الطريق إلى «داعش»

تجارة التهريب.. من السكّر والتبغ والوقود إلى نقل المتطرفين عبر الحدود إلى داخل سوريا

جنود أتراك يفتشون سوريين في منفذ حدودي (نيويورك تايمز)
جنود أتراك يفتشون سوريين في منفذ حدودي (نيويورك تايمز)
TT

الطريق إلى «داعش»

جنود أتراك يفتشون سوريين في منفذ حدودي (نيويورك تايمز)
جنود أتراك يفتشون سوريين في منفذ حدودي (نيويورك تايمز)

تحت ضغوط من حلفائها الغربيين، اتخذت تركيا إجراءات من شأنها زيادة صعوبة تسلل الراغبين في الانضمام إلى القتال عبر حدودها للانضمام إلى «داعش» في قاعدتها بشمال سوريا، إلا أنها ظلت عاجزة - أو غير مرحبة - بوقف تدفق المقاتلين، مع استمرار «داعش» في الدفع بمزيد من القوات إلى المعارك.
من جانبهم، يشير المهربون المنتمون إلى القرى الحدودية الذين اعتمدوا منذ فترة بعيدة في كسب قوتهم على تهريب السكر والتبغ والوقود عبر الحدود، إلى أن «داعش» أجبرهم على نقل متطرفين عبر تهديدهم بالقتل أو القضاء على أرزاقهم. وأحيانا يتلقون اتصالات هاتفية في أوقات متأخرة من الليل من أحد قيادات «داعش» داخل سوريا توجههم باستقبال مجند يقيم في أحد الفنادق الفاخرة داخل هذه المدينة كي يرافقوه عبر الحدود.
في هذا الصدد، اشتكى مصطفى، أحد المهربين والذي اكتفى بذكر اسمه الأول خلال مقابلة أجريت معه داخل أحد مقاهي مدينة كيليس الحدودية، من أن «الأمور زادت صعوبة بسبب فرض تركيا إجراءات أكثر صرامة».
ومع ذلك استطرد بأنه نجح دوما في التوصل إلى طريقة ما لعبور الحدود، وأحيانا يغض حرس الحدود الأتراك في قريته، والذين يعرفونه جيدا، الطرف عنه.
وتعني هذه الضغوط المتزايدة أن الأيام المحمومة التي شهدتها 2012 قد انتهت، ذلك أن المقاتلين الأجانب ذوي اللحى الطويلة الذين ملأوا مقاهي وشوارع المدن الحدودية في تلك الفترة أصبحوا الآن يتسللون في هدوء عبر تركيا، محاولين عدم جذب الانتباه إليهم. كما نقلت متاجر الإمدادات العسكرية، التي كانت تبيع علانية من قبل شارات للرأس تحمل شعارات إسلامية ودروعا للجسد، وأحيانا أسلحة لأجانب في طريقهم إلى سوريا، نشاطاتها لغرف خلفية بعيدة عن العلن.
من جهته، أعرب نيكولاس راسموسين، مدير المركز الوطني لمكافحة الإرهاب في واشنطن، عن اعتقاده بأنه حتى الآن انضم قرابة 20.000 أجنبي إلى «داعش» في العراق وسوريا، بينهم نحو 3400 غربي. وأوضح مسؤولون غربيون أن غالبيتهم انتقلوا عبر تركيا، ما يسلط الضوء على صعوبة إحكام القبضة الأمنية على الحدود التركية سهلة الاختراق ومدى الارتباك في صفوف المسؤولين الأتراك الذين لا يعتبرون «داعش» عدوا أساسيا.
ورغم اتخاذ تركيا بعض الإجراءات مؤخرا للسيطرة على تدفق المتطرفين، فإن هذا لم يكن كافيا من وجهة نظر حلفائها الغربيين، خصوصا الأوروبيين، الذين يساورهم قلق متزايد منذ الهجوم على مكاتب صحيفة «شارلي إيبدو» الساخرة في باريس من إمكانية وقوع مزيد من الهجمات.
وقد سلطت القضية الضوء على الفجوة المتزايدة بين تركيا وحلفائها الغربيين، الذين تساءلوا دوما حول السبب وراء عدم بذل تركيا، وهي عضو بحلف الناتو وتتميز بجهاز استخبارات عسكرية ضخم وعلى مستوى جيد، مزيدا من الجهود لتناول التهديد الإرهابي.
خلال شهادة أدلى بها مؤخرا في واشنطن أمام الكونغرس، سئل جيمس آر. كلابر، مدير الاستخبارات الوطنية، بخصوص ما إذا كان يشعر بالتفاؤل حيال بذل تركيا مزيدا من الجهود في القتال ضد «داعش». وقد أجاب في نقد صريح وعلني على نحو استثنائي: «لا، لا أشعر بذلك. أعتقد أن لدى تركيا أولويات ومصالح أخرى».
وأشار كلابر إلى استطلاعات رأي في تركيا كشفت أن الأتراك لا يعتبرون «داعش» تهديدا رئيسيا. وأضاف أن الأتراك يبدون اهتماما أكبر بمعارضة نيل الأكراد حكما ذاتيا داخل سوريا عن قتال «داعش».
