عباس يناقش في سويسرا سبل حل مشكلات موظفي قطاع غزة

قال إن عمل السلطة شبه معطل بسبب احتجاز إسرائيل أموال الضرائب

الرئيس عباس خلال استقباله من طرف ستيفن روسيني رئيس المجلس الوطني السويسري أمس في مدينة برن (أ.ب)
الرئيس عباس خلال استقباله من طرف ستيفن روسيني رئيس المجلس الوطني السويسري أمس في مدينة برن (أ.ب)
TT

عباس يناقش في سويسرا سبل حل مشكلات موظفي قطاع غزة

الرئيس عباس خلال استقباله من طرف ستيفن روسيني رئيس المجلس الوطني السويسري أمس في مدينة برن (أ.ب)
الرئيس عباس خلال استقباله من طرف ستيفن روسيني رئيس المجلس الوطني السويسري أمس في مدينة برن (أ.ب)

أنهى الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) أمس زيارة إلى سويسرا استمرت 3 أيام، التقى خلالها رئيسة الكونفدرالية السويسرية سيمونيتا سوماروغا، ووزير خارجية سويسرا ديديير بوركهالتر، ورئيس المجلس الوطني السويسري ستيفن روسيني، ورئيس مجلس الولايات كلود هيتشي، والسفراء العرب المعتمدين لدى سويسرا، وناقش معهم التطورات السياسية، وقضية احتجاز إسرائيل لأموال الضرائب ومستقبل العلاقات، إضافة إلى الورقة السويسرية الخاصة بحل مشكلة الموظفين في قطاع غزة.
وقال عباس في مؤتمر صحافي مع سوماروغا، إنه يثمن جهود سويسرا في مجالات مختلفة، بما فيها عمل دراسة لحل مشكلة الموظفين في غزة، والمعروفة بـ«خارطة الطريق السويسرية» المدعومة من أطراف دولية أخرى، مضيفا أنه ناقش مع المسؤولين السويسريين هذه القضية إلى جانب قضايا أخرى.
والورقة السويسرية هي عبارة عن مبادرة، يفترض أن تكون مدعومة من جهات أخرى، وتقترح استيعاب موظفين عينتهم حماس في وزارات خدماتية، وتقديم رزمة عروض تقاعد مبكر، ودفع إضافي لمرة واحدة لموظفي ما قبل يونيو (حزيران) 2007، ورزمة عروض تأمين ودفع إضافي لمرة واحدة لصالح مستخدمين جرى تعيينهم بعد يونيو 2007، إضافة إلى تقديم منح وقروض، وتوفير أعمال من خلال إعادة إعمار القطاع.
وأعلن عباس أن الحكومة الفلسطينية هي المخولة بمتابعة هذا الأمر مع سويسرا، لكن الحكومة الفلسطينية تنتظر نتائج دراسات قانونية للجان شكلتها لهذا الأمر.
وكان رئيس حكومة التوافق رامي الحمد الله قد عرض سابقا مقترحات قريبة من الورقة السويسرية على موظفي غزة، لكن حركة حماس ردت بالرفض، واحتل الموظفون التابعون لها لاحقا مقر مجلس الوزراء.
وأعلنت الحكومة الفلسطينية، أمس، التمسك بتحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية، عبر التنفيذ الكامل لاتفاق القاهرة وبيان الشاطئ، بما يضمن تحديد موعد لتسليم السلطة الوطنية عبر الحرس الرئاسي لمعبر رفح، وباقي المعابر الدولية لقطاع غزة، مؤكدة في بيان، تلقت «الشرق الأوسط» نسخة عنه، أن إنهاء الانقسام المدمر واستعادة الوحدة الوطنية هما طريق إعمار قطاع غزة وكسر الحصار الإسرائيلي، وهو ما يتطلب تمكين حكومة التوافق الوطني من الاضطلاع بمسؤولياتها في قطاع غزة، وإزالة العقبات التي تعترض طريقها، ومعالجة قضية الموظفين، وفقا لاتفاق القاهرة.
وجاء في البيان أن «حكومة التوافق تبذل جهودها لتعزيز التنمية، ومعالجة البطالة والفقر، وإصلاح البنى التحتية والنهوض بالخدمات الصحية والتعليمية والاجتماعية، ودعم المزارعين وأصحاب المصالح والمؤسسات المتضررة، ومعالجة أزمة الكهرباء والمياه». لكن تبقى قضية الموظفين من أهم وأبرز القضايا التي تؤجج الخلافات بين حركة حماس والسلطة.
وأبلغ عباس المسؤولة السويسرية، أن عمل السلطة الفلسطينية شبه معطل بسبب احتجاز إسرائيل لأموال الضرائب. مضيفا أن «إسرائيل بحجزها لأموال الضرائب خالفت الاتفاقيات المبرمة بين الجانبين، وهو عقاب جماعي غير مقبول ضد شعبنا، لأنه منذ ثلاثة أشهر لم ندفع للموظفين سوى ما نسبته 60 في المائة من مرتباتهم، وهو الأمر الذي يعطل عمل الأمن ومؤسسات الدولة، وعمل حكومة الوفاق الوطني، وخصوصا في غزة».
وأعلن عباس من سويسرا تمسكه بخيار السلام، مشيرا إلى أن الانضمام للمعاهدات والمواثيق الدولية، بما فيها محكمة الجنايات الدولية، ليس بديلاً عن التفاوض، لكنه اتهم إسرائيل بأنها تقوضه في المنطقة من خلال استمرارها في بناء المزيد من المستوطنات، وإطلاق أيدي المستوطنين ليمارسوا العنف والإرهاب ضد المواطنين وممتلكاتهم ومقدساتهم.
وكانت سوماروغا قد أعلنت أن بلادها تدعو إلى «المصالحة الفلسطينية بهدف أن تكون حكومة الوفاق الوطني مستعدة وقادرة على ممارسة سلطتها في غزة بفعالية، وهذا شرط أساسي في إعادة إعمار غزة»، مضيفة أنه يمكن لخارطة الطريق أن تمهد لذلك، وهي الخارطة التي تم وضعها بناء على تفويض لرئيس الوزراء الفلسطيني بعد المشاورات في رام الله وغزة. وقالت إن «من أركان سياستنا الخارجية توفير التدابير الداعمة للسلام والتعاون التربوي، والمساعدات الإنسانية.. وتحقيق السلام الدائم يرتكز أيضا على مسائل حقوق الإنسان، والقانون الدولي الإنساني، فهي كلها أشياء جوهرية، وهذه المجالات التي تبذل سويسرا فيها تقليديا مساعي حثيثة».
وكان عباس التقى رئيسة الكونفدرالية، في اجتماع مغلق، كما التقى وزير خارجية سويسرا ديديير بوركهالتر، والسفراء العرب المعتمدين لدى سويسرا في منزل السفير السعودي. وأطلع عباس السفراء العرب على تطورات الأوضاع في الأرض الفلسطينية، والانتهاكات الإسرائيلية المستمرة بحق الفلسطينيين، وخطورة استمرار حجز أموال الضرائب الفلسطينية، ما زاد من سوء الأوضاع الاقتصادية.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.