وزير العدل اللبناني أشرف ريفي: الحوار بين «المستقبل» وحزب الله «بانادول» لتخفيف الاحتقان السني الشيعي

«شبكة أمان» تحمي لبنان من الحرب على حدوده.. وعودة الوساطة القطرية إلى ملف المخطوفين

وزير العدل اللبناني أشرف ريفي: الحوار بين «المستقبل» وحزب الله «بانادول» لتخفيف الاحتقان السني الشيعي
TT

وزير العدل اللبناني أشرف ريفي: الحوار بين «المستقبل» وحزب الله «بانادول» لتخفيف الاحتقان السني الشيعي

وزير العدل اللبناني أشرف ريفي: الحوار بين «المستقبل» وحزب الله «بانادول» لتخفيف الاحتقان السني الشيعي

خلع اللواء أشرف ريفي، وزير العدل اللبناني، بزته الأمنية منذ أن أحيل إلى التقاعد في أبريل (نيسان) من عام 2013. لكن الرجل احتفظ من تربيته العسكرية بالحرص على الكلام المباشر من غير لف أو دوران حتى بخصوص القضايا الحساسة التي تشغل لبنان والمنطقة. لا يضع لسانه في جيبه، بل يقول علنا وبقوة ما يهمس به الآخرون همسا.
خلال ساعة من النقاش مع مجموعة ضيقة من الصحافيين، بمناسبة زيارته للعاصمة الفرنسية، تطرق أشرف ريفي إلى غالبية المواضيع الداخلية وإلى قضايا المنطقة التي تشغل المواطن اللبناني وغير اللبناني. والانطباع الواضح أن وزير العدل ما زالت له «آذان» تلتقط ما يجري في الداخل والمحيط، وأنه يعرف أسرارا وتفاصيل وله مواقف واتصالات تتيح له بأن يبني تحليلاته على أساس المعلومات التي يمتلكها وليس ضربا في الغيب أو تعبيرا عن مواقف آيديولوجية.
ماذا يقول أشرف ريفي؟
بداية، يريد وزير العدل أن يطمئن اللبنانيين بصدد نقطتين أساسيتين: الأولى أن هناك «شبكة أمان» دولية وإقليمية تحمي لبنان من الوقوع في دوامة الحرب الدائرة على حدوده. ولذا، فإن الوضع الأمني «ممسوك». بيد أن هذه الطمأنة لا تعني انتفاء حصول تفجير هنا أو هناك. لكن هذه التطورات التي حصل أكبر منها في الأشهر الأخيرة في البقاع الشرقي أو على الحدود الشمالية ومع سوريا، أو في الداخل «مثلا طرابلس»، تبقى تحت السيطرة، والجيش قادر برأيه على ضبطها، خصوصا بعد أن يكون قد حصل على الأسلحة المقررة له، إن في إطار هبة المليارات الثلاثة السعودية التي ستوفر له بدءا من الشهر القادم أسلحة حديثة فرنسية الصنع، أو من هبة المليار دولار «السعودية أيضا» التي يديرها الرئيس سعد الحريري ومساعدات أخرى متنوعة، مضافا إليهما ما يصله من أسلحة أميركية ومن مساعدات أوروبية بريطانية على وجه الخصوص. بيد أن «المظلة الواقية» للبنان لا تعني انتفاء التهديدات وعودة الاغتيالات. وأفاد ريفي بناء على معلومات استخباراتية غربية وغير غربية، بوجود تهديدات بالاغتيال تتناول 4 شخصيات، هي بالإضافة إلى شخصه، الوزير وائل أبو فاعور والنائبين أحمد فتفت ومعين المرعبي.
ثاني رسائل ريفي «الإيجابية»، تتناول ملف العسكريين المخطوفين. وفي هذا الخصوص، لا يريد وزير العدل الإفاضة بسبب «السرية التامة الضرورية» و«حساسية الموضوع»، والحاجة لتلافي إجهاض الوساطات. وما قبل الإفصاح عنه، أن الوساطة القطرية «عادت بقوة»، وأن أسباب الأمل «تعود في جانب منها لوضع جبهة النصرة في المرحلة الحالية».
يرى ريفي في موضوع الانتخابات الرئاسية، أن «واجهتها محلية، لكن القرار بشأنها إقليمي»، ومفتاحها موجود بيد إيران التي ترى فيه «ورقة تفاوضية مع الغرب والولايات المتحدة الأميركية» بشكل خاص، وطالما أن الانتخاب معطل فهذا يعني بنظره أن طهران «لا ترى أن الوقت أصبح مناسبا» للإفراج عن هذه الورقة. وفي السياق عينه، ينظر ريفي إلى تمسك «حزب الله» المستمر بترشيح العماد ميشال عون إلى أنه يعني «غياب القرار الإيراني». وفي أي حال يعتبر أن عون «ليس سوى واجهة» بالنسبة لـ«حزب الله» وأن مرشح الحزب «الحقيقي» ليس رئيس التيار الوطني الحر. أما عون، فإنه «لا يريد إلا عون»، وطالما أن لا قرار إيرانيا وطالما أن تجمع 8 آذار أقرب إلى «التجمع الحديدي»، بمعنى اتباعه نظاما مرصوصا، فإن الانتخابات ستبقى معطلة.
في الساحة الداخلية، تكاثرت الحوارات وأبرزها من جهة، حوار المستقبل و«حزب الله» ومن جهة أخرى، حوار القوات اللبنانية والتيار الوطني. بيد أن ريفي رغم «ترحيبه» بما هو حاصل، إلا أنه يحدّ من أهميتها، لا بل إنه يصف حوار المستقبل «حزب الله» بأنه أشبه بـ«حبة بانادول»، أي من نوع المسكنات التي غرضها تخفيف الاحتقان السني الشيعي وليس إيجاد حلول للمسائل المستعصية، ومنها استمرار الدور العسكري الذي يلعبه «حزب الله» في سوريا والعراق، وربما في أماكن أخرى. وفيما اعتبر العماد عون، في حديث لصحيفة «الأخبار» اللبنانية أن «القبضاي (الرجل القوي) يحارب خارج أرضه»، يرى ريفي أن «حزب الله» «ذهب إلى الانتحار» عندما أرسل قواته إلى سوريا. ويضيف مدير عام قوى الأمن الداخلي السابق، أن التجربة تبين أن «كل من قاتل خارج حدوده خسر». هذا ما حصل مع الأميركيين في فيتنام ومع عبد الناصر في اليمن والأمثلة على ذلك كثيرة.
المشكلة بالنسبة لريفي أن «حزب الله» وضع نفسه في خدمة «المشروع الفارسي»، وأن اللبنانيين «لا يواجهون المشروع الشيعي، بل المشروع الفارسي» الذي «يستخدم» الشيعة. لكن وزير العدل يراهن على فشل المشروع في سوريا والعراق واليمن ولبنان. وبالنسبة للبنان، فإن «المخرج» يكون بالالتفاف على الدولة وعلى الجيش الذي هو الكفيل بحماية اللبنانيين وليس هذه الميليشيا أو تلك.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.