لماذا انتصر محمد أركون؟

المحاولات الأخرى عبارة عن أدلجات أو مراهقات فكرية

محمد أركون
محمد أركون
TT

لماذا انتصر محمد أركون؟

محمد أركون
محمد أركون

كنت قد شرحت أكثر من مرة سبب تفوق أركون على جميع المثقفين العرب الذين تصدوا لدراسة التراث أو تجديد التراث أو نقد العقل العربي... إلخ. وقلت إن مشروعه هو وحده الذي بقي صامداً في الساحة في حين تبخرت كل المشاريع الأخرى إلى حد كبير أو اندثرت أو فقدت مصداقيتها. والسبب هو أنه يذهب إلى أعماق الأشياء ولا يتوقف في منتصف الطريق. والسبب هو أن فكره عبارة عن حفر أركيولوجي في الأعماق أو أعماق الأعماق حتى يصل إلى عقدة العقد التراثية المستعصية فيفكها ويضيئها بشكل غير مسبوق. وبتفكيكها وإضاءتها يحصل شيء خارق يشبه المعجزة: لقد تحررنا من إرهابنا اللاهوتي المزمن لأول مرة وتنفسنا الصعداء! هناك سبب آخر هو أنه يسيطر على المنهج والمصطلح بكل تمكن واقتدار. هذا في حين أن المحاولات الأخرى عبارة عن أدلجات أو مراهقات فكرية لا تشفي الغليل ولا تروي العليل. لهذا السبب لم يبقَ في الميدان إلا حديدان. كنت قد تحدثت عن كل ذلك بالتفصيل في الفصل المطول الذي كرسته له في كتابي الصادر مؤخراً عن «دار المدى» بعنوان: «العرب بين الأنوار والظلمات. محطات وإضاءات». عنوان الفصل بالضبط هو: «محمد أركون: أكبر مفكر في الإسلام المعاصر». للأسف لا أستطيع أن أكرر هنا ما قلته هناك. ولذا سأكتفي باستعراض سريع لبعض أطروحات هذا المفكر العملاق.
لقد أوضح أركون أكثر من مرة الفرق الأساسي بين إسلام العصر الذهبي وإسلام عصر الانحطاط. لقد بيّن الفرق بين الأخلاق الإسلامية - الفلسفية النبيلة التي بلورها كبار مفكري العصر الذهبي من معتزلة وفلاسفة، وبين الموجة الظلامية المنتشرة حالياً التي لا علاقة لها بالأخلاق ولا بالنزعة الإنسانية. ولهذا السبب يرى أركون أنه ينبغي تحرير الفكر العربي من السجن الدوغمائي المغلق الذي سجنتنا فيه عقلية القرون الوسطى. لقد دعا إلى الخروج من العقلية الدوغمائية والطائفية الضيقة. فالدوغمائية إذا زادت على حدها تتحول إلى تحجر، فتعصب، فإرهاب. لقد كان إسلام العصر الذهبي المجيد، منفتحاً على الفلسفة اليونانية وبخاصة فلسفة أفلاطون وأرسطو... إلخ. أما اليوم فلا يوجد أي انفتاح وإنما انغلاق وانغلاق الانغلاق. هل يوجد مفكر إسلامي واحد مطلع على مؤلفات كانط أكبر فيلسوف أخلاقي وتنويري في الغرب الحديث؟ أما جهابذة مفكري الإسلام القدماء فقد عرفوا كيف يوفقون بين التراث الإسلامي العريق من جهة، والفلسفة الإغريقية من جهة أخرى. بمعنى آخر فإنهم عرفوا كيف يوفقون بين العقل والنقل، أو بين الفلسفة والدين. وهذا ما ينقصنا بشكل موجع اليوم. لولا الانفتاح على الحضارات الأخرى لما كانت كنوز التراث العربي التي لا تزال تدهشنا وتبهرنا حتى اليوم. كان الإسلام آنذاك حضارياً مشرقاً منفتحاً على الآخرين ومتسامحاً معهم ومحترماً لكرامتهم الإنسانية. وما كان يشتمهم أو يكفرهم لأنهم ليسوا مسلمين! ولكن كل ذلك اختفى من ساحة الفكر العربي ولم يعد له من وجود بعد إغلاق باب الاجتهاد والدخول في عصر الانحطاط وهيمنة السلاجقة الأتراك. ثم يسألونك مستغربين: لماذا فشل الإخوان المسلمون أو وصلوا إلى الجدار المسدود؟ لأن مفهومهم للإسلام غير صالح لهذا العصر. إنه ضيقٌ عليه أو مضاد له. ولذلك نقول: المستقبل للإسلام الحضاري المستنير المتصالح مع عصره الذهبي ومع أفضل ما أعطته الحداثة العالمية. وهذا ما لم يتحقق حتى الآن. من هنا الفشل الذريع لما دعي خطأ بالربيع العربي!
في إحدى المرات توقف أركون مطولاً عند تحليل ذلك «الإعلان الإسلامي العالمي لحقوق الإنسان» الذي تلاه الأستاذ سالم عزام على الجمع الثقافي النخبوي المحتشد في قاعة ضخمة بمقر اليونيسكو في باريس وفي حفل مهيب بتاريخ 19/ 09/ 1981. وكان من بين الحاضرين أحمد بن بيلا وحسين آيت أحمد، بالإضافة إلى شخصيات أخرى عربية وفرنسية. ويعترف أركون بأنه إعلان مفيد وضروري، ولكنه للأسف بقي عبارة عن صياغات إنشائية عامة في نهاية المطاف. صحيح أنها مليئة بالنوايا الحسنة والوعود الجميلة، لكنها لا تقدم ولا تؤخر ولا تدخل في صلب الموضوع. فهذا النص لا يقول شيئاً عن المكانة القانونية للإنسان في النصوص الدينية التأسيسية. ومعلوم أن الإنسان الكامل الحقوق لديها هو المسلم إذا كان المجتمع مسلماً أو المسيحي إذا كان المجتمع مسيحياً... إلخ. ولكن الحداثة التنويرية قطعت مع كل ذلك ووسعت مفهوم الإنسان لكي ينطبق على أي إنسان سواء كان من ديننا أم لا، من طائفتنا أم لا، من مذهبنا أم لا. فالإنسان كشخص بشري له كرامته بغض النظر عن أصله وفصله أو دينه وطائفته ومعتقده. هنا تكمن قطيعة الحداثة الكبرى مع اللاهوت والفقه التكفيري القديم. ويبدو أن هذه الفكرة الأساسية مجهولة من قبل مدبجي الإعلان الإسلامي العالمي لحقوق الإنسان. إنهم يتجاهلون أو يجهلون أن الفلسفة العلمانية الإنسانية الحديثة لم تعد تميز بين المواطنين طبقاً لأصولهم العرقية أو الدينية أو المذهبية. لم يعد لديها مواطن درجة أولى ومواطن درجة ثانية ومواطن درجة ثالثة... إلخ. الجميع أصبحوا مواطنين متساوين في الحقوق والواجبات. وذلك على عكس اللاهوت المذهبي أو الفقه الديني القديم. فإعلان حقوق الإنسان والمواطن الذي أصدرته الثورة الفرنسية في 26 أغسطس (آب) من عام 1789 كان ينطبق على جميع المواطنين الفرنسيين، وليس فقط على المسيحيين أو على أبناء الأغلبية الكاثوليكية. فالبروتستانتي أصبح بفضله إنساناً كامل الحقوق لأول مرة في تاريخ فرنسا. لقد رفعوه، وهو الأقلوي المضطهد والمحتقر، إلى مرتبة الكاثوليكي الأكثري الغالب المتغطرس والمهيمن تاريخياً. بل وحتى اليهودي أصبح مواطناً بالكامل. من هنا الطابع التحريري والإنساني بل والكوني لهذا الإعلان التاريخي الشهير الذي أصدرته الثورة الفرنسية. هذه ثورات حقيقية تقذف بك إلى الأمام ولا تعود بك قروناً إلى الوراء! هذه ثورات تقضي على الطائفية ولا تنعشها إنعاشاً غير مسبوق. ومن أي شيء استمد هذا الإعلان الشهير مبادئه ومواده الأساسية؟ هل من الكتب التراثية الصفراء التي صدئت وعلاها الغبار؟ هل من كتب اللاهوت والكهنوت؟ أبداً لا. لقد استمد مواده الأساسية من جان جاك روسو وكتابه العظيم: العقد الاجتماعي. كما استمده من كتاب روح القوانين لمونتسكيو وبقية كتب فلاسفة الأنوار وعلى رأسهم فولتير. هل نسينا كتابه الرائع: رسالة في التسامح؟ ففيه قضى على التعصب الطائفي الذي كان يكتسح فرنسا آنذاك قضاء مبرماً.
لا أستطيع للأسف معالجة كل محاور فكر أركون في هذه العجالة وإلا لدبجت عشرات الصفحات. لكن لنتوقف عند بعض اعترافاته الشخصية حيث يقول ما فحواه: بصفتي مؤرخاً للفكر الإسلامي فإني كنت قد واجهت مشكلة المجابهة الجدلية الخصبة بين العقل الديني/ والعقل الفلسفي عندما تعمقت في دراسة المرحلة الكلاسيكية المبدعة من تاريخ الفكر العربي الإسلامي (750 - 1300). ولكن المشكلة إن لم نقل المصيبة هي أن هذه المجابهة التفاعلية الرائعة توقفت عندنا، في حين أنها استمرت في أوروبا صعوداً دون توقف منذ عصر النهضة في القرن السادس عشر وحتى اليوم. وهنا يكمن الجواب على التساؤل الشهير: لماذا تأخر المسلمون وتقدم غيرهم؟ لأن الأصولية الدينية تغلبت عندنا كلياً على العقلانية الفلسفية إلى درجة أنها حذفتها وطمستها بل واستأصلتها. «من تمنطق فقد تزندق»، أو «كان يتفلسف لعنه الله»... إلخ. والشيء الذي زاد الطين بلة هو أن الأصولية الدينية تحولت عندنا إلى عقلية ظلامية تكفيرية متعصبة، بل وطغيانية استبدادية لا تقبل النقاش. نستنتج من كلام أركون أنه ينبغي أن نعيد الاعتبار إلى العقل الفلسفي إذا أردنا أن نستعيد أمجادنا الغابرة وعصرنا الذهبي. فالحضارات تقوم على ركيزتين لا ركيزة واحدة: ركيزة الدين وركيزة الفلسفة. وعندما انهارت إحداهن انهارت حضارتنا العربية وعمّ الظلام العالم الإسلامي من أقصاه إلى أقصاه.
أخيراً سأقول ما يلي وبه أختتم: لقد انتصر فكر أركون وسوف ينتصر أكثر في المستقبل لأنه جاء في الوقت المناسب ولبى حاجة تاريخية. لقد استطاع أن يعري الأصولية من جذورها، من أساساتها، من أساسات أساساتها. وهو ما عجز عنه كل مثقفي العرب والإسلام قاطبة.



«جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي» تتوّج الفائزين بدورتها العاشرة

الشيخ ثاني بن حمد الممثل الشخصي لأمير قطر خلال تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)
الشيخ ثاني بن حمد الممثل الشخصي لأمير قطر خلال تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)
TT

«جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي» تتوّج الفائزين بدورتها العاشرة

الشيخ ثاني بن حمد الممثل الشخصي لأمير قطر خلال تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)
الشيخ ثاني بن حمد الممثل الشخصي لأمير قطر خلال تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)

كرّمت «جائزةُ الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي»، بدولة قطر، مساء الثلاثاء، الفائزين في فئات الدورة العاشرة، وذلك خلال حفل كبير حضره الشيخ ثاني بن حمد آل ثاني الممثل الشخصي لأمير البلاد، وشخصيات بارزة، وأعضاء البعثات الدبلوماسية، ونخبة من الباحثين والعاملين بمجال الترجمة.

وتهدف الجائزة إلى تكريم المترجمين وتقدير دورهم في تمتين أواصر الصداقة والتعاون بين شعوب العالم، وتقدير دورهم عربياً وعالمياً في مد جسور التواصل بين الأمم، ومكافأة التميز في هذا المجال، وتشجيع الإبداع، وترسيخ القيم السامية، وإشاعة التنوع، والتعددية والانفتاح.

الشيخ ثاني بن حمد لدى حضوره حفل تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)

كما تطمح إلى تأصيل ثقافة المعرفة والحوار، ونشر الثقافة العربية والإسلامية، وتنمية التفاهم الدولي، وتشجيع عمليات المثاقفة الناضجة بين اللغة العربية وبقية لغات العالم عبر فعاليات الترجمة والتعريب، ويبلغ مجمل قيمة الجائزة في مختلف فئاتها مليوني دولار أميركي.

وقال الدكتور حسن النعمة، أمين عام الجائزة، إنها «تساهم في تعزيز قيم إنسانية حضارةً وأدباً وعلماً وفناً، اقتداءً بأسلافنا الذي أسهموا في بناء هذه الحضارة وسطروا لنا في أسفار تاريخها أمجاداً ما زلنا نحن اليوم الأبناء نحتفل بل ونتيه مفتخرين بذلك الإسهام الحضاري العربي في التراث الإنساني العالمي».

وأشاد النعمة بالكتاب والعلماء الذين ترجموا وأسهموا في إنجاز هذه الجائزة، وبجهود القائمين عليها «الذين دأبوا على إنجاحها وإخراجها لنا في كل عام لتكون بهجة ومسرة لنا وهدية من هدايا الفكر التي نحن بها حريُّون بأن نرى عالمنا أجمل وأسعد وأبهج وأرقى».

الدكتور حسن النعمة أمين عام الجائزة (الشرق الأوسط)

من جانب آخر، أعربت المترجمة والأكاديمية، ستيفاني دوغول، في كلمة نيابة عن الضيوف وممثلة للمترجمين، عن شكرها لجهود دولة قطر وجائزة الشيخ حمد للترجمة في تكريم المترجمين والمثقفين من كل أنحاء العالم، موجهة التحية لجميع الفائزين، وللغة العربية.

يشار إلى أنه في عام 2024، توصلت الجائزة بمشاركات من 35 دولة حول العالم، تمثل أفراداً ومؤسسات معنية بالترجمة، من بينها 17 دولة عربية. وقد اختيرت اللغة الفرنسية لغة رئيسية ثانية إلى جانب اللغة الإنجليزية، بينما اختيرت الهنغارية والبلوشية والتترية واليوربا في فئة اللغات القليلة الانتشار.

الفائزون بالدورة العاشرة

وفاز بالجائزة هذا العام «فئة الترجمة من اللغة العربية إلى اللغة الفرنسية»، في المركز الثاني رانية سماره عن ترجمة كتاب «نجمة البحر» لإلياس خوري، والثالث إلياس أمْحَرار عن ترجمة كتاب «نكت المحصول في علم الأصول» لأبي بكر ابن العربي، والثالث (مكرر): ستيفاني دوغول عن ترجمة كتاب «سمّ في الهواء» لجبور دويهي.

وعن «فئة الترجمة من اللغة الفرنسية إلى اللغة العربية»، فاز بالمركز الثاني الحُسين بَنُو هاشم عن ترجمة كتاب «الإمبراطورية الخَطابية» لشاييم بيرلمان، والثاني (مكرر) محمد آيت حنا عن ترجمة كتاب «كونت مونت كريستو» لألكسندر دوما، والثالث زياد السيد محمد فروح عن ترجمة كتاب «في نظم القرآن، قراءة في نظم السور الثلاث والثلاثين الأخيرة من القرآن في ضوء منهج التحليل البلاغي» لميشيل كويبرس، والثالث (مكرر): لينا بدر عن ترجمة كتاب «صحراء» لجان ماري غوستاف لوكليزيو.

من ندوة «الترجمة من اللغة العربية وإليها... واقع وآفاق» (الشرق الأوسط)

أما (الجائزة التشجيعية)، فحصل عليها: عبد الواحد العلمي عن ترجمة كتاب «نبي الإسلام» لمحمد حميد الله. بينما فاز في «فئة الترجمة من اللغة العربية إلى اللغة الإنجليزية»، حصلت على المركز الثالث: طاهرة قطب الدين عن ترجمة كتاب «نهج البلاغة» للشريف الرضي. وذهبت الجائزة التشجيعية إلى إميلي درومستا (EMILY DRUMSTA) عن ترجمة المجموعة الشعرية «ثورة على الشمس» لنازك الملائكة.

