«يوم الحرية» (Freedom Day)، الاسم الذي أطلقه رئيس الوزراء البريطاني على التاسع عشر من يوليو (تموز) الحالي، سيكون موعد البريطانيين مع عودة الحياة إلى طبيعتها، وإلى ما كانت عليه قبل جائحة كورونا.
أسئلة كثيرة طرحت نفسها بعد إعلان جونسون عن أن جميع القيود سوف تسقط مع حلول يوم الحرية الذي طال انتظاره. وهذا القرار الذي انقسمت حوله الآراء بين مؤيد ومعارض ما هو إلا محاولة لإنقاذ الاقتصاد البريطاني، وإنعاش قطاع الفنادق والضيافة والسياحة الذي كان من أكثر القطاعات تضرراً بسبب انتشار فيروس كورونا على مدى أكثر من 18 شهراً.
العودة للحياة الطبيعية التي عهدناها لن تكون بهذه السهولة لعدة أسباب؛ أولها تغير نظرة الناس لطريقة العيش، والتعود على خصال جديدة في طريقة العمل والتعامل مع الغير. ورفع القيود، بما فيها ارتداء الكمامة، بهذه السرعة سببه اقتصادي، وقد تم تفسيره بأن كورونا حالة يجب أن نتعايش معها لأنها سترافقنا على مدى السنين المقبلة، ولن يكون هناك موعد مثالي لفك الحصار عن الناس، والقيود على السفر والمسافرين.
وضع المطاعم وباقي المرافق السياحية في لندن لا يحسد عليه أصحابها الذين تواجههم مشكلات إضافية، إلى جانب خسارة الزبائن، وهي خسارة عناصر مهمة من العاملين، ليس فقط بسبب الجائحة، إنما بسبب «بريكست» الذي زاد من تفاقم المشكلات في مجال الضيافة. واليوم، وجدت المطاعم والفنادق نفسها في مأزق إضافي يمكن للزبون أن يتلمسه عندما يزور أحدها، لأنه سيرى بعينه أن نسبة العاملين في تلك المرافق انخفضت جداً، والخدمة أصبحت بطيئة، بالإضافة إلى معاناة كثير من المطاعم بسبب تخليها عن أهم الطهاة لديها، لتجد نفسها في ورطة حقيقية.
اتحاد العمال (يونايت) دعا عمدة لندن للتدخل، ودعم العاملين في قطاع الضيافة، وتحسين رواتبهم، بعدما وضعت الحكومة قوانين صارمة للفيزا الخاصة بالعمل في البلاد. ومن ثم، عاد عدد كبير من العاملين الأجانب خلال فترة الإغلاق إلى ديارهم، وقرروا عدم العودة أو تقطعت سبل العودة أمامهم بسبب القوانين والرواتب الضعيفة.
وتقدر المطاعم حالياً خسارتها لليد العاملة الأجنبية بأكثر من 270 ألف موظف، وهذا عدد من الصعب تعويضه، لا سيما في كوادر مهمة لا يمكن أن تتوفر في بريطانيا، ولا بد من استيرادها من الخارج.
وفي مقابلة مع ستيوارت بروكتر، مدير عام فندق ومجموعة مطاعم «ذا ستافورد هوتيل»، الواقع في منطقة سانت جيمس في لندن، قال إن الوضع مأساوي بالفعل لأن قطاع الضيافة مر بكثير من الظروف، من بينها الإقفال التام، وبعدها السماح بالأكل في الباحات الخارجية، ثم السماح بالأكل في الداخل مع تنظيم الطاولات بشكل يتماشى مع قوانين التباعد الاجتماعي.
ويتابع بروكتر أن التأقلم مع جميع هذه المراحل وكيفية العمل زاد من خسارة الفندق والمطاعم لأنه ليس من السهل تغيير صيغة العمل، وتصميم المطاعم من دون مصاريف إضافية. أما الخسارة الأكبر، فكانت على صعيد العاملين في الفندق والمطاعم، بعدما تم تسريح 90 موظفاً؛ وهذا الأمر يعد خسارة حقيقية من الصعب تعويضها.
وأكد أن هذا القطاع «عانى كثيراً بعد الإقفال المفاجئ قبيل أعياد الميلاد، مما تسبب في خسارة هائلة، وهدر لمنتجات الطعام، بعدما كان التحضير لفترة الأعياد جارياً، لنتفاجأ بقرار رئيس الحكومة إلغاء العيد».
وبالنسبة للمطاعم مثل «أميريكان بار» و«نورما» و«غيم بيرد»، فإنهم أيضاً عانوا بسبب الإقفال، لا سيما المطعم الأخير الذي لا يتمتع بمساحة خارجية، مما جعل فترة إقفاله أطول. وهو ما دعا الإدارة إلى استنباط سبل جديدة تساعد المطاعم على الوقوف من جديد في وجه الأزمة، من خلال تأمين خدمة التوصيل إلى المنازل، وخدمة توصيل الوصفات والمنتجات لتطبيقها في المنزل.
ويقول بروكتر إن فندق «ذا ستافورد» معروف بنمطه الإنجليزي الكلاسيكي، ونسبة 60 في المائة من زبائنه يترددون إليه باستمرار، وهم في المقام الأول من الولايات المتحدة ودول الخليج. وهذا ما حفز عدد منهم لدفع مبالغ طائلة للإدارة لمساعدة العاملين ودعم الفندق والمطاعم للوقوف في وجه الإقفال إلى أن تعود المياه إلى مجاريها.
وعن رأيه في عودة الحياة إلى طبيعتها الأسبوع المقبل، يقول ستيورات بروكتر إن هذا هو الحل لكي ينهض قطاع الضيافة لأن الوضع صعب جداً لا يتفهمه إلا من يعمل فيه. وتابع أن التوجس وتذكر وجود الفيروس فيما بيننا يجب أن يحفزنا على أن نكون حذرين ونستخدم المنطق في تعاملنا مع الآخرين.
وبعد إقفال الفنادق على مدى أشهر طويلة، عادت لتفتح أبوابها من جديد، ولكن بنسبة خجولة لا تتعدى العشرين في المائة.
وانقسام آراء الشعب حول رفع القيود ملحوظ، ولكنه أمر لا بد منه. وهذا ما أكده بروكتر الذي يرى أن عودة حركة الطيران إلى ما كانت عليه قبل الجائحة سيعيد الحياة إلى العاصمة لندن ومرافقها السياحية، ولا يوجد حل إلا من خلال إلغاء قوانين الحجر للقادمين من الخارج، ومن المنتظر أن يلغى هذا القانون في أغسطس (آب) المقبل.
وتبقى هناك ذيول خروج إنجلترا من الاتحاد الأوروبي الذي أدى إلى خسارة مهارات كثيرة، ولن يساعد على تعويضها إلا تسهيل الحصول على تأشيرات العمل، والسماح للطهاة والعاملين في قطاع الضيافة بالعودة والعمل في لندن من جديد.
مطاعم لندن خسرت زبائنها والعاملين فيها
عودة الحياة إلى طبيعتها في العاصمة البريطانية تبدأ قريباً... ولكن بغياب 270 ألف موظف
مطاعم لندن خسرت زبائنها والعاملين فيها
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة