دفن رفات 19 من ضحايا «مذبحة سربرنيتسا» في ذكراها الـ 26

دفنت رفات 19 من ضحايا الإبادة في سربرنيتسا في شرق البوسنة أمس (الأحد)، خلال مراسم في الذكرى السادسة والعشرين لهذه المجزرة التي ما زالت تسبب انقساماً عميقاً في البلاد، بعد أكثر من ربع قرن على وقوعها.
وحضر آلاف الأشخاص مراسم الجنازة في مركز بوتوكاري التذكاري بالقرب من سربرنيتسا، حيث يرقد الآن 6671 من ضحايا المجزرة، بينهم 435 مراهقاً، ودفن 236 من الضحايا في مقابر أخرى، كما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.
وفي يوليو (تموز) 1995 قبل خمسة أشهر من نهاية حرب البوسنة (1992 - 1995)، قتلت قوات صرب البوسنة أكثر من ثمانية آلاف رجل وفتى بوسنيين في منطقة سربرنيتسا. وقال آزر عثمانوفيتش للصحافيين قبيل دفن رفات شقيقه أزمير الذي كان يبلغ 16 عاماً في يوليو 1995، «سأدفن جمجمة أخي وهي ليست كاملة».
وأثناء فراره من سربرنيتسا مع مجموعة من المراهقين، وجد أزمير نفسه في حقل ألغام. وقال آزر «مات شقيقي وولدان آخران هناك»، وتم العثور على رفاته مؤخراً والتعرف عليها. وأضاف: «قررت أن أدفنه هذا العام، وأن يكون لدي على الأقل مكان يمكنني فيه الصلاة من أجله»، مشيراً إلى أنه يعتقد أن «بعد كل هذه السنوات لا يمكن العثور على شيء».
وبين الضحايا المدفونين شابة كانت في الرابعة والعشرين، وشاب آخر في السابعة عشرة. وبعد مراسم تأبين وصلاة جماعية، حمل الرجال التوابيت التي لفت بقماش أخضر وعلم للبوسنة في زمن الحرب، إلى القبور الجديدة التي تم حفرها بين آلاف من الشواهد التي صفت بعناية.
اعتقل معظم ضحايا هذه المجزرة ثم قتلوا بإطلاق الرصاص عليهم بالمئات، ودفنت جثثهم في عشرات الحفر الجماعية من قبل قوات صرب البوسنة التي استولت على المدينة في 11 يوليو 1995، وقالت ألماسة صالحفيتش، المتحدثة باسم المركز التذكاري، إن «العثور على مقابر جماعية جديدة يزداد صعوبة بينما ما زال يجري البحث عن رفات أكثر من ألف ضحية».
واعتبرت المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة هذه المجزرة إبادة جماعية. وحكم على الزعيمين السابقين السياسي والعسكري لصرب البوسنة رادوفان كرادجيتش وراتكو ملاديتش، بالسجن مدى الحياة، خصوصاً بسبب هذه المجزرة. لكن ما زال القادة السياسيون للصرب في البوسنة وصربيا يقللون من خطورة المجزرة ويرفضون اعتبارها إبادة جماعية. وقال العضو الصربي في الرئاسة الجماعية للبوسنة ميلوراد دوديك، السبت، «لم تكن هناك إبادة جماعية». وأضاف في تصريحات نقلها موقع تلفزيون الكيان الصربي في البوسنة: «هناك عناصر تشير إلى أن هذه النعوش فارغة (...) ويضعون أسماء لها».
وقال مدير المعهد البوسني للمفقودين أمور ماسوفياتش، «إنه أمر مرعب». وأضاف: «هنا في مركز النصب التذكاري هناك ضحايا تم العثور على قطعة عظم واحدة فقط منهم (...) وفي أغلب الأحيان يعثر على الرفات موزعة في حفرتين أو ثلاث أو خمس حفر جماعية».
خلال الأشهر القليلة التي أعقبت المجزرة، نبشت جثث الضحايا بجرافات ونقلت إلى مقابر جماعية أخرى للتغطية على الجرائم. وعارض الوزراء الصرب في الحكومة المركزية البوسنية، الجمعة، إعلان يوم حداد في البلاد في هذه المناسبة.
ودعا وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، والمفوض المكلف سياسة الجوار والتوسع أوليفر فارهيلي، السبت، القادة السياسيين في البلقان، إلى التصدي «لجذور الكراهية التي أدت إلى الإبادة الجماعية». وأكد بوريل وفارهيلي أنه «لا مكان في أوروبا لإنكار الإبادة الجماعية وتحريف الوقائع وتمجيد مجرمي الحرب».