جمانا الراشد: خطط نمو طموحة لـ«الأبحاث والإعلام»

جمانا الراشد
جمانا الراشد
TT

جمانا الراشد: خطط نمو طموحة لـ«الأبحاث والإعلام»

جمانا الراشد
جمانا الراشد

أكدت الرئيس التنفيذي لـ«المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام» جمانا الراشد، أن لديها خططاً طموحة للنمو، تبني على إرث المجموعة «من أجل تنفيذ استراتيجية تحول رقمي تدعم دورنا كمؤسسة رائدة في صناعة الإعلام بالمنطقة».
وعُينت الراشد في منصبها في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وأعلنت قبل أيام استراتيجية تحولية متكاملة للمجموعة العريقة. وقالت في مقابلة مع مجلة «كامبين»، إن «الأبحاث والإعلام» ستعمل على استكشاف منصات رقمية جديدة، كما ستجري أبحاثاً وتضع رؤى وتنظم فعاليات ومعارض رائدة. وفي ما يلي نص المقابلة:

* في اعتقادك، ما السبب وراء تعيينك في هذا المنصب؟ وما المهارات والطموحات التي يمكنك إضافتها والتي يمكنها أن تعيننا على فهم طموحات الشركة على نحو أكبر؟
- الجدارة!... الجدارة والطموح والتركيز والرؤية والتي تمثل السبيل الوحيد الذي يمكنك من خلاله طرح أفكار تنطوي على تحولات جريئة، مع امتلاك الإصرار اللازم لمتابعة تنفيذها. ويجب أن تضع في اعتبارك التحول الذي تشهده المملكة عندما تمعن النظر في قرار تعييني. إنه تحول نابع من رؤية تجسد الجدارة والطموح والمثابرة. وقد امتدت هذه الرؤية من أعلى مستويات الحكومة إلى جميع جوانب الحياة، بما في ذلك الكيانات الخاصة المتداولة في سوق المال مثل «المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام».
الحقيقة أن التغيير يبدو أمراً حتمياً، لكن التغيير قد يتسبب في اضطرابات لو جرى من دون تفكير مسبق وتخطيط.
في الواقع، لطالما حملت بداخلي شغفاً عميقاً تجاه الصحافة والإعلام، الأمر الذي ألهمني لأن أكرس دراستي ومسيرتي المهنية لهذه الصناعة النابضة بالحياة. وبعد ذلك، ظهر العالم الرقمي وخلق بيننا حالة قوية من الاتصال والتفاعل. ولطالما كنت من القراء المتحمسين للإصدارات الإعلامية لـ«المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام» مثل «الشرق الأوسط» و«عرب نيوز»، و«سيدتي» من بين الكثير من الإصدارات الأخرى. ولعبت هذه الإصدارات دوراً مهماً في حياتي، حتى خلال عملي السابق كمراسلة لصحيفة «الرياض» في لندن.
اليوم، يسعدني ويشرفني أن أكون في موضع قيادة فريقنا وعلى رأس واحدة من المؤسسات الإعلامية الرائدة في المنطقة. وأسعى اليوم إلى البناء على ما حققه عمالقة الإعلام والصحافة العربية على الصعيدين الشخصي والمهني.
نملك خطط نمو طموحة تهدف إلى البناء على إرث «المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام» القائم منذ أمد طويل من أجل تنفيذ استراتيجية تحول رقمي تدعم دورنا كمؤسسة رائدة في صناعة الإعلام في المنطقة. ومن المقرر أن تتحول «المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام» إلى مؤسسة عالمية حديثة تشكل مصدراً للأخبار والمعلومات. وسنعمل على تعزيز نطاق المحتوى الإعلامي الخاص بنا والتفاعل من خلال تعزيز المحتوى ورفع مستوى التكنولوجيا التي نعتمد عليها والاستثمار في المواهب.
إننا نسعى إلى تمكين قرائنا وإثراء حياتهم بمحتوى وأخبار ومعلومات أصلية وحصرية ومتميزة، بحيث تكون متاحة في أي وقت وبأي مكان.

