اعتقال العشرات خلال قمع الشرطة مسيرة طلابية في ميانمار

محققة دولية: أوضاع مسلمي الروهينغا تتدهور.. والبلاد تنزلق نحو الصراع

الشرطة تنهال بالضرب على متظاهر شارك في مسيرة طلابية بمنطقة ليتبادان (وسط ميانمار) أمس (رويترز)
الشرطة تنهال بالضرب على متظاهر شارك في مسيرة طلابية بمنطقة ليتبادان (وسط ميانمار) أمس (رويترز)
TT

اعتقال العشرات خلال قمع الشرطة مسيرة طلابية في ميانمار

الشرطة تنهال بالضرب على متظاهر شارك في مسيرة طلابية بمنطقة ليتبادان (وسط ميانمار) أمس (رويترز)
الشرطة تنهال بالضرب على متظاهر شارك في مسيرة طلابية بمنطقة ليتبادان (وسط ميانمار) أمس (رويترز)

اعتقلت شرطة ميانمار أمس عشرات المتظاهرين خلال مسيرة طلابية كانت تحتج على إصلاح النظام التعليمي، وذلك غداة نشر محققة تابعة للأمم المتحدة تقريرًا أكدت فيه أن ميانمار تنزلق نحو الصراع نظرا لتراجع الحكومة عن تعهداتها بحماية حقوق الإنسان وأن الروهينغا المسلمين فيها لم تتحسن.
وكانت الشرطة منعت خلال الفترة الماضية مسيرة لمئات الطلاب أرادوا التوجه إلى رانغون للمطالبة بإصلاح النظام التعليمي، وأوقفت نحو 150 متظاهرًا في منطقة تبعد 130 كلم عن العاصمة. وتصاعدت حدة التوتر فجأة أمس حين حاول المتظاهرون خرق الطوق الأمني الذي فرضته الشرطة في محيط الدير البوذي في ليبتادان.
وقال مصدر في الشرطة، إن «نحو 70 ناشطا بينهم طلاب قد اعتقلوا» عندما أراد المتظاهرون اقتحام حاجز الشرطة الذي يمنعهم من التوجه إلى رانغون، بينما منظمو التظاهرة فتحدثوا عن اعتقال مائة. وأضاف هذا المسؤول في الشرطة «أصيب البعض منهم خلال تفريقهم ونقلوا إلى المستشفى». لكنه لم يحدد المكان الذي نقل إليه المتظاهرون.
وتحدثت مصادر إعلامية عن مشاهدة عناصر الشرطة وهي تقمع المتظاهرين بالهراوات وتعتقل عددا كبيرا من المشاركين فيها. وقال أحد المتظاهرين الذين لجأوا إلى أحد الأديرة، إن «الشرطة ضربتنا»، موضحا أن «عددا كبيرا من المتظاهرين قد أصيبوا، ولا يمكننا القبول بهذا النوع من القمع». ولم يتوانَ عناصر شرطة مكافحة الشغب عن دخول دير بوذي قريب لجأ إليه بعض المتظاهرين في ليتبادان بوسط البلاد.
ويعتبر الطلاب إصلاح التعليم غير ديمقراطي ويطالبون بتغييرات بينها اعتماد اللامركزية في النظام التربوي وإمكانية تأسيس نقابات والتعليم بلغات الأقليات الإثنية الكثيرة في البلاد. يذكر أن الحركة الطلابية قوة سياسية مهمة في ميانمار وكان الشباب في مقدمة الانتفاضات إبان فترة حكم المجلس العسكري، خصوصا في عام 1988. وخرجت البلاد عام 2011 من سيطرة نظام عسكري تسلطي استمر عقودا، وبدأت منذ ذلك الحين عدة إصلاحات. لكن المراقبين يعتبرون أنها تراوح مكانها فيما تتجه البلاد نحو انتخابات عامة أواخر السنة.
وفي غضون ذلك، حذرت محققة تابعة للأمم المتحدة في تقرير نشر أول من أمس من أن ميانمار تنزلق نحو الصراع نظرا لتراجع الحكومة عن تعهداتها بحماية حقوق الإنسان، فضلا عن انتشار «الخوف وانعدام الثقة والعداء». ولم تشهد يانغ هي لي مقررة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بحقوق الإنسان في ميانمار «أي تحسن» في أحوال النازحين الروهينغا المسلمين منذ زيارتها السابقة في يوليو (تموز) الماضي للتحقيق في مزاعم إساءة معاملتهم من قبل الأغلبية البوذية في ولاية راخين. ولاحظت «جوا متزايدا من الخوف وانعدام الثقة والعداء» خلال زيارتها الأخيرة في يناير (كانون الثاني) الماضي. وشهدت لي أوضاعا «مروعة» في مخيم لاحتجاز النازحين المسلمين حيث أبلغها رئيس وزراء ولاية راخين أن ذلك من أجل أمنهم. وذكر تقرير لي لمجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان «قال كثير من الناس للمقررة الخاصة إنهم يختارون بين البقاء والموت أو الرحيل في قوارب».
وأدت انتهاكات حقوق الإنسان في راخين إلى عمليات تهريب للبشر من المنطقة إلى تايلاند أو ماليزيا. وقالت لي إن الأقلية المسلمة وغالبيتها من دون جنسية ستكون الخاسر الأكبر من قانون جديد يقيد عضوية الأحزاب السياسية على المواطنين.
وإضافة لذلك، كانت المحكمة الدستورية في ميانمار جردت جميع حاملي بطاقات التسجيل المؤقتة من حقوق التصويت في الاستفتاء المقبل على الدستور. وقالت لي إن هذه خطوة إلى الوراء في طريق الإصلاح ودعت إلى تمكين «جميع سكان ميانمار» من التصويت في الانتخابات والاستفتاء. وكتبت لي «يجب على الحكومة التركيز على تمكين السكان بمن فيهم الشباب والنساء للتأكد من أن جيلا جديدا يمكنه أن يعمل معا لإقامة دولة مزدهرة ومستقرة تغير الانزلاق الحالي نحو القومية المتطرفة والكراهية الدينية والصراع».
وتشهد ميانمار أيضا تصاعدًا للعنف قرب الحدود الصينية مما أدى إلى إعلان حالة الطوارئ التي قالت لي إنها يجب أن تطبق مع مراعاة «المحاسبة الصارمة وضمانات حقوق الإنسان».



برلمان كوريا الجنوبية يعزل الرئيس... ويون: سأتنحى ولن أستسلم

TT

برلمان كوريا الجنوبية يعزل الرئيس... ويون: سأتنحى ولن أستسلم

رئيس كوريا الجنوبية يون سوك يول ينحني بعد خطاب اعتذار بثه التلفزيون الرسمي في 7 ديسمبر (أ.ف.ب)
رئيس كوريا الجنوبية يون سوك يول ينحني بعد خطاب اعتذار بثه التلفزيون الرسمي في 7 ديسمبر (أ.ف.ب)

صوّت البرلمان في كوريا الجنوبية، السبت، على عزل الرئيس يون سوك يول، بعد محاولته الفاشلة لفرض الأحكام العرفية وعرقلة عمل المؤسسة التشريعية عبر اللجوء إلى الجيش في الثالث من ديسمبر (كانون الأول) الحالي. وقال يون سوك يول، عقب قرار عزله، إنه «لن يستسلم أبداً»، داعياً في الوقت ذاته إلى الاستقرار.

واحتشد عشرات آلاف المتظاهرين أمام الجمعية الوطنية في أثناء إجراء عملية التصويت، معبرين عن فرحتهم لدى إعلان رئيس البرلمان وو وون شيك نتيجة التصويت. وصوّت 204 نواب لصالح مذكرة العزل، في حين عارضها 85 نائباً، وامتنع ثلاثة نواب عن التصويت، وأُبطلت ثماني بطاقات تصويت. وكان ينبغي أن يوافق البرلمان على مذكرة العزل بأغلبية 200 صوت من أصل 300. ونجحت المعارضة، التي تضم 192 نائباً، في إقناع 12 من أصل 108 من أعضاء حزب السلطة للشعب الذي ينتمي إليه يون، بالانضمام إليها. وبذلك، عُلق عمل يون في انتظار قرار المحكمة الدستورية المصادقة على فصله في غضون 180 يوماً. ومن المقرر أن يتولّى رئيس الوزراء هان دوك سو مهام منصبه مؤقتاً.

«انتصار عظيم»

قال زعيم الحزب الديمقراطي الذي يمثّل قوى المعارضة الرئيسة في البرلمان، بارك تشان داي، بعد التصويت، إن «إجراءات العزل اليوم تمثّل انتصاراً عظيماً للشعب والديمقراطية»، كما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية». وقبل التصويت، أكد بارك في كلمة أمام البرلمان، أن فرض الأحكام العرفية يشكّل «انتهاكاً واضحاً للدستور وخرقاً خطيراً للقانون»، مضيفاً أن «يون سوك يول هو العقل المدبر لهذا التمرد».

