الرئيس الأفغاني: ارتباط عميق بين «طالبان» و«القاعدة»

امرأة مع طفلتيها في سوق بالعاصمة الأفغانية كابل أمس (أ.ف.ب)
امرأة مع طفلتيها في سوق بالعاصمة الأفغانية كابل أمس (أ.ف.ب)
TT

الرئيس الأفغاني: ارتباط عميق بين «طالبان» و«القاعدة»

امرأة مع طفلتيها في سوق بالعاصمة الأفغانية كابل أمس (أ.ف.ب)
امرأة مع طفلتيها في سوق بالعاصمة الأفغانية كابل أمس (أ.ف.ب)

فيما أعلنت حركة «طالبان» أن مقاتليها في «وضع دفاعي» خلال عطلة عيد الأضحى في أفغانستان، شنّ الرئيس أشرف غني هجوماً عنيفاً، هو الثاني في يومين على هذه الحركة المتمردة، واتهمها بإقامة علاقات مع جماعات إرهابية.
وأوضح موقع «طلوع نيوز» الأفغاني أن الرئيس غني زار أمس (الأربعاء) مركز قيادة العمليات الخاصة في كابل، وقال إن «طالبان» لديها «ارتباطات عميقة» بتنظيم «القاعدة» وجماعتي «لشكر طيبة» و«جيش محمد» الباكستانيتين، معتبراً أن «طالبان» تريد تحويل أفغانستان إلى «ملجأ للمتمردين» لكن حكومته «لن تسمح بحصول ذلك». ووعد غني خلال تقديمه التهاني بعيد الأضحى للقوات الخاصة بأنه سيقدّم «أي نوع من الدعم» تحتاجه هذه القوات للقيام بالمهمات المطلوبة منها، وبدعم أفراد أسر عائلات أفراد القوات الأمنية، ولا سيما عائلات الذين قُتلوا من هؤلاء خلال خدمتهم بلدهم.
وقال غني أيضاً: «هدفنا هو حماية أفغانستان، والحريات والمساواة والإنجازات التي تحققت في العشرين عاماً الماضية، لكن نية العدو هي الظلام»، مضيفاً للجنود: «أنتم تثبتون للعدو أنه سيأخذ أحلامه إلى القبر».
وجاءت زيارة غني لمركز قيادة القوات الخاصة في وقت أكدت حركة «طالبان» الأربعاء أنها لن تقاتل في عطلة عيد الأضحى إلا للدفاع عن النفس، لكنها لم تعلن عن وقف رسمي لإطلاق النار، حسب ما أوردت وكالة الصحافة الفرنسية.
وتشن الحركة المتمردة عمليات عسكرية واسعة في أنحاء أفغانستان، سيطرت خلالها على أراضٍ ومعابر حدودية وطوقت مدناً، مع قرب اكتمال انسحاب القوات الأجنبية.
وقال متحدث باسم «طالبان» لوكالة الصحافة الفرنسية: «أستطيع أن أؤكد أننا في وضعية دفاعية خلال العيد»، دون الإدلاء بمزيد من التفاصيل.
وبدأت الاحتفالات بالعيد الاثنين، وستستمر حتى نهاية الجمعة.
في أعياد إسلامية سابقة، أعلن المتمردون عن هدنة في القتال مع القوات الحكومية، ما منح الأفغان مساحة للتنفس وزيارة عائلاتهم بأمان نسبي.
لكن الحركة تواجه انتقادات لاستخدامها إعلانات الهدنة لتعزيز مواقعها وتزويد المقاتلين بالإمدادات، ما يسمح لهم بمهاجمة قوات الأمن مع انتهاء الهدنة.
وتأتي تعليقات «طالبان» غداة إعلان الرئيس أشرف غني في خطاب، أول من أمس، أن مقاتلي «طالبان» أثبتوا أنه «لا إرادة ولا نية لديهم في إحلال السلام»، فيما المفاوضات بين الجانبين المتحاربين لا تحرز تقدماً يذكر. وقبل دقائق على إلقائه خطابه، سقطت 3 صواريخ قرب القصر الرئاسي حيث أدى غني صلاة العيد مع كبار المسؤولين. وتبنى «تنظيم داعش» الهجوم.
ورغم اختلافات عقائدية يُتهم التنظيم الأصغر حجماً بالعمل وكيلاً لـ«طالبان»، وخصوصاً في هجمات تستهدف موظفي الحكومة المدنيين.
ودعا نحو 15 بعثة دبلوماسية في أفغانستان هذا الأسبوع إلى «إنهاء عاجل» لهجوم «طالبان» الذي يتعارض مع ما تعلنه الحركة لجهة نيتها التوصل إلى اتفاق سياسي لإنهاء النزاع. وجاءت الدعوة بعد جولة محادثات لم تحقق تقدماً ملموساً في الدوحة في نهاية الأسبوع الماضي بين الجانبين، أمل كثيرون أنها تطلق عملية السلام المتعثرة.
وخلال عطلة نهاية الأسبوع، أصدر زعيم «طالبان» هبة الله أخوند زاده، بياناً، قال فيه إنه «يؤيد بشدة» تسوية سياسية «رغم التقدم والانتصارات العسكرية».
إلى ذلك، دعا 30 منظمة غير حكومية الأربعاء الاتحاد الأوروبي إلى تعليق عمليات طرد المهاجرين الأفغان «على الفور»، بسبب اشتداد حدة المعارك في البلاد، على خلفية هجوم واسع، شنته «طالبان».
وكتبت المنظمات غير الحكومية الأوروبية، بينها منظمة «فرانس تير دازيل» (فرنسا أرض اللجوء)، في بيان مشترك، أن «الوضع الأمني في أفغانستان لا يسمح بإعادة الناس إلى هذا البلد دون تعريض حياتهم للخطر». وفي 11 يوليو (تموز)، دعت أفغانستان الدول الأوروبية إلى وقف ترحيل المهاجرين الأفغان خلال الأشهر الثلاثة المقبلة بسبب احتدام المعارك في البلاد.
وأشارت المنظمات إلى «أن بعض الدول الأوروبية (مثل فنلندا والسويد) استجابت لدعوة الحكومة الأفغانية وأوقفت تطبيق إجراءات الترحيل إلى أفغانستان، فيما تستمر دول أخرى بالقيام بذلك». وأعربت المنظمات عن «قلقها البالغ» حيال مصير المهاجرين الأفغان، داعية الدول الأوروبية إلى «إعادة النظر في كل حالات الرفض لطلبات لجوء للذين ما زالوا في أوروبا» بسبب حالة التدهور الأمني الأخيرة.
وشكّل الأفغان 10.6 في المائة من طالبي اللجوء في الاتحاد الأوروبي عام 2020 (ما يزيد قليلاً على 44 ألفاً من أصل 416600 طلب)، وهم ثاني أكبر مجموعة بعد السوريين (15.2 في المائة)، وفق وكالة يوروستات الأوروبية للإحصاء.