وفي (فئة الترجمة من اللغة الإنجليزية إلى اللغة العربية) حصل على المركز الثاني مصطفى الفقي وحسام صبري عن ترجمة كتاب «دليل أكسفورد للدراسات القرآنية» من تحرير محمد عبد الحليم ومصطفى شاه، والثاني (مكرر): علاء مصري النهر عن ترجمة كتاب «صلاح الدين وسقوط مملكة بيت المقدس» لستانلي لين بول.

وفي «فئة الإنجاز»، في قسم اللغة الفرنسية: (مؤسسة البراق)، و(دار الكتاب الجديد المتحدة)، و«في قسم اللغة الإنجليزية»: (مركز نهوض للدراسات والبحوث)، و(تشارلز بترورث (Charles E. Butterworth)، وفي لغة اليورُبا: شرف الدين باديبو راجي، ومشهود محمود جمبا. وفي «اللغة التترية»: جامعة قازان الإسلامية، و«في قسم اللغة البلوشية»: دار الضامران للنشر، و«في اللغة الهنغارية»: جامعة أوتفوش لوراند، وهيئة مسلمي المجر، وعبد الله عبد العاطي عبد السلام محمد النجار، ونافع معلا.

من ندوة «دور الجائزة في الارتقاء بمعايير جودة الترجمة» (الشرق الأوسط)

عقدٌ من الإنجاز

وعقدت الجائزة في الذكرى العاشرة لتأسيسها ندوة ثقافية وفكرية، جمعت نخبة من أهم العاملين في مجال الترجمة والمثاقفة من اللغة العربية وإليها، تتناول الندوة في (الجلسة الأولى): «الترجمة من اللغة العربية وإليها: واقع وآفاق»، بينما تتناول (الجلسة الثانية): «دور الجائزة في الارتقاء بمعايير جودة الترجمة، وكيفية تطوير هذا الدور».

وخلال مشوارها في عشر سنوات، كرّمت الجائزة مئات العاملين في الترجمة من الأفراد والمؤسسات، في نحو 50 بلداً، لتفتح بذلك آفاقاً واسعة لالتقاء الثقافات، عبر التشجيع على الاهتمام بالترجمة والتعريب، ولتصبح الأكبر عالمياً في الترجمة من اللغة العربية وإليها، حيث اهتمت بها أكثر من 40 لغة، كما بلغت القيمة الإجمالية السنوية لمجموع جوائزها مليوني دولار.

ومنذ تأسيسها، كرمت الجائزة 27 مؤسسة ودار نشر من المؤسسات التي لها دور مهم في الترجمة، و157 مترجماً و30 مترجمة، حيث فاز كثيرون من مختلف اللغات الحية عبر العالم. حتى اللغات التي يتحدث بها بضعة ملايين بلغتها الجائزة وكرمت رواد الترجمة فيها من العربية وإليها. أما اللغات الكبرى في العالم فكان لها نصيب وافر من التكريم، مثل الإنجليزية والفرنسية والإسبانية والألانية والصينية والكورية واليابانية والتركية والفارسية والروسية.

وشملت الجائزة كذلك ميادين القواميس والمعاجم والجوائز التشجيعية للمترجمين الشباب وللمؤسسات الناشئة ذات الجهد الترجمي، وغطت مجالات الترجمة شتى التخصصات الإنسانية كاللغوية والتاريخية والدينية والأدبية والاجتماعية والجغرافية.

وتتوزع فئاتها على فئتين: «الكتب المفردة»، و«الإنجاز»، تختص الأولى بالترجمات الفردية، سواء من اللغة العربية أو إليها، وذلك ضمن اللغات الرئيسية المنصوص عليها في هذه الفئة. وتقبل الترشيحات من قبل المترشح نفسه، ويمكن أيضاً ترشيح الترجمات من قبل الأفراد أو المؤسسات.

أما الثانية فتختص بتكريم الجهود الطويلة الأمد المبذولة من قبل الأفراد والمؤسسات في مجال الترجمة من اللغة العربية أو إليها، في عدة لغات مختارة كل عام، وتُمنح الجائزة بناء على عدد من الأعمال المنجزة والمساهمة في إثراء التواصل الثقافي والمعرفي.