رئيس الجمعية الوطنية وو وون شيك يوقّع على قرار عزل رئيس كوريا الجنوبية يون سوك يول في 14 ديسمبر (أ.ف.ب)

وأضاف: «أحضكم على التصويت لصالح العزل من أجل ترك درس تاريخي مفاده بأن أولئك الذين يدمّرون النظام الدستوري سوف يُحاسبون»، لافتاً إلى أن «يون سوك يول هو الخطر الأكبر على جمهورية كوريا». وفي السابع من ديسمبر الحالي، فشلت محاولة أولى لعزل يون عندما غادر معظم نواب حزب السلطة للشعب الجلسة البرلمانية لمنع اكتمال النصاب القانوني.

مظاهرات واسعة

عند إعلان عزل يون، عبّر نحو 200 ألف متظاهر كانوا محتشدين أمام الجمعية الوطنية عن فرحهم، ورقصوا على أنغام موسيقى البوب الكورية الصاخبة، كما احتضنوا بعضهم فيما كانوا يبكون، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية». وقالت تشوي جانغ ها (52 عاماً): «أليس من المدهش أننا، الشعب، حققنا هذا معاً؟».

كوريون جنوبيون يحتفلون بعد عزل البرلمان الرئيس يون سوك يول في 14 ديسمبر (رويترز)

في المقابل، تجمّع آلاف من مناصري يون في وسط سيول، حيث حُملت أعلام كوريا الجنوبية والولايات المتحدة. وقال يون للتلفزيون إنه «محبط للغاية»، مؤكداً أنه «سيتنحى جانباً لبعض الوقت». ودعا إلى إنهاء «سياسة الإفراط والمواجهة» لصالح «سياسة التروي والتفكير». وأمام المحكمة الدستورية ستة أشهر للمصادقة على قرار البرلمان أو نقضه. ومع تقاعد ثلاثة من قضاتها التسعة في أكتوبر (تشرين الأول) من دون أن يجري استبدالهم بسبب الجمود السياسي، سيتعيّن على الستة المتبقين اتخاذ قرارهم بالإجماع. وإذا تمّت الموافقة على العزل فستُجرى انتخابات رئاسية مبكرة خلال فترة ستين يوماً. وتعهّد رئيس المحكمة مون هيونغ باي باتخاذ «إجراء سريع وعادل»، في حين دعا بقية القضاة إلى أول اجتماع صباح الاثنين.

تحديات قانونية

ويون سوك يول (63 عاماً) هو ثالث رئيس في تاريخ كوريا الجنوبية يعزله البرلمان، بعد بارك جون هيي في عام 2017، وروه مو هيون في عام 2004، غير أن المحكمة العليا نقضت إجراءات عزل روه موه هيون، بعد شهرين على اتخاذ القرار بعزله من قبل البرلمان. وباتت الشبكة القضائية تضيق على يون سوك يول ومعاونيه المقربين، بعد إبعاده عن السلطة وخضوعه لتحقيق جنائي بتهمة «التمرد» ومنعه من مغادرة البلاد.

زعيم الحزب الديمقراطي لي جاي ميونغ يُدلي بصوته خلال جلسة عامة للتصويت على عزل الرئيس يون سوك يول في 14 ديسمبر (أ.ب)

وكانت النيابة العامة قد أعلنت، الجمعة، توقيف رئيس القيادة العسكرية في سيول، كما أصدرت محكمة مذكرات توقيف بحق قائدي الشرطة الوطنية وشرطة سيول، مشيرة إلى «خطر إتلاف أدلة». وكان وزير الدفاع السابق كيم هونغ هيون، الذي يُعدّ الشخص الذي دفع الرئيس إلى فرض الأحكام العرفية، أول من تم توقيفه واحتجازه في الثامن من ديسمبر الحالي.

وأحدث يون سوك يول صدمة في كوريا الجنوبية ليل الثالث إلى الرابع من ديسمبر، عندما أعلن الأحكام العرفية للمرة الأولى منذ أكثر من أربعة عقود في البلاد، وأرسل الجيش إلى البرلمان، في محاولة لمنع النواب من الاجتماع. مع ذلك، تمكّن النواب من عقد جلسة طارئة في قاعة محاطة بالقوات الخاصة، وصوّتوا على نص يطالب بإلغاء الأحكام العرفية، الأمر الذي كان الرئيس ملزماً دستورياً على الامتثال له. وكان يون سوك يول مدعياً عاماً في السابق، وقد دخل السياسة متأخراً وانتُخب رئيساً في عام 2022. وبرر انقلابه الأخير بأنه لـ«حماية كوريا الجنوبية الليبرالية من التهديدات التي تشكلها القوات الشيوعية الكورية الشمالية والقضاء على العناصر المعادية للدولة»، مُتهماً البرلمان الذي تسيطر عليه المعارضة بنسف كل مبادراته وتعطيل البلاد.