الاتفاق الأميركي ـ الألماني بشأن «نورد ستريم 2» يشعل سجالات «بالجملة»

TT

الاتفاق الأميركي ـ الألماني بشأن «نورد ستريم 2» يشعل سجالات «بالجملة»

أدى الاتفاق الذي توصلت إليه الولايات المتحدة وألمانيا للسماح بإنجاز خط «نورد ستريم 2» لأنابيب الغاز من روسيا إلى أوروبا، من دون فرض مزيد من العقوبات الأميركية، إلى سجال واسع النطاق بين المشرعين الأميركيين، وكذلك بين واشنطن وحلفائها.
وبموجب شروط الاتفاق الذي جرى التوصل إليه أول من أمس (الأربعاء)، التزمت الولايات المتحدة وألمانيا بمواجهة أي محاولة من روسيا لاستخدام خط الأنابيب هذا سلاحاً سياسياً، واتفقتا على دعم أوكرانيا وبولونيا، وهما البلدان اللذان يتجاوزهما المشروع ويعبِّران عن خشيتهما من نوايا روسيا، من خلال تمويل مشاريع للطاقة البديلة والتنمية فيهما. وأفاد بيان مشترك، بأن «الولايات المتحدة وألمانيا متحدتان في تصميمهما على محاسبة روسيا على عدوانها ونشاطاتها الخبيثة، من خلال فرض تكاليف عليها، عبر العقوبات وغيرها من الأدوات»، في إشارة إلى دعم موسكو الانفصاليين في أوكرانيا. وأضاف البيان، أنه «إذا حاولت روسيا استخدام الطاقة سلاحاً أو ارتكاب المزيد من الأعمال العدوانية ضد أوكرانيا، ستتخذ ألمانيا إجراءات على المستوى الوطني، وتضغط من أجل اتخاذ تدابير فعالة على المستوى الأوروبي، بما في ذلك العقوبات، للحد من قدرات التصدير الروسية إلى أوروبا في قطاع الطاقة».
وطرح مشروع «نورد ستريم2» معضلة كبيرة في السياسة الخارجية لإدارة بايدن. ولطالما خشي المسؤولون الأميركيون من الحزبين الديمقراطي والجمهوري من أن يعطي هذا المشروع روسيا الكثير من السلطة على إمدادات الغاز الأوروبية. لكن خط الأنابيب اكتمل تقريباً، والولايات المتحدة مصممة على إعادة بناء العلاقات مع ألمانيا، التي تضررت خلال إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب.
وعبرت بولونيا وأوكرانيا عن استيائهما من قرار السماح بإكمال خط الأنابيب. وقال وزيرا الخارجية البولوني والأوكراني في بيان مشترك، إن هذا الاتفاق «ولَّد تهديداً سياسياً وعسكرياً وطاقوياً لأوكرانيا وأوروبا الوسطى، بينما زاد من قدرة روسيا على زعزعة استقرار الوضع الأمني في أوروبا؛ ما أدى إلى استمرار الانقسامات بين الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي (الناتو) والاتحاد الأوروبي».
واتفق الرئيس بايدن والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل على دعم صندوق بقيمة مليار دولار لأوكرانيا لتنويع مصادر الطاقة فيها. وستقدم ألمانيا منحة أولية من هذا الصندوق بقيمة 175 مليون دولار. وتعهدت ألمانيا بأنها ستسدد لأوكرانيا رسوم نقل الغاز التي ستخسرها إذا تجاوزها «نورد ستريم2» حتى عام 2024، مع إمكانية تمديدها لمدة عشر سنين.
وفي لفتة حيال بولونيا، وافقت ألمانيا أيضاً على التوقيع على «مبادرة البحار الثلاثة»، التي يروج لها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة؛ بهدف تعزيز الاستثمار وتطوير البنية التحتية وأمن الطاقة بين البلدان المطلة على بحر البلطيق والبحر الأسود والبحر الإدرياتيكي. وقال البيان، إن الحكومة الألمانية ستساهم بما يصل إلى 1.7 مليار دولار من تمويل الاتحاد الأوروبي للمبادرة حتى عام 2027.
وعلى رغم الاتفاق، لا تزال هناك معارضة قوية من الحزبين في الكونغرس لخط الأنابيب. وقال النائب الجمهوري مايكل ماكول، من تكساس، إنه لا يشك في أن روسيا «ستستخدم خط أنابيب (نورد ستريم2) سلاح إكراه ضد أوكرانيا وأمن الطاقة عبر المحيط الأطلسي، بمجرد تشغيله»، مضيفاً أن «الوعود بالاستثمار في مشاريع الطاقة الأوكرانية المستقبلية والتهديدات الغامضة النتائج لن تغير هذا الواقع».
كذلك، وصف السيناتور الجمهوري تيد كروز الاتفاق بأنه «ضعيف». وانتقد العديد من المشرّعين الديمقراطيين، وبينهم بوب مينينديز، رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، وجين شاهين، نهج إدارة بايدن في شأن المشروع. وقالت شاهين في بيان «لست مقتنعة بعد بأن هذا الاتفاق، أو أي اتفاق ثنائي، يمكن أن يوفر ضمانات كافية لحلفائنا الأوروبيين ويقلل من التأثير الاقتصادي الكبير والتداعيات الأمنية لاستكمال خط الأنابيب هذا». ونفت وكيلة وزارة الخارجية للشؤون السياسية فيكتوريا نولاند بشكل قاطع التقارير عن توجيه تحذير لأوكرانيا من الشكوى العلنية. وأشارت إلى أن مستشار وزارة الخارجية ديريك شوليت يزور كييف ووارسو.
وفي محاولة أخرى لخطب ود أوكرانيا، أعلن البيت الأبيض، أن بايدن سيرحب بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في واشنطن في 30 أغسطس (آب) المقبل. وقال في بيان «ستؤكد الزيارة دعم الولايات المتحدة الثابت لسيادة أوكرانيا وسلامة أراضيها في مواجهة العدوان الروسي المستمر في دونباس وشبه جزيرة القرم، وتعاوننا الوثيق في مجال أمن الطاقة، ودعمنا جهود الرئيس زيلينسكي لمكافحة الفساد وتنفيذ أجندة الإصلاح على أساس قيمنا الديمقراطية المشتركة».



كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.