مقالات ذات صلة

باكستان: جهود لتطهير المناطق الاستراتيجية على الحدود الأفغانية من المسلحين

آسيا جندي باكستاني يقف حارساً على الحدود الباكستانية الأفغانية التي تم تسييجها مؤخراً (وسائل الإعلام الباكستانية)

باكستان: جهود لتطهير المناطق الاستراتيجية على الحدود الأفغانية من المسلحين

الجيش الباكستاني يبذل جهوداً كبرى لتطهير المناطق الاستراتيجية على الحدود الأفغانية من المسلحين.

عمر فاروق (إسلام آباد)
أفريقيا وحدة من جيش بوركينا فاسو خلال عملية عسكرية (صحافة محلية)

دول الساحل تكثف عملياتها ضد معاقل الإرهاب

كثفت جيوش دول الساحل الثلاث؛ النيجر وبوركينا فاسو ومالي، خلال اليومين الماضيين من عملياتها العسكرية ضد معاقل الجماعات الإرهابية.

الشيخ محمد (نواكشوط)
أفريقيا سيدة في إحدى قرى بوركينا فاسو تراقب آلية عسكرية تابعة للجيش (غيتي)

تنظيم «القاعدة» يقترب من عاصمة بوركينا فاسو

أعلنت «جماعة نصرة الإسلام والمسلمين»، الموالية لتنظيم «القاعدة»، أنها سيطرت على موقع عسكري متقدم تابع لجيش بوركينا فاسو.

الشيخ محمد ( نواكشوط)
أفريقيا رئيس تشاد يتحدث مع السكان المحليين (رئاسة تشاد)

الرئيس التشادي: سنلاحق إرهابيي «بوكو حرام» أينما ذهبوا

قال الرئيس التشادي محمد إدريس ديبي، في مقطع فيديو نشرته الرئاسة التشادية، إنه سيلاحق مقاتلي «بوكو حرام» «أينما ذهبوا، واحداً تلو الآخر، وحتى آخر معاقلهم».

الشيخ محمد (نواكشوط)
أفريقيا آثار هجوم إرهابي شنَّته «بوكو حرام» ضد الجيش التشادي (إعلام محلي)

«الإرهاب» يصعّد هجماته في دول الساحل الأفريقي

تصاعدت وتيرة الهجمات الإرهابية في منطقة الساحل الأفريقي، خصوصاً بعد أن أعلنت تشاد أن أربعين جندياً قُتلوا في هجوم إرهابي.

الشيخ محمد (نواكشوط)

موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
TT

موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)

يشكّل تحديث العقيدة النووية لروسيا الذي أعلنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤخراً، تحذيراً للغرب، وفتحاً ﻟ«نافذة استراتيجية» قبل دخول الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب البيت الأبيض، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

«إن تحديث العقيدة النووية الروسية يستبعد احتمال تعرّض الجيش الروسي للهزيمة في ساحة المعركة»، بيان صادر عن رئيس الاستخبارات الخارجية الروسية، سيرغي ناريتشكين، لا يمكن أن يكون بياناً عادياً، حسب «لوفيغارو». فمن الواضح، حسب هذا التصريح الموجه إلى الغربيين، أنه من غير المجدي محاولة هزيمة الجيش الروسي على الأرض، لأن الخيار النووي واقعي. هذه هي الرسالة الرئيسة التي بعث بها فلاديمير بوتين، الثلاثاء، عندما وقّع مرسوم تحديث العقيدة النووية الروسية المعتمد في عام 2020.

ويدرك الاستراتيجيون الجيوسياسيون الحقيقة الآتية جيداً: الردع هو مسألة غموض (فيما يتعلّق باندلاع حريق نووي) ومسألة تواصل. «وفي موسكو، يمكننا أن نرى بوضوح الذعر العالمي الذي يحدث في كل مرة يتم فيها نطق كلمة نووي. ولا يتردد فلاديمير بوتين في ذكر ذلك بانتظام، وفي كل مرة بالنتيجة المتوقعة»، حسب الصحيفة. ومرة أخرى يوم الثلاثاء، وبعد توقيع المرسوم الرئاسي، انتشرت موجة الصدمة من قمة مجموعة العشرين في كييف إلى بكين؛ حيث حثّت الحكومة الصينية التي كانت دائماً شديدة الحساسية تجاه مبادرات جيرانها في ما يتصل بالمسائل النووية، على «الهدوء» وضبط النفس. فالتأثير الخارق الذي تسعى روسيا إلى تحقيقه لا يرتبط بالجوهر، إذ إن العقيدة النووية الروسية الجديدة ليست ثورية مقارنة بالمبدأ السابق، بقدر ارتباطها بالتوقيت الذي اختارته موسكو لهذا الإعلان.