وأوضح أن هذا الموقف التركي ترتب عليه استمرار «البيئة المتساهلة» بالمنطقة الحدودية التي لا تزال تسمح بحركة المتطرفين ذهابا وإيابا عبر الحدود.
في المقابل، تصر تركيا على أنها تفعل ما بوسعها. داخل المطارات التركية ومحطات القطارات ومواقف الحافلات، يتولى عملاء أمنيون سريون تفتيش المسافرين من أصحاب اللحى الطويلة أو الذين تظهر عليهم مؤشرات أخرى توحي بأنهم قد يكونون متشددين، إلا أن مسؤولين أشاروا إلى أن مجندين متطرفين يحاولون بصورة متزايدة الاختلاط في أوساط السائحين من خلال حلق لحاهم وارتداء ملابس عصرية.
كما ذكر مسؤولون أتراك أنهم مقيدون بسبب القيود التي تفرضها دول غربية على التشارك في الاستخبارات، والتي يقرون أنها تحسنت لكن لا تزال غير مناسبة. وذكر المسؤولون أنهم جمعوا، بمعاونة وكالات استخبارات أجنبية، قرابة 1000 اسم على قائمة حظر دخول، وأن قرابة نصف هذا العدد من الأجانب من المعتقد أنهم انضموا إلى «داعش».
ويغضب المسؤولون الأتراك من الانتقادات الموجهة إليهم من الغرب، مشيرين إلى أنه بالنسبة إلى الدول الأوروبية خاصة، لم يجرِ التركيز على المشكلة إلا في أعقاب هجوم «شارلي إيبدو» وتمكن حياة بو مدين، زوجة أحد منفذي هجمات باريس، من التسلل إلى سوريا عبر تركيا. ويرى الأتراك أنه ينبغي على الأوروبيين محاولة إصلاح المشكلة من جذورها، عبر التوقف عن شيطنة الإسلام داخل أوروبا، الذي يرون أنه يسهم في تحول البعض إلى الفكر المتطرف.
وقال مسؤول تركي رفيع المستوى بوزارة الخارجية مسؤول عن الاستخبارات المتعلقة بالمقاتلين الأجانب: «لا أحاول إلقاء اللوم على الآخرين، لكن الجميع يتحمل المسؤولية، والأمر هنا ليس لعبة تبادل اللوم. ومن ينتقدون تركيا لعدم فعلها شيئا عليهم أن يسألوا أنفسهم ما الذي فعلوه تحديدا لمنع هؤلاء الأشخاص من السفر بهذه الحرية، أو التحول إلى الراديكالية في المقام الأول؟». وقد رفض المسؤول كشف هويته لأنه غير مخول له مناقشة شؤون استخباراتية.
وقال مسؤول تركي آخر مشارك في الشؤون الاستخباراتية، رفض الكشف عن هويته أيضا، إن الأوروبيين «ينتهي بهم الحال بتصدير المتطرفين لتركيا، ثم جعل الأمر يبدو وكأنه مشكلة تركيا».
وفي ما يخص المنطقة الحدودية، اعترف المسؤول المعني بالقضايا الاستخباراتية بأن «هناك كثيرا من طرق التهريب ومن غير الممكن سدها جميعا».
يذكر أنه خلال السنوات الأولى من الحرب الأهلية السورية، التي تقترب من عامها الخامس الآن، تحرك المتطرفون بسهولة عبر الحدود، غالبا بمعاونة عملاء أتراك يعملون نيابة عن حكومة متحمسة حيال الإسهام في إسقاط الرئيس السوري بشار الأسد، بيد أن الاعتقاد التركي بأن بشار الأسد سيسقط سريعا لم يتحقق قط. ورغم هيمنة المتطرفين على ميادين القتال، لا تزال تركيا تعتبر بشار الأسد عدوها الرئيسي. في الوقت ذاته، أشار محللون ومسؤولون إلى أن تركيا ينتابها قلق متزايد من أن اتخاذها موقفا أكثر صرامة حيال «داعش» قد يجعلها عرضة لهجمات انتقامية ضدها داخل أراضيها.
يذكر أن تركيا ضغطت منذ فترة بعيدة لإقرار منطقة عازلة شمال سوريا، إذ ترى أن هذه المنطقة ستسمح بإقامة مساحة آمنة للاجئين ولحكومة المعارضة كي ترسخ وجودها على الأراضي السورية، وللمقاتلين المعتدلين - الذين بإمكانهم محاربة حكومة الأسد و«داعش» - بالتدريب، إلا أن الولايات المتحدة تعارض هذا المقترح حتى الآن، مشيرة إلى أن هذا سيتبعه توسيع كبير في العملية العسكرية، يتضمن إقامة منطقة حظر جوي، إلا أن محللين ومسؤولين يرون أن الفكرة قد تتجدد مرة أخرى في ظل تنامي مشاعر القلق بخصوص التهديد الصادر عن متطرفين أجانب.
* خدمة «نيويورك تايمز»



