دوريل يتجنب الحديث عن عقوبات فرنسية على مسؤولين لبنانيين

TT

دوريل يتجنب الحديث عن عقوبات فرنسية على مسؤولين لبنانيين

تجنب الموفد الرئاسي الفرنسي إلى بيروت، السفير باتريك دوريل، الحديث عن عقوبات فرنسية على مسؤولين لبنانيين خلال لقاءاته معهم، كما تجنب الحديث عن بديل في حال اعتذار الرئيس سعد الحريري عن مهمته.
وقالت مصادر سياسية مواكبة للزيارة إن زيارة دوريل مثّلت محاولة أخيرة لإنقاذ تشكيل الحكومة، وإن زيارته يغلب عليها طابع تقديم النصيحة ومحاولة لفتح ثغرة لتسريع تشكيل الحكومة.
وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن دوريل أبلغ المعنيين أنه لا حل من دون تأليف حكومة «وإلا تتجه البلاد إلى مزيد من الانهيار»، وشدد على أنه لا مساعدات من دونها، ولفت إلى أن فرنسا تقدم مساعدات إنسانية لمؤسسات المجتمع الدولي، لا تقدمها للدولة اللبنانية.
وقالت المصادر إن جو اللقاء مع الرئيس ميشال عون كان إيجابياً، وقال عون إنه مستعد للتعاون وللمساعدة، لكنه ركز على أنه لا يتنازل عن حقه الدستوري وصلاحياته لجهة الشراكة في تشكيل الحكومة بموجب المادة 53 من الدستور.
وإذ أشارت المصادر إلى أن دوريل تجنب في لقاءاته مع المسؤولين الحديث عن مضمون لقائه مع رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، قائلة إنه أحاط مضمون لقائه بباسيل بتكتم شديد، وقالت إنه تجنب الكلام عن أي عقوبات فرنسية محتملة على المسؤولين اللبنانيين المعرقلين لتأليف الحكومة، كما تجنب الكلام عن أي بديل في حال اعتذر الحريري عن مهمته.
وفي لقائه مع الحريري، حذر من مخاطر الفراغ الحكومي في وقت تزيد معاناة الناس، وأنه لا سبيل للإنقاذ إلا بتشكيل حكومة. وقالت المصادر إن الحريري أكد أنه مع المبادرة الفرنسية ومبادرة بري التي تعتبر من روحيتها، ووافقه الرأي حول المخاطر من الانهيار، وقال له: «لذلك ومنعاً للانهيار، أنا متمسك بالمبادرة الفرنسية»، ولفت إلى أنه أعد تشكيلة حكومية من 18 وزيراً ثم حكومة من 24 وزيراً بغرض تسهيل تأليفها.
وشدد لدوريل، بحسب المصادر، على أنه «جاء للإنقاذ وليس ليكون شريكاً في التعطيل في وقت بات البلد لا يحمل، وأوجاع الناس تزداد». وقالت المصادر إن الحريري أبلغه أنه «في حال تمت الموافقة على التشكيلة الأخيرة، يكون الأمر قد تمت تسويته، وفي حال لم تتم الموافقة عليها، سيكون له موقف، لأنه لا يستطيع أن يكذب على الناس».
وفي لقائه مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، قالت المصادر إن دوريل شدد على أن الحكومة تمثل الفرصة الأخيرة، وهو الموقف المبدئي الفرنسي لتشكيل حكومة مهمة تقوم بالإصلاحات، وقالت المصادر إنه سأل رئيس المجلس عن الآلية الدستورية والمسار القانوني للأمور، في حال اعتذر رئيس الحكومة المكلف، وأطلعه بري على الآلية القانونية والمسار الذي يحدث.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.