«انفراج جزئي» لأزمة العالقين على الحدود التونسية ـ الليبية

ليبيون يعبرون بسياراتهم معبر رأس جدير الحدودي (أ.ف.ب)
ليبيون يعبرون بسياراتهم معبر رأس جدير الحدودي (أ.ف.ب)
TT

«انفراج جزئي» لأزمة العالقين على الحدود التونسية ـ الليبية

ليبيون يعبرون بسياراتهم معبر رأس جدير الحدودي (أ.ف.ب)
ليبيون يعبرون بسياراتهم معبر رأس جدير الحدودي (أ.ف.ب)

انفرجت أزمة العالقين على الحدود التونسية - الليبية بشكل جزئي، بعد أن تقرر فتح الحدود بين البلدين، والسماح للتونسيين العائدين من ليبيا بدخول التراب التونسي، وذلك إثر زيارة قام بها وفد حكومي ليبي مساء السبت إلى تونس العاصمة.
ولليوم الثاني على التوالي، ووفق شهود عيان من عين المكان، تواصل تدفق التونسيين العالقين على الحدود التونسية - الليبية، بعد سماح السلطات الليبية لهم بالمرور عبر هذا المعبر الحدودي في اتجاه تونس، فيما ينتظر أن يسمح لليبيين بالعودة إلى بلادهم بعد إجراء تحاليل برمجت مساء أمس بمدينة بن قردان (جنوب شرقي تونس) لإثبات سلامتهم من فيروس كورونا.
وجاء قرار منع التونسيين من العودة إلى بلدهم بعد أن اتخذت السلطات الليبية قراراً مفاجئاً بغلق معابرها البرية والجوية مع تونس، بسبب تخوفات من انتشار فيروس كورونا، وهو ما تسبب في تقطع السبل بأعداد كبيرة من المسافرين على الحدود من الجانبين، ومعاناتهم من وضعيات صعبة، خصوصاً في صفوق المرضى وكبار السن، وفي صفوف الليبيين الذين توجهوا إلى تونس للعلاج.
ونتيجة لحالة الاحتقان الشديد التي عرفها المعبر الحدودي «رأس جدير»، دفعت السلطات التونسية بتعزيزات أمنية إلى هذا المعبر «تجنباً لأي طارئ»، إثر غلقه من الجانب الليبي، رغم وجود أعداد كبيرة من الليبيين العالقين على الحدود، بعد رفض الجهات الليبية المسؤولة عن المعبر قبولهم تنفيذاً لقرار غلق المعبر من الجانب الليبي.
وخلال مكالمة هاتفية أجراها مع هشام المشيشي، رئيس الحكومة التونسية، أكد عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية، أن قرار غلق الحدود البرية والجوية مع تونس «وقائي وصحي، وجاء لحماية الأرواح من الجانبين»، مضيفاً أنه سيتم رفعه في القريب العاجل. وجاءت هذه المكالمة إثر موجة انتقادات كبيرة خلفها هذا القرار، نظراً لتأثيره على أمن البلدين واستقرارهما.
وذكرت مصادر أمنية تونسية أن قرار غلق المعبر خلف حالة من الاحتقان والهيجان في صفوف المسافرين الليبيين العالقين، وجلهم أفراد عائلات ومرضى انتقلوا إلى تونس للعلاج، لكنهم فوجئوا بقرار الإغلاق دون سابق إنذار.
وكانت الحكومة الليبية قد اتخذت قرار غلق المعبر لمدة أسبوع على خلفية تطورات الوضع الوبائي في تونس، غير أن هذا القرار جاء مفاجئاً لليبيين الموجودين بأعداد كبيرة في تونس، خصوصاً في الجنوب التونسي المتاخم للحدود الليبية، وكذلك للتونسيين الذين يعملون في ليبيا، وتعودوا قضاء فترة عيد الأضحى مع عائلاتهم في تونس. ويرى مراقبون أن من شأن هذا الانفراج الجزئي أن يخفف درجة الاحتقان التي سادت على الحدود بين البلدين.



الحوثيون ينقلون أسلحة إلى صعدة لتحصينها من الاستهداف الأميركي

طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
TT

الحوثيون ينقلون أسلحة إلى صعدة لتحصينها من الاستهداف الأميركي

طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)

كثفت الولايات المتحدة ضرباتها الجوية في الأسابيع الأخيرة على مواقع الجماعة الحوثية بمحافظة عمران، لا سيما مديرية حرف سفيان، في مسعى لتدمير أسلحة الجماعة المخزنة في مواقع محصنة تحت الأرض، ما جعل الجماعة تنقل كميات منها إلى معقلها الرئيسي في صعدة (شمال).

وكشفت مصادر يمنية مطلعة أن الجماعة الحوثية نقلت خلال الأيام الأخيرة مركز الصواريخ والطائرات المسيرة من مناطق عدة بمحافظة عمران إلى محافظة صعدة، وذلك تخوفاً من استهداف ما تبقى منها، خصوصاً بعد تعرض عدد من المستودعات للتدمير نتيجة الضربات الغربية في الأسابيع الماضية.

وكانت المقاتلات الأميركية شنت في الآونة الأخيرة، غارات مُكثفة على مواقع عسكرية تابعة للحوثيين، كان آخرها، الجمعة، حيث تركزت أغلب الضربات على مديرية «حرف سفيان» الواقعة شمال محافظة عمران على حدود صعدة.

وبحسب المصادر التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، نقلت الجماعة الحوثية، تحت إشراف عناصر من «سلاح المهندسين والصيانة العسكرية»، مجموعة صواريخ متنوعة ومسيّرات ومنصات إطلاق متحركة وأسلحة أخرى متنوعة إلى مخازن محصنة في مناطق متفرقة من صعدة.

دخان يتصاعد في صنعاء عقب ضربات أميركية استهدفت موقعاً حوثياً (رويترز)

وتمت عملية نقل الأسلحة - وفق المصادر - بطريقة سرية ومموهة وعلى دفعات، كما استقدمت الجماعة الحوثية شاحنات نقل مختلفة من صنعاء بغية إتمام العملية.

وتزامن نقل الأسلحة مع حملات اختطاف واسعة نفذتها جماعة الحوثيين في أوساط السكان، وتركزت في الأيام الأخيرة بمدينة عمران عاصمة مركز المحافظة، ومديرية حرف سفيان التابعة لها بذريعة «التخابر لصالح دول غربية».

واختطف الانقلابيون خلال الأيام الأخيرة، نحو 42 شخصاً من أهالي قرية «الهجر» في حرف سفيان؛ بعضهم من المشرفين والمقاتلين الموالين لهم، بعد اتهامهم بالتخابر مع أميركا وإسرائيل، وفقاً للمصادر.

وجاءت حملة الاختطافات الحوثية عقب تنفيذ الجيش الأميركي في الأسبوعين الماضيين، عشرات الغارات التي استهدفت منشآت عسكرية وأماكن تجمعات للجماعة في حرف سفيان، أسفر عنها تدمير منشآت استُخدمت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية أميركية بجنوب البحر الأحمر وخليج عدن.

أهمية استراتيجية

نظراً للأهمية الاستراتيجية لمنطقة «حرف سفيان» في عمران، فقد تركزت الغارات على استهداف منشآت ومواقع متفرقة في المديرية ذاتها.

وتُعدّ مديرية «حرف سفيان» كبرى مديريات محافظة عمران من أهم معاقل الجماعة الحوثية بعد محافظة صعدة، وذلك نظراً لمساحتها الكبيرة البالغة نحو 2700 كيلومتر مربع، مضافاً إلى ذلك حدودها المتصلة بـ4 محافظات؛ هي حجة، والجوف، وصعدة، وصنعاء.

أنصار الحوثيين يحملون صاروخاً وهمياً ويهتفون بشعارات خلال مظاهرة مناهضة لإسرائيل (أ.ب)

وكان قد سبق لجماعة الحوثيين تخزين كميات كبيرة من الأسلحة المنهوبة من مستودعات الجيش اليمني في مقرات عسكرية بمحافظة عمران؛ منها معسكر «اللواء التاسع» بضواحي مدينة عمران، و«لواء العمالقة» في منطقة الجبل الأسود بمديرية حرف سفيان، وموقع «الزعلاء» العسكري الاستراتيجي الذي يشرف على الطريق العام الرابط بين صنعاء وصعدة، إضافة إلى مقار ومواقع عسكرية أخرى.

وإلى جانب ما تُشكله هذه المديرية من خط إمداد رئيسي للانقلابيين الحوثيين بالمقاتلين من مختلف الأعمار، أكدت المصادر في عمران لـ«الشرق الاوسط»، أن المديرية لا تزال تُعدّ مركزاً مهماً للتعبئة والتجنيد القسري لليمنيين من خارج المحافظة، لكونها تحتوي على العشرات من معسكرات التدريب التي أسستها الجماعة في أوقات سابقة، وترسل إليها المجندين تباعاً من مناطق عدة لإخضاعهم للتعبئة الفكرية وتلقي تدريبات قتالية.

صورة عامة لحاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» (رويترز)

وتقول المصادر إن الضربات الأميركية الأخيرة على محافظة عمران كانت أكثر إيلاماً للحوثيين من غيرها، كونها استهدفت مباشرةً مواقع عسكرية للجماعة؛ منها معمل للطيران المسير، وكهوف تحوي مخازن أسلحة وأماكن خاصة بالتجمعات، بعكس الغارات الإسرائيلية التي تركزت على استهداف البنى التحتية المدنية، خصوصاً في صنعاء والحديدة.

وترجح المصادر أن الأميركيين كثفوا ضرباتهم في مديرية حرف سفيان بعد أن تلقوا معلومات استخبارية حول قيام الحوثيين بحفر ملاجئ وأنفاق ومقرات سرية لهم تحت الأرض، حيث يستخدمونها لعقد الاجتماعات وإقامة بعض الدورات التعبوية، كما أنها تحميهم من التعرض لأي استهداف مباشر.