«دلتا»... «قصة رعب» جديدة لفيروس «كورونا»

خبيرة تشير إلى أن مشكلة السلالة ستظهر في البلدان ذات معدلات التطعيم المنخفضة

ممرضة ترتدي قناعا واقيا وهي تنتظر سيارة إسعاف خارج مستشفى في نيويورك (أرشيفية - رويترز)
ممرضة ترتدي قناعا واقيا وهي تنتظر سيارة إسعاف خارج مستشفى في نيويورك (أرشيفية - رويترز)
TT

«دلتا»... «قصة رعب» جديدة لفيروس «كورونا»

ممرضة ترتدي قناعا واقيا وهي تنتظر سيارة إسعاف خارج مستشفى في نيويورك (أرشيفية - رويترز)
ممرضة ترتدي قناعا واقيا وهي تنتظر سيارة إسعاف خارج مستشفى في نيويورك (أرشيفية - رويترز)

أصبحت سلالة «دلتا» المتحورة لفيروس «كورونا»، التي تم اكتشافها لأول مرة في الهند، مصدر قلق كبيراً على مستوى العالم بسبب أنها أكثر قابلية للانتقال من السلالات الأخرى، وتنتشر بسرعة في بلدان متعددة.
وقالت الكاتبة الأميركية فاي فلام المتخصصة في الشؤون العلمية في تقرير نشرته وكالة «بلومبرغ» للأنباء إن سلالة «دلتا» المتحورة هي قصة الرعب الجديدة في إطار الجائحة، حيث إن انتشارها في الولايات المتحدة لم يؤد إلى ارتفاع في عدد الوفيات أو تكدس أجنحة المستشفيات بالمرضى، ولكن أنباء وجودها خيمت على الاحتفالات بيوم الاستقلال الذي صادف الرابع من يوليو (تموز).
وجاءت استجابة اختصاصيي الصحة العامة محيرة، حيث أصدروا توصيات متناقضة ومعلومات متضاربة وحقائق علمية تبدو غير متسقة. وكانت النتيجة، كما حدث في المراحل السابقة من جائحة «كوفيد - 19»، ارتباكاً وغضباً لا داعي لهما.
وباتت تساؤلات، مثل: هل يجب على الأشخاص الذين تم تطعيمهم ارتداء أقنعة واقية؟ تعتمد على مَن يتم توجيه السؤال إليه. كما أن السؤال المتعلق بإمكانية أن تعود الحياة الاقتصادية إلى طبيعتها، تختلف فيه آراء الخبراء.
ويقول البعض إن ذلك يعتمد على الظروف المحلية. ويقول الدكتور أنتوني فاوتشي، المستشار الطبي للبيت الأبيض، إنه ينبغي على الجميع ارتداء الكمامات في ولاية ألاباما، التي تسجل معدل تطعيم منخفضاً وارتفاعاً في عدد حالات الإصابة.

