التاريخ البحري لإنجلترا في المتوسط بـ«سرّ الموريسكي»

صدرت عن «دار عرب للنشر والترجمة» رواية جديدة هي «سرّ الموريسكي» للكاتب العماني محمد العجمي، وهي باكورة أعماله الأدبية، بعد أن أصدر عملين فكريين عن «دار سؤال» اللبنانية هما: «أوراق الوعي» و«داخل العقل النقدي». وتأتي هذه الرواية ضمن سلسلة الأعمال التي تصدرها «دار عرب» خلال العام الحالي، بالإضافة إلى إصدار ثلاث ترجمات إنجليزية لثلاثة أعمال عربية.
«سر الموريسكي» رواية تستقي أحداثها من سياقات تاريخية عدّة؛ نجح الكاتب في تذويبها داخل حبكة درامية؛ بدءاً مع نشوء المطبعة العربية في أوروبا، والتنافس على المخطوطات العربية بين المستعربين في أوروبا، ومروراً بمأساة شعب الموريسكيين خلال وبعد مرسوم طردهم من إسبانيا في 1609، ووصولاً إلى الصراعات الدينية داخل أوروبا، والعلاقات المرتبكة مع الدولة العثمانية. وعلى الرغم من أن أحداث الرواية لا تجري في مكان واحد وبلد واحد؛ فإن حضور الشرق في الغرب والغرب في الشرق؛ خلق تناغماً خفياً حرص الكاتب على أن يكون سمة غائرة داخل العمل؛ ليعكس رؤيته بأن التقسيم إلى شرق وغرب هو تقسيم افتراضي لا أكثر.
تأخذ الرواية منحى كتابة المذكرات الشخصية، ولكنها مذكرات راوي الأحداث «روبرت فيبن»؛ وهو شاب إنجليزي أخذ عن والده الاهتمام بالمخطوطات والمطبعة العربية، وعلى لسان روبرت ومن منظاره؛ يُجري العجمي أحداث روايته، حيث يحكي هذا الشاب قصّته التي بدأت وهو ينهي صفقة لشراء مطبعة عربية لصالح دار الطباعة التي تمتلكها عائلته، ولتمرّ الحكاية على الوقائع الهائلة التي جرت على روبرت وهو يصبح شاهداً على سلسلة أحداث وتغيّرات شهدتها أوروبا خلال النصف الأول من القرن السابع عشر؛ خصوصاً فيما يتعلق بعلاقتها مع المشرق والعالم الإسلامي.
والموريسكيون بحسب موسوعة «ويكيبيديا» هم المسلمون الذين بقوا في الأندلس تحت الحكم المسيحي بعد سقوط الحكم الإسلامي للأندلس وأجبروا على اعتناق المسيحية، وفي الفترة الواقعة بين 1609 و1614، أجبر الملك الإسباني فيليب الثالث الموريسكيين على مغادرة إسبانيا، حيث جرى تهجيرهم نحو دول شمال أفريقيا وتجاه أراضي الدولة العثمانية بعد سقوط الأندلس. حاول مسلمو الأندلس في مرحلة من المراحل الاستنجاد بالعثمانيين والمماليك وحكام المغرب، ولكن لعوامل تاريخية معقّدة لم يحصلوا على النجدة المتوقعة.
ويقول العجمي في معرض تعليقه على المبررات التي دفعت به لكتابة هذه العمل، إن «هناك تحولات مفصلية في العلوم والمجتمع حدثت واستمرت على مدى قرون عدة خلال مراحل نقل التراث العربي والإسلامي إلى أوروبا بدءاً من القرن الثاني عشر، أو قبل ذلك ربما، وحتى بدايات القرن السابع عشر؛ بحيث ما إن بدأ الضعف يدبّ في جسد الدولة العثمانية؛ حتى بات واضحاً جداً للعيان التفوّق الأوروبي على العالم الإسلامي. ذلك التفوّق الذي كان واضحاً في المحاولات الكثيرة للأوروبيين لكي يسيطروا على مقدّرات الشرق والتحكّم في قراراته».
تجري أحداث الرواية في أكثر من مكان؛ بدءاً من سجن ودير إسباني، وصولاً إلى مدينة لايدن الهولندية، ثم فلورنسا في إيطاليا، وأخيراً مع مدينة حلب في سوريا العثمانية. وتقع في 8 فصول، في 325 صفحة.