* ما خطة الطريق التي أقررتموها لـ«المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام» للسنوات المقبلة؟
- نركز جهودنا على توسيع نطاق محفظتنا الحالية ومعروضنا الرقمي ونطاقنا العالمي من خلال تحويل منشوراتنا المطبوعة إلى منصات رقمية بالأساس، وطرح منصات جديدة تتناول المساحات التي لم يتطرق إليها أحد في السوق، إضافة إلى الاستثمار في شركات ناشئة في المجال الإعلامي تملك أفكاراً جريئة، وبناء شراكات ومشروعات تعاونية مع مؤسسات إعلامية رائدة، كالتي لدينا مع مؤسسات منها «بلومبيرغ» و«إندبندنت»، ونعمل في الوقت الراهن لإضافة المزيد.
نسعى من جانبنا إلى البناء على مكانة «المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام» باعتبارها مؤسسة إعلامية رائدة عالمياً تنتمي إلى الشرق الأوسط، من خلال إمداد جمهورنا بمحتوى وخبرات أصلية وحصرية ومتميزة وعلى صلة وثيقة بالسوق، وذلك بصورة أساسية من خلال التزامنا بمنصات رقمية متنوعة والتوسع على الصعيد الاجتماعي، إضافة إلى دعم نطاق وصول المحتوى الخاص بنا المرتبط بالكيبل والأقمار الصناعية.
إلى جانب ذلك، سنعمل باستمرار على تعزيز قدراتنا في مجالي البيانات والتكنولوجيا من أجل دعم قدرتنا على تحقيق دخل وتنويع مصادر دخلنا.
من الواضح تماماً أننا جادون في مساعينا، وتشكل العائدات التجارية أولوية للمجموعة. ونرغب في أن نمد عملاءنا وشركاءنا والمعلنين لدينا وأصحاب المصلحة الأساسيين، سواء كانوا مشتركين أو منتجي محتوى أو موزعي محتوى أو غيرهم، بأعلى عائد على الاستثمار وقيمة لوقتهم وأموالهم التي استثمروها في محتوانا ومنصاتنا. ويتمثل هدفنا المنشود في أن نقدم مزيداً من البيانات والتحليلات المستندة إلى بيانات مفيدة لأعمالهم وقابلة للقياس، إضافة إلى التجارب الفريدة.
أتمنى أن أرى «المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام» مشاركة في قيادة الفكر عبر أرجاء منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بحيث تقترح سياسات ومبادرات وحلولاً جديدة لقضايا قائمة بالفعل تؤثر على صناعة الإعلام العربي ككل، مثل قياس آراء الجمهور والإنفاق على الإعلانات وجهود مكافحة القرصنة وحقوق الملكية الفكرية والتنوع والشمول داخل غرف الأخبار وخارجها والمعايير العالمية وأفضل الممارسات.
في أغلب الوقت، يكون ما هو جيد للصناعة جيداً لنا! وبالتأكيد المنافسة أمر صحي، لكن يبقى هناك الكثير يمكننا إنجازه معاً بما يخدم صالح الجميع.

