السجن 20 عامًا لـ«المرأة الحديدية» السابقة في ساحل العاج

إدانة سيمون غباغبو بسبب دورها في الأزمة الأمنية عام 2010

سيمون غباغبو لدى وصولها إلى المحكمة في أبيدجان في 23 فبراير 2015 (أ.ف.ب)
سيمون غباغبو لدى وصولها إلى المحكمة في أبيدجان في 23 فبراير 2015 (أ.ف.ب)
TT

السجن 20 عامًا لـ«المرأة الحديدية» السابقة في ساحل العاج

سيمون غباغبو لدى وصولها إلى المحكمة في أبيدجان في 23 فبراير 2015 (أ.ف.ب)
سيمون غباغبو لدى وصولها إلى المحكمة في أبيدجان في 23 فبراير 2015 (أ.ف.ب)

حكم القضاء في ساحل العاج صباح أمس على السيدة الأولى العاجية السابقة سيمون غباغبو بالسجن لمدة 20 عاما على خلفية دورها خلال الأزمة التي نشبت بعد الانتخابات (2010 - 2011) وأوقعت ثلاثة آلاف قتيل في ساحل العاج.
وقال رئيس محكمة تاهيرو ديمبيلي، إن «المحكمة وبعد المذاكرة أدانت بالإجماع سيمون غباغبو بالسجن لمدة 20 عاما بتهمة المس بسلطة الدولة والمشاركة في حركة عصيان والإخلال بالأمن».
وكانت القرار الاتهامي قد طالب بإنزال عقوبة السجن لمدة عشر سنوات بالسيدة الأولى العاجية السابقة. وكان يطلق على سيمون غباغبو (65 عاما) «المرأة الحديدية» العاجية في عهد زوجها لوران غباغبو. وحوكمت سيمون وهي مطلوبة أيضا للمثول أمام المحكمة الجنائية الدولية إلى جانب 82 شخصا تحالفوا مع الرئيس السابق لوران غباغبو خلال الأزمة التي أعقبت الانتخابات.
وقال محامون، إن الجنرال برونو دوجبو الذي قاد الحرس الجمهوري والقائد السابق للبحرية الأميرال فاجبا فوسينو حكم على كل منهما أيضا بالسجن 20 عاما كما قضت المحكمة بالسجن لمدد أقل على آخرين من بينهم ابن الرئيس السابق. وقال أنصار الرئيس السابق الذي رفض الاعتراف بالهزيمة أمام الحسن وتارا في انتخابات عام 2010 مما فجر حربا أهلية قصيرة إن محاكمة السيدة الأولى السابقة ذات طابع سياسي. وقال رودريج دادجي محامي سيمون غباغبو، إن المحكمة وجدت أنها مذنبة في جرائم من بينها تعكير السلم وتنظيم عصابات مسلحة وتقويض أمن الدولة. وتابع دادجي: «أمامنا خمسة أيام للاستئناف وهو ما سنفعله قبل نهاية الأسبوع».
وينتظر لوران غباغبو محاكمته أمام المحكمة الجنائية الدولية في اتهامات بارتكاب جرائم ضد الإنسانية. ورفضت ساحل العاج نقل سيمون غباغبو إلى لاهاي لمواجهة اتهامات مماثلة قائلة انه بإمكانها أن تلقى محاكمة عادلة أمام محكمة محلية.
وقال دادجي، إن الأحكام التي صدرت في هذه المحاكمة أمس بعد نحو تسع ساعات من المداولات بين المحلفين، حيث أدين ميشال باجبو ابن الرئيس السابق وحكم عليه بالسجن خمس سنوات. وحكم على باسكال آفي نجويسان رئيس حزب الجبهة الشعبية الإيفوارية الذي ينتمي إليه غباغبو بالسجن لمدة 18 شهرا. وينظر إليه على أنه مرشح محتمل لتحدي الرئيس وتارا في الانتخابات التي ستجري العام الحالي.
ونظرا للفترة التي أمضاها في السجن طوال المحاكمة فقد أفرج عنه هو وتسعة وزراء سابقين بالحكومة وأربعة صحافيين كانوا بين عشرات من حلفاء باجبو الذين اعتقلوا بعد أحداث العنف التي وقعت في عام 2011.
وبعد انتهاء المحاكمة أول من أمس قالت سيمون غباغبو، إن الادعاء أهانها وأذلها في حين فشل في إثبات أنها مذنبة. وقالت: «إنني مستعدة لأن أتسامح. أتسامح لأنني إذا لم أفعل ذلك فإن هذا البلد سيحترق». وأضافت: «أنا راضية عن هذه المحاكمة. لقد قلت ما يخصني من الحقيقة».
ورغم الإشادة به لإدارته انتعاش ساحل العاج بعد الحرب، فإن الرئيس وتارا متهم من قبل منظمات حقوق الإنسان بتطبيق عدالة أحادية الجانب ضد منافسيه السابقين مع تجاهل الانتهاكات التي ارتكبها مؤيدوه.
وفي العاصمة التجارية أبيدجان كان رد الفعل متباينا. وقال ساليف باكايوكو وهو مسؤول تسويق خارج كشك لبيع الصحف: «كان يتعين أن يفرجوا عنهم وإعطاء المصالحة دفعة». لكن آخرين رحبوا بالحكم باعتباره مؤشرا على أنه لن تكون هناك حصانة للأعمال التي دفعت البلاد إلى الاضطرابات. وقال جلبرت كواكو وهو مراجع حسابات «كل شخص مسؤول عما حدث في عام 2011 يجب أن يدفع الثمن».



انتخابات غانا: المعارضة تقلب الطاولة في وجه الحزب الحاكم

أنصار مرشح المعارضة جون دراماني ماهاما يحتفلون بانتصاره في انتخابات الرئاسة في أكرا (أ.ب)
أنصار مرشح المعارضة جون دراماني ماهاما يحتفلون بانتصاره في انتخابات الرئاسة في أكرا (أ.ب)
TT

انتخابات غانا: المعارضة تقلب الطاولة في وجه الحزب الحاكم

أنصار مرشح المعارضة جون دراماني ماهاما يحتفلون بانتصاره في انتخابات الرئاسة في أكرا (أ.ب)
أنصار مرشح المعارضة جون دراماني ماهاما يحتفلون بانتصاره في انتخابات الرئاسة في أكرا (أ.ب)

قلب حزب المعارضة الأول في غانا الطاولة على الحزب الحاكم، وفاز بالانتخابات الرئاسية التي نظمت، السبت، لتؤكد غانا أنها استثناء ديمقراطي في منطقة غرب أفريقيا؛ حيث تنتشر في محيطها القريب الانقلابات العسكرية، ولا تكاد تمر انتخابات دون أزمة أمنية وأعمال عنف.

لكن البلد الأفريقي الغني بالذهب والكاكاو، ظل وفياً لتقاليد ديمقراطية بدأت مع التعددية الحزبية مطلع تسعينيات القرن الماضي، ومكنته من تحقيق التغيير بشكل متكرر، وبشكل هادئ وسلمي، وتنظيم انتخابات تنافسية وشفافة بالمقارنة مع ما هو معهود في أفريقيا.

المرشح الرئاسي لحزب «المؤتمر الوطني الديمقراطي» جون دراماني ماهاما خلال اقتراعه في مدينة بولي السبت (رويترز)

العودة للقصر

وتشير النتائج الأولية غير الرسمية إلى تقدم زعيم المعارضة ورئيس حزب «المؤتمر الوطني الديمقراطي»، جون دراماني ماهاما، بنسبة وصلت إلى أكثر من 56 في المائة من أصوات الناخبين، وهو ما يضمن له العودة إلى القصر الرئاسي، بعد 8 سنوات من العمل المعارض.

وكان ماهاما قد حكم غانا لولاية رئاسية واحدة امتدت من 2012 حتى 2016، حين خسر الانتخابات الرئاسية أمام الرئيس الحالي نانا أكوفو-أدو، الذي استمر في الحكم ولايتين متتاليتين، مدة كل واحدة منهما 4 سنوات.

وبما أن الدستور يمنع حكم البلاد لأكثر من ولايتين، قرر الرئيس المنتهية ولايته ترشيح ودعم نائبه محمود باوميا، ليخوض السباق مع 11 مرشحاً آخر، ولكنه في الحقيقة كان عليه أن يواجه ماهاما، الخصم القوي وزعيم المعارضة والعارف بدهاليز الحكم.

واستطاع ماهاما أن يستغل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد، وارتفاع الأسعار والتضخم والبطالة، ليقنع فئة الشباب والناخبين الجدد بالتصويت له وقلب الطاولة على الحزب الحاكم.

المرشح الرئاسي الجديد للحزب الوطني محمودو بوميا رفقة الرئيس نانا أكوفو أدو خلال تجمع انتخابي في غانا الثلاثاء الماضي (رويترز)

المرشح المسلم

محمودو باوميا خاض الانتخابات من موقعه كنائب لرئيس البلاد، وعينُه على منصب الرئيس، وهو خبير اقتصادي يبلغ من العمر 61 عاماً، خريج جامعة أوكسفورد.

باوميا الذي ينحدرُ من الأقلية المسلمة، كان قريباً من أن يصبح أول رئيس مسلم لدولة غانا، وهي نقطة كانت حاضرة في النقاش الانتخابي داخل البلاد، ولكنها لم تكن حاسمة في النتيجة النهائية.

ويشير الخبراء إلى أن باوميا تضرر كثيراً من الأزمة الاقتصادية الحادة التي تضرب غانا، وكان يراه الناخبون ذلك الخبير الاقتصادي الذي عجز كنائب للرئيس عن إيجاد حلول للأزمة.

رغم كل الانتقادات التي واجهها باوميا خلال الحملة الانتخابية، فإنه دافع بشراسة عن سياسات حزبه، وقال إنه رغم الأزمة الاقتصادية الخانقة، فإن البلاد أصبحت على «أعتاب تحول اقتصادي عميق».

ومع ظهور النتائج الأولية للانتخابات، لم يتأخر باوميا في الاعتراف بالهزيمة، والاتصال هاتفياً بخصمه وتهنئته بالفوز، وعقد مؤتمراً صحافياً بعد ساعات من إغلاق مكاتب التصويت، قال فيه: «لقد اتصلت للتو بفخامة جون ماهاما لتهنئته كرئيس منتخب لجمهورية غانا».

تحديات كبيرة

ورغم أجواء الاحتفالات التي عمت غانا، وخروج أنصار ماهاما للشوارع، فإن حالة من الترقب الحذر تسود البلاد، فالرئيس الجديد «القديم» وإن كان يعود إلى القصر الرئاسي وهو يعرفه، فإن الغانيين يتذكرون الأزمات التي عاشتها البلاد خلال 4 سنوات من حكمه.

يتذكرون أزمة التيار الكهربائي الخانقة التي ضربت البلاد خلال حكم ماهاما، حتى إن الشارع والصحافة المحلية أطلقت عليه لقب «رجل انقطاع الكهرباء».

حاول ماهاما أن يصرف النقاش عن ماضيه في الحكم، وركز على انتقاد السياسات الاقتصادية «الفاشلة» للحزب الحاكم، مع وعود بحل قضايا جوهرية مثل قضية التنقيب الأهلي عن الذهب بطريقة غير قانونية، وهو ملف شائك ومعقد في بلد يصنف كأكبر منتج للذهب في أفريقيا.

يحتدم النقاش في غانا حول قطاع التنقيب الأهلي عن الذهب، وأضراره على الاقتصاد والبيئة والأمن، في الوقت الذي كان الحزب الحاكم يقترح «دعم» المنقبين الأهليين لتحويل أنشطتهم إلى «مناجم صغيرة»، مع إلزامهم باحترام البيئة وعدم استخدام مواد كيماوية سامة.

أما ماهاما، فتعهد خلال الحملة الانتخابية بتنظيم صارم للتنقيب الأهلي عن الذهب، والتوقف الفوري عن منح أي تراخيص جديدة للمنقبين، وهي وعود يتوقع المراقبون أن تفتح عليه أبواباً هو في غنى عنها؛ بسبب اعتماد قطاعات واسعة من السكان على نشاط التنقيب عن الذهب.

وبذلك يخاطر ماهاما بالدخول في مواجهة مع أصحاب المناجم الصغيرة، الذين كثيراً ما يتهمون الحكومات المتعاقبة بالانشغال بالتضييق عليهم، في حين تكون عاجزة عن مواجهة الشركات العالمية التي تستغل مناجم الذهب الكبيرة في البلاد.

معركة البرلمان

ومن أجل الوفاء بالكثير من وعوده، خاصة لتنظيم قطاع التنقيب الأهلي عن الذهب، يحتاج ماهاما إلى أغلبية مريحة في البرلمان، الذي جرى التصويت عليه، يوم السبت، بالتزامن مع انتخابات الرئاسة.

وتشير أغلب التوقعات إلى أن المعارضة في طريقها لتحقيق أغلبية «مريحة ومفاجئة»، خاصة بعد أن تراجعت نسبة الحزب الحاكم في انتخابات الرئاسة إلى أقل من 41 في المائة.

وخلال السنوات الأربع الأخيرة، كان الحزب الحاكم يتمتع بأغلبية بسيطة جداً، من أعضاء البرلمان البالغ عددهم 275 نائباً، ما أدخله في أزمات سياسية عاصفة، خاصة حين فتح النقاش حول قوانين مثيرة كقانون الحرية المثلية.