إيران تطوق احتجاجات الأحواز بفرق خاصة من طهران

سیارة تابعة لوحدات مكافحة الشغب قادمة من العاصمة طهران، أثناء حركتها باتجاه مدينة الأحواز أول من أمس
سیارة تابعة لوحدات مكافحة الشغب قادمة من العاصمة طهران، أثناء حركتها باتجاه مدينة الأحواز أول من أمس
TT

إيران تطوق احتجاجات الأحواز بفرق خاصة من طهران

سیارة تابعة لوحدات مكافحة الشغب قادمة من العاصمة طهران، أثناء حركتها باتجاه مدينة الأحواز أول من أمس
سیارة تابعة لوحدات مكافحة الشغب قادمة من العاصمة طهران، أثناء حركتها باتجاه مدينة الأحواز أول من أمس

فرضت فرق خاصة من قوات الشرطة الإيرانية طوقاً أمنياً على المدن العربية التي شهدت احتجاجات ضد تجفيف الأنهار في محافظة الأحواز (جنوب غربي إيران).
وتداول ناشطون، مساء السبت، وصول قافلة من الفرق الخاصة لمكافحة الشغب، التابعة للشرطة الإيرانية، توجهت فجر السبت من طهران، وتحمل معدات مثل الدراجات النارية والمدرعات الخاصة. وأظهرت تسجيلات، أمس، انتشار الوحدات في شوارع مدينة السوس (شمال المحافظة)، وذلك بعد ليلة توسع فيها نطاق الاحتجاجات.
وشهد البرلمان الإيراني، أمس، انتقادات لاذعة من نواب المحافظة ضد رئيس البرلمان، محمد باقر قاليباف، الذي رفض طلباً لهم بإقامة اجتماع استثنائي لمناقشة انتقال المياه من عشرات السدود المنتشرة في شمال المحافظة وتنظيم المياه، بينما تعاني المدن من أزمة بيئية حادة جراء الجفاف، مع ارتفاع درجات الحرارة إلى مستويات تفوق الـ50 درجة مئوية خلال الشهر الحالي.
ونشر موقع البرلمان الإيراني (خانه ملت) مقطع فيديو من خطاب ممثل مدينة الفلاحية (شادان)، مجيد ناصري نجاد، ينتقد فيه بحدة تجاهل طلب نواب المدن في محافظة الأحواز (خوزستان) التي تفصلها عن عمق الأراضي الإيرانية سلسلة جبال زاغروس من جهة الشرق. وطالب النائب باستدعاء الرئيس الإيراني حسن روحاني، ونائبه إسحاق جهانغيري، وقال: «الرجل الأول في الحكومة يجب أن يأتي هنا للرد على أهل المحافظة، لعموم البلاد، لماذا تسبب في هذه الكوارث للبلاد؟ أي إدارة هذه يتعين عليَّ أنا النائب الرد بدلاً منها؟!».
ولفت النائب من منصة البرلمان إلى أن «أوضاع الناس متدهورة هناك: ماتت مواشيهم، وتبعثرت حياتهم، وتدمر كل شيء؛ من عليه أن يعالج هذا الوضع؟ يجب على السيد روحاني وجهانغيري القدوم للرد على هذا». وقال النائب: «يجب أن تعلنوا الآن اجتماعاً عاجلاً لخوزستان، وعلى جميع المسؤولين التنفيذيين الحضور إلى هنا لمساءلتهم». وحذر من أن الوضع «غير قابل للمزاح، ولا يمكن معالجته برفع تقرير واحد».
وأشار ناصري إلى أن 5 ملايين نخلة «مهددة بالموت» في مدينة الفلاحية التي تجاور هور «الدورق»، أكبر الأهوار داخل المحافظة، ويصب فيها فرع من نهر كارون، إضافة إلى نهر الجراحي. وقال إن مدن الأحواز وعبادان السوس والمحمرة المجاورة لنهر كارون، وكذلك المدن الواقعة على نهر الكرخة، مهددة بفقدان النخيل التي تحتل مساحة واسعة في تلك المناطق. وتساءل النائب: «إلى متى يجب أن تنتظر رئاسة البرلمان والقضاء والمجلس الأعلى للأمن القومي؟ الأزمة وهجوم المشكلات وتدخل الأعداء.. حينها نفكر بمحافظة خوزستان؟!».