* كيف تكيفت «المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام» مع الانتقال من وسيلة إعلامية تقليدية إلى رقمية؟ أين سيتركز اهتمامكم، وما استراتيجيتكم للمضي قدماً في هذا الانتقال؟
- في خضم مضينا قدماً، نركز على الاسم التجاري والمنتج والتوزيع، والمحتوى الأصلي والمتميز ووجود منصات متعددة وقدرة على التوصيل تعتمد على نقاط لمس متعددة. الواضح أنه يتعين على المرء أن يبقى مؤثراً من الناحية الثقافية وقادراً على البقاء من الناحية التجارية، مع إبقاء سيطرة محكمة على التكاليف وجهود تحقيق دخل. موجز القول اننا نعمل على نحو متزايد على إمداد جمهورنا بالمحتوى الذين هم في أمس الحاجة إليه، عبر المنصات التي يستخدمونها بالقدر الأكبر، بما في ذلك شبكات التواصل الاجتماعي و«البودكاست» والكتب المسموعة والكتب الإلكترونية وفعاليات وألعاب ومنصات رياضية إليكترونية ومعارض.
وتمثل استراتيجية النمو الجديدة الخاصة بنا فصلاً جديداً ومثيراً في مسيرة مؤسسة إعلامية تحظى بتاريخ طويل في النمو والإبداع. ونعمل اليوم عبر خمسة قطاعات أعمال جديدة (إس آر إم جي ميديا، إس آر إم جي إنترناشونال، إس آر إم جي ثينك، إس آر إم جي إكس، وإس آر إم جي لابس). وسنعمل على استكشاف منصات رقمية جديدة وسنجري أبحاثاً ونضع رؤى وننظم فعاليات ومعارض رائدة لتعزيز الاتصالات الشخصية من خلال منصاتنا الرقمية.

* كيف انتقيت الفريق الإداري المعاون لك؟ ما الخصائص والمهارات التي كنت تبحثين عنها؟
- يتطلب نجاح هذه المساعي، ليس فقط اختيار مهارات جيدة في المناصب المحورية، وإنما تعيين أصحاب أفضل المهارات في جميع المناصب. وتعتبر الجدارة والطموح والمثابرة السمات الرئيسية التي تعتمدها «المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام» في اختيار المهارات الجديدة. ويعمل فريق العمل المعاون لي على نحو يكملني ويتكامل معي ونعمل جميعاً على طرح الجديد. وبالتأكيد فإن وجود فريق عمل قوي ترشده رؤية واضحة سيثمر نمواً وتغييراً متسارعاً. وكثيراً ما يقال إن الأفراد في الصناعات الثقافية والابتكارية يكافئون من حيث الأهمية الموقع في قطاع العقارات.
وبالفعل، يعتبر الأفراد أعظم الأصول الني نحوزها على الإطلاق، وسيعتمد التطوير المستمر لـ«المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام» على التزامنا بالاحتفاظ بأفضل الكفاءات، وفي الوقت ذاته السعي إلى اجتذاب كفاءات أخرى جديدة.
وبالتوازي مع ذلك، سنعمل على تدريب وصقل مهارات فريق العمل داخل «المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام». وتتطلب مهمتنا السعي لاستخراج أفضل ما لدى فريق العمل الخاص بنا، ونتطلع من جانبنا لمنحهم الأفضل في المقابل. وتولي استراتيجيتنا الجديدة اهتماماً خاصاً باحتضان المهارات والتطوير المهني، بحيث يمكننا معاونة الجيل المقبل من الصحافيين وصانعي المحتوى والمهنيين الإعلاميين الآخرين على الازدهار.
وأرغب من جهتي في أن يشعر جميع الموظفين في «المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام» بشغف إزاء ما يفعلونه ويشعرون بالتمكين الذي يحفزهم على طرح أفكار وحلول إبداعية وأن يتميزوا بالجرأة في عملية الإبداع.
وقد شكلت خبرتنا التحريرية جزءاً ضخماً من نجاحنا على مدار الأعوام الخمسين الماضية، وستظل في قلب أي عمل نقوم به على امتداد الأعوام الخمسين المقبلة، نظراً لأن المحتوى المؤثر والفريد يشكل أساس كل ما نفعله.

* ينبئ تعيينك عن الكثير حول موجة الحرية الجديدة في المملكة والتي تقدر وتكافئ المواهب النسائية، ماذا أيضاً تأملين أو تتوقعين رؤيته في ما يخص النساء العاملات بصناعة الإعلام خلال السنوات المقبلة؟
- تشكل المرأة جزءاً أساسياً من النمو والتقدم في أي مجموعة أو مجتمع أو قطاع بعينه، ذلك أن المرأة تلعب دوراً حيوياً في الصناعات الثقافية والابتكارية، على الصعيدين الإقليمي والعالمي. وتضمنت المحفظة الواسعة التي تملكها «المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام» الرائدة في سوق الإصدارات المهتمة بالمرأة - ومنها «سيدتي» و«هي» و«الجميلة» من بين إصدارات أخرى - محتوى متميزاً يهتم بالمرأة منذ ثمانينيات القرن الماضي، ولا نزال نعمل على تمهيد الطريق كي تصبح أصوات الجميع مسموعة وكي يتمكنوا من سرد قصصهم.
ونفخر بأننا نتناول القضايا الحقيقية ونسرد القصص التي تهتم بها بشدة غالبية النساء (السعوديات والعربيات) من دون تشويه أو مبالغة أو تحيز. ولذلك، تسعى ملايين النساء في المملكة العربية السعودية وعبر أرجاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى الإطلاع على المحتوى الذي نقدمه ويثقن به، الأمر الذي يحفزنا بدوره لتقديم المزيد. والمؤكد أنه مازال أمامنا الكثير لنفعله في هذا الاتجاه ولا ننوي التكاسل والاكتفاء بما حققناه.
في ظل استراتيجية التحول الجديدة التي أقررناها، نرغب في أن تتحول «المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام» إلى مغناطيس جاذب للمواهب، ومركزاً ينصب اهتمامه على التطوير المهني، مع تشجيع المزيد من النساء للانضمام إلينا والاضطلاع بأدوار في صناعة الإعلام وداخل غرفة الأخبار. ونؤمن بأن هذا سيسهم بقوة في وضع «المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام» في قلب المستقبل الرقمي في الشرق الأوسط، وتمكين المهنيين الإعلاميين والصحافيين وصانعي المحتوى وتغيير أسلوب تدريس الصحافة وإنتاجها.

* ما طبيعة العلاقة التي تربط «المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام» بالحكومة من حيث الخطوط الإرشادية التحريرية والرقابة وما إلى ذلك؟ كيف تعملان معاً، وكيف يتغير ذلك؟
- يملك كل إصدار من إصداراتنا خطاً تحريرياً خاصاً به، مثلما الحال مع أي إصدار في العالم. ونتعامل مع تغطيتنا والقصص التي نطرحها بأقصى درجات النزاهة بما يتوافق مع أفضل الممارسات العالمية.
وإذا عدت إلى تاريخنا منذ عام 1972، ستجد أن إصدارات «المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام» مثل «الشرق الأوسط» و«عرب نيوز» لم تخجل يوماً من طرح وفحص مناقشة أفكار لا تحظى بشعبية، بما في ذلك على سبيل المثال إصدار مجلة «سيدتي» في ثمانينيات القرن الماضي في وقت لم يكن المجتمع منفتحاً على مناقشة القضايا المتعلقة بالمرأة علانية، ناهيك عن وجود مجلة مخصصة للمرأة.
كنا مصدراً رائداً للأخبار والمعلومات والمحتوى المتعلق بنمط الحياة ولعبنا دوراً مهماً في سرد قصص صادقة ومتميزة عن الشرق الأوسط. ويشكل هذا التاريخ الثري والفريد الأساس الذي قامت عليه «المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام». وعليه، فإننا نعي الدوري المهم الذي تلعبه الصحافة في المجتمع.
داخل «المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام»، يحدد المحررون ملامح التغطية التي نقدمها ولدينا تقليد نفخر به يقوم على تغطية الأخبار على نحو نزيه ودقيق من منظور واقعي. وسيظل هذا الحال قائماً مع استمرارنا في النمو وإقرار منصات وأفكار جديدة. وتدور أهدافنا حول تمكين جماهير عالمية، وإثراء حياة الأفراد، والاستثمار في المعرفة وبناء صلات عالمية مستمرة.



