جدل في تونس حول تعويضات لآلاف من أنصار «النهضة»

TT

جدل في تونس حول تعويضات لآلاف من أنصار «النهضة»

خلفت دعوة قيادات «حركة النهضة» ونوابها في البرلمان إلى تفعيل «صندوق الكرامة ورد الاعتبار لضحايا الاستبداد»، ردود فعل منددة بهذا الخيار، الذي أطلقت عليه الأطراف المعارضة «فضيحة التعويضات»، في ظل الأزمات متعددة الأبعاد التي تعصف بالبلاد.
وهدد عدد من وجوه المعارضة بمقاضاة حكومة هشام المشيشي التي تقع تحت هيمنة «النهضة»، في حال إصرارها على صرف التعويضات المقدرة بنحو ثلاثة مليارات دينار (نحو 1.1 مليار دولار) سيستفيد منها نحو 2950 شخصاً من أنصار «النهضة» في ذروة الأزمة التي تعصف بالبلاد.
وقال رئيس «حركة الشعب» المعارضة زهير المغزاوي لـ«الشرق الأوسط» إن «حركة النهضة تستغل ضعف الدولة وحاجة رئيس الحكومة للدعم السياسي للضغط عليه من أجل تفعيل صندوق الكرامة وصرف تعويضات لمريديها وأتباعها، تحت عنوان حقهم في التعويض عن التعذيب والقهر والاعتقال من قبل النظام السابق».
وأدان بشدة «هذا السلوك الانتهازي النفعي ومحاولة استغلال مجلس نواب الشعب (البرلمان) لإضفاء شرعية قانونية على هذا الانحراف الخطير». ودعا المشيشي إلى «عدم الخضوع لابتزاز حركة النهضة»، وحمّله «مسؤولياته كرجل دولة لحماية الحكومة من الاستغلال الحزبي والنفعي، والحفاظ على مقدراتها في ظل هذا الوضع الذي يتطلب توفير كل الإمكانيات لحماية أرواح الناس».
ودعا المغزاوي «كل القوى السياسية والمنظمات الوطنية» إلى «التصدي لهذا السلوك الأرعن لحركة النهضة». وقال إن «الدولة لا تعني الحركة، وهي لا تهتم بمصلحتها، وتفكر في المقابل في مصلحة الجماعة. ودعا إلى منع الحركة من استغلال الوضع الحالي للاستفراد بالحكومة ومقدراتها ومؤسسات الدولة».
ويعود تأسيس «صندوق الكرامة ورد الاعتبار لضحايا الاستبداد» إلى سنة 2013 حين صادق المجلس التأسيسي، ولم يفعّل منذ ذلك التاريخ، وهو صندوق مخصص «لجبر الضرر المادي لضحايا الاستبداد»، وفق البرنامج الشامل لجبر الضرر ورد الاعتبار الذي أعدته «هيئة الحقيقة والكرامة»، وهي هيئة دستورية كُلفت تفعيل مسار العدالة الانتقالية عقب الثورة.
ويتولى هذا الصندوق التعويض المادي للمساجين السياسيين في عهدي الرئيسين السابقين الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي، خلال الفترة الممتدة بين 1955 و2011، علاوةً على تعويض ضحايا الأحداث الإرهابية وجرحى الثورة وعائلات قتلاها.
ويشمل برنامج التعويضات ناشطين من مختلف القوى السياسية وغير حزبيين، لكن مراقبين تساءلوا عن معنى هذه التعويضات المادية، بعد أن تلقى المساجين تعويضات وفقاً لقانون العفو التشريعي الذي صدر بعد الثورة.
ووفق قانون العدالة الانتقالية، على الدولة أن تخصص 10 ملايين دولار لتمويل الصندوق، في حين تأتي الموارد الأخرى من هبات ومنح وتبرعات دولية غير مشروطة، وهو ما لم يحصل بسبب الأزمة الاقتصادية التي تواجهها تونس.
في السياق ذاته، هدد النائب مبروك كرشيد بالتوجه إلى القضاء في حال صرفت التعويضات. وقال إن أطرافاً سياسية «تريد تمرير هذه التعويضات» بعد التنسيق السابق مع رئيسة «هيئة الحقيقة والكرامة» سهام بن سدرين، معتبراً أن المقررات التي أعدتها بن سدرين «باطلة».
على صعيد آخر، حذر رئيس لجنة المالية في البرلمان النائب عن «الكتلة الديمقراطية» المعارضة هيكل المكي، من مخاطر «ثورة اجتماعية عارمة لن تكون ثورة ياسمين، بل ستكون ثورة خرساء صماء مغبّرة دامية بوجه قبيح». وأضاف أن «الثورة المقبلة لن يكون لها صوت ولا مشهدية إخراجية، ولن يقف لها الكونغرس ولن تنتج خبراء في الديمقراطية المحلية وحقوق الحلزون وجمعيات مجتمع مدني ودستوراً».



خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
TT

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

في خطوة إضافية نحو مكافحة الفساد ومنع التجاوزات المالية، أحال رئيس الوزراء اليمني، الدكتور أحمد عوض بن مبارك، رئيس إحدى المؤسسات النفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

تأتي الخطوة متزامنة مع توجيه وزارة المالية خطاباً إلى جميع الجهات الحكومية على المستوى المركزي والسلطات المحلية، أبلغتها فيه بالامتناع عن إجراء أي عقود للشراء أو التزامات مالية جديدة إلا بعد الحصول على موافقة مسبقة من الوزارة.

الخزينة اليمنية خسرت نحو 3 مليارات دولار نتيجة توقف تصدير النفط (إعلام محلي)

وقال بن مبارك في حسابه على «إكس» إنه أحال ملفاً جديداً في قضايا الفساد إلى النائب العام، ضمن إجراءات مستمرة، انطلاقاً من التزام الحكومة المطلق بنهج مكافحة الفساد وإعلاء الشفافية والمساءلة بوصفه موقفاً وليس مجرد شعار.

وأكد أن الحكومة والأجهزة القضائية والرقابية ماضون في هذا الاتجاه دون تهاون، مشدداً على أنه لا حماية لمن يثبت تورطه في نهب المال العام أو الفساد المالي والإداري، مهما كان موقعه الوظيفي.

في السياق نفسه، أوضح مصدر حكومي مسؤول أن مخالفات جديدة في قضايا فساد وجرائم تمس المال العام تمت إحالتها إلى النائب العام للتحقيق واتخاذ ما يلزم، من خلال خطاب وجّه إلى النيابة العامة، يتضمن المخالفات التي ارتكبها المدير التنفيذي لشركة الاستثمارات النفطية، وعدم التزامه بالحفاظ على الممتلكات العامة والتصرف بشكل فردي في مباحثات تتعلق بنقل وتشغيل أحد القطاعات النفطية.

وتضمن الخطاب -وفق المصدر- ملفاً متكاملاً بالمخالفات التي ارتكبها المسؤول النفطي، وهي الوقائع التي على ضوئها تمت إحالته للتحقيق. لكنه لم يذكر تفاصيل هذه المخالفات كما كانت عليه الحال في إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة التسبب في إهدار 180 مليون دولار.

وجدّد المصدر التزام الحكومة المُطلق بالمحافظة على المال العام، ومحاربة جميع أنواع الفساد، باعتبار ذلك أولوية قصوى. وأشار إلى أن القضاء هو الحكم والفيصل في هذه القضايا، حتى لا يظن أحد أنه بمنأى عن المساءلة والمحاسبة، أو أنه فوق القانون.

تدابير مالية

في سياق متصل بمكافحة الفساد والتجاوزات والحد من الإنفاق، عمّمت وزارة المالية اليمنية على جميع الجهات الحكومية عدم الدخول في أي التزامات مالية جديدة إلا بعد موافقتها على المستويات المحلية والمركزية.

تعميم وزارة المالية اليمنية بشأن ترشيد الإنفاق (إعلام حكومي)

وذكر التعميم أنه، وارتباطاً بخصوصية الوضع الاقتصادي الراهن، واستناداً إلى قرار مجلس القيادة الرئاسي رقم 30 لعام 2022، بشأن وضع المعالجات لمواجهة التطورات في الوضع الاقتصادي والمالي والنقدي، وفي إطار دور وزارة المالية بالموازنة بين النفقات والإيرادات، فإنها تهيب بجميع الجهات المشمولة بالموازنة العامة للدولة والموازنات الملحقة والمستقلة الالتزام بالإجراءات القانونية وعدم الدخول في أي التزامات جديدة أو البدء في إجراءات عملية الشراء إلا بعد أخذ الموافقة المسبقة منها.

وأكد التعميم أن أي جهة تُخالف هذا الإجراء ستكون غير مسؤولة عن الالتزامات المالية المترتبة على ذلك. وقال: «في حال وجود توجيهات عليا بشأن أي التزامات مالية فإنه يجري عرضها على وزارة المالية قبل البدء في إجراءات الشراء أو التعاقد».

دعم صيني للإصلاحات

وناقش نائب محافظ البنك المركزي اليمني، محمد باناجة، مع القائم بالأعمال في سفارة الصين لدى اليمن، تشاو تشنغ، مستجدات الأوضاع المتعلقة بتفاقم الأزمات المالية التي يشهدها اليمن، والتقلبات الحادة في أسعار الصرف التي تُعد نتيجة حتمية للوضع الاقتصادي المتدهور في البلاد، والذي أثر بشكل مباشر على القطاع المصرفي والمالي.

وأعاد المسؤول اليمني أسباب هذا التدهور إلى اعتداء «ميليشيات الحوثي» على منشآت تصدير النفط، ما أدى إلى توقف التصدير، الذي يُعد أهم مصدر لتمويل خزينة الدولة بالنقد الأجنبي، والذي تسبب في مضاعفة العجز في الموازنة العامة وميزان المدفوعات.

نائب محافظ البنك المركزي اليمني خلال لقائه القائم بالأعمال الصيني (إعلام حكومي)

وخلال اللقاء الذي جرى بمقر البنك المركزي في عدن، أكد نائب المحافظ أن إدارة البنك تعمل جاهدة على تجاوز هذه التحديات، من خلال استخدام أدوات السياسة النقدية المُتاحة. وأشار إلى استجابة البنك بالكامل لكل البنود المتفق عليها مع المبعوث الأممي، بما في ذلك إلغاء جميع الإجراءات المتعلقة بسحب «نظام السويفت» عن البنوك التي لم تنقل مراكز عملياتها إلى عدن.

وأعاد المسؤول اليمني التذكير بأن الحوثيين لم يتخذوا أي خطوات ملموسة، ولم يصدروا بياناً يعبرون فيه عن حسن نياتهم، في حين أكد القائم بأعمال السفارة الصينية دعم الحكومة الصينية للحكومة اليمنية في كل المجالات، ومنها القطاع المصرفي، للإسهام في تنفيذ الإصلاحات.