تجّار لبنان يسعّرون بالدولار… وأصحاب الدخل المحدود مستاؤون

TT

تجّار لبنان يسعّرون بالدولار… وأصحاب الدخل المحدود مستاؤون

بينما تواصل الجمعيات التجارية في لبنان اتصالاتها مع الجهات المعنية بهدف السماح لها بالتسعير بالدولار الأميركي بدلا من العملة الوطنية، تحول التسعير بالدولار إلى أمر واقع فرضه عدد من المحال التجارية على المواطن في مختلف المناطق اللبنانية، خاصة تلك التي تشهد حركة للمغتربين أو السيّاح، الأمر الذي يثير استياء المواطنين المقيمين، لا سيّما أصحاب الدخل المحدود والذين فقدوا الكثير من قدرتهم الشرائية.
وكانت محال بيع الأدوات الكهربائية والمفروشات والألبسة أوّل المبادرين إلى هذه الخطوة، لا سيّما بعد الارتفاع الأخير لسعر صرف الدولار مقابل الليرة الأسبوع الماضي بعد اعتذار الرئيس سعد الحريري عن تكليفه بتأليف الحكومة، إذ ارتفع الدولار 4 آلاف ليرة خلال 24 ساعة فلامس الـ23 ألفاً بعدما كان بحدود الـ19 ألفا وعاد واستقر على حدود الـ22 ألفاً.
ويكرّر معظم أصحاب المحال الذين عمدوا إلى التسعير بالدولار الأسباب نفسها والمتمثلة بخسائر كبيرة يسجلونها مع كل ارتفاع مفاجئ لسعر الدولار. ويقول صاحب أحد محال بيع الألبسة في بيروت إنّه على سبيل المثال، باع الأسبوع الماضي قطعة ثياب بـ300 ألف ليرة أي ما كان قيمته 15 دولارا تقريبا حينها، وتراجعت هذه القيمة خلال ساعات إلى 13 دولارا مع ارتفاع سعر الدولار، شارحاً أنّه خسر دولارين خلال ساعات في قطعة واحدة، وذلك في وقت خفّض كما معظم التجار نسبة ربحه بهدف تصريف بضائعه.
ويعتبر التجار أنّ اللجوء إلى التسعير بالدولار مؤخرا يجنّبهم الإقفال لساعات أو حتى ليوم كامل بهدف إعادة التسعير مع كل ارتفاع بالدولار، ما يشكل لهم خسائر إضافية، لا سيّما في موسم الأعياد، حيث من المفترض أن تشهد الأسواق تحسنا بحركة البيع، فضلا عن أنّ بعض تجار الجملة باتوا يفرضون عليهم الدفع بالدولار.
وكان رئيس جمعية تجار جونيه وكسروان الفتوح سامي العيراني طالب بتسعير السلع بعملة المصدر وذلك للحفاظ على مصلحة المستهلك والتاجر، مشيرا إلى اتصالات جارية مع جمعية تجار بيروت وسائر جمعيات التجار في لبنان للوصول إلى هذه الغاية. كما كان نقيب أصحاب السوبر ماركت نبيل فهد اقترح التسعير بالدولار، وأن يتمّ البيع بناء على سعر الصرف اليومي.
ويعتمد أصحاب المحال الذين يسعرون بالدولار حاليا بشكل أساسي على المتسوقين المغتربين كما تكشف صاحبة أحد المحال التجارية لـ«الشرق الأوسط»، قائلة: «معظم المواطنين المقيمين باتوا لا يستطيعون شراء الاحتياجات الأساسية، فكيف بما بات يعتبر كماليات كفرش المنزل أو الملابس، لذلك من يشتري حاليا هم المغتربون فقسم كبير منهم يدفع الدولار نقدا وهذا ما حرّك الأسواق مؤخرا ولو ليس بالشكل المطلوب».
ويقدّر المعنيون أن يصل عدد الوافدين إلى لبنان خلال شهري يوليو (تموز) الحالي وأغسطس (آب) المقبل إلى نحو 800 ألف شخص معظمهم من المغتربين اللبنانيين الراغبين بتمضية الإجازة الصيفية في لبنان.
ويشعر المواطنون المقيمون في لبنان والذين يتقاضى معظمهم راتبه بالليرة اللبنانية، بالغبن فهم لن يشتروا الدولار من السوق السوداء بطبيعة الحال وفي الوقت نفسه غير قادرين على شراء السلع التي تسعر على أساس سعر الدولار اليومي.
ويقول شاب ثلاثيني يعمل أستاذا: «جلّ ما يغضبني عندما يقول لي صاحب محل الألبسة أو الأدوات الكهربائية كلّها 10 دولارات وكأنني أتقاضى راتبي بالدولار أو كأنّ راتبي لم يخسر أكثر من 90 في المائة من قيمته، فالـ10 دولارات لا تزال 15 ألفا بالنسبة لي (السعر الرسمي 1515 ليرة) عندما أقبض ولكن التاجر يطالبني بـ200 ألف مقابلها».
وأضاف أنّ سعر أرخص قطعة ثياب لا يقلّ عن 300 ألف ليرة ما يشكل نسبة كبيرة من راتبه البالغ مليونان و200 ألف ليرة (1400 دولار على السعر الرسمي وبحدود 95 دولارا على سعر صرف الدولار في السوق السوداء).
وهذا لسان حال المواطنين المستائين من اعتماد الدولار كمعيار للتسعير، مشيرين إلى أنّهم يتفهمون أنّ معظم السلع مستوردة ولكن التاجر لا يتفهم بأنّ أسعارها باتت خيالية بالنسبة لمن يتقاضى راتبه بالليرة اللبنانية.
وتشير نائبة رئيس جمعية حماية المُستهلك ندى نعمة إلى أنّ التسعير بالدولار مخالف لقانون حماية المستهلك ويعرض من يجاهر به، أي من يضع السعر بالدولار على المنتج المعروض للبيع، إلى الملاحقة القانونية، مضيفة في حديث مع «الشرق الأوسط» أنّ التسعير بالدولار ليس حلا لمشكلة التجار في لبنان لأنّ القدرة الشرائية للمواطن تراجعت إلى حد كبير، وذلك حسب آخر دراسة تستند إلى سعر دولار بحدود الـ20 ألف ليرة.
وتوضح نعمة أنّه لا يمكن أبدا التعويل على المغتربين فهم سيغادرون لبنان آخر شهر أغسطس (آب) وبالتالي من سيكون زبون هذه المحال؟



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.