أول من أمس (أ.ف.ب)
تظاهرات قرب نقطة عسكرية تركية احتجاجاً على القصف السوري في جنوب إدلب أول من أمس (أ.ف.ب)

واصلت قوات النظام السوري بإسناد روسي قصف المناطق المأهولة بالسكان في جبل الزاوية بريف إدلب الجنوبي، شمال غربي سوريا، عقب مجزرة وقعت الخميس، راح ضحيتها 7 مدنيين بينهم امرأة وأطفال، ما دفع عشرات الأسر إلى النزوح نحو مناطق الشمال السوري وسط ظروف إنسانية صعبة، ودعوات لناشطين في إدلب بمواصلة التظاهر والوقفات الاحتجاجية الشعبية أمام النقاط العسكرية التركية في إدلب، احتجاجاً على صمت الجانب التركي عن القصف والانتهاكات من قبل قوات النظام والروس ضد المدنيين ومقتل العشرات.
وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن قوات النظام جددت أمس الجمعة قصفها المدفعي والصاروخي على قرى وبلدات مجدليا ومعربليت والبارة وكنصفرة في ريف إدلب الجنوبي، فيما طال القصف أيضاً قرى وبلدات الزيارة وتل واسط والقرقور والمنصورة والمشيك والسرمانية في القسم الشمالي من سهل الغاب شمال غربي حماة دون ورود أنباء عن وقوع إصابات في صفوف المدنيين، وذلك عقب المجزرة التي ارتكبتها قوات النظام بعد قصفها الصاروخي على إبلين في جبل الزاوية يوم أول من أمس الخميس 22 يوليو، متسببة باستشهاد 7 مدنيين من عائلة واحدة (أم وأربعة من أطفالها بالإضافة إلى عمهم وجدهم) وإصابة (10) آخرين بجروح خطيرة.
وأفاد «المرصد» بقيام القوات التركية بإطلاق أكثر من 20 قذيفة مدفعية فجر الجمعة، مستهدفة مواقع عسكرية تابعة للنظام في مدينة معرة النعمان ومحيطها بريف إدلب الجنوبي، كما استهدفت الفصائل مواقع لقوات النظام في جبل الزاوية بشكل مكثف جداً عبر إطلاق صواريخ غراد وقذائف مدفعية وصاروخية أيضاً، وسط معلومات عن خسائر بشرية.
تحت سقف خيمة من النايلون وعلى حصيرة من البلاستيك وبضع وسائد وفي ظل ارتفاع درجات الحرارة والحر الشديد، إلى جانب عشرات الأسر النازحة من جبل الزاوية، يعيش أبو سعيد، وأسرته المؤلفة من 7 أفراد في منطقة جبلية وعرة، بالقرب من مخيم البركة القريب من دير حسان شمال سوريا، بعدما تمكن من النزوح تحت جنح الظلام من بلدته بليون في جبل الزاوية جنوب إدلب، بسبب اشتداد وتيرة القصف من قبل قوات النظام ومقتل العشرات من أبناء بلدته والبلدات المجاورة خلال الأيام الأخيرة الماضية. ويقول: «عشنا قرابة الشهر في مغارة بجانب منزلنا تم حفرها مسبقاً، لتفادي القصف خلال السنوات الماضية، كنا بالكاد نستطيع التحرك في المنزل لتأمين بعض الطعام والماء للأطفال»، بسبب تحليق طيران الاستطلاع في الأجواء على مدار الساعة والذي بدوره يزود مدفعية النظام في المواقع العسكرية القريبة بالإحداثيات والأماكن التي يتم فيها رصد أي حركة دون التفريق بين إن كانت مدنية أو عسكرية، ليتم قصفها بعد دقائق، وغالباً ما كانت تتعرض منازل قريبة لقصف، وغالباً ما نواجه صعوبة بالتحرك والوصول إلى المكان المستهدف، للمساعدة في العثور على ناجين، بسبب وجود طيران الاستطلاع في الأجواء، خشية رصد مكان إقامتنا واستهدافنا لاحقاً.
وتابع، «مع اشتداد وتيرة القصف والهجمة الشرسة من قبل قوات النظام والطيران الروسي في الآونة الأخيرة، لم يعد أمامنا خيار سوى الهرب من الموت الذي طال العشرات من أبناء بلدتنا بينهم عدد كبير من الأطفال والنساء وإصابة العديد بجروح خطيرة»، ولجأنا إلى هذا المكان الجبلي الوعر، والمؤلم أكثر أنه حتى الآن لم تبادر أي منظمة إلى مساعدتنا وتقديم أي شيء، رغم أننا نزحنا عن منازلنا دون أن نتمكن من اصطحاب أي من مستلزماتنا، ونأمل بعودة الهدوء والاستقرار إلى مناطقنا ووقف القصف لنتمكن مع العودة إلى ديارنا في أقرب وقت.
من جهته، يقول عمران البيراوي وهو ناشط من بلدة البارة جنوب إدلب أن التصعيد العسكري المتمثل بالقصف المدفعي والصاروخي المتطور من قبل قوات النظام وبدعم روسي، الذي تشهده عموم قرى وبلدات جبل الزاوية البارة والفطيرة وكفرعويد وابلين وبليون واحسم وسرجة وفليفل أجبر400 عائلة على النزوح نحو المجهول، فضلاً عن مقتل أكثر من 110 أشخاص بينهم نساء وأطفال، بالإضافة إلى إصابة أكثر من 200 مدني بجروح خطيرة تراوحت بين بتر أطراف وخفيفة، الأمر الذي حول جبل الزاوية إلى جبل أشبه بجبل أشباح بعد أن بدأ يشهد عودة الحياة له بعودة المدنيين في الفترة الماضية قبل التصعيد.
كانت الساعات الماضية شهدت في محيط النقطة العسكرية التركية في بلدة البارة جنوب إدلب، مظاهرة غاضبة شارك فيها عدد كبير من أبناء المنطقة، أشعلوا خلالها عجلات مستعملة، احتجاجاً على صمت الجانب التركي عن ما تقوم به قوات النظام والروس من مجازر بحق الأبرياء رغم سريان وقف إطلاق النار منذ عام تقريباً.
وقال الناشط عمر حاج حسين بأن عدداً كبيرا من المدنيين وأبناء مناطق جبل الزاوية وآخرين من مناطق أخرى، تجمعوا أمام النقطة التركية وهي مقر العمليات المركزية في بلدة معترم جنوب إدلب، وطالب المتظاهرون خلالها، الجانب التركي الالتزام بمسؤولياته وحماية المدنيين.
وتأتي تلك الخروقات المتكررة من قبل قوات النظام، رغم سريان وقف إطلاق النار الذي أعلنته موسكو الداعمة لدمشق وأنقرة الداعمة للفصائل المقاتلة في مارس (آذار) 2020.



