السودان يتهم دولاً بإقامة منصات لـ«تصفية حسابات إقليمية»

TT

السودان يتهم دولاً بإقامة منصات لـ«تصفية حسابات إقليمية»

اتهم السودان ثلاث دول، لم يسمها، بإدارة منصات إعلامية «تعمل على تصفية حسابات إقليمية، وتنفيذ أجندات لا علاقة لها للسودان، وإثارة الكراهية والبلبلة»، وحث مجلس الوزراء على تسميتها وتحديدها، وإدارة حوار شفاف يعرف من خلاله المواطن من يستغل البلاد لتصفية أجندة سياسية محددة.
وقال عضو مجلس السيادة المتحدث باسم المجلس، محمد الفكي سليمان، في كلمة لورشة عمل نظمها مركز «آرتكل»، بالتعاون مع مفوضية السلام وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) في الخرطوم أمس، إن هناك «منصات إعلامية خارجية تديرها ثلاث دول خارجية (لم يسمها)... تستخدم لتصفية حسابات محددة في الإقليم»، لكنه وصفها بـ«المعروفة».
وكشف الفكي عن اتصالات جرت مع هذه الدول، ودعا مجلس الوزراء إلى عدم السكوت عنها بقوله: «هناك منصات تتحرك في ثلاث إلى أربع دول معروفة، وقد تم رصدها وتكلمنا معهم مباشرة، ويجب ألا نسكت عن استغلال بلادنا لتصفية حسابات في الإقليم».
وكانت وزارة الثقافة والإعلام قد ذكرت في وقت سابق أن مجلس الوزراء وجه بمخاطبة تلك الدول، وتنبيهها لخطورة تلك الأنشطة التي تنظم في أراضيها ضد السودان، ونتيجة لذلك تواصلت السلطات مع المنصات التي تستخدمها تلك الشبكات للتصدي لأنشطتها، وصناعة وبث الأخبار الكاذبة.
وتابع الفكي موضحاً: «لن نسكت، وسندير نقاشات شفافة، ويجب على إخواننا في مجلس الوزراء القيام بدورهم، وأن يتكلموا عن هذه الدول بالاسم»، مضيفاً «يجب أن يعرف الإعلام والمواطنون من يستغل بلادهم لتصفية حساباته، وفرض أجندة سياسية محددة».
ويتعرض السودان لحملات تشويه وتضليل، ونشر إشاعات منظمة، وحملات لإثارة الكراهية على منصات إعلامية على الإنترنت، دفعت موقع التواصل الاجتماعي الشهير «فيسبوك» لإزالة 53 حساباً، و51 صفحة، وثلاث مجموعات، و18 حساباً على إنستغرام سودانية، ووصفها بأنها تستهدف «الجماهير المحلية»، وأثناء ذلك حجبت سلطات النيابة السودانية عدداً من المواقع على الإنترنت، وصفتها بأنها تستهدف إفشال الانتقال في البلاد.
وحذر الفكي مما سماه تخريب المناخ الإعلامي، وإفقاده دوره في الرقابة وكشف الفساد، ونقل ما لا تنقله التقارير الرسمية لمتخذي القرار، ووصف الإجراءات التي اتخذتها السلطات بحجب بعض المواقع، وإزالة الحسابات المزيفة لتنقية المناخ الإعلامي بـ«الضرورية» للمواجهة الحقيقية «لخطاب الكراهية وخطاب المنصات، أو المطابخ المعروفة التي تعمل على إرباك متخذ القرار، وتسميم فضاء الإعلام».
ونظمت في الخرطوم أمس ورشة مشتركة تستمر لمدة يومين، بين مركز «آرتكل» للخدمات والتدريب، والمفوضية القومية للسلام، وصندوق الأمم المتحدة الإنمائي، باسم «ورشة إعلام السلام». وشهد اليوم الأول ورشة بعنوان إعلام السلام ودوره في البناء، وورقة التغطية الإعلامية في أوضاع النزاع وما بعد النزاع، ودور الإعلام في بسط السلم الاجتماعي.
وكشفت وزارة الثقافة والإعلام السودانية في بيان الخميس الماضي عن شبكات ذات صلة ببعض الجماعات الإرهابية المتطرفة، وقالت إنها تستهدف البلاد بصورة منهجية، عبر نشر الشائعات والأخبار الكاذبة، والتحريض على العنف وإثارة الكراهية.
وحذرت الوزارة مما أطلقت عليه تزايد وانتشار شبكات تعمل على وسائط التواصل الاجتماعي، تنتج وتبث شائعات وأنباء كاذبة وسلبية، تؤدي إلى إثارة الكراهية والنعرات العنصرية والجهوية، وتشويه صورة السودان أمام العالم، وتقويض المرحلة الانتقالية، والحيلولة دون بلوغ الدولة المدنية الديمقراطية، بإشاعة اليأس والإحباط بين المواطنين.
ورأت الوزارة في تلك الأنشطة انتهاكاً لحقوق المواطنين في الخصوصية والأمان، مستغلة صفحات التواصل الاجتماعي، وقالت إنها اعتمدت مشروعاً لمحاربة الإشاعات الكاذبة، مستعينة في ذلك بشركة مختصة خبيرة، وخلصت إلى وجود شبكات منظمة مرتبطة بنظام الرئيس المعزول عمر البشير وشركائه الإسلاميين، تستهدف السودان، إضافة لارتباطها بجماعات إرهابية متطرفة في المنطقة، كانت ذات صلة بالنظام الذي أسقطته الثورة الشعبية السودانية.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم