تل أبيب تحمّل السلطة اللبنانية مسؤولية إطلاق الصواريخ وتحذّر من {ثمن مؤلم}

هدوء في جنوب لبنان بعد قصف مدفعي إسرائيلي

عنصران من قوة حفظ السلام الدولية في جنوب لبنان عند السياج الحدودي مع إسرائيل أمس حيث نصبت راية لـ«حزب الله» (أ.ف.ب)
عنصران من قوة حفظ السلام الدولية في جنوب لبنان عند السياج الحدودي مع إسرائيل أمس حيث نصبت راية لـ«حزب الله» (أ.ف.ب)
TT

تل أبيب تحمّل السلطة اللبنانية مسؤولية إطلاق الصواريخ وتحذّر من {ثمن مؤلم}

عنصران من قوة حفظ السلام الدولية في جنوب لبنان عند السياج الحدودي مع إسرائيل أمس حيث نصبت راية لـ«حزب الله» (أ.ف.ب)
عنصران من قوة حفظ السلام الدولية في جنوب لبنان عند السياج الحدودي مع إسرائيل أمس حيث نصبت راية لـ«حزب الله» (أ.ف.ب)

سيطر هدوء حذر على منطقة جنوب غربي لبنان أمس، بعد ساعات على قصف إسرائيلي استهدف مناطق غير مأهولة، رداً على إطلاق صاروخين من جنوب لبنان باتجاه إسرائيل، فيما حملت تل أبيب المسؤولية للدولة اللبنانية، وأكد رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بنيت «أننا لن نسمح للوضع في لبنان أن ينعكس على أراضينا»، مهدداً بأن «من يحاول إلحاق الأذى بنا سيدفع ثمناً مؤلماً».
وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه قصف لبنان بنيران المدفعية الثلاثاء ردا على هجمات صاروخية نفذت من أراضيه. وتحدث الجيش الإسرائيلي عن إطلاق صاروخين من لبنان باتجاه شمال إسرائيل، مشيراً إلى أن «منظومة القبة الحديدية للدفاع الجوي اعترضت أحد الصاروخين وسقط الثاني في منطقة مفتوحة داخل إسرائيل». وأكد أنه رد عبر استهداف لبنان بقصف مدفعي.
وأعلن جهاز الأمن الإسرائيلي بدايةً أنه لا يعرف في الوقت الحالي مَن المسؤول عن إطلاق النار في الشمال، وإلى أي مدى يتورط «حزب الله في الحدث». وفي ساعات بعد الظهر أكد الجيش أن «التقديرات لديه هي أن «حزب الله» غير متورط وأن من أطلق الصاروخين هو «تنظيم فلسطيني مشاغب يقيم في منطقة صور في الجنوب اللبناني».
وأعلنت قيادة الجيش اللبناني أمس عن تعرض منطقة وادي حامول وتلة ارمز (في جنوب لبنان) لقصف مصدره مدفعية الجيش الإسرائيلي، ولم يفد عن وقوع إصابات أو حدوث أضرار. وقال الجيش في بيان صادر عن مديرية التوجيه بأن المنطقة «استهدفت بـ12 قذيفة مدفعية عيار 155 على خلفية ادعاءات العدو سقوط صاروخين في الأراضي المحتلة مصدرها لبنان». وقال بأن «وحدة من الجيش عثرت في محيط منطقة القليلة على 3 مزاحف لإطلاق صواريخ نوع غراد 122 ملم على أحدها صاروخ كان معدا للإطلاق تم تعطيله من قبل الوحدات المختصة».
ويقع وادي حومال بين بلدتي شمع والناقورة في جنوب غربي لبنان، وهي منطقة ساحلية قريبة من الحدود، وتعد منطقة عمليات تابعة لقوات حفظ السلام الدولية العاملة في الجنوب (يونيفيل) في جنوب الليطاني، والتي يشملها القرار 1701. ولم يتم تحديد هوية مطلقي الصواريخ حتى الآن.
وقال مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط» بأن هذه الصواريخ تعتبر من الطراز القديم، ويعود تصنيعها إلى الستينيات، وباتت خارج الخدمة العسكرية، ويبلغ مداها الأقصى 18 كيلومترا قبل أن يتم تعديله لينطلق نحو مسافات أبعد.
وتفقد قائد قطاع جنوب الليطاني في الجيش العميد الركن مارون قبياتي وكبار ضباط الجيش، مكان إطلاق الصواريخ في سهل القليلة في جنوب مدينة صور، واطلعوا ميدانيا على عملية تفكيك المنصات والصاروخ الذي لم يطلق، والذي نقل إلى مكان آخر، فيما انتشرت وحدات من الجيش في محيط المكان، وقامت بعملية مسح ميداني للمنطقة، ومنعت الاقتراب منها. وسيرت عناصر الجيش دوريات على طول الساحل بين رأس العين وسهل القليلة جنوب صور، وأقام حواجز ظرفية وثابتة، دقق خلالها بالسيارات وبالأوراق الثبوتية.
وأعلنت بعثة «اليونيفيل» أن رادارها رصد فجر أمس إطلاق صواريخ من منطقة تقع إلى الشمال الغربي من القليلة باتجاه إسرائيل، كما رصد الرادار في وقت لاحق إطلاق نيران مدفعية من قبل الجيش الإسرائيلي.
وقال نائب مدير المكتب الإعلامي لليونيفيل كانديس آرديل في بيان «إن اليونيفيل على اتصال مباشر مع الأطراف للحث على ممارسة أقصى درجات ضبط النفس وتجنب المزيد من التصعيد. كما أن آليات الارتباط والتنسيق التي نضطلع بها تقوم بعملها على أكمل وجه». وأكد أنه «جنباً إلى جنب مع القوات المسلحة اللبنانية، عززنا الأمن في المنطقة وبدأنا تحقيقاً».
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بنيت: «لن نسمح للوضع في لبنان أن ينعكس على أراضينا ومن يحاول إلحاق الأذى بنا سيدفع ثمناً مؤلماً».
من جهته، قال وزير الدفاع الإسرائيلي، بيني غانتس، في أول تعليق له على إطلاق صاروخين من لبنان تجاه شمال إسرائيل، إنه لن يسمح بأن تتحول الأزمة في لبنان إلى تهديد أمني لبلاده.
واعتبر غانتس في تغريدات بحسابه على «تويتر» أن: «المسؤول عن إطلاق الصواريخ الليلة الماضية هو الدولة اللبنانية لأنها تسمح للإرهابيين بالعمل داخل أراضيها». وأضاف أن بلاده ستعمل على مواجهة «أي تهديد لسيادتها ومواطنيها وسترد وفقاً لمصالحها في الزمان والمكان المناسبين».
وتابع غانتس في تغريدة منفصلة: «لن نسمح للأزمة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في لبنان بأن تصبح تهديدا أمنيا لإسرائيل»، داعياً «المجتمع الدولي إلى التحرك لإعادة الاستقرار إلى لبنان».
يذكر أن آخر عملية إطلاق صواريخ من لبنان إلى إسرائيل وقعت في مايو (أيار)، خلال الحرب التي استمرت 11 يوما بين الدولة العبرية وفصائل فلسطينية في قطاع غزة.
وحذر مسؤولون أمنيون إسرائيليون في الأسابيع الأخيرة بشكل متزايد من أن الأزمة السياسية والاقتصادية التي تعصف بلبنان قد تغذي الاضطرابات على الحدود المتوترة.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.