«السعودية للأبحاث والإعلام» ترتقي بالمشهد الرقمي

«السعودية للأبحاث والإعلام» ترتقي بالمشهد الرقمي
TT

«السعودية للأبحاث والإعلام» ترتقي بالمشهد الرقمي

«السعودية للأبحاث والإعلام» ترتقي بالمشهد الرقمي

شهد العالم في السنوات الأخيرة تطورات تكنولوجية هائلة ومتسارعة ساهمت في مضاعفة المعرفة البشرية وطوَرت من وسائل وأساليب حفظها وتداولها. وبسبب تداعيات جائحة «كوفيد-19» التي أحدثت تغييرات عميقة في المجتمعات، أصبح التحول الرقمي ضرورة حتمية وتوجهاً عصرياً يتوافق مع طبيعة ما نشهده من متغيرات وما تصبو إليه الدول والشعوب من تقدم وازدهار.
ولا يمكن أن ننكر الدور المحوري لوسائل الإعلام في القرن الحادي والعشرين من حيث حجم تأثير هذه الوسائل وأهمية المعلومات التي تقدمها للمجتمعات. وهنا يجب التأكيد على أهمية استعداد الإعلام العربي للتعامل مع عالم ما بعد الجائحة، حيث سيكون المحتوى الرقمي هو الأكثر تأثيراً.
ومن هذا المنطلق، أدركت «المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام» أهمية التحول إلى العالم الرقمي وصممت تصورات المرحلة المقبلة من خلال إطلاقها لاستراتيجية تحولية جديدة تهدف إلى التوسّع والنمو والارتقاء بالأعمال نحو العالمية، وترسيخ مكانة المجموعة كمصدر رئيسي للأخبار والمعلومات في المنطقة والعالم.
تعتمد الاستراتيجية التحولية الجديدة للمجموعة على الإبداع والابتكار في جميع مفاصلها وتتمحور بمجملها حول القراء والعملاء وشركاء الأعمال، وذلك من خلال تطوير محتوى نوعي وحصري يحاكي القضايا المحورية المعاصرة ويتسم بالدقة والمصداقية ويعتمد على التقنية والتفاعل من خلال منصات التواصل الاجتماعي والوسائط الإعلامية المختلفة.
ستتيح هذه المنصات والخدمات والقدرات الجديدة إمكانية اغتنام العديد من الفرص الواعدة على مستوى قطاع الإعلام والترفيه في منطقة الشرق الأوسط - الذي من المتوقع أن تتضاعف قيمته لتصل إلى 70 مليار دولار خلال السنوات الخمس المقبلة وفق بعض الدراسات - وعلى مستوى قطاع الإعلام والترفيه العالمي والذي يصل حجمه اليوم إلى 2.2 تريليون دولار، مما يتيح فرصاً متنامية لإنتاج المحتوى الرقمي ونشره وتوزيعه وتسويقه، وتطوير العائدات التجارية للمؤسسات الإعلامية من الإعلانات وسواها، وتعزيز أسواق التسوُّق الالكتروني وإقامة الشراكات الواعدة. أي أن هذه الاستراتيجية الجديدة ستساهم في تلبية تطلعات واحتياجات الجمهور المعاصر وإبقاء المجموعة في قلب المستقبل الرقمي للمنطقة.

قد يتصور البعض أن التحول الرقمي في المؤسسات الإعلامية هو مجرد استبدال الوسائل والأساليب القديمة أو التقليدية بوسائل وتقنيات حديثة. إلا أن التحول الرقمي يتطلب تغييراً حقيقياً في هيكل عمل القنوات الإعلامية، وتحولاً جذرياً في صناعة المحتوى الإعلامي وطريقة تقديمه للقرّاء بشكل معاصر وجاذب، بالإضافة إلى ابتكار أساليب جديدة تعزز من مكانة وسائل الإعلام التقليدية وقدرتها على التأثير من خلال منصات تفاعلية تلبي احتياجات وتطلعات الجمهور وأذواقه.
وفي هذا السياق، ركزت المجموعة في استراتيجيتها التحولية الجديدة على 5 ركائز أساسية للأعمال توفِّر قيمة معرفية وفرصاً تجارية واعدة لتكون المجموعة بمثابة نافذة القراء والمتابعين إلى العالم. وتركز هذه الركائز على توسيع نطاق عملية إنتاج المحتوى ونشره عبر برامج البودكاست والمنصّات الرقمية المختلفة، وبناء شبكة عالمية من الشراكات والاستثمارات الاستراتيجية، وتعزيز الريادة الفكرية والمعرفية في المنطقة وتقديم تصوّر جديد للتعامل مع الفرص والتحديات التي تقدمها القضايا الدولية والمحلية من خلال مراكز الأبحاث واستطلاع الرأي.
هذا بالإضافة إلى ربط الأطراف المختلفة من خلال الفعاليات والمؤتمرات والمعارض، خصوصاً تلك التي تشتمل على مقوّمات اقتصادات المعرفة والريادة الفكرية وتبادل المعلومات والخبرات، إلى جانب احتضان الابتكار والإبداع في مجالات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والمساعدة في تأهيل وتدريب جيل جديد من صناع المحتوى.
ويمثل إطلاق الاستراتيجية التحولية فرصة ذهبية لتأهيل وتطوير مهارات صناع المحتوى الرقمي ومساعدتهم على اكتساب خبرات جديدة ومنحهم الفرصة لرسم مسار مهني إبداعي يلبي تطلعاتهم على الصعيد الشخصي بالتزامن مع دعم مسار التنمية في المملكة. وتشير إحصاءات نشرها «المنتدى الاقتصادي العالمي» ضمن تقرير «مستقبل الوظائف» لعام 2020 إلى أن تطور الاقتصاد وأسواق العمل سيدعم ظهور 97 مليون وظيفة جديدة في مختلف المجالات منها إنشاء المحتوى.
كما أشار تقرير سابق للمنتدى في عام 2018 إلى أن 42% من الوظائف حول العالم ستعتمد على شكل من أشكال الحلول الرقمية في عام 2022، لتظهر بذلك حاجة ملحة لصقل مهارات الأفراد وزيادة كفاءتهم في مجال الإعلام الرقمي.
وتبقى أهداف المجموعة متمحورة حول السعي إلى إثراء حياة الملايين من الأفراد في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتمكينهم وتعزيز قدراتهم، والاستثمار في اقتصادات المعرفة، وإقامة روابط وثيقة ومستدامة للأعمال في المنطقة والعالم بما يدعم السعودية في رحلتها نحو العصر الرقمي.



 «موديز» ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع الاقتصاد

مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)
مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)
TT

 «موديز» ترفع التصنيف الائتماني للسعودية بفضل جهود تنويع الاقتصاد

مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)
مشهد من العاصمة السعودية وتظهر فيه ناطحات السحاب في مركز الملك عبد الله المالي (كافد) (رويترز)

رفعت وكالة التصنيفات الائتمانية «موديز» تصنيفها للسعودية بالعملتين المحلية والأجنبية عند «إيه إيه 3» (Aa3) من «إيه 1» مع نظرة مستقبلية «مستقرة»، وذلك نظراً لتقدم المملكة المستمر في التنويع الاقتصادي والنمو المتصاعد لقطاعها غير النفطي.

هذا التصنيف الذي يعني أن الدولة ذات جودة عالية ومخاطر ائتمانية منخفضة للغاية، هو رابع أعلى تصنيف لـ«موديز»، ويتجاوز تصنيفات وكالتي «فيتش» و«ستاندرد آند بورز».

وقالت «موديز» في تقريرها إن رفعها لتصنيف المملكة الائتماني، مع نظرة مستقبلية «مستقرة»، يأتي نتيجة لتقدمها المستمر في التنوع الاقتصادي، والنمو المتصاعد للقطاع غير النفطي في المملكة، والذي، مع مرور الوقت، سيقلل ارتباط تطورات سوق النفط باقتصادها وماليتها العامة.

ترتيب أولويات الإنفاق ورفع كفاءته

وأشادت «موديز» بالتخطيط المالي الذي اتخذته الحكومة السعودية في إطار الحيّز المالي، والتزامها بترتيب أولويات الإنفاق ورفع كفاءته، بالإضافة إلى الجهود المستمرة التي تبذلها ومواصلتها استثمار المـوارد الماليـة المتاحـة لتنويـع القاعـدة الاقتصاديـة عـن طريـق الإنفـاق التحولي؛ مما يدعم التنمية المستدامة للاقتصاد غير النفطي في المملكة، والحفاظ على مركز مالي قوي.

وقالت «موديز» إن عملية «إعادة معايرة وإعادة ترتيب أولويات مشاريع التنويع -التي ستتم مراجعتها بشكل دوري- ستوفر بيئة أكثر ملاءمة للتنمية المستدامة للاقتصاد غير الهيدروكربوني في المملكة، وتساعد في الحفاظ على القوة النسبية لموازنة الدولة»، مشيرة إلى أن الاستثمارات والاستهلاك الخاص يدعمان النمو في القطاع الخاص غير النفطي، ومتوقعةً أن تبقى النفقات الاستثمارية والاستثمارات المحلية لـ«صندوق الاستثمارات العامة» مرتفعة نسبياً خلال السنوات المقبلة.

شعار «موديز» خارج المقر الرئيسي للشركة في مانهاتن الولايات المتحدة (رويترز)

وقد وضّحت الوكالة في تقريرها استنادها على هذا التخطيط والالتزام في توقعها لعجز مالي مستقر نسبياً والذي من الممكن أن يصل إلى ما يقرب من 2 - 3 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي.

وسجل الناتج المحلي الإجمالي للمملكة نمواً بمعدل 2.8 في المائة على أساس سنوي في الربع الثالث من العام الحالي، مدعوماً بنمو القطاع غير النفطي الذي نما بواقع 4.2 في المائة، وفقاً لبيانات الهيئة العامة للإحصاء السعودية الصادرة الشهر الماضي.

