«الإنسان في المكان»... مبادرات نوعية تؤكد التزام «العُلا» بتنمية المجتمع

تنمية الإنسان ضمن الأولويات القصوى (الهيئة الملكية لمحافظة العلا)
تنمية الإنسان ضمن الأولويات القصوى (الهيئة الملكية لمحافظة العلا)
TT

«الإنسان في المكان»... مبادرات نوعية تؤكد التزام «العُلا» بتنمية المجتمع

تنمية الإنسان ضمن الأولويات القصوى (الهيئة الملكية لمحافظة العلا)
تنمية الإنسان ضمن الأولويات القصوى (الهيئة الملكية لمحافظة العلا)

وضعت الهيئة الملكية لمحافظة العلا تنمية الإنسان في المكان ضمن أولوياتها القصوى، وعملت على ذلك عبر مبادرات نوعية ومختلفة تؤكد التزامها تجاه المجتمع المحلي باعتباره إحدى الركائز الرئيسية لتحقيق رؤية العلا.
وفي إطار تلك الجهود، أطلقت الهيئة برنامج «التأهيل الاجتماعي للأشخاص ذوي الإعاقة» بالمحافظة، وأنشأت في فبراير (شباط) 2020 «مركز التشخيص والتقييم للأشخاص ذوي الإعاقة بالعلا» بالتعاون مع «معهد الشباب للتأهيل المتقدم» (YAI) من الولايات المتحدة؛ لتقديم خدمات تقييم حالات ذوي الإعاقة وفق المعايير الدولية، وبشراكات مع عدد من المراكز بمختلف دول العالم، وتمضي لتحقيق الأثر الإيجابي للمستفيدين والمستفيدات، بتوفير خدمات تتناسب مع احتياجاتهم.
وعمِل البرنامج على ثلاث مراحل، شملت المرحلة الأولى تقييم الحالات لـ556 شخصاً وتحديد الاحتياجات من قبل المقيِّمين في (YAI) لمعرفة المستفيدين الذين بحاجة إلى خدمة فورية، فيما تمثلت الثانية في تصميم وبناء المركز، وأخيراً التشغيل.
وخلال الأشهر الماضية، قدم البرنامج عدداً من برامج التدريب لجميع فئات المجتمع، منها: محاضرات في الإعاقة الذهنية، وعن المرض العقلي والتشخيص المزدوج. كما تضمنت تدريب المتطوعين على إجراءات التأهيل المجتمعي، وتطوير مهارات معلمي وإداريي المدارس وأساليب التعامل مع الأشخاص من ذوي الإعاقة، وذلك بالتنسيق مع وزارة التعليم.
من جانبه، أوضح رئيس قطاع التنمية الاقتصادية والمجتمعية في الهيئة محمد الشمري، أن البرنامج يمضي في عمله من أجل دعم وتأهيل الأشخاص ذوي الإعاقة بالمحافظة، مضيفاً: ومن خلال التعاون مع أفضل المراكز العالمية، فإنه يهدف إلى جودة حياة تلك الفئة، كجزء من التزام الهيئة تجاه الأهالي الذين هم إحدى ركائز العمل الرئيسية لتحقيق رؤية العلا.
وقال: «تم تأسيس مركز التشخيص والتقييم الذي يقدم عدداً من الخدمات والأجهزة للمستفيدين والمستفيدات؛ من أجل توفير ما يحتاجونه من خدمات وفق أفضل الممارسات العالمية، وذلك في إطار تقديم الدعم الاجتماعي لكل ما يحسّن جودة الحياة للسكان».
وانطلقت الدفعة الأولى من البرنامج في شهر رمضان 1441، حيث نجح وخلال ظروف جائحة كورونا «كوفيد - 19» في توزيع 118 من المعدات والأجهزة المساعدة وغيرها إلى 41 مستفيداً ومستفيدة من الأشخاص ذوي الإعاقة في منازلهم بمحافظة العلا. وفي الدفعة الثانية خلال شهر رمضان الماضي، وزّع البرنامج 35 جهازاً سمعياً وبصرياً إلى 19 من مستفيديه.
ويواصل العمل لإجراء اختبارات قياسات للمستفيدين من الدفعة الثانية، والتي تستهدف توزيع 220 من الأجهزة والمعدات الطبية لأكثر من 60 مستفيداً، حيث تشمل الأجهزة والمعدات: الأسرّة، والمراتب الطبية، والكراسي المتحركة، والكراسي الرياضية، والمشّايات، والجبائر، وكراسي الاستحمام، والأحذية الرياضية، وغيرها. وسيستمر في الدفعة الثالثة، بتوزيع الأجهزة والمعدات والأطراف الصناعية خلال الأسابيع المقبلة.
ويشمل البرنامج أيضاً إجراء تعديلات منزلية للمستفيدين والمستفيدات لمساعدتهم في الحركة والتنقل بسهولة في منازلهم حسب نوع إعاقتهم، بعد إجراءات التقييم المبدئي الذي يتضمن دراسة الحالة ومناسبة مكان المنزل، وتخطيط البيت وعرض التعديلات المنزلية المقترحة.


