هايتي: رئيس مجلس الشيوخ يتولى رئاسة الدولة مؤقتاً

المئات يتوافدون على السفارة الأميركية في هايتي للحصول على تأشيرات لمغادرة بلادهم بعد اغتيال الرئيس (إ.ب.أ)
المئات يتوافدون على السفارة الأميركية في هايتي للحصول على تأشيرات لمغادرة بلادهم بعد اغتيال الرئيس (إ.ب.أ)
TT

هايتي: رئيس مجلس الشيوخ يتولى رئاسة الدولة مؤقتاً

المئات يتوافدون على السفارة الأميركية في هايتي للحصول على تأشيرات لمغادرة بلادهم بعد اغتيال الرئيس (إ.ب.أ)
المئات يتوافدون على السفارة الأميركية في هايتي للحصول على تأشيرات لمغادرة بلادهم بعد اغتيال الرئيس (إ.ب.أ)

أدخلت عملية اغتيال رئيس هايتي، جوفينيل مويز، الأربعاء الماضي، البلاد بشكل أعمق في أزمة سياسية لأن دستورها لا ينص بشكل واضح على من يجب أن يتولى السلطة في مثل هذه المواقف، خصوصاً في ظل الخلاف بين الفصائل السياسية المتناحرة.
وتضاف إلى مسألة ملاحقة منفذي الهجوم مسألة مستقبل البلاد بدءاً بحكمها. ويؤكد رجلان حالياً أنهما يديران هذه الدولة التي تعد 11 مليون نسمة، أكثر من نصفهم تقل أعمارهم عن 20 عاماً.
وتولى رئيس الوزراء المؤقت بالوكالة، كلود جوزيف، مقاليد السلطة حتى الآن. وعلى الرغم من عدم اكتمال النصاب، انتخب مجلس الشيوخ زعيمه جوزيف لامبرت خليفة مؤقتاً للرئيس الراحل مويز، فيما طلبت الحكومة من الولايات المتحدة والأمم المتحدة إرسال قوات للمساعدة في تأمين مواقع استراتيجية خشية تعرضها للتخريب. وكتب لامبرت على «تويتر» مساء الجمعة: «أعبر عن امتناني المتواضع للمؤسسات السياسية التي تدعمني»، مضيفاً أنه يريد تمهيد الطريق لانتقال ديمقراطي للسلطة.
وطلبت رسالة من مكتب رئيس الوزراء المؤقت إلى مكاتب الأمم المتحدة في السابع من يوليو (تموز) الحالي، اطلعت عليها «رويترز»، إرسال قوات لدعم الشرطة الوطنية في إعادة إرساء الأمن، وحماية البنية التحتية الرئيسية.
وأرسلت رسالة مماثلة، تحمل التاريخ نفسه إلى السفارة الأميركية. ولا بد أن يوافق مجلس الأمن الدولي على إرسال قوات حفظ سلام أو شرطة تابعة للأمم المتحدة إلى هايتي. ولم تعلق الأمم المتحدة في نيويورك على الفور على الطلب. وقال الوزير المكلف الشؤون الانتخابية، ماتياس بييران، إن طلب المساعدة الأمنية الأميركية طُرح في محادثة بين رئيس وزراء هايتي المؤقت كلود جوزيف ووزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يوم الأربعاء.
وأضاف أنه «خلال محادثة مع وزير الخارجية الأميركي والأمم المتحدة، قدمنا طلب إرسال قوات» إلى هايتي. وقال بيير إن هايتي قدمت أيضاً طلباً لإرسال قوات إلى مجلس الأمن الدولي يوم الخميس.
وأوضح الوزير لـ«رويترز»: «إننا في موقف نعتقد فيه أن البنية التحتية للبلاد (الميناء والمطار والبنية التحتية للطاقة) قد تكون هدفاً». وأضاف أن الهدف الآخر لطلب التعزيزات الأمنية هو إتاحة إمكانية المضي قدماً في إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية المقررة في 26 سبتمبر (أيلول) المقبل.
ورداً على سؤال حول الطلب، أكد متحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أن حكومة هايتي طلبت مساعدة أمنية، وأخرى في مجال التحقيقات، وقال إن البنتاغون سيبقى على اتصال منتظم مع المسؤولين في هايتي لبحث كيف يمكن للولايات المتحدة أن تساعد في هذا الصدد.
وبعد شلل دام لأيام، استفاقت بور أو برنس وضواحيها على هدوء حذر هش، وفق ما أفاد به مراسل الصحافة الفرنسية. وعادت وسائل النقل العام والبنوك ومحطات الوقود والمحال والإدارات العامة إلى طبيعتها، حيث تزاحم الناس في المتاجر لشراء الضروريات وتخزينها. وفي تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية، قالت مارجوري التي كانت برفقة زوجها في متجر بالعاصمة: «لا أعرف ما الذي سيحدث غداً أو بعد غد في البلاد، لذلك أستعد للأيام العجاف، وأشتري أساساً كل شيء يمكن الاحتفاظ به لأيام عدة».
وقال أحد سكان العاصمة لوكالة الصحافة الفرنسية إن «أجانب قدموا إلى البلاد لارتكاب هذه الجريمة؛ نحن الهايتيين مرعوبون». وأضاف: «يجب أن نعرف من وراء كل هذا، وأسماءهم وخلفيتهم، حتى تأخذ العدالة مجراها».
ومن جهة أخرى، استأنفت عصابات مسلحة الاشتباكات الجمعة، بعدما توقفت لأربع وعشرين ساعة، ما شل حركة المرور قرب بور أو برنس. ويأتي ذلك في وقت تَواصل التحقيق في عاصمة هايتي بور أو برنس الجمعة في اغتيال مويز، فيما لا يزال الغموض يلف هوية رعاة العملية التي نفذها 28 مسلحاً، هم 26 كولومبياً وأميركيان من أصل هايتي.
وقال قائد الشرطة الهايتية، ليون شارل، خلال مؤتمر صحافي: «اعتقلنا 15 كولومبياً وأميركيين اثنين من أصل هايتي»، موضحاً أن 3 كولومبيين قُتِلوا، وأن 8 آخرين لا يزالون فارين. وأضاف شارل أن «الأسلحة والمواد التي استخدمها المهاجمون ضُبِطت»، مؤكداً تصميمه على إيجاد الأشخاص الثمانية الفارين. وخلال المؤتمر الصحافي، عُرِض مشتبه بهم عدة على وسائل الإعلام، مع جوازات سفر كولومبية وأسلحة موضوعة على طاولة. وكان شارل قد قال سابقاً: «لدينا المنفذين العمليين، ونبحث عن المدبرين».
وتحدث رئيس الوزراء المؤقت، كلود جوزيف، هاتفياً، الجمعة، مع الرئيس الكولومبي إيفان دوكي الذي وعد بـ«تعاون بلاده في تقدم التحقيق»، وفق بيان صادر عن مكتب جوزيف. وأوضح وزير الدفاع الكولومبي، دييغو مولانو، من بوغوتا، أن 6 على الأقل من المرتزقة الذين يشتبه في أنهم ضالعون في الاغتيال «قد يكونون عناصر سابقة في الجيش»، وأكد في شريط فيديو أُرِسل إلى وسائل الإعلام أنه «لدينا تعليمات للشرطة والجيش لكي تتعاون على الفور في تطوير هذا التحقيق لتوضيح الوقائع».
وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية، الخميس، أنها قبلت مساعدة الشرطة الهايتية في تحقيقها، لكن من دون تأكيد اعتقال رعايا أميركيين. وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، جين ساكي، الجمعة: «سنرسل مسؤولين من مكتب التحقيقات الفيدرالي ووزارة الأمن الداخلي إلى بور أو برنس في أسرع وقت».
وأعلن مدعي عام بور أو برنس أن مسؤولَين كبيرَين من الشرطة مكلفين مباشرة أمن رئيس الدولة يجري التحقيق معهما، وقد استدعيا للمثول أمام القضاء. وقال مفوض الحكومة في العاصمة، بيد فورد كلود، إن «المديرية المركزية للشرطة القضائية منحت تفويضاً للاستماع إلى جميع عناصر الأمن المقربين من الرئيس جوفينيل مويز».



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.