جدل عراقي وانتقاد للسلطات بعد عرض اعترافات قاتل الهاشمي

ملصق لهشام الهاشمي في ساحة التحرير ببغداد بعد مقتله في يوليو العام الماضي (رويترز)
ملصق لهشام الهاشمي في ساحة التحرير ببغداد بعد مقتله في يوليو العام الماضي (رويترز)
TT

جدل عراقي وانتقاد للسلطات بعد عرض اعترافات قاتل الهاشمي

ملصق لهشام الهاشمي في ساحة التحرير ببغداد بعد مقتله في يوليو العام الماضي (رويترز)
ملصق لهشام الهاشمي في ساحة التحرير ببغداد بعد مقتله في يوليو العام الماضي (رويترز)

رغم الإعلان الحكومي الرسمي عن إلقاء القبض على قاتل الخبير في الشؤون الأمنية هشام الهاشمي، أول من أمس، وظهور اعترافات الجاني عبر منصة الدولة وتلفزيونها الرسمي «العراقية»، إلا أن ذلك لم يعط الإجابة الكاملة عن سؤال يتردد، منذ أكثر من عام، على ألسنة ملايين العراقيين: من قتل الهاشمي وغيره من الناشطين؟
ذلك أن بيانات الحكومة واعترافات الجاني أغفلت، بنظر قطاعات عراقية واسعة، وبطريقة غريبة، التطرق إلى أهم ركنين في الجريمة، وهما الدافع للقتل والجهة التي حرضت وأمرت الجاني بارتكاب فعلته، خصوصاً مع حمله لرتبة ضابط في وزارة الداخلية التي من واجبات عناصرها حماية المواطنين وليس قتلهم. من هنا، فإن حملة الانتقادات للسلطات العراقية لم تتوقف منذ لحظة إذاعتها لاعترافات الجاني محمد حمداوي الذي نفذ عملية الاغتيال في السادس من يوليو (تموز) 2020.
وإلى جانب تركيز المنتقدين على مسألة «إغفال الحديث عن دوافع الاغتيال والجهة التي أمرت بالتنفيذ». تحدث كثيرون عن أن السلطات العراقية أثبتت بذلك أنها تخشى الجماعات التي تقف وراء القصة، وتالياً هي غير قادرة على مواجهتهم، ما يعني أن الجناة الحقيقيين سيبقون بمنأى عن المحاسبة.
وتشير أصابع الاتهام غير الرسمية إلى انتماء الجاني إلى ميليشيا «كتائب حزب الله» قبل سنوات، وقام بتنفيذ عملية الاغتيال بناءً على أوامر أصدرها قائد من مستوى أدنى في الميليشيا، لكن السلطات العراقية لم تأت على ذكر أي جماعات واكتفت بالقول إن «الجاني ينتمي إلى جهات خارجة عن القانون».
الروائي الفائز بجائزة «بوكر» العربية أحمد السعداوي، كان من بين الكتاب والمثقفين الذين لم يقتنعوا بعرض «الاعترافات الناقصة» للمتهم، وكتب عبر «تويتر»: «الآن... السؤال ازداد حجماً، ليس إلا: من قتل هشام الهاشمي؟!».
وعلق النائب وعضو لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان ظافر العاني، قائلاً إن «‏اعترافات قاتل هشام الهاشمي لطخت سمعة وزارة الداخلية العراقية من أجل الحفاظ على سمعة الميليشيات التي ينتمي لها هذا المجرم، وما يزال السؤال بلا إجابة: من قتل هشام الهاشمي؟».
وكتب الصحافي والمدير السابق لدار المأمون للترجمة ساطع راجي عبر «فيسبوك»، إن «أهم شيء اكتشفناه (يوم أمس)، أنه من الممكن أن يغتالك ضابط بالداخلية، وبسلاحه الحكومي، ولا تعرف أنت ولا الدولة سبب اغتيالك كمواطن عراقي، والأهم أن الدولة إذا اعتقلت قاتلك لن تسأله عن سبب قتلك».
من ناحيته، أعلن شيخ عام عشائر كنانة في العراق عدنان الدنبوس، براءة قبيلة كنانة من قاتل الباحث الأمني هشام الهاشمي.
وقال الدنبوس، في بيان، «باسمي شخصياً ونيابة عن قبيلة كنانة، قبيلة التضحيات والبطولات والمواقف الوطنية عبر التاريخ والعصور، نعلن البراءة وشجب واستنكار هذا الفعل من المجرم القاتل المدعو أحمد حمداوي عويد معارج المدان بارتكابه عملية اغتيال الشهيد هشام الهاشمي».
وأضاف: «نعلنها بصراحة وبدون تردد من قول كلمة الحق، كنانة لا يمثلها القتلة والمجرمون، ونطالب السلطات التنفيذية والقضائية بإنزال أشد العقوبات والقصاص العادل من هذا المجرم ومن خطط له أمام الشعب وبمكان ارتكابه الجريمة النكراء».
وإلى جانب المنتقدين لمسألة عدم الكشف عن دوافع القتل والجهة التي خلفها، يرى آخرون أن السلطات العراقية لجأت إلى إعلان القبض على الجاني وبث اعترافاته في هذا التوقيت، للتغطية على حادث الحرق في مستشفى الحسين، ولتفادي موجة جديدة من الاحتجاجات، خصوصاً بعد اقتراب موعد مسيرات واحتجاجات «إنهاء الإفلات من العقاب» المقررة (اليوم الأحد) في العراق ومدن غربية وأوروبية. إذ تخطط جماعات الحراك داخل العراق وخارجه منذ أسابيع، للانطلاق بهذا النشاط في محاولة للضغط على السلطات لمحاسبة القتلة وتقديمهم إلى العدالة.
ويقول أحد منظمي الحملة الناشط والإعلامي معن الجيزاني، إن «حملة إنهاء الإفلات من العقاب هي حملة وطنية عراقية يقودها صحافيون وناشطون مستقلون داخل وخارج العراق، وتهدف إلى لفت انتباه المجتمع الدولي لمشكلة أساسية نعتقد بأنها العقبة الكبيرة التي تحول دون استقرار العراق وأمنه وازدهاره، وهي مشكلة الإفلات من العقاب».
وأضاف في تصريحات أن «هدف الحملة ممارسة ضغوط قصوى على صناع القرار في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي باعتبارهم شركاء للعراق؛ من أجل دفعهم إلى تغيير سياساتهم تجاه العراق والمستندة إلى تقديم دعم غير مشروط للحكومات العراقية المتعاقبة دون تقييم أدائها المتمثل بالفشل في إدارة البلاد، وارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان وأخذ العراقيين إلى مستقبل مجهول».
وحسب الجيزاني، فإن «الاحتجاجات ستنطلق في الموعد المحدد في كل من أميركا والسويد، وفنلندا، وبريطانيا، وفرنسا، وكندا، وبلجيكا، وهولندا، وسويسرا».
بدوره، أكد «البيت الوطني»، المنبثق عن «حراك تشرين»، أمس، مشاركته في مسيرات «إنهاء الإفلات من العقاب».
وقال البيت الوطني، في بيان، «من أجل تثبيت الحق القانوني والإنساني والتاريخي أمام كل الذين اقترفوا جرائم الفساد والقتل بحق الشعب العراقي وأفلتوا من العقاب، يؤمن البيت الوطني أن العراقيين لن يهدأ لهم بال حتى يكون المجرمون بقبضة العدالة والقانون وإنهاء مسلسل الإفلات من العقاب ونيلهم القصاص العادل».



حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).