حقوقيون جزائريون يطالبون بإطلاق نشطاء متهمين بـ«الإرهاب»

بعد ساعات من إصدار تبّون عفواً عن نحو 12 ألف سجين

أحد المشاركين في مظاهرة بجنيف ضد تكميم أفواه الصحفيين في الجزائر (إ.ب.أ)
أحد المشاركين في مظاهرة بجنيف ضد تكميم أفواه الصحفيين في الجزائر (إ.ب.أ)
TT

حقوقيون جزائريون يطالبون بإطلاق نشطاء متهمين بـ«الإرهاب»

أحد المشاركين في مظاهرة بجنيف ضد تكميم أفواه الصحفيين في الجزائر (إ.ب.أ)
أحد المشاركين في مظاهرة بجنيف ضد تكميم أفواه الصحفيين في الجزائر (إ.ب.أ)

طالبت «الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان» بالإفراج عن 15 عضواً في تنظيمين صنفتهما الحكومة «جماعتين إرهابيتين». ويقع المساجين على ذمة تحقيقات قضائية، تحت طائلة تهم إرهاب بسبب أنشطة عدتها «الرابطة» سياسية. كما استنكر صحافيون إدانة زميل لهم من الإذاعة العمومية بالسجن عامين مع التنفيذ، بسبب منشورات له على حسابه بـ«فيسبوك»، عدت «مسيئة».
وقال التنظيم الحقوقي في بيان، أمس، إن الأشخاص الـ15 ينتمي بعضهم لتنظيم «رشاد» الإسلامي، الذي يعيش قادته في الخارج، وآخرون للتنظيم الانفصالي «حركة استقلال القبائل»، المعروفة اختصاراً بـ«ماك»، التي يقيم زعيمها فرحات مهني بفرنسا. والتنظيمان وضعتهما الحكومة في مايو (أيار) الماضي على لائحة الإرهاب، بذريعة أن نشطاءهما يسعون لارتكاب أعمال تخريب بمظاهرات الحراك (منعتها السلطات منذ 3 أشهر)، وأنهم يشكلون تهديداً للأمن العام. وأكدت «الرابطة» أن المعتقلين «مناضلون مسالمون، يعبرون عن آراء سياسية قد يكون البعض ضدها، ولكن لا يمكن وصفهم بأنهم إرهابيون».
ومن أشهر المعتقلين المنتمين لـ«ماك» بوعزيز شبيب، رئيس التنظيم محلياً سابقاً، الذي اختلف مع مهني منذ أكثر من عام واستقال، لكنه بقي عضواً نشطاً منخرطاً في المطالبة بانفصال محافظات القبائل الأمازيغية، شرق العاصمة. أما نشطاء «رشاد» فهم مصطفى قيرة، وطاهر بوتاش، وياسر رويبح، وهم يخوضون إضراباً عن الطعام داخل السجن احتجاجاً على لائحة الاتهامات التي تلاحقهم، التي يرفضونها. وكان زعيم «رشاد» العربي زيطوط قد طالب بالإفراج عنهم، واتهم القضاء بـ«تلفيق تهم بحقهم».
وأكدت «الرابطة» أن مناضلين آخرين سجنوا بتهم مرتبطة بالإرهاب، لكنهم لا ينتمون حسبها لأي من التنظيمين، وقالت إنهم اعتقلوا في تيزي وزو (كبرى محافظات القبائل) منذ أيام قليلة، وذكرت منهم حمو بومدين. كما طالب التنظيم الحقوقي بسحب مادة في القانون الجنائي ضمت إليه عند تعديله بأمر رئاسي في يونيو (حزيران) الماضي، تنص على أن «السعي بأي وسيلة للوصول إلى السلطة، أو تغيير نظام الحكم بغير الطرق الدستورية، أو التحريض على ذلك، أو المساس بأي وسيلة بالسلامة الترابية أو التحريض على ذلك، يعد فعلاً إرهابياً». وبذلك، يعد كل الأشخاص الذين يتظاهرون في الشارع ضد السلطة، ويناضلون من أجل تغييرها، إرهابيين في نظر القانون، حسب الجمعية الحقوقية.
إلى ذلك، لقيت إدانة صحافي الإذاعة العمومية الشاعر المعروف عادل صياد، بالسجن عامين مع أمر بإيداعه الحبس الاحتياطي «فوراً»، استنكاراً واسعاً في الوسط الإعلامي.
وكتب صياد على حسابه بشبكة التواصل الاجتماعي بعد أن أبلغ بالحكم الصادر ضده غيابياً: «لم أتصور أبداً هذا المجد في الجزائر الجديدة: عامان حبساً نافذاً مع أمر بالقبض، وأمر آخر بتعليق شغلي بالإذاعة التي قضيت بها 26 عاماً. يا لها من أخبار سعيدة عشية عيد الأضحى. شكراً لك السيد عبد المجيد تبون على هذا الإنجاز الكبير. قريباً سأسلم نفسي للعدالة ويشرفني إيداعي الحبس».
وقال محامو الشاعر إن حكم السجن ضده تم بناء على تهمة «نشر أخبار كاذبة بين الجمهور، من شأنها المساس بالأمن العمومي أو النظام العام». ويتعلق الأمر بكتابات على حسابه بـ«فيسبوك»، ضد السلطات. كما أن الصحافي والكاتب معروف بحدته ضد نشطاء التيار الإسلامي.
وتأتي هذه الانتقادات للسلطة بعد ساعات قليلة من إصدار الرئيس عبد المجيد تبون، مساء أول من أمس، مرسومين رئاسيين بالعفو عن أكثر من 11896 محبوساً، منهم نحو ألفين من الناجحين في مختلف مسابقات التعليم والتكوين المهني.
وجاء في بيان للرئاسة الجزائرية نشرته في صفحتها على موقع «فيسبوك» أنه يستثنى من هذا العفو المتهمون بجرائم الإرهاب والتخريب، والفساد والاغتصاب والقتل، والاختطاف والاتجار بالبشر والمخدرات والعنف، والتمييز والكراهية، وكذا الاعتداءات والمؤامرات ضد سلطة الدولة ومؤسساتها وموظفيها، وسلامة ووحدة أرض الوطن، إضافة إلى المتهمين بالتجمهر المسلح والتحريض عليه، والمتورطين في الجرائم الانتخابية.



​«معبر رفح»: عبور للجرحى... وتكدّس للمساعدات

وزير الخارجية المصري يستقبل رئيسة الاتحاد الدولي لجمعيات الهلال والصليب الأحمر (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يستقبل رئيسة الاتحاد الدولي لجمعيات الهلال والصليب الأحمر (الخارجية المصرية)
TT

​«معبر رفح»: عبور للجرحى... وتكدّس للمساعدات

وزير الخارجية المصري يستقبل رئيسة الاتحاد الدولي لجمعيات الهلال والصليب الأحمر (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يستقبل رئيسة الاتحاد الدولي لجمعيات الهلال والصليب الأحمر (الخارجية المصرية)

تواصل مصر استقبال الجرحى والمرضى الفلسطينيين من قطاع غزة، عبر معبر رفح البري، لتلقي العلاج، فيما تتكدس شاحنات الإغاثة الإنسانية أمام المعبر بعد تعليق إسرائيل دخول جميع المساعدات إلى القطاع، مع انتهاء المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار.

وتستقبل القاهرة، بشكل يومي، أعداد من المصابين في غزة، ضمن إجراءات اتفاق وقف إطلاق النار، وفق مسؤول في «الهلال الأحمر» المصري، أشار لـ«الشرق الأوسط» إلى «عدم عبور أي مساعدات للقطاع، من شاحنات الإغاثة المصطفة أمام معبر رفح، على مدار التسعة أيام الماضية».

ويُشكل معبر رفح البري (على الحدود المصرية الشرقية مع قطاع غزة) الشريان الرئيس لعبور المساعدات الإنسانية للفلسطينيين، منذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزة، بعد عملية «طوفان الأقصى» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

واستقبل المعبر مئات من شاحنات المساعدات المقدمة من مصر ودول عربية وأجنبية، فيما أعلنت القاهرة إعادة تأهيل المعبر لتسهيل عبور المساعدات بعد تعرضه للقصف الإسرائيلي عدة مرات.

قافلة مساعدات مصرية مقدمة إلى غزة (أرشيفية - صندوق تحيا مصر)

ويأتي ذلك، في وقت شدد فيه وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، على «ضرورة اضطلاع المجتمع الدولي بدوره لإنهاء الكارثة الإنسانية داخل قطاع غزة»، وقال خلال استقباله رئيسة الاتحاد الدولي لجمعيات الهلال والصليب الأحمر، كيت فوريس، الاثنين، إن «بلاده تبذل جهوداً لتثبيت اتفاق وقف إطلاق النار في غزة بمراحله الثلاث، وتعمل على إيصال المساعدات للقطاع»، وفق إفادة للخارجية المصرية.

