حكومة السودان الانتقالية تواصل «تفكيك» نظام البشير

«لجنة إزالة التمكين» تسلم وزارة المالية مليارات الدولارات

TT

حكومة السودان الانتقالية تواصل «تفكيك» نظام البشير

قدمت لجنة «تفكيك نظام البشير» في السودان المعنية بتصفية ممتلكات ونفوذ أعضاء النظام السابق، جرد حساب لعملها منذ تأسيسها في عام 2019. وعددت اللجنة في تقريرها ما نفذته من تصفية لمراكز نظام البشير السياسية والاقتصادية، وحزب «المؤتمر الوطني» الذي ترأسه عمر البشير وأسسه الإخوان المسلمون وحكم البلاد طوال 30 عاماً.
كما أعلنت اللجنة في مؤتمر صحافي مساء أول من أمس (الخميس)، تسليم كل الأموال والعقارات التي استردتها من أعضاء النظام السابق وحزبه، إلى وزارة المالية، فضلاً عن عمليات تصفية الحزب والنظام وموزه من وظائفهم في الخدمة المدنية.
وقال عضو مجلس السيادة، الرئيس المناوب للجنة محمد الفكي سليمان، إن عمل اللجنة سياسي بامتياز، وهدفه تصفية النظام المعزول وحزبه ومراكزه المالية والاقتصادية، باسترداد الأموال المنهوبة من الشعب. وأضاف: «لن يفلت أي شخص نهب مال الشعب ولو عقال بعير»، وذلك في إشارة للجهود التي تبذلها لجنته لملاحقة وتصفية وتفكيك نظام الإسلاميين.
وواجهت لجنة تفكيك نظام الإنقاذ في الآونة الأخيرة، حملات تشكيك واسعة، من أفراد النظام المعزول واتهامات بالفساد والتصرف في الأموال المستردة وبأنها غير قانونية، وتمارس نفس ممارسات نظام البشير، خصوصاً بعد تضارب التصريحات بين اللجنة ووزير المالية، وهي الأسئلة التي جاء المؤتمر الصحافي وجرد الحساب لتفنيدها.
وتوعد الفكي بالمضي قدماً في تنفيذ أهداف ثورة ديسمبر (كانون الأول) 2019 باسترداد الأموال المنهوبة كافة، وكشف عن اتخاذ قرارات حاسمة خلال الأيام القليلة المقبلة، لا سيما ملاحقة «قروض» بمليارات الدولارات تم اقتراضها باسم السودان، استولى عليها رموز النظام المعزول دون تنفيذ المشاريع التي كان الاقتراض من أجلها.
وبشأن توظيف الأموال والعقارات التي تستردها اللجنة، قال الفكي إن لجنته غير معنية بهذا الأمر، ومهمتها تنتهي بإصدار القرار لتؤول الممتلكات مباشرةً إلى وزارة المالية التي تصبح مسؤولة عن توظيف هذه الأموال، ودعا الصحافيين لمراقبة عمل اللجنة والتدقيق في أي اتهامات قد تطال أحد أعضائها.
وحذر الفكي من التهرب الضريبي، داعياً المتهربين لتوفيق أوضاعهم الضريبة قبل أن تصل أعمال اللجنة إليهم، قائلاً: «حينها لن ينفع الندم»، وذلك في إشارة للإعفاءات الضريبية الواسعة التي كانت تمنح لرموز النظام المعزول ومحاسيبه وأنصاره، ووقف تحصيل الضرائب منهم، مع التشديد الضريبي على غير الموالين لحكومة البشير والإسلاميين. وتوقف الفكي عند تدني التحصيل الضريبي في البلاد، وقال إن السودان أقل البلدان في تحصيل الضرائب، ولا تتجاوز النسب الضريبية 5% من دخل الدولة، ومع ذلك لا يتم تحصيل النسبة الغالبة منها، مقارنةً بالضرائب التي تتراوح بين 12 و14% في البلدان المجاورة.
وبدوره، أعلن وزير الشؤون الدينية والأوقاف نصر الدين مفرح، استرداد أعداد كبيرة من الأوقاف من محاسيب ومنظمات نظام البشير بواسطة لجنة تفكيك التمكين، تبلغ قيمتها نحو 215 تريليون و450 مليار جنيه (الدولار يعادل 451 جنيهاً سودانياً). وقال مفرح إن جملة العقارات الوقفية التي اكتملت عمليات استردادها بلغت 81 عقاراً، وتوقف عند عقار قال إن شقيق الرئيس المعزول البشير كان يعود عليه بنحو 300 ألف دولار سنوياً، عادت الآن لوزارة الأوقاف، وأن شقيق الرئيس «كان يتلاعب بإيجارات العقارات عن طريق الإيجار من الباطن، خصوصاً في «عمارة سوق الذهب» وسط الخرطوم، حيث يدفع هو للأوقاف 8 آلاف جنيه بينما يحصل هو على ثلاثة كيلوغرامات من الذهب.
وأوضح مفرح أن اللجنة استردت في ولاية الجزيرة وحدها 105 عقارات بعائد سنوي نحو تريليون و425 مليار جنيه، تم تخصيصها لرعاية الأطفال ومرضى السرطان في الولاية، وتطوير الخدمات الصحية، وإعادة تأهيل الوقف.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».