العراق على أبواب موجة جديدة... ولا مبالاة بالتلقيح

وزارة بلا وزير ومستشفيات في دائرة أخطار الحريق

عراقيات يؤدين صلاة العيد من دون تدابير وقائية أول من أمس (رويترز)
عراقيات يؤدين صلاة العيد من دون تدابير وقائية أول من أمس (رويترز)
TT

العراق على أبواب موجة جديدة... ولا مبالاة بالتلقيح

عراقيات يؤدين صلاة العيد من دون تدابير وقائية أول من أمس (رويترز)
عراقيات يؤدين صلاة العيد من دون تدابير وقائية أول من أمس (رويترز)

حذر مسؤولان صحيان عراقيان كبيران من إمكانية خروج الأوضاع عن السيطرة في ظل تفشي «كورونا» في العراق وإحجام المواطنين عن تلقي اللقاح. مدير دائرة الصحة في محافظة كربلاء (110 جنوب بغداد) صباح الموسوي وجه تحذيرا حول خطورة الموجة الجديدة لجائحة «كورونا». وقال الموسوي في بيان أمس (الأربعاء): «تحدثنا إليكم سابقاً، وشرحنا لكم، وحذرناكم بكل صدق وأمانة بأننا نواجه أشرس معركة، وأشرس عدو، لا يفرق بين كبير وصغير، ولا بين امرأة أو رجل ولا بين فقير أو غني». وأضاف «إنني أطلب منكم اليوم مرة أخرى، ونحن في عامنا الثاني في مواجهة وباء (كورونا)، أن نتكاتف معاً، وأن نعمل معاً، وأن يسند أحدنا الآخر كي نحافظ على أحبتنا، ونحتفظ بأعزائنا، وألا نفقد آباءنا وأمهاتنا وفلذات أكبادنا». وتابع بالقول: «إننا جميعاً في سفينة واحدة، إن غرقت غرقنا وإن نجت نجونا». وشدد الموسوي على «ضرورة الالتزام حتما بارتداء الكمامة في الشارع وفي العمل بل حتى في المنزل، والابتعاد عن أي تجمع مهما كان سببه، والاستمرار بتعقيم أو غسل اليدين، والتوجه لأخذ اللقاح في المراكز الصحية التي تم الإعلان عنها». وأكد أنّ «هذه الأمور بسيطة ويمكن تطبيقها»، داعياً إلى «التعاون للحفاظ على الأرواح». وختم بالقول: «اليوم أبناؤكم من منتسبي صحة كربلاء يتقدمون مضحين بأنفسهم، وعوائلهم فمنهم من أصيب ومنهم من استشهد، وهم مستمرون على هذا النهج حماية لأهلهم وأحبتهم».
من جهته، أبدى مدير عام دائرة صحة الكرخ في العاصمة بغداد جاسب الحجامي قلقه الكبير من «الوضع القابل للتعقيد»، جراء تزايد الحالات الحرجة المسجلة بفيروس «كورونا» في البلاد، وفي جانب الكرخ من العاصمة بغداد. وقال الحجامي في تدوينة على «تويتر»: «لا أريد أن أعكر عليكم فرحتكم بعيد الاضحى المبارك، ولكن يؤسفني جداً أن أبلغكم بوفاة 15 مريضاً مصابا بفيروس (كورونا) في مستشفيات دائرتنا اليوم بعضهم من الشباب». وأضاف «لدينا أكثر من 500 مريض يصارعون من أجل الحياة في ظروف صعبة وإنهاك لمنتسبينا الشجعان وأكثر من 15 ألفا آخرين يتلقون العلاج في المنازل في جانب الكرخ وحده».
وحذر الحجامي من أن «الوضع قابل للتعقيد أكثر في ظل عدم الالتزام التام بشروط الوقاية». وختم بالقول: «هذا نداء من إخوانكم في مستشفياتنا ومراكزنا الصحية الذين تركوا عوائلهم لأجل سلامتكم فتعاونوا معهم حتى لا نفقد المزيد من أهلنا، والقرار كله بيدكم».
تأتي هذه التحذيرات في ظل أقسى التطورات التي عاناها، ولا يزال، قطاع الصحة في العراق الذي شهد عدة حرائق خلال الأشهر الثلاثة الماضية. ففي شهر أبريل (نيسان) الماضي نشب حريق هائل في مستشفى ابن الخطيب في العاصمة العراقية بغداد نتيجة سوء تخزين أسطوانات الغاز. خلّف الحريق خسائر بالأرواح بلغت 82 ضحية من مرضى «كورونا» وأكثر من 100 جريح. وعلى أثر الحريق أعلن وزير الصحة حسن التميمي استقالته من منصبه، فيما لم تتمكن القوى السياسية من الاتفاق على وزير بديل بسبب المحاصصة الطائفية والعرقية. رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي الذي أصدر عدة عقوبات بحق بعض المسؤولين في قطاع الصحة كلف أحد وكلاء الوزارة إدارتها لحين الاتفاق على الوزير البديل. وفيما كانت الأنظار تتجه لاختيار وزير شهدت الوزارة نفسها حريقا هائلا في مبنى الطابق الرابع منها خلال شهر يوليو (تموز) الجاري.
وبعد يوم واحد من نشوب حريق الوزارة شب حريق آخر في مستشفى الإمام الحسين في مدينة الناصرية بمحافظة ذي قار. الحريق خلّف خسائر بالأرواح فاقت ما خلفه حريق مستشفى ابن الخطيب. وفي ظل عدم السيطرة على الحرائق الناجمة عن الفساد، لا سيما حريق الوزارة الذي استهدف الطابق الخاص بالعقود ما يعني وقوف أياد خلفه، والفشل والإهمال مثلما حصل في حريقي ابن الخطيب ومستشفى الحسين، فإنه وطبقا لصيحات ونداءات مسؤولي الصحة في بغداد والمحافظات فإن جائحة «كورونا» بدأت تفتك بالعراقيين في ظل عدم وجود مستشفيات كافية لاستيعاب الإصابات الحرجة، فضلاً عن عزوف الناس عن أخذ اللقاحات المقررة برغم توفر بعضها في العراق.
فالعراق الذي لم يكن يسجل قبل شهور سوى مئات الإصابات يومياً، أصبح يسجل اليوم عدة الآف من الإصابات بلغت آخر حصيلة من الإصابات أكثر من 9 آلاف إصابة يوميا. وكذلك فيما يتعلق بالوفيات التي زادت في الآونة الأخيرة. المشكلة الأخرى التي يعانيها العراق هي عزوف المواطنين العراقيين عن أخذ اللقاحات تحت دوافع وحجج شتى.



3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.