وعلّقت إسرائيل، في الثاني من مارس (آذار) الحالي، دخول جميع المساعدات الإنسانية إلى غزة، مع انتهاء المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار، الذي بدأ تنفيذه في 19 يناير (كانون الثاني) الماضي، بوساطة «مصرية - قطرية - أميركية».

واستقبل معبر رفح الحدودي دفعة جديدة من المصابين في غزة، لتلقي العلاج بالمستشفيات المصرية، وفق قناة «القاهرة الإخبارية»، التي أشارت إلى أن «المعبر استقبل نحو 30 مصاباً، و35 مرافقاً، الاثنين، في إطار الجهود الإنسانية المصرية التي تقدمها لسكان القطاع».

ورفعت مصر حالة الاستعداد القصوى بمستشفيات شمال سيناء والمحافظات المجاورة لتكون جاهزة لاستقبال الجرحى والمرضى الفلسطينيين، وأكدت وزارة الصحة المصرية توافر الفرق الطبية، والأجهزة والمستلزمات، لاستقبال وإحالة المصابين، وأشارت إلى «إمداد محافظة شمال سيناء بـ150 سيارة إسعاف لاستقبال المصابين، لضمان سرعة نقل الحالات الحرجة وتقديم الرعاية الصحية لها».

علاج الجرحى الفلسطينيين في مستشفيات شمال سيناء (محافظة شمال سيناء)

ورغم منع إسرائيل دخول المساعدات إلى غزة، فإن إجراءات نقل الجرحى الفلسطينيين لتلقي العلاج في مصر ما زالت قائمة عبر معبر رفح بشكل يومي، وفق مدير الهلال الأحمر المصري في شمال سيناء، خالد زايد، الذي قال لـ«الشرق الأوسط»، إن «نقل المصابين للعلاج في المستشفيات المصرية يأتي تطبيقاً لبنود اتفاق وقف إطلاق النار، بواقع نحو 50 مصاباً في اليوم».

وينص اتفاق «وقف إطلاق النار» على إدخال 600 شاحنة مساعدات يومياً إلى غزة، بينها 50 شاحنة وقود، وتُخصّص 300 شاحنة منها لشمال القطاع.

ومنذ تسعة أيام لم تدخل قطاع غزة شاحنات إغاثية عبر معبر رفح؛ وفق زايد، مشيراً إلى أن «شاحنات المساعدات الإنسانية تصطف أمام المعبر من الجانب المصري في انتظار السماح بعبورها للقطاع»، وقال إن «فرق الإغاثة جاهزة لمواصلة جهودها لتلبية احتياجات الهلال الأحمر الفلسطيني، لدعم سكان غزة».

بموازاة ذلك، أكد وزير الخارجية المصري، أهمية «تضافر جهود الاتحاد الدولي لجمعيات الهلال والصليب الأحمر لتنفيذ (الخطة العربية)، التي اعتمدتها القمة العربية الطارئة بالقاهرة أخيراً، للتعافي المبكر وإعادة إعمار غزة»، وأشار إلى «حرص بلاده على التعاون المثمر، مع (الاتحاد) بعدّه أكبر شبكة للمنظمات الإنسانية في العالم».

واعتمدت القمة العربية الطارئة، التي استضافتها القاهرة الأسبوع الماضي «خطة إعادة إعمار وتنمية قطاع غزة، المقدمة من مصر لتكون خطة عربية جامعة»، وتقضي بالبدء في مراحل «الإعفاء المبكر، وإعادة الإعمار، عبر مراحل»، دون تهجير للفلسطينيين.

شاحنات المساعدات المصرية تصطف قبل توجهها إلى غزة (أرشيفية - صندوق تحيا مصر)

ويعيد استمرار تعليق دخول المساعدات الإغاثية الوضع الإنساني في غزة إلى «المربع صفر»، وفق المتحدث باسم وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) عدنان أبو حسنة، الذي قال إن «الوضع الإنساني بالقطاع في انهيار؛ نتيجة نفاد كميات المواد الغذائية، في أغلب مناطق القطاع، وعدم توافر الوقود والكهرباء».

ويعتقد أبو حسنة، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الجانب الإسرائيلي يستخدم سلاح التجويع في المفاوضات الخاصة بوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى»، عادّاً ذلك «سياسة تحدث لأول مرة، منذ اندلاع العدوان على القطاع»، وقال إن ذلك «يُشكل خرقاً للقانون الدولي الإنساني، وقرارات مجلس الأمن الدولي».