مقالات ذات صلة

«طنطورة... شتاها يُجَمِعنا» بمجموعة من الأنشطة التراثية والمغامرات والحفلات

يوميات الشرق سُمي المهرجان تيمّناً بالطنطورة المزولة الشمسية الموجودة في بلدة العُلا القديمة (الشرق الأوسط)

«طنطورة... شتاها يُجَمِعنا» بمجموعة من الأنشطة التراثية والمغامرات والحفلات

يعود مهرجان شتاء طنطورة ليُجَمِع الزوار من جديد خلال الشتاء، مقدماً مزيجاً فاتناً من التجارب المفعمة بالتاريخ العريق، والثقافة النابضة بالحياة.

«الشرق الأوسط» (العلا)
يوميات الشرق إعادة بناء افتراضية ثلاثية الأبعاد لأطلال قرية النطاة من العصر البرونزي استناداً إلى أدلة ودراسات أثرية نُشرت حديثاً (مشروع خيبر عبر العصور)

قرية من العصر البرونزي... أحدث اكتشافات «العُلا» الأثرية

أعلنت الهيئة الملكية لمحافظة العلا، في مؤتمر صحافي بالعاصمة السعودية الرياض، اكتشافاً فريداً من نوعه لقرية أثرية من العصر البرونزي في واحة خيبر بالسعودية.

غازي الحارثي (الرياض)
يوميات الشرق البلدة القديمة مركز الاستقرار البشري في العلا منذ القرن الـ13 حتى الثمانينات (هيئة العلا)

«المجتمعات المتنقّلة في العلا»... لوحة غنية بالحياة تشكَّلت عبر الزمن

مع ظهور الإسلام في القرن الـ7 الميلادي، شهدت العلا زيادة أعداد المارّين فيها، وانتقلت نقطة التمركز البشري الرئيسية في وادي العلا إلى قرح في الجنوب.

عمر البدوي (العلا)
يوميات الشرق تبحث الندوة في جلسات علمية ليومين أثر التنقل في حياة المجتمعات عبر العصور (قمة العلا)

«ندوة العلا العالمية للآثار» تنطلق لبحث أثر تنقل المجتمعات منذ العصور القديمة

تنطلق الأربعاء «ندوة العلا العالمية للآثار 2024»، تحت عنوان: «استشراف المستقبل: آثار وتراث المجتمعات المتنقلة عبر الماضي والحاضر والمستقبل».

عمر البدوي (العلا (السعودية))
يوميات الشرق السعودية تتطلع للترحيب بالسياح الصينيين للاستمتاع بتجربة ملهمة (حساب أحمد الخطيب على إكس)

السعودية تستقطب السياح الصينيين بتجارب ملهمة

من حديقة «تيان تان» الشهيرة في بكين، انطلقت، الخميس، فعاليات «معرض السفر السعودي» الذي يستهدف إبراز جاهزية الوجهات السياحية السعودية لاستقبال السياح الصينيين.

«الشرق الأوسط» (بكين)

«خيال مآتة»... حارس الحقول يُلهم تشكيلياً

«خيال مآتة» يلهم فنانين تشكيليين مصريين (الشرق الأوسط)
«خيال مآتة» يلهم فنانين تشكيليين مصريين (الشرق الأوسط)
TT

«خيال مآتة»... حارس الحقول يُلهم تشكيلياً

«خيال مآتة» يلهم فنانين تشكيليين مصريين (الشرق الأوسط)
«خيال مآتة» يلهم فنانين تشكيليين مصريين (الشرق الأوسط)

تُلهم الطبيعة المبدعين، وتوقظ ذاكرتهم ومخزونهم البصري والوجداني، وفي معرض الفنان المصري إبراهيم غزالة المقام بغاليري «بيكاسو أست» بعنوان (خيال مآتة) تبرز هذه العلاقة القديمة المستمرة ما بين ثلاثية الذاكرة والطبيعة والفن، عبر 25 لوحة زيتية وإكريلك تتأمل خيالات وجماليات الحقول في ريف مصر.

و«خيال المآتة» هو ذلك التمثال أو المجسم الذي اعتاد الفلاح المصري أن يضعه في وسط الحقل لطرد الطيور التي تلتهم البذور أو المحصول، وهو عبارة عن جلباب قديم محشو بالقش، يُعلق على عصا مرتفعة، مرتدياً قبعة لمزيد من إخافة الطير التي تظن أن ثمة شخصاً واقفاً بالحقل، فلا تقترب منه، ولا تؤذي النباتات.

والفكرة موجودة ومنتشرة في العديد من دول العالم، ويُسمى «فزاعة» في بلاد الشام، و«خراعة» في العراق.

