فضل شاكر يعتزم تسليم نفسه للقضاء بعد فك علاقته مع الأسير

مقرب منه ينفي «تسويات ومقايضات» بالملف

فضل شاكر يعتزم تسليم نفسه للقضاء بعد فك علاقته مع الأسير
TT

فضل شاكر يعتزم تسليم نفسه للقضاء بعد فك علاقته مع الأسير

فضل شاكر يعتزم تسليم نفسه للقضاء بعد فك علاقته مع الأسير

أعلن مقربون من المغني التائب فضل شاكر المطلوب للقضاء اللبناني أمس، أنه سيسلم نفسه للسلطات اللبنانية «حين تنهي المحامية الموكلة الدفاع عنه دراسة ملفه في توقيت يعلنه لاحقًا»، وذلك بعد نحو عام على إصدار القضاء العسكري اللبناني قرارًا اتهاميًا طلب فيه الإعدام لشاكر ولـ54 شخصًا آخر بينهم رجل الدين المتشدد أحمد الأسير الفار أيضًا.
وتوارى كل من شاكر والأسير عن الأنظار بعد معركة بين أنصار الأسير والجيش اللبناني في منطقة عبرا قرب مدينة صيدا في جنوب لبنان، في شهر يونيو (حزيران) 2013. وبدأت ملاحقات قضائية في حقهما بتهمة «قتل ضباط وعناصر من الجيش والتعرض لمؤسسة الدولة».
وقرر شاكر تسليم نفسه إلى الأجهزة الأمنية اللبنانية خلال الأيام المقبلة بعد انفصاله كليا عن الأسير، وفق ما أعلنت محاميته مي الخنسا أمس، مشيرة إلى أنه تخلى عن خطه المتشدد. وأوضح المنتج الفني الذي ربطته ولا تزال علاقة صداقة بشاكر، عماد قانصو لـ«الشرق الأوسط»، إن «فضل سيسلم نفسه حين ينتهي فريق الدفاع عنه دراسة ملفه»، مشيرًا إلى أن الخيار وقع على تكليف المحامية مي الخنسا بالدفاع عنه «من ضمن 3 خيارات».
وقال قانصو إن شاكر «على قناعة بأنه لم يقاتل الجيش اللبناني، وغُرّر به في الفترة السابقة، واتخذ قرارًا بتسليم نفسه وتسوية أوضاعه عبر القضاء اللبناني فقط»، نافيًا في الوقت نفسه «جميع الأنباء التي تحدثت عن تسوية أو مقايضة لتسوية وضعه، وبينها ما أشيع عن تدخل الوزيرة اللبنانية السابقة ليلى الصلح حمادة أو غيرها في القضية». وأكد أن شاكر «رفض في السابق تسويات عُرضت عليه لتسوية وضعه وإنهاء حالة فراره من القضاء اللبناني، لكنه رفض جميع التسويات، مصرًا على أن يخضع لمحاكمة عادلة ويصدر قرار قضائي يبرئه من التهم المنسوبة إليه».
ويوجد فضل شاكر حاليا في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين القريب من صيدا، بحسب ما أكد قانصو. وتتولى المخيمات الفلسطينية في لبنان «أمنها الذاتي»، ولا تدخلها القوى الأمنية اللبنانية بموجب اتفاق ضمني مع الفصائل الفلسطينية.
من جهتها، أكدت محامية شاكر مي الخنساء لـ«الشرق الأوسط» أن فضل «سيتخذ قرار تسليم نفسه في الساعة والتاريخ المحددين، بعد أن أنجز دراسة ملفه خلال الأيام المقبلة»، لافتة إلى أنها ستبدي رأيها بعد الاطلاع على الملف، وبعدها «سيضع فضل نفسه بتصرف العدالة».
وأشارت الخنساء إلى أن شاكر اتصل بها شخصيًا لتولي ملفه، «وقبلت ذلك»، مشيرة إلى أنه قال لها بأنه «واثق من براءته وعلي أن أساعده لإثبات براءته». وقالت إن فضل أخبرها خلال الاتصالات الأولى بها أنه «يمتلك معطيات براءته وسيدلي بها أمام القضاء»، وأنه «يرغب في إطلاع الرأي العام على براءته من قتل العسكريين».
وفيما يخص الفيديوهات التي انتشرت في المواقع الإلكترونية تظهره يتوعد الجيش اللبناني أو عناصر حزب الله اللبناني، قالت إنه «أطلق تصريحات نارية في تلك الفترة، مثل كثير من اللبنانيين وبينهم سياسيون، وكان التصعيد سمة المرحلة شملت كل المستويات السياسية، وقال لي إنه كان منفعلاً آنذاك، لكنه لم يتورط بقتال الجيش اللبناني وبريء من دم العسكريين».
وبرز نجم شاكر إلى جانب الأسير، رجل الدين السني في مدينة صيدا مع اندلاع الاحتجاجات في سوريا في منتصف مارس (آذار) 2011، وذلك بعدما أعلن اعتزاله الغناء والتفرغ للأناشيد الدينية. وقدم الكثير من الأناشيد خلال تحركات للأسير في مناطق لبنانية، وظهر معه في حوار تلفزيوني مشترك.
وبعدما أنهى الجيش اللبناني ظاهرة الأسير في عبرا، عبر السيطرة على مربعه الأمني في شرق المدينة، فر شاكر وآخرون. وطلب القضاء العسكري للأسير وشاكر وآخرين عقوبة الإعدام، وذلك في فبراير (شباط) 2014 وبعدما أصدر قاضي التحقيق العسكري الأول رياض أبو غيدا قراره الاتهامي في ملف أحداث عبرا. واتهم القرار هؤلاء بالإقدام «على تأليف مجموعات عسكرية تعرضت لمؤسسة الدولة المتمثلة بالجيش، وقتل ضباط وأفراد منه، واقتناء مواد متفجرة وأسلحة خفيفة وثقيلة استعملت ضد الجيش». وتواصل المحكمة العسكرية الاستماع إلى الموقوفين، بينما لم تتمكن الأجهزة الأمنية من توقيف الأسير الذي ظهر بضع مرات في تسجيلات مصورة أو صوتية نشرت على الإنترنت ليحمل على الجيش والسياسيين في لبنان.
وكان شاكر صاحب الصوت الدافئ يحظى بشعبية كبيرة في لبنان والعالم العربي، قبل أن يعلن عن قناعاته الدينية المتشددة ويصبح من مناصري الأسير ويبتعد تدريجيا عن الفن والحفلات الصاخبة. وأثار تحوله من فنان رومانسي إلى متشدد، صدمة واسعة لدى عارفيه وزملائه ومتابعي فنه.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم