صدر عن منشورات المتوسط بإيطاليا، كتاب جديد للكاتب والناقد المغربي عبد الفتاح كيليطو، بعنوان «والله إنّ هذه الحكاية لحكايتي».
وجاءت الرواية، التي توزعتها خمسة فصول («نورا على السطح»، «أبو حيَّان التوحيدي»، «قَدَر المفاتيح»، «هي أنتِ، وليست أنتِ»، و«خطأ القاضي ابن خَلّكان»)، في 144 صفحة من القطع الوسط، وهي تُشبه، بحسب ناشرها، «رحلة سحريَّة في بلاد عجائب الكُتب؛ سفرٌ وحبٌّ ومخطوطاتٌ وآلهة وجنِّياتٌ ونساءٌ فاتنات، وعودة لا تكلُّ للحفرِ بحذقٍ في التراث العربي. كيف لا وبطلُ هذه الرواية كتابٌ!».
تبدأ الرواية، حسب ناشرها، بـ«حدثٍ غريبٍ، كأنَّه تسلَّلَ من كتاب، وهو طيران نورا مع ولدَيْها، بعد ارتدائها لمعطف الريش، وانتظارها لزوجها حسن ميرو حتى يستيقظ لتُودِّعَهُ. تُلامُ الأمُّ بكشفِ سرِّ مكان المعطف، عن سذاجة أو قصدٍ لتصرُّفها ذاك، بينما تتداخلُ الحكاية مع توالي الصفحات مع قصة حسن البصري، وما حدثَ له مع الجنيَّة التي تُيِّمَ بها، وسرَق لها ثوبَ الرِّيش، أو بالأحرى جناحَاها بعد أن خلعتهُما وغطست في البُحيرة لتستحمّ. يبدو المشهد المتشابهُ بين الواقع والمرويَّة مُتداخلاً، غامضاً، يتكرَّرُ في أكثر من قصة واحدة، تماماً كتلك القصص غير المكشوفة التي تظلُّ قابلة للتغيير».
ومثلما يتسلَّلُ الأدب إلى العلاقة بين الرسَّامة نورا وحسن ميرو وهو يشتغل على أطروحة دكتوراه موضوعُها «أبو حيَّان التوحيدي وكتبهِ المفقودة أو غير المقروءة»؛ تتسلَّلُ مكتبٌ وأسماء وحكايات تتقاطع مع التراث وتستعيدُ كتبَ الجاحظ والتوحيدي وألف ليلة وليلة وغيرها، وتحيلُ القارئ إلى أسئلة وجودية، إبداعية وإنسانية، تبدأ بتحذيرٍ مُلغَّم: «لا تفتح هذا الباب، أمنعُكَ من ذلك مع علمي أنك ستفتحه». وما البابُ، كما تضيف ورقة الناشر، إلَّا «كتاب لا نسلمُ من لعنتِه بمجرَّد الشروع في قراءتهِ، باعتقاد راسخٍ أنَّهُ (يوجد دائماً من يحكي قصَّتنا)».
ومما جاء في ظهر غلاف الرواية «في الليلة الواحدة بعد الألف قرَّرت شهرزاد، وبدافع لم يُدرَك كنهه، أن تحكي قصَّة شهريار تماماً كما وردت في بداية الكتاب. ما يثير الاستغراب على الخصوص أنه أصغى إلى الحكاية، وكأنها تتعلَّق بشخص آخر، إلى أن أشرفت على النهاية، وإذا به ينتبه فجأة إلى أنها قصَّته هو بالذات، فصرخَ: والله، هذه الحكاية حكايتي، وهذه القصَّة قصَّتي».
ويُعرف كيليطو بأبحاثه الرصينة التي يعيد بها قراءة السرد العربي القديم على ضوء المناهج الحديثة، حاملاً همّ التجديد في الدراسات الأدبيَّة العربيَّة، هو الذي تجعلنا مؤلفاته، على رأي الكاتب المغربي سعد سرحان، «نقرأ بعيونه أدبنا القديم، فنعيد النظر في قراءتنا القديمة له»؛ إذ إن «الرجل ليس قارئاً كبيراً فحسب، بل إنه كاتبٌ كلّه قارئ. فكما تُترجم الكتابة من لغة إلى أخرى، يُترجم كيليطو القراءة من لغة السطح إلى لغة الأعماق، من لسان الزبد إلى لسان المحار، فإذا في كل فقاعة لؤلؤة».
ولد كيليطو في الرباط عام 1945، ويكتب باللّغتيْن العربيَّة والفرنسيَّة. وقد صدر له، في هذا المجال، مؤلَّفات عدَّة، منها خمسة أجزاء كأعمال كاملة، تحت عناوين «جدل اللغات»، «الماضي حاضراً»، «جذور السَّرد»، «حمَّالو الحكاية»، و«مرايا». كما تُرجمَت له أعمال عديدة إلى لغات أخرى، بينها الإنجليزية والإسبانية والإيطالية. ومن أهم مؤلفاته، بالعربية أو المعربة، التي كرّسته على الصعيد العربي ناقداً متميزاً، نجد «الأدب والغرابة»، و«الكتابة والتناسخ»، و«الأدب والارتياب»، و«المقامات... السرد والأنساق الثقافية»، و«العين والإبرة»، و«لسان آدم»، و«الحكاية والتأويل»، و«بحبر خفي»، و«من شرفة ابن رشد»، و«لن تتكلم لغتي»، و«الغائب»، و«أتكلم جميع اللغات لكن بالعربية»، و«أبو العلاء المعري أو متاهات القول»، و«من نبحث عنه بعيداً يقطن قربنا»، و«حصان نيتشه» و«أنبئوني بالرؤيا» و«في جوٍّ من النَّدَم الفكريِّ».
من أجواء رواية «والله إن هذه الحكاية لحكايتي»، «يحدث هذا، مرَّة أخرى، في بيت والدَيَّ: ساحة مربَّعة، مفتوحة على السماء. وبالضبط، توجد نورا، زوجة حسن، في الأعلى، على السطح، وقد ارتدت ثوبها من الريش. في ذراعَيْها طفلان نائمان، عُمُر أحدهما سنة، والآخر سنتان. إنها تنتظر منذ الفجر أن يستيقظ حسن. يُفتح باب الحجرة أخيرا ويظهر. يتثاءب ويمدِّد يدَيْه بارتياح، ثمَّ يرفع عينَيْه وحين يُبصِر نورا، يعلم فوراً أن كلَّ شيء قد ضاع، وأنها سترحل عنه، وليس بإمكانه إيقافها. قالت: لم أكن أودُّ الذهاب قبل توديعكَ. ومباشرة، بعد ذلك، طارت وحلَّقت بعض الوقت فوق البيت، ثمَّ اختفت».
حكاية بطلها كتاب
«والله إن هذه الحكاية لحكايتي» للناقد المغربي عبد الفتاح كيليطو
حكاية بطلها كتاب
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة