«جبهة النصرة» تتوسع شمال سوريا بإقصاء فصائل «الحر» وقضم المعتدلين

مخاوف من هجمات ضد حركة «نور الدين زنكي» بعد «ثوار سوريا» و«حزم»

دخان يتصاعد إثر ضربة جوية على بلدة أطمة بريف إدلب قرب الحدود التركية استهدفت مقرات لجبهة النصرة (رويترز)
دخان يتصاعد إثر ضربة جوية على بلدة أطمة بريف إدلب قرب الحدود التركية استهدفت مقرات لجبهة النصرة (رويترز)
TT

«جبهة النصرة» تتوسع شمال سوريا بإقصاء فصائل «الحر» وقضم المعتدلين

دخان يتصاعد إثر ضربة جوية على بلدة أطمة بريف إدلب قرب الحدود التركية استهدفت مقرات لجبهة النصرة (رويترز)
دخان يتصاعد إثر ضربة جوية على بلدة أطمة بريف إدلب قرب الحدود التركية استهدفت مقرات لجبهة النصرة (رويترز)

تضاعفت مخاوف كتائب «الجيش السوري الحر» في شمال سوريا من أن توسع «جبهة النصرة» حربها ضد جميع فصائل المعارضة المعتدلة، تمهيدا لإنشاء كيان خاص بها، في ظل تمددها في مناطق الشمال، وقضم مساحات كانت تشغلها فصائل معتدلة، وتغلغلها في القرى والبلدات الخاضعة لسيطرة المعارضة، بذريعة «التخفي من ضربات التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب».
وأكد مصدران معارضان في الشمال لـ«الشرق الأوسط» ارتفاع مخاوف المعارضين من استهداف «جبهة النصرة»، وهي فرع تنظيم القاعدة في سوريا، للكتائب التابعة لحركة «نور الدين زنكي» الناشطة في الشمال، بعد أن أنهت «جبهة ثوار سوريا» التي يتزعمها جمال معروف أواخر العام الماضي في إدلب، وسيطرت على مقرات «حركة حزم» المدعومة أميركيا، الأسبوع الماضي.
وقال مصدر في إحدى فصائل المعارضة المعتدلة في الشمال لـ«الشرق الأوسط» إن «النصرة» تسعى «للقضاء على كل فصائل الجيش السوري الحر شمال سوريا، تمهيدا لتوسعة رقعة نفوذها، وإعلان إمارة موازية لإمارة تنظيم داعش شمال البلاد أيضا». وأوضح أن «النصرة» تختلق كل فترة «ذرائع واهية وحججا مختلفة، لتبرير حروبها ضد فصائل المعارضة المعتدلة»، مشيرا إلى أن تلك الذرائع «تتنوع بين الإيحاء بمواجهة الفاسدين، وكَيل التهم لفصائل (الحر) بأنهم عملاء للغرب ولواشنطن أو للنظام».
وتسيطر جبهة النصرة على معظم القرى والمدن في ريف إدلب الشمالي الغربي، بعد إقصاء فصائل الجيش السوري الحر المعتدلة، وتتخذ مقرات لها في كل تلك المناطق. وتعد هذه المناطق من أكبر التجمعات للجبهة بعد أن قاتلت فصائل في الجيش الحر فيها واستولت على مقراته وأسلحته فعليا في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
وتطال مخاوف المعارضين حركة «نور الدين زنكي» التي «نجت من هجمات ضدها قبل الهجوم على مقرات حزم في الأسابيع الماضية، بعد انضمامها إلى الجبهة الشامية». وأشار المصدر نفسه إلى أن الفصائل المعتدلة المعرضة لخطر هجمات الإقصاء من «النصرة» هي «الفرقة 16» التي تتهمها «النصرة» بأنها مقربة من الغرب، وفصائل أخرى تابعة لـ«الجبهة الشامية» مثل «ألوية أمجاد الإسلام» وغيرها. ويعرب المصدر عن اعتقاده بأن الهجمات الأخرى «لن تكون سريعة، إذ تحتاج النصرة إلى تحقيق انتصارات على النظام في إدلب أو حلب، قبل مهاجمة المعارضين المعتدلين، كي لا تخسر الحاضنة الشعبية للمعارضة في حلب».
ورغم ذلك تكررت خلال الأسابيع الماضية المظاهرات التي خرجت في مناطق شمال سوريا ضد «جبهة النصرة»، على ضوء ممارساتها بحقهم، وإقصاء المعتدلين وافتعال الحروب الداخلية، علما بأن النصرة «تعلمت من أخطاء (داعش) عبر مضاعفة تقديماتها للمدنيين في مناطق سيطرتها، كي تجنب نفسها ثورة عليها».
