قمة أردنية أميركية بأجندة استثنائية

قمة أردنية أميركية بأجندة استثنائية
TT

قمة أردنية أميركية بأجندة استثنائية

قمة أردنية أميركية بأجندة استثنائية

يلتقي العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني رئيس الولايات المتحدة جو بايدن اليوم، في لقاء هو الأول لزعيم عربي منذ تولي الرئيس الجديد منصبه مطلع العام الحالي. وستتناول القمة العلاقات الاستراتيجية بين الأردن والولايات المتحدة، وسبل تعزيزها في مختلف المجالات، إضافة إلى آخر التطورات في المنطقة.
وتحدثت مصادر أردنية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» عن أجندة عمل مكثفة عشية زيارة الملك الأردني الرسمية التي تنتهي مساء الجمعة المقبل، يلتقي خلالها أركان الإدارة الأميركية وقيادات من الكونغرس، وسط ترقب لمخرجات لقاء القمة الأول لزعيم عربي تأتي بعد نشاط دبلوماسي أردني استهدف تنشيط الاتصالات مع العراق ومصر والسلطة الوطنية الفلسطينية، في وقت تحدثت فيه مصادر برلمانية عن قنوات اتصال أردنية سورية خلفية تنشط في الكواليس.
ومن المقرر وفق مصادر سياسية أن تتناول القمة ملفات المنطقة والإقليم، وعلى رأسها جهود استئناف المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، ودعم السلطة الفلسطينية، وإحياء فرص حل الدولتين مجددا، وفق قرارات الشرعية الدولية، خصوصا في ظل ما يعتبره الأردن «انفتاحا إيجابيا للإدارة الأميركية الجديدة تجاه القضية المركزية»، وبما يسمح بمغادرة أربع سنوات مضت من عهد الإدارة السابقة التي تبنت سياسات اعتبرتها عمان «انحيازا للاحتلال على حساب أصحاب الأرض»، ما انعكس على ضعف فرص عودة المفاوضات بين طرفي الصراع.
وأكدت المصادر أن الملك عبد الله الثاني يسعى من خلال الزيارة لإعادة الزخم لمبدأ حل الدولتين وتجاوز الأضرار التي لحقت فيه بعهد ترمب. رغم أن الأردن «يدرك أنه لا يوجد حاليا خطة أميركية للتحرك على صعيد مفاوضات السلام، لكن المطلوب أولاً تثبيت التهدئة الحالية وهذا يتطلب وقف الاستفزازات الإسرائيلية في الحرم والشيخ جراح وغزة للوصول إلى حالة تسمح باستئناف المفاوضات».
وسيضع عبد الله الثاني سيناريوهات حول ملفي «سوريا والعراق لجهة دعم جهود عودتهما لعمقهما العربي بعيدا عن ترك بلديهما ساحة للنفوذ والصراع الإقليمي الدائر على أرضهما».
وفي الملف العراقي سينقل الملك الأردني تصورات محددة عن أهمية «تعزيز الاستقرار العراقي ودعم التسويات السياسية، والانفتاح الاقتصادي عليه، وتحسين شروط توازن القوى السياسية في الداخل العراقي على أرضية من تقديم أولية المصالح العراقية على مصالح وأدوار إقليمية»، وهو الجهد الذي يتصدره رئيس وزراء العراق مصطفى الكاظمي، الأمر الذي يتطلب فتح الآفاق أمام استمراره في مرحلة ما بعد الانتخابات العراقية المقبلة.
وسبق أن التقى العاهل الأردني الجمعة الماضية بقائد القيادة المركزية الأميركية الفريق أول كينيث ماكينزي، والفريق أول ريتشارد كلارك، قائد قيادة العمليات الخاصة الأميركية. ضمن مباحثات ناقشت سبل تعزيز التعاون الاستراتيجي في المجالين العسكري والأمني، في ظل المستجدات في المنطقة، والجهود المبذولة إقليميا ودوليا في الحرب على الإرهاب، ضمن نهج شمولي.
وفيما يتعلق بالملف السوري سيتحدث الملك عبد الله الثاني عن استثناء بلاده من شروط العقوبات على سوريا المجتمعة في قانون «قيصر»، استنادا للمادة 50 من البند السابع لميثاق الأمم المتحدة. والتي تتيح لأي دولة «تواجه مشاكل اقتصادية خاصة تنشأ عن تنفيذ هذه التدابير الدولية، الحق في أن تتباحث مع مجلس الأمن بصدد حل مشاكلها الناتجة عن مثل تلك العقوبات».
ويستند الأردن لموقفه من العقوبات على سوريا، استنادا إلى ما تم الاتفاق عليه قبل أسابيع مع الإدارة الأميركية على استثناء قائمة طويلة من المواد الغذائية والزراعية من العقوبات.
وفيما رجحت المصادر أن تنحصر النقاشات لتطال الحديث عن سيناريوهات الانفتاح الاقتصادي على سوريا، فقد تناول وفق المصادر نفسها ترك تصورات محددة عن الأثر المتوقع لعودة سوريا لمقعدها في جامعة الدول العربية، وسط حديث لأقطاب نيابية تحدثت عن رسالة شفوية ينقلها عبد الله الثاني من الرئيس بشار الأسد للرئيس الأميركي جو بايدن.
وحول استباق العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني زيارته إلى واشنطن ولقاءاته بالرئيس بايدن وأركان إدارته، بالانفتاح على إسرائيل بعد سنوات من فتور العلاقة معها بسبب سياسات رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو، فقد شددت المصادر على أن «المملكة تعتبر أن التحديات القادمة تتطلب العمل مع كل الأطراف للخروج من الأوضاع التي تكرست خلال الأعوام السابقة سواء على الساحة الفلسطينية والعملية السلمية أو في العلاقة الثنائية وما يساهم في تعزيز مصالح الأردن».
وأكدت المصادر على أن عمان تراقب «التغييرات السياسية في إسرائيل، وأنها ستقوم في تقييم أثرها على العلاقات بمجملها»، معتبرة المصادر أن «ما تم الإعلان عنه من قبل وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد مؤخرا إيجابي يمكن البناء عليه».
ومن جملة الملفات المطروحة على طاولة البحث ملف تحديث المنظومة السياسية في البلاد، في ظل الحديث المبكر عن مخرجات متوقعة لقانون انتخاب يضمن مقاعد مخصصة للأحزاب في مجلس النواب المقبل العام 2024، ما يفتح الباب أمام تشكيل حكومات برلمانية ببرامج حزبية، وهي خطوة غير مسبوقة منذ البدء ببرنامج التحول الديمقراطي العام 1989 على خلفية احتجاجات شعبية واسعة.
وبحسب بيان صحافي صادر على إعلام الديوان الملكي فإن الزيارة الملكية إلى واشنطن، وإلى جانب كونها أول لقاء لزعيم عربي مع الرئيس الأميركي بايدن منذ انتخابه، فإنه سيعقد خلال الزيارة اجتماعات مع أركان الإدارة الأميركية، وقيادات الكونغرس، ولجان الخدمات العسكرية، والعلاقات الخارجية، والمخصصات في مجلس الشيوخ، إضافة إلى لجنة الشؤون الخارجية، واللجنة الفرعية لمخصصات وزارة الخارجية والعمليات الخارجية والبرامج ذات الصلة في مجلس النواب، ومراكز البحوث الأميركية.
وتأتي زيارة العمل الملكية بعد عدد من اللقاءات والأنشطة الدبلوماسية الأردنية التي قادها عبد الله الثاني خلال الشهر الحالي، حيث كان قد التقى الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وشارك في القمة الثلاثية الأردنية المصرية العراقية الرابعة في بغداد، قبيل المغادرة إلى الولايات المتحدة.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.