رئيس الوزراء السوري: لا نستطيع رفع الرواتب أكثر

قبل أداء الأسد اليمين لولاية رابعة

سوريون في أحد شوارع دمشق في 11 يوليو الجاري (إ.ب.أ)
سوريون في أحد شوارع دمشق في 11 يوليو الجاري (إ.ب.أ)
TT

رئيس الوزراء السوري: لا نستطيع رفع الرواتب أكثر

سوريون في أحد شوارع دمشق في 11 يوليو الجاري (إ.ب.أ)
سوريون في أحد شوارع دمشق في 11 يوليو الجاري (إ.ب.أ)

قال رئيس مجلس الوزراء السوري حسين عرنوس إن الحكومة كانت مضطرة لرفع أسعار مادتي الخبز والمازوت، كما كانت تريد أن تكون زيادة الأجور 100 في المائة، غير أن الواقع لم يكن يسمح بغير ذلك، ذلك قبل يومين من أداء الرئيس الأسد اليمين لولاية رابعة، وسط توقعات بتغيير حكومي في الأيام المقبلة.
وقال عرنوس في حوار مع قناة «السورية» بثته مساء الثلاثاء، إن رفع الأسعار الأخير «من القرارات الصعبة»، وقال إن ما جرى هو «تحريك» سعر المادة وليس زيادة في سعرها، لأن تكلفة تلك المواد ما زالت أعلى من سعر مبيعها.
ونقل موقع «روسيا اليوم» عن عرنوس قوله إن ربطة الخبز تكلف الحكومة 1200 ليرة، ولتر المازوت يكلف 1967 ليرة، وأضاف أن «التحريك البسيط» في سعرها كان بهدف المحافظة على تأمينها، وأشار إلى أن الحكومة تأخذ 10 في المائة من سعر التكلفة، وقال إن موضوع «تحريك السعر» سواء في المحروقات أو الخبز، خارج عن إرادة الحكومة التي لا بد أن تأخذ جزءا بسيطا من تحريك السعر حتى تبقى قادرة على تأمين تلك السلع.
وأضاف أن الخبز الذي «تم تحريك سعره» بمقدار 100 ليرة في كل ربطة، ما زال مدعوما بألف ليرة، وكذلك بالنسبة للمشتقات النفطية، وهذا حسب عرنوس «ليس لزيادة الإيرادات بل لتوجيه الدعم إلى شرائح محددة».
وأشار عرنوس إلى «السرقة» التي تقوم بها القوات الأميركية سواء بالنسبة للقمح أو بالنسبة للنفط، وأن «ما تستطيع الحكومة تأمينه الآن من النفط ضمن المناطق الواقعة تحت سيطرتها يعادل نحو 18 ألف برميل، يوميا».
ويقارن عرنوس مع الوضع قبل الأزمة، إذ كانت سوريا ننتج 365 ألف برميل تصدر منه 200 ألف برميل، وتستهلك الباقي، بينما الآن فإن «الاحتلال الأميركي مسيطر على منابع النفط» حسب عرنوس الذي قال إن الموارد النفطية كانت تشكل موردا أساسيا للموازنة، إلا أنها تحولت عبئا عليها إذ يجب أن تشتريه الحكومة.
وأقر عرنوس أن السوريين لم يرحبوا بالزيادة الأخيرة على الرواتب والأجور، وقال إن الزيادة دُرست على مدى 6 أشهر، وإن «كل الفريق الحكومي كان ميالا لأن تكون نسبة الزيادة 100 في المائة» ويضيف «لكن عندما أتينا نحسب ذلك بالقلم والورقة تغير ذلك، والدولة لا تُبنى بالعواطف، ويجب أن يكون القرار مدروسا».
وأوضح عرنوس أن ما ترتب على موازنة الدولة من الزيادة بلغ 84 مليار ليرة، وأن ما هو عائد عليها من المشتقات النفطية يعادل شهريا 64 مليار ليرة خلال هذه الفترة، ويقول إن ثمة فجوة تعادل 20 مليارا، ولو أن الحكومة قررت زيادة بنسبة 100 في المائة، كانت ستضطر للتمويل بالعجز، «وهذا له مخاطره ويؤدي إلى تضخم وآثار كبيرة».
وحول ما إذا كانت زيادة الأسعار مقدمة لإلغاء الدعم، قال عرنوس إن «سياسة الدعم مكون أساسي من السياسة الاقتصادية للدولة، ولا تراجع عنه، لكن قد تختلف أشكال الدعم، وهذا حق طبيعي للمجتمع على الحكومة». وأضاف عرنوس أن «الدعم ليس فقط في الخبز والمازوت، هناك دعم في الدواء والصحة والتعليم، والكهرباء» وغيرها.
واعتبر عرنوس «قانون قيصر» الأميركي «ليس أول العقوبات ولا آخرها، فالغرب وأميركا تقود حربا على سوريا»، ورأى أن «قيصر رفع درجة العقوبات، وجاء ليشمل الشركات التي تتعامل مع الحكومة السورية».
وكشف عرنوس أن الحكومة اشترت سمادا ودفعت قيمته و«بقي أكثر من 3 أشهر يدور في البحر ولم تقدر على إيصاله إلى سوريا بسبب القانون الظالم».
وشدد عرنوس على أنه ونتيجة القانون «تأكدنا وعملنا بقناعة أن الاعتماد على الذات والإنتاج هو الأساس للتخلص من قيصر».



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.