يمكن القول إن المنتخب الإنجليزي يشبه الفارس النبيل الذي سقط من على حصانه قبل نهاية السباق بأمتار قليلة، لكن بمجرد أن أزال الغبار من على وجهه، وجد أن الحصان ما زال بانتظاره وأن السباق لم ينتهِ بعد. ورغم أن جروح الهزيمة في أكبر مباراة على ملعب ويمبلي منذ أكثر من نصف قرن من الزمن لم تشف بعد، فإنه يتعين على المنتخب الإنجليزي، بقيادة مديره الفني غاريث ساوثغيت، أن يستعيد التوازن سريعاً، لأنه في غضون 17 شهراً فقط ستكون هناك بطولة كبرى أخرى، وهي نهائيات كأس العالم 2022 بقطر، وستكون مهمة ساوثغيت التأكد من استعادة اللاعبين لتركيزهم لأن الأيام تمر سريعاً.
وإذا كانت ركلة الجزاء التي أهدرها بوكايو ساكا أمام الحارس الإيطالي جيانلويغي دوناروما نهاية رحلة، فقد تكون هناك فرصة لأن تصبح بداية رحلة جديدة أيضا، وهي كأس العالم 2022. لقد أدت تداعيات تفشي فيروس كورونا إلى أن تقام بطولتان كبيرتان في وقت قريب من بعضهما البعض بشكل غير مسبوق، وبالتالي يتعين على المنتخب الإنجليزي أن يطوي صفحة كأس الأمم الأوروبية سريعاً ويبدأ من الآن التفكير في كأس العالم والاستعداد لها. من المؤكد أن الإحباط كان يسيطر على الجميع بعد الخسارة أمام إيطاليا بركلات الترجيح، لكن من الضروري أن ينهض المنتخب الإنجليزي سريعاً وألا يدع هذا الإحباط يسيطر عليه لفترة طويلة. ويجب إدراك أن المنتخب الإنجليزي في الوقت الحالي لا ينقصه سوى بعض التفاصيل الصغيرة لكي يصل إلى القمة، على الأقل على المستوى القاري، وهو الأمر الذي بات واضحاً للجميع الآن.
ويجب الإشارة إلى أن جدول المباريات المتقطع يعد واحداً من أكبر الإحباطات بالنسبة للمديرين الفنيين للمنتخبات، وأحد الأسباب الرئيسية التي تجعل المدربين الذين يعتبرون في قمة عطائهم يميلون للتراجع عن العمل مع المنتخبات والبحث عن العمل مع الأندية، لكن من حظ ساوثغيت الجيد أن الخريف القادم سيشبه إلى حد كبير إيقاع كرة القدم للأندية، حيث سيشهد إقامة الكثير من المباريات.
وعندما يخرج المنتخب الإنجليزي لمواجهة المجر في تصفيات كأس العالم في الثاني من سبتمبر (أيلول)، قبل ستة أيام فقط من مهمة مماثلة في بولندا، سيتعين على المنتخب الإنجليزي أن يظهر للجميع أنه استعاد توازنه وبدأ العمل بكل قوة من جديد. ولن تختلف مجموعة اللاعبين المتاحة أمام ساوثغيت كثيراً، قبل التوجه للشرق الأوسط لخوض منافسات المونديال، وهي ميزة كبيرة بالنسبة للمنتخب الإنجليزي الذي يصل معدل أعمار نصف لاعبيه إلى 25 عاماً أو أقل، كما أن كل اللاعبين سيكونون في قمة عطائهم الكروي بحلول العام المقبل. ويعد كايل ووكر، البالغ من العمر 31 عاماً، هو أكبر لاعبي المنتخب الإنجليزي سناً، متقدماً على جوردان هندرسون بشهر واحد فقط، لكن ووكر قدم مستويات استثنائية في نهائيات كأس الأمم الأوروبية لا توحي أبداً بأنه تخطى الثلاثين من عمره.
إن اهتمام ساوثغيت بتحسين قدرة المنتخب الإنجليزي على الاستحواذ على الكرة أتى ثماره إلى حد كبير خلال الشهر الماضي، وهو الأمر الذي ساهم في تخطي دور المجموعات في كأس الأمم الأوروبية بسهولة، قبل التفوق على ألمانيا بشكل واضح. لكن تسجيل المنتخب الإنجليزي لهدف مبكر أمام إيطاليا جعل الفريق يتراجع للخلف من أجل الحفاظ على هذا الهدف الغالي، لكن وكما حدث أمام كرواتيا في الدور نصف النهائي لكأس العالم بروسيا، كان من الواضح أن المنتخب الإنجليزي بحاجة إلى لاعب مبدع وقادر على التحكم في وتيرة المباراة في الأوقات الصعبة. هذا يعني أن جود بيلينغهام، الذي لم تكن مشاركته لمدة 55 دقيقة هذا الصيف سوى ما يتوقعه أي شخص في المعتاد من شاب يبلغ من العمر 17 عاماً، يجب أن يكون عنصراً أساسياً في صفوف منتخب «الأسود الثلاثة” بحلول الوقت الذي تبدأ فيه منافسات كأس العالم العام المقبل.
ومن الصعب إلقاء اللوم على خط وسط المنتخب الإنجليزي الحالي، بالنظر إلى أن ديكلان رايس وكالفين فيليبس قدما مستويات رائعة خلال المباريات السبعة في يورو 2020، لكن قوة خط وسط المنتخب الإيطالي أظهرت أن المنتخب الإنجليزي ما زال يفتقر إلى شيء ما، وهو القدرة على التحرك في المساحات الضيقة والمرور من المنافسين في المواقف الصعبة واللعب بأريحية في الثلث الأخير من الملعب، وهي الصفات التي تتوافر جميعاً في بيلينغهام، الذي يتعين عليه أن يكتسب اللياقة البدنية التي تمكنه من القيام بذلك بسهولة. وبالتالي يتعين على المنتخب الإنجليزي أن يمنحه فرصة المشاركة في المباريات من الآن حتى يصل إلى المستوى المطلوب.
وستكون هناك أسئلة أيضاً حول الكيفية التي يمكن بها لساوثغيت تحديد أفضل أداء لمهاجميه قبل كأس العالم. من الواضح للجميع أن المنتخب الإنجليزي محظوظ بامتلاكه لكوكبة من اللاعبين الموهوبين في الخط الأمامي، لكن يمكن للنقاد أن يشيروا إلى أن هذه الأسماء الكبيرة في الخط الأمامي لم تقدم الأداء المنتظر منها، ربما باستثناء مباراة أوكرانيا. ربما سيتغير الأمر كثيراً بوجود بيلينغهام خلف خط الهجوم، لكن على أي حال يتعين على المنتخب الإنجليزي أن يبحث عن حلول مبتكرة وخلاقة لحل التكتلات الدفاعية للمنتخبات التي تعتمد على الدفاع الصلب.
وبالتالي، يتعين على ساوثغيت أن يبحث عن مزيج مناسب من بين كل من جاك غريليش، وبوكايو ساكا، وفيل فودين، وجادون سانشو، وماركوس راشفورد، وماسون غرينوود، وماسون ماونت (الذي تراجع مستواه بشكل ملحوظ بعد الاستراحة القسرية لمدة 10 أيام). ويتمثل الأمل الآن في أن تتمكن إنجلترا، التي فازت بالفعل في المباريات الثلاث التي لعبتها في تصفيات كأس العالم، أن تتمكن من حسم الصعود قبل مواجهة ألبانيا وسان مارينو في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، حتى يتمكن المنتخب الإنجليزي من تجربة بعض العناصر وبعض الخطط التكتيكية الجديدة بأريحية.
من المؤكد أن هاري كين هو اللاعب الأساسي والأهم في خط هجوم المنتخب الإنجليزي، لكن إذا لم يكن دومينيك كالفرت لوين قادراً على تعويضه في حالة غيابه عن اللعب لأي سبب، فيجب على ساوثغيت البحث عن بديل آخر يمكنه القيام بذلك. ومن الممكن أن يفكر ساوثغيت في الاعتماد على رحيم سترلينغ أو فيل فودين في مركز المهاجم الوهمي من أجل زيادة السرعة والحماس في الخط الأمامي. من المؤكد أن ساوثغيت ليس بحاجة إلى نصائح أو توجيهات في هذا الشأن، لأنه أكثر منا جميعاً دراية بلاعبيه وقدراتهم الفنية والبدنية، بالإضافة إلى أن الفريق قد تطور بشكل ملحوظ تحت قيادته، ويجب أن تكون المرحلة التالية أسهل في التنفيذ، في ظل تطور اللاعبين ووصولهم إلى مستويات أعلى، خاصة أن خمسة من هؤلاء المهاجمين لا تزيد أعمارهم على 21 عاماً.
هل تكون إنجلترا قوة كبيرة في «مونديال قطر»؟
منتخبها يمكنه بناء فريق حول بيلينغهام والقيام بتغييرات لتقليل العيوب ونقاط الضعف
هل تكون إنجلترا قوة كبيرة في «مونديال قطر»؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة