كيف تخوض روسيا معركتها لاحتواء تفشي سلالة «دلتا»؟

العاملون الصحيون يرتدون معداتهم الوقائية في مجمع المستشفى بمنطقة كوموناركا خارج موسكو (أ.ف.ب)
العاملون الصحيون يرتدون معداتهم الوقائية في مجمع المستشفى بمنطقة كوموناركا خارج موسكو (أ.ف.ب)
TT

كيف تخوض روسيا معركتها لاحتواء تفشي سلالة «دلتا»؟

العاملون الصحيون يرتدون معداتهم الوقائية في مجمع المستشفى بمنطقة كوموناركا خارج موسكو (أ.ف.ب)
العاملون الصحيون يرتدون معداتهم الوقائية في مجمع المستشفى بمنطقة كوموناركا خارج موسكو (أ.ف.ب)

رغم تسجيل أعداد قياسية لحالات الوفاة وتكثيف حملات اللقاحات، يختار الكثير من الروس خوض التجربة مع سلالة «دلتا» المتحورة من فيروس كورونا، بدلاً من الحصول على اللقاح المضاد للفيروس المستجد.
وذكرت ليليان بوزنر، مساعد مدير تحرير مجلة «ناشونال إنتريست» الأميركية، في تقرير نشرته المجلة أن روسيا بدأت شهر يوليو (تموز) الحالي بأسبوع حطم الرقم القياسي لأعداد الإصابات، بصورة مضاعفة، وذلك بينما تصارع البلاد موجتين عسيرتين، وهما: موجة الحر الشديد التي تسببت في تسجيل بعض من أعلى درجات الحرارة التي شهدتها روسيا منذ أكثر من قرن، وموجة ثالثة من إصابات فيروس كورونا.

وأضافت أن الأسبوعين الماضيين كانا في غاية الصعوبة بالنسبة لروسيا، حيث وصلت أعداد الوفيات المرتبطة بالفيروس مراراً إلى مستويات قياسية. ويعود السبب الرئيسي وراء الزيادة في أعداد الإصابات إلى سلالة «دلتا»
المتحورة، المسؤولة عن تسجيل ما يصل إلى 90 في المائة من جميع الحالات الجديدة.
وتعد سلالة «دلتا» هي النسخة الأكثر عدوى من فيروس كورونا في أنحاء العالم، كما أنها تنتشر بسرعة أعلى بنسبة نحو 225 في المائة أكثر من السلالة الأصلية للفيروس. والأمر الأكثر إثارة للقلق، هو أن روسيا سجلت للتو أول حالة إصابة بسلالة «دلتا بلس»، وهي متحور لسلالة «دلتا» قد تكون أكثر مقاومة للأجسام المضادة.

وفي سانت بطرسبرغ، تكافح المستشفيات من أجل التعامل مع تدفق المرضى ونقص الإمدادات الكافية، وكل ذلك في ظل ارتفاع درجات الحرارة بصورة كبيرة خلال شهر يوليو، واستخدام مستلزمات الوقاية الكاملة.
وذكرت بوزنر أن تأثير شدة الوباء لا يظهر على الجميع، حيث تقول أوكسانا، وهي أم لثلاثة أبناء تعيش في سانت بطرسبرغ: «ما لم أشاهد التلفزيون... لا أشعر بهذا الموضوع تماماً... ففي سانت بطرسبرغ، يسير الجميع من دون كمامات. كل شيء مفتوح. يمكنني أن أذهب إلى المطعم، أو إلى السينما. أنا لا أستخدم كمامة ولا أحد يطلب مني ذلك».

وشأنها شأن الكثير من الروس الآخرين، هناك بعض الهواجس لدى أوكسانا بشأن اللقاحات المضادة لفيروس كورونا. وقد أظهر استطلاع للرأي أجراه مركز «ليفادا» في مطلع يوليو، أن 54 في المائة من الروس غير مستعدين للحصول على اللقاح، رغم الارتفاع المتزايد لأعداد حالات الإصابة. ومن بين هؤلاء الذين يرفضون الحصول على اللقاح، ذكر 33 في المائة أن التحفظ الرئيسي لديهم هو الخوف من الآثار الجانبية الضارة، بينما قال 20 في المائة إنهم ينتظرون النتائج الكاملة للتجارب السريرية، بحسب بوزنر.
ومن جانبها، تؤيد أوكسانا اعتقاداً شائعاً في روسيا، وهو أن اللقاحات تقوض بالفعل رد الفعل المناعي للشخص تجاه الفيروس، من خلال إتلاف الاستجابة المناعية الطبيعية لجسم الإنسان. ومن المفترض أن رد فعل الجسم بصورة طبيعية هو أفضل استجابة مناعية للفيروس، والآثار الجانبية التي تخاف منها لا تكمن في الآلام والإعياء التي تصاحب أحياناً الحصول على لقاح فيروس كورونا، بل هي احتمال الإصابة باضطراب مناعي ذاتي.

وليس هناك بيانات تشير إلى صحة ذلك. ومع ذلك، فإن مثل هذه الأفكار يتم تداولها بين بعض من لديهم مؤهلات طبية أو حتى بين الأطباء.
أما والدة أوكسانا، التي أيضاً لديها مخاوف كبيرة من الحصول على اللقاح، فهي طبيبة وتقوم بالتدريس في كلية الطب. وبالمثل، فإن الناشطة الروسية المعنية بمكافحة اللقاح، جالينا تشيرفونسكايا، هي عضو في اللجنة الوطنية الروسية للأخلاقيات البيولوجية في «أكاديمية العلوم الروسية».
ورغم أن مقاطع الفيديو الخاصة بتشيرفونسكايا على موقع «يوتيوب» تتضمن «توضيحاً» بأن المتخصصين والأطباء قد فنّدوا أطروحاتها بشأن اللقاح مراراً، فإن أتباعها يعتبرونها واحدة من الثقات القلائل القليلة الذين يمكنهم اللجوء إليهم للحصول على معلومات صادقة بشأن اللقاح.
ورغم أن روسيا تواجه حالياً معركة عسيرة في الوقت الذي تعمل فيه على تطعيم مواطنيها، من الواضح أن الكثير إن لم يكن معظم الروس المترددين بشأن الحصول على اللقاح، ليسوا غير مطلعين أو مناهضين للعلم.
وقد أجرى الكثير منهم أبحاثاً واتخذوا قرارات بشأن اللقاح بناء على شهادة أشخاص يُعتقد أنهم خبراء موثوق بهم أو بناء على قراءاتهم الخاصة.


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

«الجمعية العامة» تطالب بأغلبية ساحقة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة

من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)
من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)
TT

«الجمعية العامة» تطالب بأغلبية ساحقة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة

من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)
من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)

دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرار غير ملزم صدر بغالبية ساحقة وصوّتت ضدّه خصوصا الولايات المتحدة وإسرائيل إلى وقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار في قطاع غزة.

والقرار الذي صدر بغالبية 158 دولة مؤيدة في مقابل 9 دول صوّتت ضدّه و13 دولة امتنعت عن التصويت، يدعو إلى "وقف لإطلاق النار فوري وغير مشروط ودائم" وكذلك أيضا إلى "الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن"، وهي صيغة مشابهة لتلك التي وردت في مشروع قرار استخدمت ضدّه واشنطن في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الفيتو في مجلس الأمن الدولي.

واستخدمت الولايات المتحدة يومها حق النقض لحماية إسرائيل التي تشن منذ أكثر من سنة هجوما عسكريا في قطاع غزة ردا على هجوم غير مسبوق نفذته حركة حماس على جنوب الدولة العبرية. وعطّل الأميركيون في حينها صدور قرار في مجلس الأمن يطالب بوقف إطلاق نار "فوري وغير مشروط ودائم" في غزة، مشترطين من أجل إقرار أي هدنة إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في القطاع منذ هجوم حماس.

وقبيل التصويت على النصّ، قال نائب السفيرة الأميركية في الأمم المتّحدة روبرت وود إنّه سيكون من "المخزي" تبنّي مشروع القرار لأنّه "قد يوجّه إلى حماس رسالة خطرة مفادها أنّ لا حاجة للتفاوض أو لإطلاق سراح الرهائن"، في وقت تحدّثت فيه وزارة الدفاع الإسرائيلية عن "فرصة" لإبرام اتفاق لاستعادة الرهائن.

بدوره قال السفير الإسرائيلي في الأمم المتحدة داني دانون إنّ "تصويت اليوم ليس تصويت رحمة، بل هو تصويت تواطؤ" و"خيانة" و"تخلّ" عن الرهائن المحتجزين في القطاع الفلسطيني.