زخم نمو الاقتصاد غير النفطي

وتوقعت «موديز» أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي للقطاع الخاص بالسعودية بنسبة تتراوح بين 4 - 5 في المائة في السنوات المقبلة، والتي تعتبر من بين أعلى المعدلات في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي، معتبرةً أنه دلالة على استمرار التقدم في التنوع الاقتصادي الذي سيقلل ارتباط اقتصاد المملكة بتطورات أسواق النفط.

وكان وزير المالية، محمد الجدعان، قال في منتدى «مبادرة مستقبل الاستثمار» الشهر الماضي إن القطاع غير النفطي بات يشكل 52 في المائة من الاقتصاد بفضل «رؤية 2030».

وقال وزير الاقتصاد فيصل الإبراهيم إنه «منذ إطلاق رؤية المملكة 2030 نما اقتصادنا غير النفطي بنسبة 20 في المائة، وشهدنا زيادة بنسبة 70 في المائة في الاستثمار الخاص في القطاعات غير النفطية، ومهد ذلك للانفتاح والمشاركات الكثيرة مع الأعمال والشركات والمستثمرين».

وأشارت «موديز» إلى أن التقدم في التنويع الاقتصادي إلى جانب الإصلاحات المالية السابقة كل ذلك أدى إلى وصول «الاقتصاد والمالية الحكومية في السعودية إلى وضع أقوى يسمح لهما بتحمل صدمة كبيرة في أسعار النفط مقارنة بعام 2015».

وتوقعت «موديز» أن يكون نمو الاستهلاك الخاص «قوياً»، حيث يتضمن تصميم العديد من المشاريع الجارية، بما في ذلك تلك الضخمة «مراحل تسويق من شأنها تعزيز القدرة على جانب العرض في قطاع الخدمات، وخاصة في مجالات الضيافة والترفيه والتسلية وتجارة التجزئة والمطاعم».

وبحسب تقرير «موديز»، تشير النظرة المستقبلية «المستقرة» إلى توازن المخاطر المتعلقة بالتصنيف على المستوى العالي، مشيرة إلى أن «المزيد من التقدم في مشاريع التنويع الكبيرة قد يستقطب القطاع الخاص ويُحفّز تطوير القطاعات غير الهيدروكربونية بوتيرة أسرع مما نفترضه حالياً».

النفط

تفترض «موديز» بلوغ متوسط ​​سعر النفط 75 دولاراً للبرميل في 2025، و70 دولاراً في الفترة 2026 - 2027، بانخفاض عن متوسط ​​يبلغ نحو 82 - 83 دولاراً للبرميل في 2023 - 2024.

وترجح وكالة التصنيف تمكّن السعودية من العودة لزيادة إنتاج النفط تدريجياً بدءاً من 2025، بما يتماشى مع الإعلان الأخير لمنظمة البلدان المصدرة للنفط وحلفائها «أوبك بلس».

وترى «موديز» أن «التوترات الجيوسياسية المتصاعدة في المنطقة، والتي لها تأثير محدود على السعودية حتى الآن، لن تتصاعد إلى صراع عسكري واسع النطاق بين إسرائيل وإيران مع آثار جانبية قد تؤثر على قدرة المملكة على تصدير النفط أو إعاقة استثمارات القطاع الخاص التي تدعم زخم التنويع». وأشارت في الوقت نفسه إلى أن الصراع الجيوسياسي المستمر في المنطقة يمثل «خطراً على التطورات الاقتصادية على المدى القريب».

تصنيفات سابقة

تجدر الإشارة إلى أن المملكة حصلت خلال العامين الحالي والماضي على عدد من الترقيات في تصنيفها الائتماني من الوكالات العالمية، والتي تأتي انعكاساً لاستمرار جهـود المملكـة نحـو التحـول الاقتصـادي فـي ظـل الإصلاحـات الهيكليـة المتبعـة، وتبنـّي سياسـات ماليـة تسـاهم فـي المحافظـة علـى الاستدامة الماليـة وتعزز كفـاءة التخطيـط المالي وقوة ومتانة المركز المالي للمملكة. ​

ففي سبتمبر (أيلول)، عدلت «ستاندرد آند بورز» توقعاتها للمملكة العربية السعودية من «مستقرة» إلى «إيجابية» على خلفية توقعات النمو القوي غير النفطي والمرونة الاقتصادية. وقالت إن هذه الخطوة تعكس التوقعات بأن تؤدي الإصلاحات والاستثمارات واسعة النطاق التي تنفذها الحكومة السعودية إلى تعزيز تنمية الاقتصاد غير النفطي مع الحفاظ على استدامة المالية العامة.

وفي فبراير (شباط) الماضي، أكدت وكالة «فيتش» تصنيفها الائتماني للمملكة عند «إيه +» مع نظرة مستقبلية «مستقرة».