كيم: التواصل الدبلوماسي السابق يؤكد العداء الأميركي «الثابت» لكوريا الشمالية

تظهر هذه الصورة الملتقطة في 21 نوفمبر 2024 الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون وهو يحضر حفل افتتاح معرض تطوير الدفاع الوطني 2024 في عاصمة كوريا الشمالية بيونغ يانغ (أ.ف.ب)
تظهر هذه الصورة الملتقطة في 21 نوفمبر 2024 الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون وهو يحضر حفل افتتاح معرض تطوير الدفاع الوطني 2024 في عاصمة كوريا الشمالية بيونغ يانغ (أ.ف.ب)
TT

كيم: التواصل الدبلوماسي السابق يؤكد العداء الأميركي «الثابت» لكوريا الشمالية

تظهر هذه الصورة الملتقطة في 21 نوفمبر 2024 الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون وهو يحضر حفل افتتاح معرض تطوير الدفاع الوطني 2024 في عاصمة كوريا الشمالية بيونغ يانغ (أ.ف.ب)
تظهر هذه الصورة الملتقطة في 21 نوفمبر 2024 الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون وهو يحضر حفل افتتاح معرض تطوير الدفاع الوطني 2024 في عاصمة كوريا الشمالية بيونغ يانغ (أ.ف.ب)

قال الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون إن التواصل الدبلوماسي السابق بين بيونغ يانغ وواشنطن أكد عداء الولايات المتحدة «الثابت» تجاه بلاده، وفق ما ذكرت وكالة الإعلام الرسمية الكورية الشمالية الجمعة، قبل عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض قريبا، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وخلال ولايته الأولى، التقى ترمب وكيم ثلاث مرات لكنّ واشنطن فشلت في إحراز تقدم كبير في الجهود الرامية إلى نزع الأسلحة النووية في كوريا الشمالية.

ومنذ انهيار القمة الثانية بين كيم وترمب في هانوي عام 2019، تخلّت كوريا الشمالية عن الدبلوماسية وكثّفت جهودها لتطوير الأسلحة ورفضت العروض الأميركية لإجراء محادثات.

وخلال تحدّثه الخميس في معرض دفاعي لبعض أقوى أنظمة الأسلحة في كوريا الشمالية، لم يذكر كيم ترمب بالاسم، لكن آخر محادثات رفيعة المستوى مع الولايات المتحدة جرت تحت إدارته.

وقال كيم وفق وكالة الأنباء المركزية الكورية: «ذهبنا إلى أبعد ما يمكن مع الولايات المتحدة كمفاوضين، وما أصبحنا متأكدين منه هو عدم وجود رغبة لدى القوة العظمى في التعايش»، وأضاف أنه بدلا من ذلك، أدركت بيونغ يانغ موقف واشنطن وهو «سياسة عدائية ثابتة تجاه كوريا الشمالية».

وأظهرت صور نشرتها وكالة الأنباء المركزية الكورية ما يبدو أنه صواريخ باليستية عابرة للقارات وصواريخ فرط صوتية وراجمات صواريخ وطائرات مسيّرة في المعرض.

وذكرت الوكالة أن المعرض يضم «أحدث منتجات بيونغ يانغ لمجموعة الدفاع الوطني العلمية والتكنولوجية لكوريا الديمقراطية مع الأسلحة الاستراتيجية والتكتيكية التي تم تحديثها وتطويرها مجددا».

وقال كيم أيضا في كلمته إن شبه الجزيرة الكورية لم يسبق أن واجهت وضعا كالذي تواجهه راهنا و«قد يؤدي إلى أكثر الحروب النووية تدميرا».

وفي الأشهر الأخيرة، عززت كوريا الشمالية علاقاتها العسكرية مع موسكو، فيما قالت الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية إن بيونغ يانغ أرسلت آلاف الجنود إلى روسيا لدعمها في حربها ضد أوكرانيا.

خلال لقاء سابق بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب وزعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون (أ.ف.ب)

زعيمان «في الحب»

بعد أشهر من القمة التاريخية الأولى بين كيم وترمب في سنغافورة في يونيو (حزيران) 2018، قال الرئيس الأميركي وقتها خلال تجمع لمناصريه إنه والرئيس الكوري الشمالي وقعا «في الحب».

وكشف كتاب صدر في عام 2020 أن كيم استخدم الإطراء والنثر المنمق وتوجه إلى ترمب مستخدما تعبير «سُموّك» في الرسائل التي تبادلها مع الرئيس السابق.

لكنّ قمتهما الثانية في عام 2019 انهارت على خلفية تخفيف العقوبات وما سيكون على بيونغ يانغ التخلي عنه في المقابل.

وفي يوليو (تموز) من العام الحالي، قال ترمب متحدثا عن كيم: «أعتقد أنه يفتقدني»، و«من الجيد أن أنسجم مع شخص لديه الكثير من الأسلحة النووية».

وفي تعليق صدر في الشهر ذاته، قالت كوريا الشمالية إنه رغم أن ترمب حاول أن يعكس «العلاقات الشخصية الخاصة» بين رئيسَي البلدين، فإنه «لم يحقق أي تغيير إيجابي جوهري».