صورة نشرتها وزارة الدفاع الروسية في الأول من مارس 2024 اختبار إطلاق صاروخ باليستي عابر للقارات تابع لقوات الردع النووي في البلاد (أ.ف.ب)

العقيدة النووية الروسية

في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي حين شنّت قوات كييف في أغسطس (آب) توغلاً غير مسبوق في منطقة كورسك في الأراضي الروسية، رد فلاديمير بوتين بتحديد أنه يمكن استخدام الأسلحة النووية ضد دولة غير نووية تتلقى دعماً من دولة نووية، في إشارة واضحة إلى أوكرانيا والولايات المتحدة. لكن في نسخة 2020 من الميثاق النووي الروسي، احتفظت موسكو بإمكانية استخدام الأسلحة الذرية أولاً، لا سيما في حالة «العدوان الذي تم تنفيذه ضد روسيا بأسلحة تقليدية ذات طبيعة تهدّد وجود الدولة ذاته».

وجاء التعديل الثاني في العقيدة النووية الروسية، الثلاثاء الماضي، عندما سمحت واشنطن لكييف باستخدام الصواريخ بعيدة المدى: رئيس الكرملين يضع ختمه على العقيدة النووية الجديدة التي تنص على أن روسيا ستكون الآن قادرة على استخدام الأسلحة النووية «إذا تلقت معلومات موثوقة عن بدء هجوم جوي واسع النطاق عبر الحدود، عن طريق الطيران الاستراتيجي والتكتيكي وصواريخ كروز والطائرات من دون طيار والأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت». وحسب المتخصصة في قضايا الردع في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (إيفري)، هيلواز فايت، فإن هذا يعني توسيع شروط استخدام السلاح النووي الروسي.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خلال اجتماع على هامش قمة مجموعة العشرين في أوساكا باليابان 28 يونيو 2019 (رويترز)

انتظار عودة ترمب

لفترة طويلة، لاحظ صقور الاستراتيجية الجيوستراتيجية الروسية أن الردع الروسي تلاشى. وبالنسبة إليهم، فقد حان الوقت لموسكو لإعادة تأكيد خطوطها الحمراء من خلال «إعادة ترسيخ الخوف» من الأسلحة النووية، على حد تعبير سيرغي كاراجانوف، الخبير الذي يحظى باهتمام فلاديمير بوتين. ةمن هذا المنظار أيضاً، يرى هؤلاء المختصون اندلاع الحرب في أوكرانيا، في 24 فبراير (شباط) 2022، متحدثين عن «عدوان» من الغرب لم تكن الترسانة النووية الروسية قادرة على ردعه. بالنسبة إلى هؤلاء المتعصبين النوويين، ينبغي عدم حظر التصعيد، بل على العكس تماماً. ومن الناحية الرسمية، فإن العقيدة الروسية ليست واضحة في هذا الصدد. لا تزال نسخة 2020 من العقيدة النووية الروسية تستحضر «تصعيداً لخفض التصعيد» غامضاً، بما في ذلك استخدام الوسائل غير النووية.

وحسب قناة «رايبار» المقربة من الجيش الروسي على «تلغرام»، فإنه كان من الضروري إجراء تحديث لهذه العقيدة؛ لأن «التحذيرات الروسية الأخيرة لم تُؤخذ على محمل الجد».

ومن خلال محاولته إعادة ترسيخ الغموض في الردع، فإن فلاديمير بوتين سيسعى بالتالي إلى تثبيط الجهود الغربية لدعم أوكرانيا. وفي ظل حملة عسكرية مكلفة للغاية على الأرض، يرغب رئيس «الكرملين» في الاستفادة من الفترة الاستراتيجية الفاصلة بين نهاية إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ووصول الرئيس المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، الذي يتوقع منه بوتين مبادرات سلام محتملة لإنهاء الحرب.

يسعى بوتين، وفق الباحثة في مؤسسة «كارنيغي»، تاتيانا ستانوفايا، لوضع الغرب أمام خيارين جذريين: «إذا كنت تريد حرباً نووية، فستحصل عليها»، أو «دعونا ننهي هذه الحرب بشروط روسيا».