غوتيريش يطالب بـ«محاسبة» المسؤولين عن العنف في سوريا

غوتيريش يوجه رسالة بمناسبة الذكرى الـ14 لخروج اﻟﺷﻌب اﻟﺳوري ﻓﻲ مظﺎھرات ﺳﻠﻣﯾﺔ ﻟﻠﻣطﺎﻟﺑﺔ ﺑﺣﻘوﻗﮫ (أ.ف.ب)
غوتيريش يوجه رسالة بمناسبة الذكرى الـ14 لخروج اﻟﺷﻌب اﻟﺳوري ﻓﻲ مظﺎھرات ﺳﻠﻣﯾﺔ ﻟﻠﻣطﺎﻟﺑﺔ ﺑﺣﻘوﻗﮫ (أ.ف.ب)
TT
20

غوتيريش يطالب بـ«محاسبة» المسؤولين عن العنف في سوريا

غوتيريش يوجه رسالة بمناسبة الذكرى الـ14 لخروج اﻟﺷﻌب اﻟﺳوري ﻓﻲ مظﺎھرات ﺳﻠﻣﯾﺔ ﻟﻠﻣطﺎﻟﺑﺔ ﺑﺣﻘوﻗﮫ (أ.ف.ب)
غوتيريش يوجه رسالة بمناسبة الذكرى الـ14 لخروج اﻟﺷﻌب اﻟﺳوري ﻓﻲ مظﺎھرات ﺳﻠﻣﯾﺔ ﻟﻠﻣطﺎﻟﺑﺔ ﺑﺣﻘوﻗﮫ (أ.ف.ب)

عبَّر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، عن قلقه من أن تصير تطلعات السوريين إلى ﻣﺳﺗﻘﺑل أفضل «ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺣك»؛ بسبب الأحداث الأخيرة التي شهدت مقتل المئات في منطقة الساحل، مطالباً بوﻗف «كل أﻋﻣﺎل اﻟﻌﻧف»، داعياً إلى إﺟراء «ﺗﺣﻘﯾﻘﺎت ﻣﺳﺗﻘﻠﺔ وﻧزﯾﮭﺔ وذات ﺻدﻗﯾﺔ» ﻓﻲ اﻻﻧﺗﮭﺎﻛﺎت، تمهيداً لـ«ﻣﺣﺎﺳﺑﺔ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾن ﻋﻧﮭﺎ».

وكان غوتيريش يتحدَّث في الذكرى السنوية اﻟـ14 لخروج اﻟﺷﻌب اﻟﺳوري ﻓﻲ مظﺎھرات ﺳﻠﻣﯾﺔ؛ ﻟﻠﻣطﺎﻟﺑﺔ ﺑﺣﻘوﻗﮫ، ومواجهته «اﻟﻘﻣﻊ اﻟوﺣﺷﻲ» من نظام الرئيس السابق بشار الأسد. إذ قال إن «ﻣﺎ ﺑدأ بوصفه ﻧداءً ﻟﻠﺗﻐﯾﯾر اﻟﺳﻠﻣﻲ ﺗﺣوَّل لأحد أﻛﺛر اﻟﻧزاﻋﺎت ﺗدﻣﯾراً ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟم»، مشيراً إلى «التكاليف البشرية التي ﻻ ﯾُﻣﻛن ﺣﺻرھﺎ»، إذ «ﺷُرِّد اﻟﻣﻼﯾﯾن» وﺗﻌرَّض «ﻣﺋﺎت اﻵﻻف ﻟﻠﻘﺗل واﻻﺧﺗﻔﺎء اﻟﻘﺳري واﻟﺗﻌذﯾب، وقُتلوا ﺑﺄﺑﺷﻊ اﻟطرق». وأضاف أن اﻟﺣرب ﻓﻲ ﺳورﯾﺎ «ﺷﮭدت اﺳﺗﺧدام اﻷﺳﻠﺣﺔ اﻟﻛﯾﻣﺎوﯾﺔ واﻟﺑراﻣﯾل اﻟﻣﺗﻔﺟرة اﻟﺗﻲ ﻗﺗﻠت اﻟرﺟﺎل واﻟﻧﺳﺎء واﻷطﻔﺎل من دون ﺗﻣﯾﯾز». وذكَّر بأن «ﺣﺎﻻت اﻟﺣﺻﺎر اﻟطويل أدت إﻟﻰ ﺗﺟوﯾﻊ سكان ﻣﻧﺎطﻖ ﺑﺄﻛﻣﻠﮭﺎ، وﺣوَّﻟت اﻟﻐذاء واﻟدواء إﻟﻰ أﺳﻠﺣﺔ ﺣرب»، كما «محا اﻟﻘﺻف اﻟﻛﺎﺳﺢ ﻟﻠﻣﺳﺗﺷﻔﯾﺎت واﻟﻣدارس واﻟﻣﻧﺎزل أي ﻣظﺎھر للحياة اﻟطﺑﯾﻌية»، ملاحظاً أنه «على الرغم من ذلك فإن اﻟﺷﻌب اﻟﺳوري لم يتراجع ﻗط ﻋن ﻧداءاﺗﮫ اﻟﺛﺎﺑﺗﺔ واﻟﺷﺟﺎﻋﺔ ﻣن أﺟل اﻟﺣرﯾﺔ واﻟﻛراﻣﺔ واﻟﻣﺳﺗﻘﺑل اﻟﻌﺎدل».