وتسيطر «النصرة» على قسم كبير من مناطق واسعة في ريف محافظة إدلب، وخلقت نقطة اتصال بين ريف المحافظة الجنوبي وريف حماه الشمالي، حيث تتمتع أيضا بنفوذ، إضافة إلى الريف الغربي لحلب، وقسم من ريف حلب الشمالي والمدينة نفسها، واستطاعت أن تتمدد إلى تلك المناطق بعد إقصاء فصائل الجيش السوري الحر منها.
وبينما تم تداول معلومات الأسبوع الماضي، نقلتها وكالة «رويترز» عن مصادر، بأن محادثات تجري مع النصرة للتخلي عن ولائها لتنظيم القاعدة، بهدف محاربة «داعش»، نفت الجبهة عزمها الانفصال عن «القاعدة».
وفي هذا الوقت تعرضت «النصرة» لضربات كثيرة من طائرات «التحالف الدولي»، كان آخرها الأحد، إذ قتل 9 عناصر من جبهة النصرة، بينهم 4 من جنسيات غير سورية، جراء قصف طائرات التحالف العربي – الدولي مقرا للجبهة في منطقة أطمة القريبة من الحدود السورية – التركية في محافظة إدلب.
وتحاول الجبهة استحداث مراكز لها بين المدنيين، بهدف حماية نفسها من ضربات التحالف، كما قالت مصادر معارضة تقيم في تركيا لـ«الشرق الأوسط»، مشيرة إلى أن الجبهة «أخلت مقراتها منعا لاستهدافها جويا، وهو ما دفعها للتضليل قبل أيام، بالقول إنها أخلت مقر (الفوج 46) بريف حلب الغربي، بعد السيطرة عليه إثر المعركة مع حركة (حزم)، والإيحاء بأنها سلمته للجبهة الشامية التي نفت ذلك»، موضحة أن «هذا التضليل يهدف إلى منع طائرات التحالف من استهداف الجبهة». وقالت إن «النصرة» باتت «أكثر قلقا منذ بدء طائرات التحالف باستهدافها».
وتواجه «النصرة» حربا أيضا من قوات النظام التي قتلت 5 من قيادييها الأسبوع الماضي، بينهم قائد الجبهة العام أبو همام السوري، في ضربة جوية استهدفت اجتماعا لهم، بينما قتل عدد من القياديين بالجبهة بريف درعا والقنيطرة في جنوب دمشق، جراء المعارك المستمرة.
وكانت طائرات التحالف استهلت توسيع نطاق عملياتها إلى سوريا ضد الإرهاب، بتنفيذ ضربات ضد مقرات الجبهة بريفي إدلب وحلب، بالتزامن مع تدشين ضرباتها ضد المتشددين في سوريا في 23 سبتمبر (أيلول) الماضي، استهدفت مقرات الجبهة في قرية كفر دريان في ريف إدلب الشمالي، إضافة إلى ضربة استهدفت ريف المهندسين في ريف حلب الغربي، إذ أدى إلى وقوع انفجارات ضخمة هزت المنطقة.
وفي 6 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي استهدفت طائرات التحالف مقرات وتحركات تابعة لقياديين في جبهة النصرة في عدة مناطق بريف إدلب، بينها سيارة لقيادي في الجبهة أمام مبنى المحكمة الشرعية في بلدة سرمدا القريبة من الحدود التركية في ريف إدلب الشمالي، ما أدى إلى احتراقها بالكامل دون معرفة من بداخلها حتى الآن. كما استهدفت الضربات في الليلة نفسها عدة مواقع للجبهة في بلدة حارم، منها حاجز السجن المركزي والمصرف الزراعي ومستودع ذخيرة على طرف المدينة، إضافة إلى استهداف حلفاء للنصرة، بينها موقع لحركة «أحرار الشام» في بلدة بابسقا بالقرب من معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا.
وجاءت الضربات آنذاك بعد سيطرة «النصرة» على معظم الريف الإدلبي الذي كان يخضع لـ«جبهة ثوار سوريا» بقيادة «جمال معروف».
وكان ناشطون سوريون أعلنوا في 27 فبراير (شباط) الماضي أن طائرات يعتقد أنها للتحالف الدولي استهدفت أحد مقار جبهة النصرة على سفح الجبل في قرية كفر هند قرب مدينة سلقين في سماء ريف إدلب الشمالي الغربي.



مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

قالت وزارة الخارجية المصرية، في بيان اليوم (الأحد)، إن الوزير بدر عبد العاطي تلقّى اتصالاً هاتفياً من نظيره الصومالي أحمد معلم فقي؛ لإطلاعه على نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت مؤخراً في العاصمة التركية، أنقرة، بين الصومال وإثيوبيا وتركيا؛ لحل نزاع بين مقديشو وأديس أبابا.

ووفقاً لـ«رويترز»، جاء الاتصال، الذي جرى مساء أمس (السبت)، بعد أيام من إعلان مقديشو وإثيوبيا أنهما ستعملان معاً لحل نزاع حول خطة أديس أبابا لبناء ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية، التي استقطبت قوى إقليمية وهدَّدت بزيادة زعزعة استقرار منطقة القرن الأفريقي.

وجاء في بيان وزارة الخارجية المصرية: «أكد السيد وزير خارجية الصومال على تمسُّك بلاده باحترام السيادة الصومالية ووحدة وسلامة أراضيها، وهو ما أمَّن عليه الوزير عبد العاطي مؤكداً على دعم مصر الكامل للحكومة الفيدرالية (الاتحادية) في الصومال الشقيق، وفي مكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار».

وقال زعيما الصومال وإثيوبيا إنهما اتفقا على إيجاد ترتيبات تجارية للسماح لإثيوبيا، التي لا تطل على أي مسطح مائي، «بالوصول الموثوق والآمن والمستدام من وإلى البحر» بعد محادثات عُقدت يوم الأربعاء، بوساطة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

وهذا الاجتماع هو الأول منذ يناير (كانون الثاني) عندما قالت إثيوبيا إنها ستؤجر ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية بشمال الصومال مقابل الاعتراف باستقلال المنطقة.

ورفضت مقديشو الاتفاق، وهدَّدت بطرد القوات الإثيوبية المتمركزة في الصومال لمحاربة المتشددين الإسلاميين.

ويعارض الصومال الاعتراف الدولي بأرض الصومال ذاتية الحكم، والتي تتمتع بسلام واستقرار نسبيَّين منذ إعلانها الاستقلال في عام 1991.

وأدى الخلاف إلى تقارب بين الصومال ومصر، التي يوجد خلافٌ بينها وبين إثيوبيا منذ سنوات حول بناء أديس أبابا سداً مائيّاً ضخماً على نهر النيل، وإريتريا، وهي دولة أخرى من خصوم إثيوبيا القدامى.

وتتمتع تركيا بعلاقات وثيقة مع كل من إثيوبيا والصومال، حيث تُدرِّب قوات الأمن الصومالية، وتُقدِّم مساعدةً إنمائيةً مقابل موطئ قدم على طريق شحن عالمي رئيسي.

وأعلنت مصر وإريتريا والصومال، في بيان مشترك، في أكتوبر (تشرين الأول) أن رؤساء البلاد الثلاثة اتفقوا على تعزيز التعاون من أجل «تمكين الجيش الفيدرالي الصومالي الوطني من التصدي للإرهاب بصوره كافة، وحماية حدوده البرية والبحرية»، وذلك في خطوة من شأنها فيما يبدو زيادة عزلة إثيوبيا في المنطقة.

وذكر بيان وزارة الخارجية المصرية، اليوم (الأحد)، أن الاتصال بين الوزيرين تطرَّق أيضاً إلى متابعة نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت في أسمرة في العاشر من أكتوبر.

وأضاف: «اتفق الوزيران على مواصلة التنسيق المشترك، والتحضير لعقد الاجتماع الوزاري الثلاثي بين وزراء خارجية مصر والصومال وإريتريا؛ تنفيذاً لتوجيهات القيادات السياسية في الدول الثلاث؛ لدعم التنسيق والتشاور بشأن القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك».

وفي سبتمبر (أيلول)، قال مسؤولون عسكريون واثنان من عمال المواني في الصومال إن سفينةً حربيةً مصريةً سلَّمت شحنةً كبيرةً ثانيةً من الأسلحة إلى مقديشو، تضمَّنت مدافع مضادة للطائرات، وأسلحة مدفعية، في خطوة من المرجح أن تفاقم التوتر بين البلدين من جانب، وإثيوبيا من جانب آخر.

وأرسلت القاهرة طائرات عدة محملة بالأسلحة إلى مقديشو بعد أن وقَّع البلدان اتفاقيةً أمنيةً مشتركةً في أغسطس (آب).

وقد يمثل الاتفاق الأمني مصدر إزعاج لأديس أبابا التي لديها آلاف الجنود في الصومال، يشاركون في مواجهة متشددين على صلة بتنظيم «القاعدة».