رئيسة «منتدى مصر للإعلام» تُحذر من دمج «المؤثرين» في غرف الأخبار

نهى النحاس رئيسة «منتدى مصر للإعلام» (نهى النحاس)
نهى النحاس رئيسة «منتدى مصر للإعلام» (نهى النحاس)
TT

رئيسة «منتدى مصر للإعلام» تُحذر من دمج «المؤثرين» في غرف الأخبار

نهى النحاس رئيسة «منتدى مصر للإعلام» (نهى النحاس)
نهى النحاس رئيسة «منتدى مصر للإعلام» (نهى النحاس)

في ظل صراعات وحروب إقليمية متصاعدة وتطورات ميدانية متسارعة، لعب الإعلام أدواراً عدة، سبقت في بعض الأحيان مهمات القوات العسكرية على الأرض؛ ما ألقى بظلال كثيفة على وسائل الإعلام الدولية. تزامن ذلك مع زيادة الاعتماد على «المؤثرين» ونجوم مواقع التواصل الاجتماعي كمصادر للأخبار؛ ما دفع رئيسة «منتدى مصر للإعلام»، نهى النحاس، إلى التحذير من دمج «المؤثرين» في غرف الأخبار.

وفي حوارها مع «الشرق الأوسط»، عدّت نهى دمج «المؤثرين» في غرف الأخبار «خطأً مهنياً»، وقالت إن «صُناع المحتوى و(المؤثرين) على منصات التواصل الاجتماعي يقدمون مواد دون التزام بمعايير مهنية. ودمجهم في غرف الأخبار كارثة مهنية».

وأشار تقرير نشره «معهد رويترز لدراسات الصحافة»، أخيراً، إلى «نمو في الاعتماد على مؤثري مواقع التواصل الاجتماعي كمصادر للأخبار». ومع هذا النمو باتت هناك مطالبات بإدماج صناع المحتوى في غرف الأخبار. لكن نهى تؤكد أن الحل ليس بدمج المؤثرين، وتقول: «يمكن تدريب الصحافيين على إنتاج أنواع من المحتوى تجذب الأجيال الجديدة، لكن يجب أن يكون صانع المحتوى الإعلامي صحافياً يمتلك الأدوات والمعايير المهنية».

وتعد نهى «الإعلام المؤسسي أحد أبرز ضحايا الحروب الأخيرة»، وتقول إن «الإعلام استُخدم باحة خلفية للصراع، وفي بعض الأحيان تَقدمَ القوات العسكرية، وأدى مهمات في الحروب الأخيرة، بدءاً من الحرب الروسية - الأوكرانية وصولاً إلى حرب غزة».

وتبدي نهى دهشتها من الأدوار التي لعبها الإعلام في الصراعات الأخيرة بعد «سنوات طويلة من تراكم النقاشات المهنية ورسوخ القيم والمبادئ التحريرية».

وتاريخياً، لعب الإعلام دوراً في تغطية الحروب والنزاعات، وهو دور وثّقته دراسات عدة، لكنه في الحروب الأخيرة «أصبح عنصراً فاعلاً في الحرب؛ ما جعله يدفع الثمن مرتين؛ أمام جمهوره وأمام الصحافيين العاملين به»، بحسب نهى التي تشير إلى «قتل واغتيال عدد كبير من الصحافيين، واستهداف مقرات عملهم في مناطق الصراع دون محاسبة للمسؤول عن ذلك، في سابقة لم تحدث تاريخياً، وتثبت عدم وجود إرادة دولية للدفاع عن الصحافيين».

وتقول نهى: «على الجانب الآخر، أدت ممارسات مؤسسات إعلامية دولية، كانت تعد نماذج في المهنية، إلى زعزعة الثقة في استقلالية الإعلام»، مشيرة إلى أن «دور الإعلام في الحروب والصراعات هو الإخبار ونقل معاناة المدنيين بحيادية قدر المستطاع، لا أن يصبح جزءاً من الحرب وينحاز لأحد طرفيها».

