خلافات حادة بين القيادات العربية في الكنيست

الإسلاميون أسقطوا مقترح لجنة تحقق في إهمال الشرطة

عرب إسرائيل في قرية مجد الكروم يتظاهرون ضد العنف والجريمة خلال أكتوبر 2019 (أ.ف.ب)
عرب إسرائيل في قرية مجد الكروم يتظاهرون ضد العنف والجريمة خلال أكتوبر 2019 (أ.ف.ب)
TT

خلافات حادة بين القيادات العربية في الكنيست

عرب إسرائيل في قرية مجد الكروم يتظاهرون ضد العنف والجريمة خلال أكتوبر 2019 (أ.ف.ب)
عرب إسرائيل في قرية مجد الكروم يتظاهرون ضد العنف والجريمة خلال أكتوبر 2019 (أ.ف.ب)

بعد أن تسبب نواب «الحركة الإسلامية» في سقوط اقتراح تقدمت به «القائمة المشتركة للأحزاب العربية» كان يرمي لتشكيل لجنة تحقيق برلمانية لبحث إهمال الشرطة تفاقم الجريمة في المجتمع العربي وتدخل «جهاز المخابرات (الشاباك)» في الجرائم، نشبت خلافات حادة وشنت حملات تحريض متبادل بين الكتلتين العربيتين، تخللتها شتائم واتهامات فظة.
وقد تنادت القوى الوطنية ومجموعات من المثقفين للتدخل ومناشدة القادة السياسيين من جميع الأطراف لجم الألسنة ووقف حملات العداء، محذرين بأن «السياسيين الذين يدعون أنهم يختلفون بسبب موضوع العنف، يمارسون بأنفسهم عنفاً كلامياً قد يتحول بسهولة إلى عنف جسدي بين أنصار ومؤيدي الكتلتين».
وكان النائب أيمن عودة، رئيس «القائمة المشتركة»، قد طرح مشروع قرار يقضي بتشكيل لجنة التحقيق «بسبب تفاقم الجريمة في المجتمع العربي، حيث قتل 120 مواطناً في سنة 2020 و63 مواطناً في سنة 2021؛ آخرهم قتل قبل دقائق من ظهوري أمامكم، وهو أب لستة أولاد». وأضاف أنه «بات واضحاً أن عملاء الاحتلال الإسرائيلي الهاربين من الضفة الغربية وقطاع غزة، هم مساهمون أساسيون في انتشار الجريمة عندنا؛ أولاً لأنهم يمارسون الجريمة، وثانياً لأن الشرطة لا تستطيع أن تتعرض لهم بدعوى أن لديهم حصانة من المخابرات». وقال: «هذه أمور تستحق التحقيق من لجنة نزيهة إذا كنتم تريدون فعلاً مكافحة الجريمة».
وقد فاجأ رئيس المعارضة، بنيامين نتنياهو، الذي قاد الحكم طيلة 12 عاماً وكان له دور أساسي في إهمال مكافحة الجريمة، مقدمي المقترح بأن قرر وبقية نواب المعارضة مساندة اقتراح «القائمة المشتركة»، فحظي بتأييد 54 نائباً. لكن هذا لم يكن كافياً لتمرير المشروع؛ إذ إن 3 من نواب «الحركة الإسلامية (القائمة العربية الموحدة)» صوتوا ضد تشكيل اللجنة؛ وهم: منصور عباس، وسعيد الخرومي، ووليد طه، وتغيب الرابع مازن غنايم بشكل مقصود. فسقط الاقتراح بأكثرية أصوات الائتلاف الحكومي (57 مقابل 54).
«القائمة المشتركة» هاجمت تصرف «الحركة الإسلامية»، وأوضحت، في بيان، أن الاقتراح نص على «إقامة لجنة تحقيق برلمانية مع صلاحيات واضحة للتحقيق مع الشرطة، لحمايتها عصابات الإجرام بحجة أنهم عملاء للشاباك». وتابعت أن نواب «الموحدة»؛ منصور عباس، ووليد طه، وسعيد الخرومي، ومعهم غيداء ريناوي وعيساوي فريج من حزب «ميريتس»، وابتسام مراعنة من حزب العمل، «أسقطوا إمكانية إجراء هذا التحقيق ضد الشرطة وحمايتها عصابات الإجرام المنظم وضد إعطائهم مزيداً من القوة بمنع التحقيق معهم».
وبحسب «المشتركة»؛ فإن اللجنة التي ينص عليها الاقتراح «تختلف تماماً عن لجنة عادية في الكنيست مثل اللجنة الفاشلة والصورية التي ترأسها منصور عباس في الماضي. بل نريد لجنة تستدعي شهوداً من كبار الضباط حتى رئيس الحكومة، وتقدم التوصيات». وذكرت «المشتركة» أنها توجهت لنواب «الموحدة» و«ميريتس» من أجل «التعاون معنا في هذا الموضوع المصيري، ولكن عبثاً؛ فقد فضلوا سلامة الائتلاف ووحل الحكومة، بدلاً من سلامة مجتمعنا وأمنه ومحاسبة المتورطين في دماء أبنائنا». وانتقدت منصور عباس «الذي صمم على التصويت ضد الاقتراح بشكل يندى له الجبين»؛ لافتة إلى أن «مجتمعنا سيحاسب كل من سوّلت له نفسه دعم عصابات الإجرام، أو حمايتها، بأي شكل من الأشكال».
وكان منصور عباس قد عقد جلسة مع رئيس الوزراء، نفتالي بنيت، للتنسيق بشأن التصويت على اقتراح تشكيل لجنة التحقيق في فشل الشرطة في محاربة الجريمة بالمجتمع العربي. ثم أصدر بياناً قال فيه إن «الموحدة» لم تدعم تشكيل لجنة تحقيق «لإيمانها بأن قيام (المشتركة) بطرح الموضوع، يأتي فقط من باب الاستمرار في الأسلوب الشعبوي للمزايدة على (الموحدة) ومحاولة إحراجها. نحن نعمل من داخل الائتلاف الحكومي لفحص أداء الشرطة وتوجيهها لصالح مجتمعنا العربي، ولإقرار الخطط وتجنيد الميزانيات لمكافحة الجريمة والعنف بشكل فعلي. نحن مستمرون بالأفعال والإنجازات وجلب الميزانيات لمجتمعنا»، بحسب ما ورد في البيان.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».