الجائحة تحرم 17 مليون طفل من اللقاحات الدورية

«الصحة العالمية» حذرت من إهمال الوقاية من أمراض أخرى

تلقيح أطفال ضد فيروس «كورونا» في مدرسة بمدينة  تانغرانغ الإندونيسية الثلاثاء (أ.ب)
تلقيح أطفال ضد فيروس «كورونا» في مدرسة بمدينة تانغرانغ الإندونيسية الثلاثاء (أ.ب)
TT

الجائحة تحرم 17 مليون طفل من اللقاحات الدورية

تلقيح أطفال ضد فيروس «كورونا» في مدرسة بمدينة  تانغرانغ الإندونيسية الثلاثاء (أ.ب)
تلقيح أطفال ضد فيروس «كورونا» في مدرسة بمدينة تانغرانغ الإندونيسية الثلاثاء (أ.ب)

أفادت منظمة الصحة العالمية أن تداعيات جائحة «كوفيد - 19» على المنظومات والخدمات الصحية حالت حتى الآن دون حصول 17 مليون طفل في العالم على الجرعة الأولى من اللقاحات ضد الحصبة، وعلى الجرعات الثلاث ضد الدفتيريا والكزاز والسعال الديكي.
وتستند المنظمة في تقديراتها إلى مجموعة من الأبحاث والدراسات التي أجراها خبراء في عدد من الجامعات الأميركية والأوروبية، أظهرت أن الأزمة الصحية الراهنة تسببت في انخفاض المستوى العالمي للحماية ضد هذه الأمراض دون 80 في المائة في العام الماضي، أي أقل بنسبة 7 في المائة من المستوى الذي كان متوقعاً لولا ظهور الجائحة. وكانت دراسة أجراها باحثون من جامعة واشنطن ونشرتها مجلة «لانسيت» في عددها الأخير، قد أفادت أن تدني مستوى المناعة ضد هذه الأمراض من شأنه زيادة مخاطر عودة هذه الأمراض إلى الانتشار والتسبب في وفيات بين الأطفال في البلدان النامية.
وتفيد المنظمة الدولية أنها اعتمدت في تقديراتها، إلى جانب الدراسات المذكورة، إلى بيانات التلقيح الشهرية التي تردها من الدول الأعضاء، وأن 74 في المائة من هذه البلدان اضطرت لوقف أنشطة التلقيح ضد هذه الأمراض خلال الجائحة، وذلك بسبب من تدابير العزل والإقفال التي فرضتها السلطات لاحتواء الوباء، ولأن كل الموارد الصحية سخرت لمكافحة كوفيد، ما همش العناية بجميع الأمراض الأخرى.
وجاء في بيان المنظمة أن الدول الأكثر تضرراً كانت في جنوب آسيا، حيث لم تتمكن الأنظمة الصحية من توزيع 6 ملايين لقاح ضد الأمراض الأربعة، وأن الحماية المناعية ضدها تراجعت بنسبة 17 في المائة.
واللافت أن المنطقة الأقل تضرراً كانت القارة الأفريقية جنوب الصحراء الكبرى، حيث تراجعت الحماية بنسبة 4 في المائة، وذلك بسبب الانتشار المتأخر لكوفيد في تلك المنطقة كما يقول مدير التحليل في المعهد العالمي للصحة رافايل سانجوان، الذي يرجح أن يعود هذا التراجع الطفيف إلى أن كوفيد لم ينتشر في تلك المنطقة قبل أواسط العام الفائت، فضلاً عن أن أنظمة التلقيح متطورة في البلدان الأفريقية التي يشكل الطب الوقائي حجر الزاوية في منظوماتها الصحية منذ سنوات. لكن رغم ذلك، تنبه منظمة الصحة أن الحماية المناعية ضد هذه الأمراض الأربعة في أفريقيا ما زالت دون المستوى المطلوب، وأن ذلك قد يؤدي إلى انتشارها مجدداً.
أما في البلدان المتقدمة، فقد تضاعف عدد الأطفال الذين لم يحصلوا على هذه اللقاحات في العام الفائت، أي ما يزيد عن 1.2 مليون طفل. ويقدر خبراء المنظمة أنه، لولا ظهور الجائحة وما استدعته مكافحتها من تعبئة شاملة للخدمات الصحية، كانت الحماية المناعية في أوروبا ضد هذه الأمراض قد بلغت 96 في المائة، أي ما يعادل السيطرة الكاملة عليها بشكل نهائي.
وتفيد الدراسات أن مستويات التلقيح عادت إلى الارتفاع منذ نهاية العام الفائت إلى أن بلغ المعدل الشهري العالمي المستوى الذي كان متوقعاً، لكن تغطية الأطفال الذين لم يحصلوا على هذه اللقاحات في العام الفائت قد تستغرق حتى نهاية السنة المقبلة. وينبه المعهد العالمي للصحة من أن وصول البلدان الغنية إلى المناعة الجماعية ضد كوفيد سيزيد من كمية اللقاحات المتاحة للبلدان الفقيرة، وأن هذه قد تميل إلى تركيز جهودها على التلقيح ضد كوفيد وإهمال التلقيح ضد الأمراض الأخرى، الأمر الذي دفع بمنظمة الصحة إلى التحذير من عواقب الطوارئ الصحية التي يمكن أن تنشأ عن أمراض أخرى، خاصةً في البلدان الفقيرة والنامية.
ويقول مدير الطوارئ الصحية في المنظمة مايك رايان: «من المهم جداً في الأشهر والسنوات المقبلة عدم الاكتفاء باستعادة مستوى المناعة قبل الجائحة، لأن ذلك من شأنه ترسيخ الفوارق السابقة. بل يجب استخلاص العبرة من هذه الأزمة وإرساء نظم تمنيع روتينية قوية توفر تغطية شاملة للأطفال».


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».