وكذلك عدّ كبير الموظفين الدوليين أنه «منذ 8 دﯾﺳﻣﺑر (ﻛﺎﻧون اﻷول) الماضي، ﺗﺟدَّد اﻷﻣل ﻓﻲ إﻣكان ﻗﯾﺎم اﻟﺳورﯾﯾن ﺑرﺳم ﻣﺳﺎر ﻣﺧﺗﻠف، وﺣﺻوﻟﮭم ﻋﻠﻰ ﻓرﺻﺔ ﻹﻋﺎدة اﻟﺑﻧﺎء واﻟﺗﺻﺎﻟﺢ، وﺗﺄﺳﯾس وطن ﯾﻌﯾش ﻓﯾﮫ اﻟﺟﻣﯾﻊ ﺑﺳﻼم وﻛراﻣﺔ». ولكنه أضاف أنه «ﻣن اﻟﻣﺛﯾر ﻟﻠﻘﻠﻖ أن ﯾﺻير ھذا اﻟﻣﺳﺗﻘﺑل اﻟﻣﺷرق اﻟذي ﯾﺳﺗﺣﻘﮫ اﻟﺳورﯾون وﺑﺷدة اﻵن ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺣك»، لأن «لا ﺷﻲء ﯾُﺑرر ﻗﺗل اﻟﻣدﻧﯾﯾن ﻛﻣﺎ أﻓﺎدت اﻟﺗﻘﺎرﯾر اﻟواردة ﺧﻼل اﻷﯾﺎم اﻟﻣﺎﺿﯾﺔ». وقال: «ﯾﺟب أن ﺗﺗوﻗف كل أﻋﻣﺎل اﻟﻌﻧف، وﻻ ﺑد ﻣن إﺟراء ﺗﺣﻘﯾﻘﺎت ﻣﺳﺗﻘﻠﺔ وﻧزﯾﮭﺔ وذات ﺻدﻗﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﻧﺗﮭﺎﻛﺎت، وﻻ ﺑد ﻣن ﻣﺣﺎﺳﺑﺔ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾن ﻋﻧﮭﺎ»، مشيراً إلى أن ﺳﻠطﺎت ﺗﺻرﯾف اﻷﻋﻣﺎل ﻋبَّرت ﺗﻛرراً ﻋن «اﻟﺗزاﻣﮭﺎ ببناء ﺳورﯾﺎ ﺟدﯾدة ﻟﺟﻣﯾﻊ اﻟﺳورﯾﯾن ﺗﺳﺗﻧد إﻟﻰ أﺳس ﺟﺎﻣﻌﺔ وذات ﺻدﻗﯾﺔ». وأضاف أنه «آن اﻷوان ﻟﻠﺗﺣرك» لأن «هناك ﺣﺎﺟﺔ ﻣﻠﺣﺔ إلى اﺗﺧﺎذ ﺗداﺑﯾر ﺟرﯾﺋﺔ وﺣﺎﺳﻣﺔ ﻟﺿﻣﺎن أن ﯾﺗﻣﻛَّن اﻟﺳورﯾون، ﺑﺻرف اﻟﻧظر ﻋن اﻟﻌرق أو اﻟدﯾن أو اﻻﻧﺗﻣﺎء اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ أو اﻟﻧوع اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ، ﻣن اﻟﻌﯾش ﺑﺄﻣﺎن وﻛراﻣﺔ ودون ﺧوف».

وأكد غوتيريش أن الأمم اﻟﻣﺗﺣدة «ﻣﺳﺗﻌدة ﻟﻠﻌﻣل جنباً إﻟﻰ ﺟﻧب ﻣﻊ اﻟﺷﻌب اﻟﺳوري ﻟدﻋم ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻧﺗﻘﺎل ﺳﯾﺎﺳﻲ ﺗﺷﻣل اﻟﺟﻣﯾﻊ، وﺗﺿﻣن اﻟﻣﺣﺎﺳﺑﺔ، وﺗﻌزز اﻟﺗﻌﺎﻓﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗوى اﻟوطﻧﻲ، وﺗﺿﻊ اﻷﺳﺎس ﻟﺗﻌﺎﻓﻲ ﺳورﯾﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻣدى اﻟطوﯾل، وإﻋﺎدة إدﻣﺎﺟﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟدوﻟﻲ». وشدَّد على أنه «لا ﺑد من ضمان ﺧروج ﺳورﯾﺎ ﻣن ظﻼل اﻟﺣرب ﻧﺣو ﻣﺳﺗﻘﺑل ﯾﻘوم ﻋﻠﻰ اﻟﻛراﻣﺔ وﺳﯾﺎدة اﻟﻘﺎﻧون، ﯾُﺻﻐﻰ ﻓﯾﮫ إﻟﻰ كل اﻷﺻوات ولا ﯾُﺳﺗﺛﻧﻰ ﻣﻧﮫ أﺣد».