اشتباكات مفاجئة في طرابلس بين قوات «الردع» و«الاستقرار»

وسط صمت من المنفي والدبيبة وعشية محادثات في إيطاليا

مئات المهاجرين أنقذتهم البحرية الليبية (أ.ب)
مئات المهاجرين أنقذتهم البحرية الليبية (أ.ب)
TT

اشتباكات مفاجئة في طرابلس بين قوات «الردع» و«الاستقرار»

مئات المهاجرين أنقذتهم البحرية الليبية (أ.ب)
مئات المهاجرين أنقذتهم البحرية الليبية (أ.ب)

بينما تستعد إيطاليا لاستضافة محادثات بين الفرقاء الليبيين لـ«حسم الخلافات حول الانتخابات المقبلة»، عاش سكان العاصمة الليبية طرابلس ساعات من الرعب ليلة أمس، بعدما «تجددت الاشتباكات بين الميليشيات المسلحة الموالية للسلطة الجديدة في البلاد». والتزم المجلس الرئاسي برئاسة محمد المنفي، وحكومة الوحدة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، «الصمت حيال هذه التطورات المفاجئة ولم يصدر عنهما أي بيان رسمي»، رغم تقارير أفادت بسقوط قتلى وجرحى في أحدث اشتباكات من نوعها تشهدها العاصمة طرابلس منذ تولي المنفي والدبيبة السلطة في مارس (آذار) الماضي.
وقالت وزارة الداخلية في حكومة الوحدة، في بيان لها، أمس، إنها «تابعت عن كثب الأحداث التي حصلت وأدت إلى إطلاق نار كثيف وسط العاصمة طرابلس بين دوريات تابعة لجهازي (دعم الاستقرار)، و(الردع لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة)»، مشيرة إلى أن «وزير الداخلية المكلف العميد بشير الأمين أوعز للجهات المختصة بمتابعة البلاغات واتخاذ ما يلزم من إجراءات الاستدلال والتحقيق حول هذه الوقائع»، مشدداً على جميع الجهات «العمل وفق صحيح القانون». وطمأنت المواطنين بأن «الوضع الأمني مستقر، وتم فض الاشتباك وما زالت التحقيقات مستمرة حول مجريات هذه الأحداث لضمان عدم تكرارها».
ومع ذلك، قال مصدر بمستشفى بن غشير إن «7 أشخاص لقوا مصرعهم من بينهم 3 مواطنين تصادف وجودهم في موقع الاشتباكات التي اندلعت بسبب خلاف بين دورية تابعة لميليشيا قوات (الردع) التي يرأسها عبد الرؤوف كارة، المتمركزة بالقرب من مركز شرطة باب بن غشير، وعناصر تابعة لجهاز (دعم الاستقرار)، الذي يرأسه عبد الغني الككلي الملقب بـ(غنيوة)».
ووفق مراقبين، فإن «هذه الاشتباكات تمثل التحديات الأمنية والعسكرية التي يواجهها المنفي والدبيبة قبل إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة في 24 ديسمبر (كانون الأول) المقبل».
وإثر سيطرة عناصر وجهاز «دعم الاستقرار»، على المقر الجديد لوزير الداخلية الذي كان يخضع للصيانة منذ عام تقريباً، أعلن آمر كتيبة 511 مشاة التابعة لعملية «بركان الغضب» للقوات شبه الحكومية عن تدخلها لفض النزاع بين جهاز «الردع لمكافحة الجريمة والإرهاب» وجهاز «دعم الاستقرار»، بينما تحدثت مصادر أمنية عن «وساطات محلية مختلفة يقوم بها بعض قادة ميليشيات مصراتة وطرابلس لوقف القتال».
وجاءت هذه الاشتباكات، فيما قالت الإدارة العامة للعمليات الأمنية بوزارة الداخلية إنها «كلفت الوحدات التابعة لها بالانتشار داخل العاصمة طرابلس لبسط الأمن والحفاظ على سلامة المواطنين». لكن لقطات مصورة أظهرت في المقابل، انتشار مسلحين مقنعين وتبادل إطلاق النار بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة في عدة مناطق وسط العاصمة، بينما تم إغلاق الطريق المؤدي إلى مقر الحكومة.
وطبقاً لرواية قدمها مكتب الإعلام لعملية «بركان الغضب»، فقد «أطلقت مجموعة مسلحة النار بشكل مكثف أثناء مرور دورية تابعة لجهاز الردع، فتم التعامل معها من قبل الردع والقبض على عنصر وسيارة مسلحة».
محادثات إيطاليا
وفى محاولة لإيجاد حل للخلافات حول القاعدة الدستورية للانتخابات وتفادي انهيار العملية السياسية في ليبيا، تعتزم إيطاليا اعتباراً من الغد استضافة محادثات اللجنة الخاصة البرلمانية الجديدة التي تشكلت بقرار من مجلس النواب لصياغة قانون انتخابي وإجراء الانتخابات قبل التاريخ المحدد في خارطة الطريق السياسية لملتقى الحوار السياسي الليبي.
وأكدت وكالة «نوفا» الإيطالية للأنباء «حضور شخصيات رفيعة المستوى في المشهد الليبي على غرار رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، ورئيس المفوضية العليا للانتخابات عماد السايح». واستبق المجلس الأعلى للدولة في العاصمة طرابلس هذه المحادثات، بـ«إعلان رفضه أي تصرف أحادي لإقرار قانون الانتخابات العامة باعتباره من اختصاص مجلسي النواب والدولة، طبقاً لنصوص الإعلان الدستوري». واعتبر بيان للمجلس، أمس، أن «دور المفوضية العليا للانتخابات وبعثة الأمم المتحدة استشاري فقط، في بعض الأمور الفنية». وتمسك بتوزيع عدد الدوائر الانتخابية وعدد المقاعد في الجسم التشريعي القادم؛ وفقاً لما هو منصوص عليه في قانون انتخاب المؤتمر الوطني العام (البرلمان السابق) ومجلس النواب، مشيراً إلى أن «أي تعديل يستلزم التوافق بشأنه بين المجلسين». وقال مجلس الدولة إنه «يتشاور بشكل منتظم مع مفوضية الانتخابات والبعثة الأممية بشأن الأمور الفنية المتعلقة بالعملية الانتخابية».
إلى ذلك، أعلنت القوات البحرية الليبية أن «دورياتها تمكنت من إنقاذ 541 مهاجراً من جنسيات أفريقية مختلفة قبالة سواحل شمال غرب البلاد خلال الـ24 ساعة الماضية». وبحسب الأمم المتحدة، فإنه «تم إنقاذ أكثر من 16 ألف مهاجر قبالة السواحل الليبية، بينما توفي 270، فيما اعتبر 522 في عداد المفقودين منذ مطلع العام الجاري».



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.