أما النائب عن مدينة عبادان، محمد مولوي، فقد انتقد إلقاء اللوم على الطبيعة، مقابل «تجاهل سوء الإدارة واللامبالاة»، وقال إن «التقارير الملونة الكاذبة تنفع وزارة الطاقة»، مؤكداً أن «الحكومات المختلفة لم تخفف آلام المحافظة، بل إنها زادتها سوءاً؛ نحن نعاني من حكومات تفتقد إلى الكفاءة»، مشدداً على أن «مدينة عبادان تدهس».
وعشية خطاب النائبين، شهدت المدن الواقعة على نهر الكرخة في الجانب الغربي من المحافظة الحدودية مع العراق تجدد الاحتجاجات، ونزلت حشود المتظاهرين في مدينة الخفاجية، بؤرة الاحتجاجات، للتنديد بتحويل مجرى الأنهار. وداهم المحتجون ممثل المدينة في البرلمان الإيراني، قاسم ساعدي، تعبيراً عن استيائهم من صمت المسؤولين المحليين. وانتقد ساعدي الأسبوع الماضي وقوف الناس في الطوابير للحصول على مياه الشرب.
وفي شمال شرقي مدينة الخفاجية، شهدت مدينة السوس، الواقعة بين نهري كارون والكرخة، توتراً بعدما أقدم أهالي عدة قرى على عرقلة حركة السير في الخط السريع الذي يربط موانئ المحافظة، قبالة الخليج العربي والحدود العراقية، بمحافظات وسط البلاد، وصولاً إلى طهران، مستخدمين الخشب والإطارات القديمة لإشعال النيران.
ويشكو أهالي مدينة السوس من ضعف التنمية، خاصة في المجالين السياحي والصحي، على الرغم من أنها من أقدم المدن في العالم، وهي موطن حضارة عيلام، قبل أن يتخذها الأخمينيون عاصمة لهم، وقد أقامت بها جيوش الفتح الإسلامي.
وتحتل الأراضي الزراعية التي تعتمد على مياه نهر الكرخة وكارون مكانة مهمة في السلة الغذائية الإيرانية، خاصة في مجال إنتاج القمح والأرز، لكنها في السنوات الأخيرة تعاني من التصحر وأزمة جفاف حادة جراء تشييد عشرات السدود على روافد الأنهار.
وفي الاحتجاجات التي اندلعت الجمعة، بعد أسابيع من الاستياء الشعبي نتيجة تفاقم الأزمة، أكد ناشطون مقتل اثنين على الأقل من المحتجين. وقال ناشطون إن السلطات أطلقت حملة اعتقالات في عدة مناطق.
وفي غضون ذلك، نشرت وكالة «فارس»، التابعة لـ«الحرس الثوري»، رسالة صوتية باللغة العربية من عضو مجلس خبراء القيادة رجل الدين المتشدد عباس كعبي، يدعو فيها الأحوازيين إلى الهدوء، ويقول: «أعمل جاهداً لإيصال مطالبكم المشروعة والقانونية بالنسبة للمياه وغير المياه إلى المسؤولين... في قضية الجفاف وتجفيف هور العظيم وشط الكرخة»، معرباً عن تمنياته بالوصول إلى حلول سريعة، مع تولي الرئيس المنتخب إبراهيم رئيسي مهامه.
وقال كعبي: «أدعوكم إلى توخي الحيطة والحذر، وألا يستغل العدو هذه الظروف ليصطاد من الماء العكر سمكاً لأهدافه الفتنوية في إراقة الدماء وزعزعة الأمن والاستقرار»، وتابع: «كلنا مطالبون بالحفاظ على الأمن والاستقرار في البلاد، وتفويت الفرصة على الفتنويين في زعزعة الأمن، والدعوة إلى التهدئة ومناقشة المطالبة القانونية المشروعة في المياه وغير المياه».
وردد المحتجون خلال الأيام الثلاثة شعارات متنوعة باللغة العربية، أبرزها بـ«باسم الدين باكونا (سرقونا) الحرامية»، و«الشعب يريد إسقاط النظام»، و«بالروح بالدم نفديك يا كارون»، و«الشط يريد مائه».



طهران تنتقد تحذيرات ماكرون من «خطورة» النووي الإيراني

صورة نشرتها وزارة الخارجية الإيرانية للمتحدث إسماعيل بقائي
صورة نشرتها وزارة الخارجية الإيرانية للمتحدث إسماعيل بقائي
TT

طهران تنتقد تحذيرات ماكرون من «خطورة» النووي الإيراني

صورة نشرتها وزارة الخارجية الإيرانية للمتحدث إسماعيل بقائي
صورة نشرتها وزارة الخارجية الإيرانية للمتحدث إسماعيل بقائي

انتقدت طهران تحذيرات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بشأن خطورة البرنامج النووي الإيراني، وما تشكله من تحدي أمني استراتيجي في الشرق الأوسط.

وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، إن هذا الكلام «لا أساس له، ومتناقض، ويستند إلى تكهنات»، كما وصف كلام ماكرون بشأن البرنامج النووي الإيراني بـ«المخادعة»، حسبما أوردت «وكالة الصحافة الفرنسية».

وعدّ بقائي أن البرنامج الإيراني «سلمي ويندرج في إطار القانون الدولي».

وكان ماكرون قد قال، الثلاثاء، أمام السفراء الفرنسيين في الإليزيه: «إيران هي التحدي الاستراتيجي والأمني الرئيسي لفرنسا والأوروبيين والمنطقة بكاملها، وأبعد من ذلك بكثير».

إيمانويل ماكرون (رويترز)

«سناب باك»

وحذَّر من أن «تسارع برنامجها النووي يقودنا إلى نقطة الانهيار»، مشدداً على أن موضوع إيران سيكون من الأولويات في الحوار الذي سيباشره مع الرئيس الأميركي المقبل دونالد ترمب.

وحذَّر من أن الشركاء الأوروبيين في الاتفاق النووي لعام 2015 مع إيران يجب أن يفكروا في معاودة فرض العقوبات، إذا لم يتحقق أي تقدم، وذلك في إشارة إلى آلية «سناب باك».

وكتب المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، على «إكس»، اليوم (الأربعاء): «الادعاءات الكاذبة التي تسوقها حكومة رفضت الوفاء بالتزاماتها بموجب الاتفاق النووي، ولعبت دوراً رئيسياً في حيازة إسرائيل للأسلحة النووية، خادعة ومبالغ فيها». وبحسب الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فإنّ إيران هي الدولة الوحيدة التي لا تملك أسلحة نووية وقامت بتخصيب اليورانيوم بنسبة 60 في المائة، القريبة من نسبة 90 في المائة اللازمة لصناعة سلاح نووي.

وتقول الدول الغربية إنه لا يوجد مبرر لتخصيب اليورانيوم إلى هذا المستوى العالي في إطار أي برنامج مدني موثوق، وإنه لا توجد دولة وصلت لهذا المستوى من التخصيب دون أن تنتج قنابل نووية. بينما تنفي إيران السعي لامتلاك أسلحة نووية.

وكانت فرنسا وألمانيا وبريطانيا من الدول الموقعة على الاتفاق النووي لعام 2015 الذي وافقت فيه إيران على الحد من تخصيب اليورانيوم، مقابل رفع العقوبات الدولية.

اجتماع أوروبي - إيراني

ومن المقرر أن يعقد دبلوماسيون فرنسيون وألمان وبريطانيون اجتماع متابعة مع نظرائهم الإيرانيين، في 13 يناير (كانون الثاني)، بعد اجتماع انعقد في نوفمبر (تشرين الثاني) لمناقشة إمكان إجراء مفاوضات جادة في الأشهر المقبلة.

وتسعى طهران إلى نزع فتيل التوتر مع الأوروبيين، قبيل عودة ترمب إلى البيت الأبيض في 20 يناير.

ولم يذكر بقائي تعليق وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو بشأن 3 مواطنين فرنسيين محتجزين في إيران.

وقال بارو، أمس (الثلاثاء)، إن العلاقات المستقبلية مع طهران وأي رفع للعقوبات على إيران سيعتمد على إطلاق سراحهم.

في السادس من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أبلغت بريطانيا وفرنسا وألمانيا مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بأنها مستعدة، إذا تطلب الأمر، لتفعيل ما يُسمى بآلية «سناب باك» وإعادة فرض جميع العقوبات الدولية على إيران لمنعها من امتلاك سلاح نووي.

ومن المقرر أن ينقضي مفعول آلية «سناب باك» في 18 أكتوبر (تشرين الأول) مع انقضاء موعد القرار 2231 الذي يتبنى الاتفاق النووي. وتخشى طهران أن تقدم القوى الأوروبية الثلاثة على مثل هذه الخطوة.

ترمب يعرض مذكرة وقّعها للانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني في 8 مايو 2018 (أ.ب)

عودة ترمب

وأثارت عودة ترمب للبيت الأبيض تساؤلات حول كيفية تعامله مع طهران، خصوصاً أن تشكيلة إدارته ستضم عدداً من المسؤولين الذين يتخذون موقفاً متشدداً إزاء طهران. وانسحب ترمب من الاتفاق النووي في 2018، الذي أبرمه سلفه باراك أوباما في عام 2015 ما أدى إلى انهياره.

ومن غير الواضح ما إذا كان سيدعم المحادثات مع إيران؛ إذ تعهد بدلاً من ذلك باتباع نهج أكثر ميلاً للمواجهة والتحالف بشكل أوثق مع إسرائيل، العدو اللدود لإيران، التي كانت تعارض الاتفاق.

وقد بعثت كل من إدارة ترمب المقبلة وطهران رسائل متباينة حول ما إذا كانتا ستسعيان إلى المواجهة أو نوع من التفاهم الدبلوماسي بعد تولي ترمب مهامه في 20 يناير.