جمانا الراشد: خطط نمو طموحة لـ«الأبحاث والإعلام»

جمانا الراشد
جمانا الراشد
TT

جمانا الراشد: خطط نمو طموحة لـ«الأبحاث والإعلام»

جمانا الراشد
جمانا الراشد

أكدت الرئيس التنفيذي لـ«المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام» جمانا الراشد، أن لديها خططاً طموحة للنمو، تبني على إرث المجموعة «من أجل تنفيذ استراتيجية تحول رقمي تدعم دورنا كمؤسسة رائدة في صناعة الإعلام بالمنطقة».
وعُينت الراشد في منصبها في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وأعلنت قبل أيام استراتيجية تحولية متكاملة للمجموعة العريقة. وقالت في مقابلة مع مجلة «كامبين»، إن «الأبحاث والإعلام» ستعمل على استكشاف منصات رقمية جديدة، كما ستجري أبحاثاً وتضع رؤى وتنظم فعاليات ومعارض رائدة. وفي ما يلي نص المقابلة:

* في اعتقادك، ما السبب وراء تعيينك في هذا المنصب؟ وما المهارات والطموحات التي يمكنك إضافتها والتي يمكنها أن تعيننا على فهم طموحات الشركة على نحو أكبر؟
- الجدارة!... الجدارة والطموح والتركيز والرؤية والتي تمثل السبيل الوحيد الذي يمكنك من خلاله طرح أفكار تنطوي على تحولات جريئة، مع امتلاك الإصرار اللازم لمتابعة تنفيذها. ويجب أن تضع في اعتبارك التحول الذي تشهده المملكة عندما تمعن النظر في قرار تعييني. إنه تحول نابع من رؤية تجسد الجدارة والطموح والمثابرة. وقد امتدت هذه الرؤية من أعلى مستويات الحكومة إلى جميع جوانب الحياة، بما في ذلك الكيانات الخاصة المتداولة في سوق المال مثل «المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام».
الحقيقة أن التغيير يبدو أمراً حتمياً، لكن التغيير قد يتسبب في اضطرابات لو جرى من دون تفكير مسبق وتخطيط.
في الواقع، لطالما حملت بداخلي شغفاً عميقاً تجاه الصحافة والإعلام، الأمر الذي ألهمني لأن أكرس دراستي ومسيرتي المهنية لهذه الصناعة النابضة بالحياة. وبعد ذلك، ظهر العالم الرقمي وخلق بيننا حالة قوية من الاتصال والتفاعل. ولطالما كنت من القراء المتحمسين للإصدارات الإعلامية لـ«المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام» مثل «الشرق الأوسط» و«عرب نيوز»، و«سيدتي» من بين الكثير من الإصدارات الأخرى. ولعبت هذه الإصدارات دوراً مهماً في حياتي، حتى خلال عملي السابق كمراسلة لصحيفة «الرياض» في لندن.
اليوم، يسعدني ويشرفني أن أكون في موضع قيادة فريقنا وعلى رأس واحدة من المؤسسات الإعلامية الرائدة في المنطقة. وأسعى اليوم إلى البناء على ما حققه عمالقة الإعلام والصحافة العربية على الصعيدين الشخصي والمهني.
نملك خطط نمو طموحة تهدف إلى البناء على إرث «المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام» القائم منذ أمد طويل من أجل تنفيذ استراتيجية تحول رقمي تدعم دورنا كمؤسسة رائدة في صناعة الإعلام في المنطقة. ومن المقرر أن تتحول «المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام» إلى مؤسسة عالمية حديثة تشكل مصدراً للأخبار والمعلومات. وسنعمل على تعزيز نطاق المحتوى الإعلامي الخاص بنا والتفاعل من خلال تعزيز المحتوى ورفع مستوى التكنولوجيا التي نعتمد عليها والاستثمار في المواهب.
إننا نسعى إلى تمكين قرائنا وإثراء حياتهم بمحتوى وأخبار ومعلومات أصلية وحصرية ومتميزة، بحيث تكون متاحة في أي وقت وبأي مكان.

* ما خطة الطريق التي أقررتموها لـ«المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام» للسنوات المقبلة؟
- نركز جهودنا على توسيع نطاق محفظتنا الحالية ومعروضنا الرقمي ونطاقنا العالمي من خلال تحويل منشوراتنا المطبوعة إلى منصات رقمية بالأساس، وطرح منصات جديدة تتناول المساحات التي لم يتطرق إليها أحد في السوق، إضافة إلى الاستثمار في شركات ناشئة في المجال الإعلامي تملك أفكاراً جريئة، وبناء شراكات ومشروعات تعاونية مع مؤسسات إعلامية رائدة، كالتي لدينا مع مؤسسات منها «بلومبيرغ» و«إندبندنت»، ونعمل في الوقت الراهن لإضافة المزيد.
نسعى من جانبنا إلى البناء على مكانة «المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام» باعتبارها مؤسسة إعلامية رائدة عالمياً تنتمي إلى الشرق الأوسط، من خلال إمداد جمهورنا بمحتوى وخبرات أصلية وحصرية ومتميزة وعلى صلة وثيقة بالسوق، وذلك بصورة أساسية من خلال التزامنا بمنصات رقمية متنوعة والتوسع على الصعيد الاجتماعي، إضافة إلى دعم نطاق وصول المحتوى الخاص بنا المرتبط بالكيبل والأقمار الصناعية.
إلى جانب ذلك، سنعمل باستمرار على تعزيز قدراتنا في مجالي البيانات والتكنولوجيا من أجل دعم قدرتنا على تحقيق دخل وتنويع مصادر دخلنا.
من الواضح تماماً أننا جادون في مساعينا، وتشكل العائدات التجارية أولوية للمجموعة. ونرغب في أن نمد عملاءنا وشركاءنا والمعلنين لدينا وأصحاب المصلحة الأساسيين، سواء كانوا مشتركين أو منتجي محتوى أو موزعي محتوى أو غيرهم، بأعلى عائد على الاستثمار وقيمة لوقتهم وأموالهم التي استثمروها في محتوانا ومنصاتنا. ويتمثل هدفنا المنشود في أن نقدم مزيداً من البيانات والتحليلات المستندة إلى بيانات مفيدة لأعمالهم وقابلة للقياس، إضافة إلى التجارب الفريدة.
أتمنى أن أرى «المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام» مشاركة في قيادة الفكر عبر أرجاء منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بحيث تقترح سياسات ومبادرات وحلولاً جديدة لقضايا قائمة بالفعل تؤثر على صناعة الإعلام العربي ككل، مثل قياس آراء الجمهور والإنفاق على الإعلانات وجهود مكافحة القرصنة وحقوق الملكية الفكرية والتنوع والشمول داخل غرف الأخبار وخارجها والمعايير العالمية وأفضل الممارسات.
في أغلب الوقت، يكون ما هو جيد للصناعة جيداً لنا! وبالتأكيد المنافسة أمر صحي، لكن يبقى هناك الكثير يمكننا إنجازه معاً بما يخدم صالح الجميع.

* كيف تكيفت «المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام» مع الانتقال من وسيلة إعلامية تقليدية إلى رقمية؟ أين سيتركز اهتمامكم، وما استراتيجيتكم للمضي قدماً في هذا الانتقال؟
- في خضم مضينا قدماً، نركز على الاسم التجاري والمنتج والتوزيع، والمحتوى الأصلي والمتميز ووجود منصات متعددة وقدرة على التوصيل تعتمد على نقاط لمس متعددة. الواضح أنه يتعين على المرء أن يبقى مؤثراً من الناحية الثقافية وقادراً على البقاء من الناحية التجارية، مع إبقاء سيطرة محكمة على التكاليف وجهود تحقيق دخل. موجز القول اننا نعمل على نحو متزايد على إمداد جمهورنا بالمحتوى الذين هم في أمس الحاجة إليه، عبر المنصات التي يستخدمونها بالقدر الأكبر، بما في ذلك شبكات التواصل الاجتماعي و«البودكاست» والكتب المسموعة والكتب الإلكترونية وفعاليات وألعاب ومنصات رياضية إليكترونية ومعارض.
وتمثل استراتيجية النمو الجديدة الخاصة بنا فصلاً جديداً ومثيراً في مسيرة مؤسسة إعلامية تحظى بتاريخ طويل في النمو والإبداع. ونعمل اليوم عبر خمسة قطاعات أعمال جديدة (إس آر إم جي ميديا، إس آر إم جي إنترناشونال، إس آر إم جي ثينك، إس آر إم جي إكس، وإس آر إم جي لابس). وسنعمل على استكشاف منصات رقمية جديدة وسنجري أبحاثاً ونضع رؤى وننظم فعاليات ومعارض رائدة لتعزيز الاتصالات الشخصية من خلال منصاتنا الرقمية.

* كيف انتقيت الفريق الإداري المعاون لك؟ ما الخصائص والمهارات التي كنت تبحثين عنها؟
- يتطلب نجاح هذه المساعي، ليس فقط اختيار مهارات جيدة في المناصب المحورية، وإنما تعيين أصحاب أفضل المهارات في جميع المناصب. وتعتبر الجدارة والطموح والمثابرة السمات الرئيسية التي تعتمدها «المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام» في اختيار المهارات الجديدة. ويعمل فريق العمل المعاون لي على نحو يكملني ويتكامل معي ونعمل جميعاً على طرح الجديد. وبالتأكيد فإن وجود فريق عمل قوي ترشده رؤية واضحة سيثمر نمواً وتغييراً متسارعاً. وكثيراً ما يقال إن الأفراد في الصناعات الثقافية والابتكارية يكافئون من حيث الأهمية الموقع في قطاع العقارات.
وبالفعل، يعتبر الأفراد أعظم الأصول الني نحوزها على الإطلاق، وسيعتمد التطوير المستمر لـ«المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام» على التزامنا بالاحتفاظ بأفضل الكفاءات، وفي الوقت ذاته السعي إلى اجتذاب كفاءات أخرى جديدة.
وبالتوازي مع ذلك، سنعمل على تدريب وصقل مهارات فريق العمل داخل «المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام». وتتطلب مهمتنا السعي لاستخراج أفضل ما لدى فريق العمل الخاص بنا، ونتطلع من جانبنا لمنحهم الأفضل في المقابل. وتولي استراتيجيتنا الجديدة اهتماماً خاصاً باحتضان المهارات والتطوير المهني، بحيث يمكننا معاونة الجيل المقبل من الصحافيين وصانعي المحتوى والمهنيين الإعلاميين الآخرين على الازدهار.
وأرغب من جهتي في أن يشعر جميع الموظفين في «المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام» بشغف إزاء ما يفعلونه ويشعرون بالتمكين الذي يحفزهم على طرح أفكار وحلول إبداعية وأن يتميزوا بالجرأة في عملية الإبداع.
وقد شكلت خبرتنا التحريرية جزءاً ضخماً من نجاحنا على مدار الأعوام الخمسين الماضية، وستظل في قلب أي عمل نقوم به على امتداد الأعوام الخمسين المقبلة، نظراً لأن المحتوى المؤثر والفريد يشكل أساس كل ما نفعله.

* ينبئ تعيينك عن الكثير حول موجة الحرية الجديدة في المملكة والتي تقدر وتكافئ المواهب النسائية، ماذا أيضاً تأملين أو تتوقعين رؤيته في ما يخص النساء العاملات بصناعة الإعلام خلال السنوات المقبلة؟
- تشكل المرأة جزءاً أساسياً من النمو والتقدم في أي مجموعة أو مجتمع أو قطاع بعينه، ذلك أن المرأة تلعب دوراً حيوياً في الصناعات الثقافية والابتكارية، على الصعيدين الإقليمي والعالمي. وتضمنت المحفظة الواسعة التي تملكها «المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام» الرائدة في سوق الإصدارات المهتمة بالمرأة - ومنها «سيدتي» و«هي» و«الجميلة» من بين إصدارات أخرى - محتوى متميزاً يهتم بالمرأة منذ ثمانينيات القرن الماضي، ولا نزال نعمل على تمهيد الطريق كي تصبح أصوات الجميع مسموعة وكي يتمكنوا من سرد قصصهم.
ونفخر بأننا نتناول القضايا الحقيقية ونسرد القصص التي تهتم بها بشدة غالبية النساء (السعوديات والعربيات) من دون تشويه أو مبالغة أو تحيز. ولذلك، تسعى ملايين النساء في المملكة العربية السعودية وعبر أرجاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى الإطلاع على المحتوى الذي نقدمه ويثقن به، الأمر الذي يحفزنا بدوره لتقديم المزيد. والمؤكد أنه مازال أمامنا الكثير لنفعله في هذا الاتجاه ولا ننوي التكاسل والاكتفاء بما حققناه.
في ظل استراتيجية التحول الجديدة التي أقررناها، نرغب في أن تتحول «المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام» إلى مغناطيس جاذب للمواهب، ومركزاً ينصب اهتمامه على التطوير المهني، مع تشجيع المزيد من النساء للانضمام إلينا والاضطلاع بأدوار في صناعة الإعلام وداخل غرفة الأخبار. ونؤمن بأن هذا سيسهم بقوة في وضع «المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام» في قلب المستقبل الرقمي في الشرق الأوسط، وتمكين المهنيين الإعلاميين والصحافيين وصانعي المحتوى وتغيير أسلوب تدريس الصحافة وإنتاجها.

* ما طبيعة العلاقة التي تربط «المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام» بالحكومة من حيث الخطوط الإرشادية التحريرية والرقابة وما إلى ذلك؟ كيف تعملان معاً، وكيف يتغير ذلك؟
- يملك كل إصدار من إصداراتنا خطاً تحريرياً خاصاً به، مثلما الحال مع أي إصدار في العالم. ونتعامل مع تغطيتنا والقصص التي نطرحها بأقصى درجات النزاهة بما يتوافق مع أفضل الممارسات العالمية.
وإذا عدت إلى تاريخنا منذ عام 1972، ستجد أن إصدارات «المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام» مثل «الشرق الأوسط» و«عرب نيوز» لم تخجل يوماً من طرح وفحص مناقشة أفكار لا تحظى بشعبية، بما في ذلك على سبيل المثال إصدار مجلة «سيدتي» في ثمانينيات القرن الماضي في وقت لم يكن المجتمع منفتحاً على مناقشة القضايا المتعلقة بالمرأة علانية، ناهيك عن وجود مجلة مخصصة للمرأة.
كنا مصدراً رائداً للأخبار والمعلومات والمحتوى المتعلق بنمط الحياة ولعبنا دوراً مهماً في سرد قصص صادقة ومتميزة عن الشرق الأوسط. ويشكل هذا التاريخ الثري والفريد الأساس الذي قامت عليه «المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام». وعليه، فإننا نعي الدوري المهم الذي تلعبه الصحافة في المجتمع.
داخل «المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام»، يحدد المحررون ملامح التغطية التي نقدمها ولدينا تقليد نفخر به يقوم على تغطية الأخبار على نحو نزيه ودقيق من منظور واقعي. وسيظل هذا الحال قائماً مع استمرارنا في النمو وإقرار منصات وأفكار جديدة. وتدور أهدافنا حول تمكين جماهير عالمية، وإثراء حياة الأفراد، والاستثمار في المعرفة وبناء صلات عالمية مستمرة.



مشهد الحرب طغى على شاشات المحطات اللبنانية

انفجار أجهزة البايجر أدّى الى تصاعد الحرب (أ.ف.ب)
انفجار أجهزة البايجر أدّى الى تصاعد الحرب (أ.ف.ب)
TT

مشهد الحرب طغى على شاشات المحطات اللبنانية

انفجار أجهزة البايجر أدّى الى تصاعد الحرب (أ.ف.ب)
انفجار أجهزة البايجر أدّى الى تصاعد الحرب (أ.ف.ب)

طغى مشهد الحرب على أحداث لبنان لسنة 2024، لا سيما في الأشهر الأخيرة من العام، وهي أشهر أمضاها اللبنانيون يترقّبون بقلق مصير بلدهم غير آبهين بأي مستجدات أخرى تحصل على أرضهم أو في دول مجاورة. وشكّلت محطات التلفزة الخبز اليومي للمشاهدين، فتسمروا أمام شاشاتها يتابعون أحداث القصف والتدمير والموت.

توقيف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة شكّل مفاجأة للبنانيين

المشهد الإعلامي: بداية سلسة ونهاية ساخنة

عند اندلاع ما أُطلق عليها «حرب الإسناد» في 8 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، لم يتأثر المشهد الإعلامي في لبنان، فقد أبقى أصحاب المحطات المحلية مع بداية عام 2024 على برامجهم المعتادة، وخاضت التلفزيونات موسم رمضان بشكل عادي، متنافسة على تقديم الأفضل للمشاهد. لم تتبدل أجندة البرامج في محطات «إل بي سي آي»، و«الجديد»، و«إم تي في». وتابع اللبنانيون برامج الترفيه والحوارات السياسية والألعاب والتسلية، وكأن لا شيء غير عادي يحدث. وفي موسم الصيف، ركنت المحطات كعادتها إلى إعادات درامية وحلقات من برامج ترفيهية. فهذا الموسم يتسم عادة بالركود، كون المُشاهد عموماً يتحوّل إلى نشاطات أخرى يمارسها بعيداً عن الشاشة الصغيرة.

لكن منذ أن جرى تفجير أجهزة الاستدعاء (البيجر) بعناصر «حزب الله»، في 17 سبتمبر (أيلول) من العام الحالي، انقلب المشهد الإعلامي رأساً على عقب. وضعت جميع المحطات مراسليها ومقدمي نشرات الأخبار لديها في حالة استنفار، وصار المشهد السائد على الشاشة الصغيرة، من حينها، يتألّف من نقل مباشر وحوارات سياسية متواصلة.

حالة استنفار عام سادت محطات التلفزة لمواكبة أحداث الحرب

مقتل صحافيين خلال الحرب

لم توفر الحرب الدائرة في لبنان منذ بداياتها الجسم الإعلامي الذي خسر عدداً من مراسليه على الأرض. وُصف استهدافهم بـ«جريمة حرب» هزّت المشهد واستدعت استنكاراً واسعاً.

ولعل الحدث الأبرز في هذا المجال هو الذي جرى في أكتوبر 2024 في بلدة حاصبيا الجنوبية.

فقد استهدفت غارة إسرائيلية فندقاً كان قد تحول إلى مقر إقامة للصحافيين الذين يغطون أخبار الحرب؛ مما أسفر عن مقتل 3 منهم وإصابة آخرين. قُتل من قناة «الميادين» المصوّر غسان نجار، ومهندس البث محمد رضا، كما قُتل المصوّر وسام قاسم من قناة «المنار». ونجا عدد آخر من الصحافيين الذين يعملون في قناة «الجديد»، ووسائل إعلامية أخرى.

وضع لبنان على اللائحة الرمادية (لينكد إن)

تمديد أوقات البث المباشر

أحداث الحرب المتسارعة التي تخلّلها اغتيالات، وقصف عنيف على لبنان، سادت المشهد الإعلامي. وشهدت محطات التلفزة، للمرة الأولى، تمديد أوقات البث المباشر ليتجاوز 18 ساعة يومياً.

وجنّدت محطات التلفزة مراسليها للقيام بمهمات يومية ينقلون خلالها الأحداث على الأرض. وتنافست تلك المحطات بشكل ملحوظ كي تحقّق السبق الصحافي قبل غيرها، فقد مدّدت محطة «إم تي في»، وكذلك «الجديد» و«إل بي سي آي»، أوقات البث المباشر ليغطّي أي مستجد حتى ساعات الفجر الأولى.

وحصلت حالة استنفار عامة لدى تلك المحطات. فكان مراسلوها يصلون الليل بالنهار لنقل أحداث الساعة.

برامج التحليلات السياسية والعسكرية نجمة الشاشة

أخذت محطات التلفزة على عاتقها، طيلة أيام الحرب في لبنان، تخصيص برامج حوارية تتعلّق بهذا الحدث. وكثّفت اللقاءات التلفزيونية مع محللين سياسيين وعسكريين. وبسبب طول مدة الحرب استعانت المحطات بوجوه جديدة لم يكن يعرفها اللبناني من قبل. نوع من الفوضى المنظمة ولّدتها تلك اللقاءات. فاحتار المشاهد اللبناني أي تحليل يتبناه أمام هذا الكم من الآراء. وتم إطلاق عناوين محددة على تلك الفقرات الحية. سمّتها محطة الجديد «عدوان أيلول». وتحت عنوان «تحليل مختلف»، قدّمت قناة «إل بي سي آي» فقرة خاصة بالميدان العسكري وتطوراته. في حين أطلقت «إم تي في» اسم «لبنان تحت العدوان» على الفقرات الخاصة بالحرب.

أفيخاي أدرعي نجماً فرضته الحرب

انتشرت خلال الحرب الأخبار الكاذبة، وخصّصت بعض المحطات مثل قناة «الجديد» فقرات خاصة للكشف عنها. وبين ليلة وضحاها برزت على الساحة الإعلامية مواقع إلكترونية جديدة، وكانت مُتابعة من قِبل وسائل الإعلام وكذلك من قِبل اللبنانيين. ومن بينها «ارتكاز نيوز» اللبناني. كما برز دور «وكالة الإعلام الوطنية»، لمرة جديدة، على الساحة الإعلامية؛ إذ حققت نجاحاً ملحوظاً في متابعة أخبار الحرب في لبنان. وشهدت محطات تلفزة فضائية، مثل: «العربية» و«الجزيرة» و«الحدث»، متابعة كثيفة لشاشاتها ومواقعها الإلكترونية.

أما الحدث الأبرز فكان متابعة اللبنانيين للمتحدث الإعلامي للجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي. فالحرب فرضته على اللبنانيين لتوليه مهمة الكشف عن أسماء قادة الحزب الذين يتمّ اغتيالهم. كما كان يطل في أوقات متكررة، عبر حسابه على «إكس»، يطالب سكان مناطق محددة بمغادرة منازلهم. فيحدد لهم الوقت والساعة والمساحة التي يجب أن يلتزموا بها، كي ينجوا من قصف يستهدف أماكن سكنهم.

عودة صحيفة إلى الصدور

في خضم مشهد الحرب الطاغي على الساحة اللبنانية، برز خبر إيجابي في الإعلام المقروء. فقد أعلنت صحيفة «نداء الوطن»، في 11 نوفمبر (تشرين الثاني)، استئناف صدورها، ولكن بإدارة جديدة. فقد سبق أن أعلن القيمون عليها في فترة سابقة عن توقفها. وكان ذلك في شهر مايو (أيار) من العام نفسه.

توقيف حاكم مصرف لبنان يتصدّر نشرات الأخبار

سبق انشغال الإعلام اللبناني بمشهد الحرب خبر توقيف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة. كان الخبر الأبرز في نشرات الأخبار المتلفزة. لم يتوقع اللبنانيون في 3 سبتمبر من عام 2024 أن يستيقظوا على خبر شكّل مفاجأة لهم. ففي هذا اليوم تم توقيف رياض سلامة على ذمة التحقيق، وذلك بتهم تتعلّق بغسل أموال واحتيال واختلاس. جاءت هذه الخطوة في إطار تحقيق يتعلّق بشركة الوساطة المالية اللبنانية «أبتيموم إنفيست»، وقبل أسابيع قليلة من تصنيف لبنان ضمن «القائمة الرمادية» لمجموعة العمل المالي «فاتف» (FATF)؛ مما يهدّد النظام المالي اللبناني المتأزم.

اغتيال أمين عام حزب الله حسن نصرالله تصدّر مشهد الحرب

أخبار تصدّرت المشهد الإعلامي لعام 2024

تصدّرت المشهد الإعلامي لعام 2024 سلسلة من الأحداث. شملت أخبار اغتيالات قادة «حزب الله»، وفي مقدمهم أمينه العام حسن نصر الله في 27 سبتمبر. كما انشغلت نشرات الأخبار المتلفزة بالحديث عن وضع لبنان على «القائمة الرمادية»، وهو تصنيف من شأنه أن يفاقم معاناة البلاد اقتصادياً في ظل الأزمة المالية المستمرة منذ عام 2019. أما أحدث الأخبار التي تناقلتها محطات التلفزة فهو قرار الإفراج عن المعتقل السياسي جورج إبراهيم عبد الله بعد قضائه نحو 40 عاماً في السجون الفرنسية.

وقف إطلاق النار يبدّل المشهد المرئي

في 27 نوفمبر أُعلن وقف إطلاق النار، بعد توقيع اتفاق مع إسرائيل. فتنفّست محطات التلفزة الصعداء. وانطلقت في استعادة مشهديتها الإعلامية المعتادة استعداداً لاستقبال الأعياد وبرمجة موسم الشتاء.