نهى النحاس

وترفض نهى «الصحافة المرافقة للقوات العسكرية»، وتعدها «صحافة مطعوناً في صدقيتها»، موضحة أن «الصحافي أو الإعلامي المرافق للقوات ينظر للمعركة بعين القوات العسكرية التي يرافقها؛ ما يعني أنه منحاز لأحد طرفَي الصراع». وتقول: «عندما ينخرط الصحافي مع جبهة من الجبهات لا يعود قادراً على نقل الحقائق».

وضعت الحروب الأخيرة الصحافيين في غرف الأخبار «أمام واقع جديد جعل أصواتهم غير مسموعة في مؤسساتهم، في بعض الأحيان»، وتوضح نهى ضاربة المثل بالرسالة المفتوحة التي وقّعها عدد من الصحافيين في صحيفة «لوس أنجليس تايمز» الأميركية ضد تغطية حرب غزة وتجاهل قتل عدد كبير من الصحافيين، والتي أدت في النهاية إلى إيقافهم عن تغطية حرب غزة.

زعزعت الانحيازات الإعلامية في التغطية، الثقة في استقلالية الإعلام، وأفقدت مؤسسات إعلامية كبرى مصداقيتها، بعد أن كانت حتى وقت قريب نماذج للالتزام بالمعايير المهنية. ورغم ما فقدته مؤسسات الإعلام الدولية من رصيد لدى الجمهور، لا تتوقع نهى أن «تقدم على تغيير سياستها؛ لأن ما حدث ليس مجرد خطأ مهني، بل أمر مرتبط بتشابك مصالح معقد في التمويل والملكية». ولفتت إلى أن «الحروب عطّلت مشروعات التطوير في غرف الأخبار، وأرهقت الصحافيين نفسياً ومهنياً».

وترى أن تراجع الثقة في نماذج الإعلام الدولية، يستدعي العمل على بناء مدارس إعلامية محلية تعكس الواقع في المجتمعات العربية، مشيرة إلى وجود مدارس صحافية مميزة في مصر ولبنان ودول الخليج لا بد من العمل على تطويرها وترسيخها بعيداً عن الاعتماد على استلهام الأفكار من نماذج غربية.

بناء تلك المدارس الإعلامية ليس بالأمر السهل؛ فهو بحسب نهى «يحتاج إلى نقاش وجهد كبير في التعليم وبناء الكوادر وترسيخ الإيمان بالإعلام المستقل». وهنا تؤكد أن «استقلالية الإعلام لا تعني بالضرورة تمويله من جهات مستقلة، بل أن تكون إدارته التحريرية مستقلة عن التمويل قدر الإمكان»، مشددة على أن «التمويل العام لوسائل الإعلام مهم ومرحّب به، لا سيما في لحظات الاستقطاب السياسي؛ حتى لا يلعب المال السياسي دوراً في تخريب مصداقية المؤسسة».

غيّرت الحروب غرف الأخبار وألقت بظلالها على طريقة عملها، لتعيد النقاشات الإعلامية إلى «الأسس والمعايير والأخلاقيات»، تزامناً مع تطورات تكنولوجية متسارعة، ترى نهى أنها «ضرورية لكن كأدوات لإيصال الرسالة الإعلامية بفاعلية».

من هذا المنطلق، ترفض نهى التوسع في مناقشة قضايا الذكاء الاصطناعي على حساب القضايا المهنية، وتقول: «نحتاج إلى إعادة تثبيت وترسيخ القواعد المهنية، ومن ثم الاهتمام بالأدوات التي تسهل وتطور الأداء، ومن بينها الذكاء الاصطناعي الذي لا يمكن إنكار أهميته».

وتضيف: «إذا كان الأساس به خلل، فإن الأداة لن تعالجه؛ لذلك لا بد من مناقشات في غرف الأخبار حول الأسس المهنية لاستعادة الجمهور الذي انصرف عن الأخبار».

وبالفعل، تشير دراسات عدة إلى تراجع الاهتمام بالأخبار بشكل مطرد، تزامناً مع تراجع الثقة في الإعلام منذ جائحة «كوفيد-19»، وتزايد ذلك مع الحرب الروسية - الأوكرانية. ووفقاً لمعهد «رويترز لدراسات الصحافة»، فإن «نحو 39 في المائة من الجمهور أصبحوا يتجنبون الأخبار».

وهنا تقول نهى إن «الثقة تتراجع في الإعلام بشكل مطرد؛ لأن الجمهور يشعر أن صوته لم يعد مسموعاً، إضافة إلى تشبع نسبة كبيرة من الجمهور بأخبار الحرب، إلى حد مطالبة البعض بنشر أخبار إيجابية». وتضيف أن «هذا التراجع امتزج مع صعود منصات التواصل التي أصبحت يُخلط بينها وبين الإعلام المؤسسي، لا سيما مع ما قدمته من متابعات للحروب والصراعات الأخيرة».

وتشير رئيسة «منتدى مصر للإعلام» إلى أن «الحروب الأخيرة في أوكرانيا وغزة وضعت أعباء مالية، وفرضت محتوى مختلفاً على المؤسسات الإعلامية أدى إلى زيادة تجنب الجمهور للأخبار»، بحسب ما جاء في دراسة نشرها معهد «رويترز لدراسات الصحافة»؛ ما يستلزم البحث عن وسائل لإعادة جذبه، أو لـ«غرفة أخبار ثالثة» كما فعلت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية، مستهدفة «جذب مزيد من القراء وزيادة الموارد».

وتستهدف «غرفة الأخبار الثالثة» إنشاء محتوى خاص لمنصات التواصل الاجتماعي، ومقاطع فيديو قصيرة تتناول موضوعات متنوعة لجذب الأجيال المرتبطة بالهواتف الذكية.

ويعد التدريب واحداً من أدوار المنتديات الإعلامية، ومن بينها «منتدى مصر للإعلام». وأوضحت نهى، في هذا المجال، أن «المنتديات الإعلامية هي تعبير عن الواقع الإعلامي لدولةٍ أو منطقةٍ ما، ونقطة تلاقٍ لمناقشة قضايا ومعارف مهنية، وملاحقة التطورات التكنولوجية».

وكان من المقرر عقد النسخة الثالثة من «منتدى مصر للإعلام» نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، لكن تم تأجيلها «بسبب الأحداث المتلاحقة والمتسارعة في المنطقة والتي كانت ستؤثر على حضور بعض ضيوف (المنتدى)»، بحسب نهى التي تشير إلى أنه «سيتم عقد النسخة الثالثة من (المنتدى) منتصف 2025».

وتوضح أنه «يجري حالياً مراجعة أجندة (المنتدى) وتحديثها وتغييرها استعداداً للإعلان عنها في الربع الأول من العام المقبل»، مشيرة إلى أنه لم يتم الاستقرار بعدُ على عنوان النسخة الثالثة، وإن كان هناك احتمال للإبقاء على عنوان النسخة المؤجلة «يمين قليلاً... يسار قليلاً!».

وتقول نهى إن «منتدى مصر للإعلام» سيركز كعادته على المناقشات المهنية والتدريبات العملية، لا سيما «منصة سنة أولى صحافة» المخصصة لتقديم ورش تدريبية لطلاب الإعلام تتناول الأساسيات والمعايير المهنية.

وتختتم حديثها بالتأكيد على أن الالتزام بالمعايير المهنية هو الأساس لبقاء الإعلام المؤسسي، مجددة الدعوة لفتح نقاشات جادة بشأن مأسسة نماذج إعلام محلية في المنطقة العربية.