جسد الفنان إبراهيم غزالة البيئة الريفية في معرضه (الشرق الأوسط)

«تلتقي الذكريات بالمشاعر لتجسد رحلة إنسانية فريدة من نوعها»... إحدى الجمل التي تناثرت على جدران القاعة والتي تعمق من سطوة العاطفة على أعمال المعرض، فمعها كانت هناك كلمات وجمل أخرى كلها تحمل حنيناً جارفاً للطفولة واشتياقاً لاستعادة الدهشة التي تغلب إحساس الصغار دوماً، وهو نفسه كان إحساس غزالة وفق قوله.

«في طفولتي لطالما كان (خيال المآتة) منبعاً للسعادة والبهجة مثل سائر أطفال القرية التي نشأت فيها، فهو بشكله الملون الزاهي غير التقليدي وأهميته التي يشير إليها الكبار في أحاديثهم، كان مثيراً للدهشة والفضول ويستحق أن نجتمع حوله، نتأمله وهو يعمل في صمت، متحملاً البرد والحر، ويترك كل منا العنان لخياله لنسج قصص مختلفة عنه».

يقدم الفنان (خيال مآتة) برؤية فلسفية إنسانية (الشرق الأوسط)

توهج خيال الأطفال تجاه (خيال المآتة) بعد الالتحاق بالمدرسة، وكان الفضل لقصة (خيال الحقل) للكاتب عبد التواب يوسف التي كانت مقررة على طلاب المرحلة الابتدائية في الستينات من القرن الماضي.

يقول غزالة لـ«الشرق الأوسط»: «خلال سطورها التقينا به من جديد، لكن هذه المرة كان يتكلم ويحس ويتحرك، وهو ما كان كافياً لاستثارة خيالنا بقوة أكبر».

ومرت السنوات وظل (خيال المآتة) كامناً في جزء ما من ذاكرة غزالة، إلى أن أيقظته زيارة قام بها إلى ريف الجيزة (غرب القاهرة) ليفاجأ بوجود الكائن القديم الذي داعب خياله منذ زمن، وقد عاد ليفعل الشيء نفسه لكن برؤية أكثر نضجاً: «وقعت عيني عليه مصادفةً أثناء هذه الزيارة، وقمت بتكرار الزيارة مرات عدة من أجل تأمله، وفحصه من كل الجوانب والأبعاد على مدى سنتين، إلى أن قررت أن أرسمه، ومن هنا كانت فكرة هذا المعرض».

أحد أعمال معرض (خيال مآتة)

تناول الفنان (خيال المآتة) من منظور فلسفي مفاده أن مكانة شيء ما إنما تنبع في الأساس من دوره ووظيفته ومدى ما يقدمه للآخرين من عطاء، حتى لو كان هذا الشيء مجرد جماد وليس إنساناً يقول: «لكم تأكد لي أنه بحق له أهمية كبيرة للمجتمع، وليس فقط بالنسبة للفلاح؛ فهو يصون الثروة الزراعية المصرية».

ويعتبر الفنان التشكيلي المصري خيال المآتة مصدراً للسعادة والبهجة؛ إذ «يسمح للمزارعين بالمرور بلحظة الحصاد من دون حسرة على فقْد محصولهم، كما أنه رمز لبهجة الأطفال والإحساس بالأمان للكبار ضد غزوات الطيور على حقولهم». وفق تعبيره.

غزالة استدعى حكايات وأساطير من طفولته (الشرق الأوسط)

في المعرض تباينت أشكال «خيال المآتة»؛ فقد جعله طويلاً مرة وقصيراً مرة أخرى، ورجلاً وامرأة وطفلاً، يرتدي ملابس متعددة، مزركشة أو محايدة خالية من النقوش والتفاصيل: «ظن زائرو المعرض في افتتاحه أنني أنا الذي فعلت ذلك لـ(خيال المآتة)، لكن الحقيقة أنه الفلاح المصري الذي أبدع في إثراء شكله وتجديده مستعيناً بفطرته المحبة للجمال والفرحة، وما فعلته هو محاكاته مع لمسات من الذاكرة والخيال».

ووفق غزالة فإن «المزارع برع في كسوة هذا المجسم بملابس مختلفة ذات ألوان زاهية، وأحياناً صارخة مستوحاة من الطبيعة حوله، إنها الملابس القديمة البالية لأفراد أسرته، والتي استغنى عنها، وأعاد توظيفها تطبيقاً للاستدامة في أبسط صورها».

الفنان إبراهيم غزالة (الشرق الأوسط)

جمعت الأعمال ما بين الواقعية والتجريدية وتنوعت مقاساتها ما بين متر ومتر ونصف، جسدت بعضها الطيور مثل «أبو قردان»، واحتفى بعضها الآخر بجمال المساحات الخضراء الممتدة والنخيل والأشجار الكثيفة، لكنها في النهاية تلاقت في تعبيرها عن جمال الحياة الريفية البسيطة.