تقرير حقوقي عن «مرسوم العفو»: النظام أطلق 81 سجيناً واعتقل 176 شخصاً

TT

تقرير حقوقي عن «مرسوم العفو»: النظام أطلق 81 سجيناً واعتقل 176 شخصاً

قالت «الشبكة السورية لحقوق الإنسان» في تقرير أمس إن «النظام السوري أفرج عن 81 شخصاً بموجب مرسوم العفو الصادر في مايو (أيار) الماضي، فيما قام باعتقال ما لا يقل عن 176 شخصاً منذ صدوره، مشيرة إلى أنه «رغم جميع مراسيم العفو لا يزال هناك قرابة 131 ألف معتقل- مختفٍ على خلفية الحراك الشعبي المعارض للنظام السوري».
وقدم التقرير - الذي جاء في 20 صفحة - خلفية موجزة عن طبيعة إقرار العفو العام في الدستور السوري، وبأنه من اختصاص السلطة التشريعية، وأوردَ أنه يمنح لأشخاص لم يدرس أحد حالتهم، على خلاف العفو الخاص، وبالتالي فإن المشرع نادراً ما يصدر العفو العام، لكن الرئيس بشار الأسد «أصدر ما لا يقل عن ثمانية عشر عفواً عاماً، ما بين عفو شامل وعفو جزئي عن جرائم عسكرية منذ اندلاع الحراك الشعبي نحو الديمقراطية في2011. وقد أدى هذا الإفراط الشديد في العفو إلى إطلاق سراح مرتكبي الجرائم، والمتطرفين، وإغراق المجتمع بهم وتجنيد بعضهم ضمن الميليشيات المحلية، ورغم جميع تلك المراسيم فإنها لم تشمل المعتقلين السياسيين من معارضي النظام السوري، إلا في حالات نادرة جداً وذلك لإعطاء بعض المصداقية لها».
وقال التقرير إنَّ الأسد قد أصدر مرسوم العفو الأخير رقم 13 لعام 2021 في 2 مايو (أيار) قبل انتخابات رئاسة الجمهورية في 26 مايو، فيما يبدو أنه رغب أن يقدم للمجتمع شيئاً ما، في ظلِّ فشله المطبق طوال سنوات حكمه الماضية وبشكل خاص منذ عام 2011.
استعرض التقرير حصيلة حالات وحوادث الاعتقال والإفراج منذ الثاني من مايو وحتى أمس و«ميَّز ما بين حصيلة عمليات الإفراج المرتبطة بالعفو وغير المرتبطة به والتي كانت ضمن سياق انتهاء مدة الأحكام». وذكر أنه تم التحقق قدر الإمكان من تهمِ الذين أفرجَ عنهم منذ صدور هذا المرسوم، وأضاف أن حالات الإفراج الواردة فيه تعود للمعتقلين على خلفية سياسية، ولم يستعرض حالات الإفراج عن المحتجزين الجنائيين المتهمين بالسرقة أو التزوير وما يُشابهها. ولا تشمل حصيلة الإفراجات الواردة فيه هذا التقرير حصيلة المعتقلين الذين أفرج عنهم ضمن عمليات اتفاقات المصالحة التي يجريها النظام السوري في محافظتي ريف دمشق ودرعا.
كما تحدث التقرير عن شبكات المصالح التي أنشأها النظام السوري بهدف التكسب والارتزاق على حساب معاناة المختفين قسرياً لديه، والتي تتكون من ضباط، وقضاة، ومحامين، وسماسرة، وعناصر أمن، وميليشيات محلية، وتجمع هؤلاء صلتهم مع الأفرع الأمنية ومحكمة الميدان العسكرية الشاذة، ومحكمة الإرهاب، وقال إنَّ هذه الشبكات تنشط على نحوٍ كبير عقب أو قبيل إصدار كل مرسوم للعفو. ورصدَ التقرير «ما لا يقل عن 92 عملية ابتزاز لأهالي معتقلين محتجزينَ ضمن السجون المركزية من قبل شبكات الاستغلال مقابل تقديم وعود بتشميل أبنائهم المعتقلين في العفو وإصدار قرارات إخلاء سبيل لهم».
سجَّل التقرير إفراج النظام السوري عما لا يقل عن 81 شخصاً بينهم 17 سيدة من المدنيين والإعلاميين والموظفين الحكوميين والمحامين والطلاب الجامعيين، بموجب المرسوم التشريعي «تراوحت مدة اعتقال معظمهم ما بين شهرين إلى ستة أشهر. وكانت قد وجهت إلى معظم المفرج عنهم تهمتي إضعاف الشعور القومي ونشر أنباء من شأنها أن توهن نفسية الأمة».
طبقاً للتقرير فإن «قوات النظام السوري لم تتوقف عن ملاحقة واستهداف المدنيين في مناطق سيطرتها على خلفية معارضتهم السياسية وآرائهم المكفولة بالدستور السوري والقانون الدولي». وسجل «176 حالة اعتقال بينهم 5 أطفال وسيدتان». كما وثق التقرير ما لا يقل عن 63 شخصاً بينهم 2 طفلاً وسيدة، أفرج عنهم من مراكز الاحتجاز التابعة لقوات النظام السوري، تزامن الإفراج عنهم بعد صدور المرسوم ولم يفرج عنهم بموجبه وإنما بعد انتهاء أحكامهم التي يعتبرها تعسفية.
وقال إن المرسوم لم يشمل المعتقلين السياسيين والمعتقلين على خلفية التعبير عن الرأي ونشطاء الحراك الشعبي، وطال أحكام التهم التي كانت توجَّه بشكل تلقائي للغالبية العظمى من المعتقلين، ويتم تضمينها في كل عفو، وبالتالي فقد شملت هذه التهم المعتقلين بمراسيم سابقة، ومع ذلك لم يطلق سراحهم لوجود تهم أخرى يحاكمون بموجبها، وهذا تكتيك مقصود من قبل النظام السوري لتضليل الرأي العام.



هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

تزامناً مع الاستعداد لزيارة وفد من جامعة الدول العربية إلى دمشق خلال أيام، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع سيشغل مقعد بلاده في اجتماعات الجامعة المقبلة.

وأعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، في تصريحات متلفزة مساء الأحد، أنه «سيزور العاصمة السورية دمشق خلال أيام على رأس وفد من الأمانة العامة للجامعة لعقد لقاءات من الإدارة السورية الجديدة وأطراف أخرى؛ بهدف إعداد تقرير يقدم للأمين العام، أحمد أبو الغيط، وللدول الأعضاء بشأن طبيعة التغيرات في سوريا».

وكانت «الشرق الأوسط» كشفت قبل أيام عن عزم وفد من الجامعة على زيارة دمشق بهدف «فتح قناة اتصال مع السلطات الجديدة، والاستماع لرؤيتها»، وفقاً لما صرح به مصدر دبلوماسي عربي مطلع آنذاك.

وخلال تصريحاته، عبر شاشة «القاهرة والناس»، أوضح زكي أنه «قبل نحو ثلاثة أيام تواصلت الجامعة العربية مع الإدارة السورية الجديدة لترتيب الزيارة المرتقبة».

وبينما أشار زكي إلى أن البعض قد يرى أن الجامعة العربية تأخرت في التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، أكد أن «الجامعة ليست غائبة عن دمشق، وإنما تتخذ مواقفها بناءً على قياس مواقف جميع الدول الأعضاء»، لافتاً إلى أنه «منذ سقوط نظام بشار الأسد لم يحدث سوى اجتماع واحد للجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا منتصف الشهر الماضي».

وأوضح الأمين العام المساعد أن «الجامعة العربية طلبت بعد ذلك بأسبوع اجتماعاً مع الإدارة السورية الجديدة»، وقال: «نقدّر الضغط الكبير على الإدارة الجديدة، وربما عدم وجود خبرات أو أفكار كافية لملاحقة مثل هذه الطلبات».

وعقدت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا اجتماعاً بمدينة العقبة الأردنية، في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكدت خلاله الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية.

وحول الهدف من الزيارة، قال زكي: «هناك دول عربية تواصلت مع الإدارة الجديدة، لكن باقي أعضاء الجامعة الـ22 من حقهم معرفة وفهم ما يحدث، لا سيما أنه ليس لدى الجميع القدرة أو الرغبة في التواصل». وأضاف أن «الزيارة أيضاً ستتيح الفرصة للجانب السوري لطرح رؤيته للوضع الحالي والمستقبل».

ولن تقتصر زيارة وفد الجامعة إلى سوريا على لقاء الإدارة الجديدة، بل ستمتد لأطراف أخرى فصَّلها زكي بقوله: «سنلتقي أي أطراف من المجتمع المدني والقيادات الدينية والسياسية». لكنه في الوقت نفسه نفى إمكانية لقاء «قسد»، وقال «(قسد) وضعها مختلف، كما أنها بعيدة عن العاصمة، حيث ستقتصر الزيارة على دمشق».

ومنذ إطاحة نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي. وفي هذا السياق، تواصلت دول عربية عدة مع الإدارة الجديدة، سواء عبر زيارات رسمية أو وفود برلمانية واستخباراتية أو اتصالات هاتفية.

وهو ما وصفه رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور محمد عز العرب، بـ«الانفتاح العربي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للسعودية أولى محطاته الخارجية يعدّ تأكيداً على رغبة دمشق في تعميق علاقتها العربية، لا سيما مع حاجتها إلى دعمها من أجل رفع العقوبات عن البلاد وإعادة إعمارها».

وأكد عز العرب أن «زيارة وفد الجامعة العربية المرتقبة إلى دمشق ستعمّق العلاقات العربية - السورية، في سياق انفتاح متبادل بين الجانبين».

واتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور أحمد يوسف أحمد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجامعة العربية تتحرك بما يتلاءم مع توجهات أعضائها أو على الأقل الدول الوازنة فيها».

هذا الانفتاح العربي يأتي إيماناً بأن «سوريا دولة كبيرة ومهمة»، بحسب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الذي قال: «سوريا تحتاج إلى كل الدعم العربي السياسي والمادي»، مضيفاً: «قد يكون الوضع غير مرضٍ للبعض، ويمكن تفهم هذا، لكن الشأن السوري أمر مرتبط بالسوريين أنفسهم إلى أن يبدأ في التأثير على دول قريبة».

وأضاف: «سوريا تمر بمرحلة جديدة، لكتابة التاريخ بأيدي مواطنيها، وعلى الدول العربية مدّ يد العون لها».

وبشأن شغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة، قال زكي إن «القرار بيد الدول العربية وليس الأمانة العامة»، موضحاً أنه «لو كانت سوريا غير ممثلة ومقعدها شاغر كان من الممكن بحث عودتها الآن وربما وضع بعض المطالب لتحقيق ذلك».

وأضاف: «الواقع يقول إن سوريا موجودة في الجامعة وتشغل مقعدها، أما من يمثلها في هذا المقعد فهو أمر سوري في الأساس. عند تغيير الحكم في أي دولة يمثل الحكم الجديد بلده في المنظمة». لكن زكي أشار في الوقت نفسه إلى أن «هناك أموراً تتعلق بتمثيل شخص معين للدولة، وهنا قد يكون الأمر مرتبطاً بمجلس الأمن، حيث إن هناك قرارات تخصّ التنظيم الذي يرأسه الشرع لا بد من التعامل معها بشكل سريع وسلس».

وقال: «سوريا دولة كبيرة وما يحدث لها يعني العرب، ونظام الحكم الحالي غير النمطي قد لا يسهل الانفتاح عليه، لكن في النهاية دولة بهذه التركيبة لا يمكن أن تترك من جانب العرب».

وأقرّ مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقد في القاهرة في 7 مايو (أيار) 2023 عودة سوريا لمقعدها بالجامعة، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.

بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي السوري، غسان يوسف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الحالية هي التي تقود العملية السياسية في سوريا، وهي سلطة الأمر الواقع، وأي اجتماع في الجامعة العربية سيحضره من يمثل هذه الإدارة لأنه ليس هناك بديل آخر الآن».

بينما أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن «شغل الشرع لمقعد بلاده يتطلب اعترافاً من الجامعة العربية بالإدارة الجديدة، فالتواصل الذي حدث حتى الآن لا يعني بالضرورة اعترافاً به». وأشار إلى أن «الأمر قد يرتبط أيضاً بقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن وما إذا كان سيسقط تكييف (الإرهاب) عن (هيئة تحرير الشام)».

لكن أحمد أشار إلى أن «الانفتاح العربي الحالي قد يحل المسألة، لا سيما مع وجود سوابق تاريخيّة اعترفت فيها الجامعة بحكم انتقالي كما حدث في العراق عام 2003».

وفي سبتمبر (أيلول) عام 2003 أعلنت الجامعة العربية، عقب اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، الموافقة على شغل مجلس الحكم الانتقالي العراقي مقعد بلاده في الجامعة بصورة مؤقتة إلى حين قيام حكومة شرعية في بغداد.

وأعرب عز العرب عن اعتقاده أن «الفترة المقبلة ستشهد رفعاً للعقوبات الدولية عن سوريا، وتعزيزاً لشرعية الإدارة الجديدة».

وبينما أكد غسان يوسف أن «العقوبات لم ترفع عن سوريا حتى الآن»، أبدى تفاؤلاً بـ«إمكانية تغير الوضع مع عقد مؤتمر الحوار الوطني في سوريا الذي سيعطي مشروعية للحكومة».

وكانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت علاقتها به عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما أن قائدها أحمد الشرع، وكان وقتها يكنى «أبو محمد الجولاني» مدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.