استعدادات العيد بالحسكة حاضرة رغم الأزمات وانقطاع المياه

إقبال ضعيف على شراء متطلباته رغم انخفاض أسعارها

ضيافة العيد متوفرة في الحسكة والإقبال ضعيف (الشرق الأوسط)
ضيافة العيد متوفرة في الحسكة والإقبال ضعيف (الشرق الأوسط)
TT

استعدادات العيد بالحسكة حاضرة رغم الأزمات وانقطاع المياه

ضيافة العيد متوفرة في الحسكة والإقبال ضعيف (الشرق الأوسط)
ضيافة العيد متوفرة في الحسكة والإقبال ضعيف (الشرق الأوسط)

رغم الأزمة الاقتصادية وجائحة «كورونا» المتواصلة وشح مياه الشرب؛ فإن استعدادات سكان مدينة الحسكة الواقعة شمال شرقي سوريا لاستقبال عيد الأضحى حاضرة، فالكثير منهم أبدوا ارتياحهم من توفر أنواع السكاكر والضيافة «سورية الصنع» في الأسواق وبأسعار منخفضة، لاستقبال العيد بأجواء من البهجة، متحدين الأزمات الخانقة وتردي الواقع الخدمي الذي يعصف بالمنطقة.
في سوق الحسكة المركزية التي باتت منقسمة جراء الحرب الدائرة بالبلاد منذ 10 سنوات، تتقاسمها القوات النظامية الموالية للرئيس بشار الأسد من جهة، وقوات الأمن الداخلي الكردية «الأسائيش» من جهة ثانية، اصطف كثير من الأهالي أمام متاجر الحلويات والأفران ومحال الجملة، لشراء المعمول والسكاكر وكل ما يدخل في ضيافة العيد. ونقل المدرس سعيد (50 سنة) المتحدر من مدينة الحسكة ويعمل أستاذا في المدارس الحكومية، كيف قام بجولة استغرقت 3 ساعات على معظم المحال والمتاجر التي تبيع ضيافة العيد، جاهداً لشراء قسم من قائمة متطلبات أسرته، غير أن علامات الحيرة ارتسمت على وجهه بعد مشاهدة قائمة الأسعار واحتسبها مع راتبه الشهري، ليقول: «راتبي بعد الزيادة الأخيرة صار 75 ألفاً (نحو 20 دولاراً أميركياً) ولا قدرة لي على شراء حلويات العيد وسكاكر الضيافة بهذه الأسعار، للأسف حُرمنا من الكثير بسبب جنون الأسعار وتدني أجور العاملين».
وتحتاج أسرة مؤلفة من 4 أشخاص إلى نحو 200 ألف ليرة سورية (نحو 60 دولاراً)، لشراء صنفين من السكاكر وبعض الحلويات ونوع واحد من البسكويت أو حلوى الراحة، في حين يساوي هذا المبلغ رواتب ثلاثة شهور لموظف الحكومة وراتبا واحدا للموظف الذي يعمل بدوائر الإدارة الذاتية. ويضيف سعيد الذي أخرج يديه من جيوبه الفارغة: «لا طاقة لنا بشراء كل هذه الضيافة، أحتاج راتب 3 أشهر لتأمين متطلبات أيام العيد فقط، ناهيك عن الملابس والطعام ومصاريف زيارة الأقرباء والأصدقاء».
ويشكو تجار وأصحاب محال بالسوق المركزية من الرسوم الباهظة التي تفرضها الجهات العسكرية على البضائع التجارية القادمة من مدينتي حلب ودمشق، اللتين تشتهران بصناعة ضيافة وحلويات العيد. وقال التاجر باسل (37 سنة) الذي يمتلك محلاً لبيع الضيافة بالجملة والمفرط، أن أصناف السكاكر هذا العيد متوفرة وبأسعار منافسة مقارنة مع عيد الفطر الماضي. ويعزو السبب إلى أن التاجر يدفع 350 دولارا أميركيا على كل طن من الحلويات القادمة من دمشق وحلب، وبسبب خسارة موسم القمح والشعير والثروة الحيوانية، تباع البضائع بسعر التكلفة ما أدى لانخفاض الأسعار».
وعلى غير العادة، غابت مظاهر الاحتفال بعيد الأضحى عن شوارع الحسكة تحت وطأة تداعيات الأزمة الاقتصادية وتردي الواقع الخدمي، وبحسب سكان المدينة خلت معظم المنازل من الحلوى والهدايا والألعاب وزينة العيد، بعد أن طالت الضائقة المادية غالبيّة أهالي المدينة لتخطف بهجة العيد.
تقول روكسان (41 عاماً)، وهي موظفة بمؤسسة تابعة للإدارة الذاتية التي تشرف على إدارة محافظة الحسكة وأحيائها وشوارعها الرئيسية عدا مربع أمني يقع وسط مركز المدينة، أن الظروف التي يعيشونها صعبة وقاسية في ظل استمرار انقطاع مياه الشرب وغياب خدمة الكهرباء التي تزامنت مع تردي الواقع الاقتصادي: «نحن على يقين بتعافي المنطقة من كل هذه الظروف الصعبة، لكن حتى قدوم تلك الحلول نحن نعيش ظروفا مأساوية حقيقية». وذكرت أن عائلتها اكتفت هذا العام بصناعة معمول العيد المنزلي ويدعى محلياً بـ(كليجة) وشراء بعض السكاكر الرخيصة من السوق. وعلقت قائلة: «الرواتب لا تكفي سد الاحتياجات الأساسية فكيف نشتري حلويات لنحتفي بهذا العيد، أتحسر على الأطفال الذين سيطرقون باب منزلنا ولن يجدوا سوى سكاكر رخيصة هي كل ما نستطيع تقديمه».
وتعاني مدينة الحسكة من انقطاعات متكررة لمياه الشرب ترافقت مع ارتفاع درجات الحرارة التي وصلت إلى 45 درجة مئوية؛ وانقطاع تام للتيار الكهربائي منذ بداية الشهر الحالي بسبب تحكم الجيش التركي وفصائل سورية موالية بمصادر الطاقة، وعمدت منذ 24 من الشهر الفائت إلى قطع المياه من محطة علوك بريف مدينة رأس العين، وتقع أقصى شمال غربي الحسكة، مما أثرت سلباً على الواقع الخدمي في المنطقة.
وتعد محطة العلوك المصدر الرئيسي والوحيد لتأمين مياه الشرب لأكثر من مليون نسمة يعيشون بالحسكة وريفها، حيث تزود بلدة أبو راسين وناحية تل تمر ومدينة الحسكة وريفها، كما تغذي 3 مخيمات أكبرها مخيم «الهول» الذي يبلغ تعداده نحو 60 ألفاً، ومخيمات نازحي رأس العين والعريشة الخاص بأهالي دير الزور.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.