«داعش» يوسع عملياته إلى حقول الغاز في حمص ليعوض إبعاده عن منابع النفط

سيطرته على المنطقة ستفقد النظام عصب إنتاج الطاقة السورية

«داعش» يوسع عملياته إلى حقول الغاز في حمص ليعوض إبعاده عن منابع النفط
TT

«داعش» يوسع عملياته إلى حقول الغاز في حمص ليعوض إبعاده عن منابع النفط

«داعش» يوسع عملياته إلى حقول الغاز في حمص ليعوض إبعاده عن منابع النفط

وسع تنظيم «داعش» نطاق عملياته الأسبوع إلى ريف حمص الشرقي، بعد انحسار نفوذه في كوباني بريف حلب الشرقي، وريف الحسكة في شمال شرقي سوريا، بحثا عن انتصارات إضافية، وتعويض مصادر الطاقة التي خسرها في شمال وشرق سوريا بفعل ضربات التحالف الدولي التي استهدفت مناطق نفوذه قرب منابع النفط السوري.
واندلعت الأسبوع الماضي اشتباكات في محيط حقل الشاعر للغاز شرق حمص ضد قوات النظام والمسلحين الموالين لها، تمكن خلالها «داعش» من السيطرة على آبار الغاز 101، 102، 103، واحتلال بعض المواقع الاستراتيجية، منها تلة «السيريتل» (برج تقوية شركة الجوال) المشرفة على الحقل.
وتواصلت الاشتباكات حتى أمس؛ إذ أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بتواصل المعارك قرب منطقتي شاعر وجزل بريف حمص الشرقي وقرب قرية المشيرفة الجنوبية الواقعة في ريف المخرم الشرقي بريف حمص الشرقي، والتي تمكنت قوات النظام من استعادة السيطرة عليها أول من أمس.
وتعد معركة التنظيم الحالية في منطقة الشاعر الواقعة شرق حمص بنحو 120 كلم، بمثابة معركة مصيرية، يحاول داعش من خلالها تحقيق انتصار يحرزه على أرض سوريا للرفع من معنويات عناصره المنهارة، خصوصا بعد خسائره الكبيرة التي مني بها في كل من كوباني وريف الحسكة، وغيرها من معارك شنها التنظيم وبقيت تراوح مكانها، كمعركة السيطرة على مطار دير الزور التي انتهت دون إحراز أي تقدم يذكر.
وفي حال تمكن «داعش» من السيطرة على حقل الشاعر للغاز، كما يقول المصدر، «سيؤمن مصادر مالية ضخمة سبق أن خسرها في حقول النفط التي شلت ضربات التحالف عمليات الإنتاج فيها، وأفقدت التنظيم إيراداته المالية الضخمة التي كان يعتمد عليها في تمويل معاركه وتأمين الخدمات ضمن مناطق سيطرته».
وجاء الهجوم المباغت لـ«داعش» مطلع شهر مارس (آذار) الحالي، ضد القوات النظامية الموجودة ضمن حقل الشاعر، بعد أن أقدم التنظيم على تعزيز قواته الموجودة في بادية حمص الشرقية برتل عسكري كبير كان قد أرسله قبل أيام وضم عناصر داعش المنسحبين من جبهات قتاله المنهارة.
وقال مصدر إعلامي معارض من ريف حلب لـ«الشرق الأوسط»، إن «داعش»، كان أرسل رتلا عسكريا مطلع هذا الشهر مؤلفا من 1500 عنصر، مزودين برشاشات ثقيلة من عيار 23 ملم، إضافة إلى سلاحهم الفردي والذخائر، إلى ريف حمص الشرقي، ويتولى قيادته شخص من القادة الجدد الذين ولاهم التنظيم للقيام بمهام قيادية، يدعى «أبو عمر الأسدي».
وأضاف: «انطلق الرتل من ريف حلب الجنوبي الذي يعتبر بمثابة مقر قوات (داعش) الاحتياطية نظرا لجبهاته الباردة، وقطع الرتل مسافة 5 كلم ضمن مناطق سيطرة النظام بين (خناصر) في ريف حلب الجنوبي و(أثيرا) في ريف حماه الشرقي، دون أن تعترضهم قوات النظام الموجودة في تلك المناطق».
من جهته، دفع النظام قبل أيام بتعزيزات عسكرية تتضمن قوات النخبة، الخبيرة بحرب الصحراء، ووصلت تلك القوات إلى تلة الشاعر تحت تغطية نارية جوية، بعد أن اعترف النظام بتقدم «داعش» وسيطرته على بعض آبار الغاز، ومقتل عدد من مقاتلي حماية الحقل والبالغ عددهم 30 عنصرا، بحسب وكالة «سانا» الرسمية السورية.
وتعتبر منطقة «الشاعر» منطقة مهمة عسكريا بالنسبة للنظام كونها تشرف على مطاري التيفور والشعيرات، وهما أكبر المطارات العسكرية. ويسعى التنظيم من خلال السيطرة على المنطقة إلى تحقيق هدف استراتيجي يمكنه من ربط مناطق التنظيم العسكرية في العراق بوسط سوريا وشمالها، إضافة إلى أن سيطرة التنظيم على حقل الشاعر سيفتح الطريق أمامه للانتشار نحو الجنوب والغرب، كون المنطقة تعتبر عقدة مواصلات تجمع بين شرق البلاد وغربها وجنوبها.
ولفت مصدر عسكري معارض في حلب، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن التنظيم «يعتقد أن حظوظه في السيطرة على منطقة الشاعر كبيرة جدا نظرا لوقوعها خارج خارطة ضربات التحالف العربي الدولي». كما أنه «سيتمكن من إفقاد النظام أهم عصب اقتصادي ما زال يعتمد عليه في إنتاج الطاقة، البالغة نحو مليونين - 5 ملايين متر مكعب من الغاز المكرر، إضافة إلى 120 طنا من الغاز المنزلي»، عدا عن اعتماد النظام على غاز حقل الشاعر بشكل رئيسي لتوليد الكهرباء بتزويد محطاته الحرارية في كل من حمص والساحل والجنوب.
من جهة أخرى، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن ضربة جوية في شمال غربي البلاد قتلت 9 على الأقل من مقاتلي جبهة النصرة جناح تنظيم القاعدة في سوريا أمس الأحد، في منطقة قرب الحدود التركية.
وقال المرصد إن 4 من القتلى كانوا مقاتلين أجانب. وذكر رامي عبد الرحمن مدير المرصد إن الهدف ضرب بـ3 صواريخ.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.