تصدر قريبا عن مؤسسة «حورس الدولية للنشر والتوزيع» رواية «موجيتوس» للروائي المصري منير عتيبة. وتدور أحداث الرواية في حقبة زمنية خصبة تموج بالأحداث والأمكنة تتطور أحداثها في عهد الخليفة الأموي الأندلسي عبد الرحمن الناصر، وتطوف بنا ما بين الأندلس وفرنسا وإيطاليا وسويسرا، حيث يقرر 20 رجلا من أهل الأندلس بناء سفينة وغزو صقلية غزوة سريعة ليعودوا بعدها محملين بالغنائم والفخر ورضا الرحمن. لكن السفينة تجنح بهم تحت ضربات عاصفة مهلكة وتلقي بهم على شواطئ فرنسا حيث يجدون أنفسهم في مكان لا يعرفونه أمام أطلال قلعة رومانية تشرف على البحر وتتحكم في الطرق الرئيسية بين الجبال. لأن هذا ما أراده الله لهم، أو لأنه ليس أمامهم إلا ذلك، يقررون البقاء في المكان الذي ألقتهم به الأقدار حتى يعيدوا بناء السفينة من جديد.
يقطعون الطريق بين الجبال على الحجاج الذاهبين إلى روما، فينتشر الرعب منهم في كل أنحاء أوروبا، خصوصا أن خلطا يحدث بينهم وبين الفايكنغ المتوحشين في أذهان العامة، ويعيدون بناء القلعة، فيتوافد إليهم المئات من المغامرين والأتقياء من الأندلس، وتبدأ رحلة تمتد لنحو مائة عام من الغزو والانتصار والهزائم والانتصار ثم الاندحار، يصلون إلى روما وإلى سويسرا، ويبنون قلاعا كثيرة على غرار القلعة الأولى، ويقيمون علاقات مع أمراء أوروبا المتناحرين، فيفوزون عليهم جميعا، حتى تحدث الخيانة الكبرى فيفتح باب القلعة من الداخل ويذبحون جميعا إلا من يستطيع الإفلات من الموت، لكنه لن يفلت من التنصر.
لم تغفل الرواية تفاصيل المجتمعات في ذاك الزمان وإنما جسد عتيبة دور المرأة في تلك الحقبة، فيقول: «كانت المرأة في خلفية الصورة في هذا العصر، لكنها كانت قوة حقيقية محركة لأحداثه، فهي زوجة الخليفة وأمه، وهي زوجة القائد وجاريته، وهي خليلة الفارس، وهي التي تحقق ما تريد من خلال رجلها بذكاء لا ينتهي وبأقل الخسائر الممكنة».
يمكننا القول بأنها رواية ملحمية تاريخية تأخذنا إلى مناطق مجهولة من تاريخ الحضارة العربية، عبر شخوص عتيبة الذين بينهم: الأتقياء والمغامرون والفرسان النبلاء والأنذال والعشاق المخلصون والخونة والفنانون وعديمو الحس والزاهدون والطماعون هم وقود هذه الرواية على خلفية عصر يموج بالتغير والحركة والصدامات العنيفة.
تبدأ الرواية بعد انتهاء القصة، ترويها جميع الشخصيات في نفس واحد من خلال آخر بطلين بقيا، أحد الرجال العشرين، وزوجته الفرنسية، اللذين يحاولان في النهاية أن يجدا الله كما يشعر به قلباهما، وليس كما يرسمه لهما الآخرون لأغراض تخصهم.
وحول الرواية يقول الروائي منير عتيبة: «استغرقت الرواية 5 سنوات ما بين البحث والتنقيب في المراجع التاريخية، ومرحلة الكتابة.. كانت الفكرة نفسها مفاجئة ومدهشة لكنها متسقة مع روح العصر المشبعة بحب الغزو وفتح عوالم جديدة، وهي روح لم تقتصر على المسلمين بل شملت كل من يعيشون في هذا العصر، الكل يريد المغامرة والاقتحام والانتصار والفوز بالغنائم».
ويضيف «لم يذكر التاريخ سوى الأحداث الكبرى لهذه القصة، ولا نعرف أشخاصا بعينهم من هؤلاء العشرين ولا من جاء بعدهم، دائما يتحدثون عنهم بصفتهم المسلمين، لذلك فإن هذه الرواية تطمح إلى خلق 20 رجلا يمثلون جوانب هذا العصر المختلفة، كما تطمح على المستوى التقني إلى تقديم سرد سيمفوني النهج متعدد الأصوات ومتداخلها باندماج لا يؤدى إلى فقدان التمايز».
ويشير عتيبة: «كان هذا العصر يموج بالأفكار الدنيوية المغرقة في الإعلاء من شأن المتع الحسية، وما يستتبعها من جشع وحب تملك وسيطرة، وفي المقابل كان هو عصر الفن الراقي في الشعر والغناء والموسيقى والمعمار، وكان عصر الزاهدين والمتصوفة الكبار الذين وهبوا أنفسهم لفكرة الزهد والابتعاد عن نعيم الدنيا طلبا لنعيم الآخرة. كان هذا هو حال الأندلس، وحال أوروبا أيضا، فكما يوجد رهبان يستغلون الدين لتحقيق منافع ومكاسب دنيوية، يوجد آخرون يتركون الدنيا خلف ظهورهم، وكما يوجد فرسان يحققون المجد والثروة بقتل الآخرين، يوجد شعراء يتغنون بالحب والوفاء والإخلاص».
يصدر قريباً: رواية تاريخية عن 20 أندلسيًا غزوا أوروبا
يصدر قريباً: رواية تاريخية عن 20 أندلسيًا غزوا أوروبا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة