«أنطقته 3 جمل لم يقلها في حياته»... التكنولوجيا «تعوض» بطل فيلم بعد انتحاره

الطاهي الشهير أنتوني بوردان (أرشيفية - أ.ب)
الطاهي الشهير أنتوني بوردان (أرشيفية - أ.ب)
TT

«أنطقته 3 جمل لم يقلها في حياته»... التكنولوجيا «تعوض» بطل فيلم بعد انتحاره

الطاهي الشهير أنتوني بوردان (أرشيفية - أ.ب)
الطاهي الشهير أنتوني بوردان (أرشيفية - أ.ب)

كشف المخرج مورغان نيفيل أنه استخدم تقنية الذكاء الصناعي في فيلمه الوثائقي الجديد عن الطاهي الشهير أنتوني بوردان الذي انتحر عام 2018. حيث قام نيفيل، عبر الذكاء الصناعي، أن يجعل بوردان ينطق بأشياء لم يقلها أبداً.
وبحسب صحيفة «ديلي ميل» البريطانية، أوضح المخرج أنه أعطي لشركة عشرات الساعات من التسجيلات الصوتية لبوردان وقامت الشركة باستخدام الذكاء الصناعي لمعالجة صوت الطاهي ليقول جملاً تستخدم في «الوثائقي» الذي حمل اسم Roadrunner: A Film About Anthony Bourdain.

وتدور أحداث الفيلم الوثائقي حول بوردان، الذي انتحر في فندق بباريس في 2018 واستعان المخرج بأرشيف اللقاءات التي ظهر خلالها الطاهي الراحل في التلفزيون والإذاعة.
وقال نيفيل إنه استخدم بعض الحيل التكنولوجية لجعل بوردان ينطق بصوته 3 اقتباسات لم يقلها وهو على قيد الحياة، وأوضح: «إذا شاهدت الفيلم دون معرفة الجمل التي تم التلاعب بها فمن المحتمل أنك لا تعرفها».
يذكر أن تلك الحيلة التكنولوجية أطلق عليها في عام 2014 إيان جودفيلو، مدير التعلم الآلي في مجموعة المشاريع الخاصة بشركة «أبل»، عبارة « «deepfakeوالتي تعني أن التلاعب عبر تقنيات الذكاء الصناعي بمقاطع الفيديو والصور.
ولفتت «ديلي ميل» إلى أن تلك التقنية، التي تستخدم في بعض الأحيان بطريقة حميدة، قد أثارت جدلاً أخلاقياً في وقت سابق.
وأضافت أن الجدل صاحب ظهور فيديو مزيف شديد الاتقان يظهر النجم العالمي توم كروز كأنه يقوم بألعاب سحرية وقد حظي الفيديو بأكثر من 11 مليون مشاهدة عبر تطبيق «تيك توك».

وكذلك فيديو مزيف آخر منسوب لرئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي وكأنها تلهث وقد ساعد انتشار هذا الفيديو الزائف على أن يعجل «فيسبوك» بتنفيذ قرار بحظر تداول مقاطع الفيديو المتلاعب بها عبر مستخدمي الموقع لأنها «من المحتمل أن تضلل شخصاً ما ليعتقد أن ما قيل في الفيديو حقيقي».
ونقلت «ديلي ميل» تغريدة لراشيل توباك، إحدى الرؤساء التنفيذين لشركة للأمن عبر الإنترنت: «إننا وصلنا إلى مرحلة من التزييف العميق الذي لا يمكن اكتشافه تقريباً»، وحذرت: «ستؤثر تلك التقنية على ثقة الجمهور، وستوفر غطاء للمجرمين».
https://twitter.com/RachelTobac/status/1365414313289129987



«خيال مآتة»... حارس الحقول يُلهم تشكيلياً

«خيال مآتة» يلهم فنانين تشكيليين مصريين (الشرق الأوسط)
«خيال مآتة» يلهم فنانين تشكيليين مصريين (الشرق الأوسط)
TT

«خيال مآتة»... حارس الحقول يُلهم تشكيلياً

«خيال مآتة» يلهم فنانين تشكيليين مصريين (الشرق الأوسط)
«خيال مآتة» يلهم فنانين تشكيليين مصريين (الشرق الأوسط)

تُلهم الطبيعة المبدعين، وتوقظ ذاكرتهم ومخزونهم البصري والوجداني، وفي معرض الفنان المصري إبراهيم غزالة المقام بغاليري «بيكاسو أست» بعنوان (خيال مآتة) تبرز هذه العلاقة القديمة المستمرة ما بين ثلاثية الذاكرة والطبيعة والفن، عبر 25 لوحة زيتية وإكريلك تتأمل خيالات وجماليات الحقول في ريف مصر.

و«خيال المآتة» هو ذلك التمثال أو المجسم الذي اعتاد الفلاح المصري أن يضعه في وسط الحقل لطرد الطيور التي تلتهم البذور أو المحصول، وهو عبارة عن جلباب قديم محشو بالقش، يُعلق على عصا مرتفعة، مرتدياً قبعة لمزيد من إخافة الطير التي تظن أن ثمة شخصاً واقفاً بالحقل، فلا تقترب منه، ولا تؤذي النباتات.

والفكرة موجودة ومنتشرة في العديد من دول العالم، ويُسمى «فزاعة» في بلاد الشام، و«خراعة» في العراق.

جسد الفنان إبراهيم غزالة البيئة الريفية في معرضه (الشرق الأوسط)

«تلتقي الذكريات بالمشاعر لتجسد رحلة إنسانية فريدة من نوعها»... إحدى الجمل التي تناثرت على جدران القاعة والتي تعمق من سطوة العاطفة على أعمال المعرض، فمعها كانت هناك كلمات وجمل أخرى كلها تحمل حنيناً جارفاً للطفولة واشتياقاً لاستعادة الدهشة التي تغلب إحساس الصغار دوماً، وهو نفسه كان إحساس غزالة وفق قوله.

«في طفولتي لطالما كان (خيال المآتة) منبعاً للسعادة والبهجة مثل سائر أطفال القرية التي نشأت فيها، فهو بشكله الملون الزاهي غير التقليدي وأهميته التي يشير إليها الكبار في أحاديثهم، كان مثيراً للدهشة والفضول ويستحق أن نجتمع حوله، نتأمله وهو يعمل في صمت، متحملاً البرد والحر، ويترك كل منا العنان لخياله لنسج قصص مختلفة عنه».

يقدم الفنان (خيال مآتة) برؤية فلسفية إنسانية (الشرق الأوسط)

توهج خيال الأطفال تجاه (خيال المآتة) بعد الالتحاق بالمدرسة، وكان الفضل لقصة (خيال الحقل) للكاتب عبد التواب يوسف التي كانت مقررة على طلاب المرحلة الابتدائية في الستينات من القرن الماضي.

يقول غزالة لـ«الشرق الأوسط»: «خلال سطورها التقينا به من جديد، لكن هذه المرة كان يتكلم ويحس ويتحرك، وهو ما كان كافياً لاستثارة خيالنا بقوة أكبر».

ومرت السنوات وظل (خيال المآتة) كامناً في جزء ما من ذاكرة غزالة، إلى أن أيقظته زيارة قام بها إلى ريف الجيزة (غرب القاهرة) ليفاجأ بوجود الكائن القديم الذي داعب خياله منذ زمن، وقد عاد ليفعل الشيء نفسه لكن برؤية أكثر نضجاً: «وقعت عيني عليه مصادفةً أثناء هذه الزيارة، وقمت بتكرار الزيارة مرات عدة من أجل تأمله، وفحصه من كل الجوانب والأبعاد على مدى سنتين، إلى أن قررت أن أرسمه، ومن هنا كانت فكرة هذا المعرض».

أحد أعمال معرض (خيال مآتة)

تناول الفنان (خيال المآتة) من منظور فلسفي مفاده أن مكانة شيء ما إنما تنبع في الأساس من دوره ووظيفته ومدى ما يقدمه للآخرين من عطاء، حتى لو كان هذا الشيء مجرد جماد وليس إنساناً يقول: «لكم تأكد لي أنه بحق له أهمية كبيرة للمجتمع، وليس فقط بالنسبة للفلاح؛ فهو يصون الثروة الزراعية المصرية».

ويعتبر الفنان التشكيلي المصري خيال المآتة مصدراً للسعادة والبهجة؛ إذ «يسمح للمزارعين بالمرور بلحظة الحصاد من دون حسرة على فقْد محصولهم، كما أنه رمز لبهجة الأطفال والإحساس بالأمان للكبار ضد غزوات الطيور على حقولهم». وفق تعبيره.

غزالة استدعى حكايات وأساطير من طفولته (الشرق الأوسط)

في المعرض تباينت أشكال «خيال المآتة»؛ فقد جعله طويلاً مرة وقصيراً مرة أخرى، ورجلاً وامرأة وطفلاً، يرتدي ملابس متعددة، مزركشة أو محايدة خالية من النقوش والتفاصيل: «ظن زائرو المعرض في افتتاحه أنني أنا الذي فعلت ذلك لـ(خيال المآتة)، لكن الحقيقة أنه الفلاح المصري الذي أبدع في إثراء شكله وتجديده مستعيناً بفطرته المحبة للجمال والفرحة، وما فعلته هو محاكاته مع لمسات من الذاكرة والخيال».

ووفق غزالة فإن «المزارع برع في كسوة هذا المجسم بملابس مختلفة ذات ألوان زاهية، وأحياناً صارخة مستوحاة من الطبيعة حوله، إنها الملابس القديمة البالية لأفراد أسرته، والتي استغنى عنها، وأعاد توظيفها تطبيقاً للاستدامة في أبسط صورها».

الفنان إبراهيم غزالة (الشرق الأوسط)

جمعت الأعمال ما بين الواقعية والتجريدية وتنوعت مقاساتها ما بين متر ومتر ونصف، جسدت بعضها الطيور مثل «أبو قردان»، واحتفى بعضها الآخر بجمال المساحات الخضراء الممتدة والنخيل والأشجار الكثيفة، لكنها في النهاية تلاقت في تعبيرها عن جمال الحياة الريفية البسيطة.