وأوصت روشيل والينسكي، مديرة المراكز الأميركية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها، بارتداء الكمامات في الأماكن المغلقة لأي مجتمع لديه معدل تطعيم أقل من الثلث. لكن مقاطعة لوس أنجليس تريد من الأشخاص الذين تم تطعيمهم ارتداء الكمامات، رغم ارتفاع معدل التطعيم نسبياً.
وسلالة «دلتا»، التي تم اكتشافها لأول مرة في الهند، هي أكثر قابلية للانتقال بشكل أكبر من السلالة فائقة الانتقال «ألفا» التي تم اكتشافها في المملكة المتحدة، مما دفع إلى دعوات لارتداء كمامات مزدوجة في الربيع الماضي.
ونشأت السلالة المتحورة «دلتا» كتهديد في نفس الوقت تقريباً الذي كانت سلطات الصحة العامة في الولايات المتحدة تشجع فيه الأفراد على اتخاذ قراراتهم الخاصة حول السلامة من فيروس «كورونا»، بدلاً من الدعوة إلى معايير موحدة للسلوك. وفي مايو (أيار)، خففت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها من توصياتها المتعلقة بارتداء الكمامات، وأعلنت والينسكي أن الأشخاص الذين تم تطعيمهم بالكامل «يمكنهم البدء في فعل الأشياء» التي توقفوا عنها بسبب الجائحة.
وكان الدافع وراء هذا التحول هو توافر لقاحات شديدة الفعالية، يبدو أنها ناجعة ضد جميع أشكال «كوفيد - 19»، بما في ذلك السلالة «دلتا». ولكن التحول إلى التركيز على المسؤولية الشخصية يشكل أيضاً تغييراً سياسياً وأخلاقياً.
لذلك ليس من المستغرب، وإن كان غير مُرضٍ أيضاً، أن تختلف التوصيات والقواعد. وتنضم «منظمة الصحة العالمية» إلى مقاطعة لوس أنجليس في القول إن الأشخاص الذين تم تطعيمهم يجب أن يرتدوا كمامة في معظم الأماكن المغلقة، ولكن مراكز السيطرة على الأمراض تؤكد أن قرارات ارتداء الكمامات يجب أن تكون متروكة للمناطق والشركات والأفراد.
وأوضحت والينسكي أن اللقاحات متوفرة في الولايات المتحدة أكثر بكثير مما هي عليه في معظم أنحاء العالم وتُستخدم على نطاق أوسع في بعض الولايات الأميركية من غيرها. لذا يمكن أن يقال إن توصيات مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها و«منظمة الصحة العالمية» تحظى بدعم علمي. ولكن العلم يبين أيضاً أن الأشخاص الذين تم تطعيمهم من غير المرجح أن يُصابوا بأعراض خطيرة حتى لو أصيبوا بالسلالة «دلتا»، ومن غير المرجح للغاية أن يصيبوا الآخرين في ممرات البقالة.

وهذا هو السبب في أن «العلم» ليس في حد ذاته وصفة لسياسة الصحة العامة السليمة. ويمكن لعلم الفيروسات وعلم الأوبئة أن يعطيا الأشخاص تقديراً لمدى خطورة شيء ما، ولكنهما لا يمكنهما إخبارهم بحجم المخاطر الذي يفوق الحد، أو أي تدابير للتخفيف تفرض أعباء كثيرة.
والآن هناك بيانات تبين أن خطر الإصابة ينخفض علي أي حال بنسبة 60 في المائة إلى 80 في المائة بعد تلقي التطعيم الكامل، حسبما قالت ميوج تشيفيك، طبيبة الأمراض المعدية في جامعة سانت أندروز في المملكة المتحدة. وهذا ما يفسر بلا شك لماذا لم تصبح المستشفيات مكتظة عندما أصبحت السلالة «دلتا» مسيطرة هناك، ولماذا لا ترتفع الوفيات.
وتتساءل الكاتبة: مَن الذي ما زال عرضة للإصابة؟ وتجيب تشيفيك أن الشباب الذين لم يتم تطعيمهم يأتون في المقام الأول، فضلاً عن عدد قليل من الأشخاص الذين تم تطعيمهم، ممن تعتبرهم من أصحاب المهن الأكثر خطورة، وهم سائقو سيارات الأجرة والحافلات والأشخاص العاملون في صناعة الضيافة.
ويأتي الخطر من الاختلاط لفترات طويلة مع عدد كبير من الأشخاص في أماكن مغلقة كل يوم.
وتقول إنه بالكاد يصبح أي من المصابين الذين تم تطعيمهم عرضة للإصابة بأعراض مرضية خطيرة.

واعتبر مؤيدو ارتداء الكمامات على مستوى العالم أن ذلك كان استراتيجية جديرة بالاهتمام في عام 2020، عندما كانت الحالات في ارتفاع ولم تكن اللقاحات متاحة على نطاق واسع، ولكن كم الأقنعة الذي ساعد في ذلك لا يزال غير محدد بشكل جيد.
وكان اثنان من الأطباء الذين ضغطوا بقوة من أجل ارتداء الكمامات قالا في ذلك الوقت إنه لم تعد هناك حاجة إليها في الولايات المتحدة مع حلول مايو (أيار) 2021.
وقالت شيفيك إن أكبر مشكلة تتعلق بالسلالة دلتا ستظهر في البلدان ذات معدلات التطعيم المنخفضة. وسيكون التأثير الرئيسي في الولايات المتحدة على غير الحاصلين على اللقاح، لأن قابلية انتقالها المتزايدة ستعني أنهم أقل احتمالا ليكونوا محميين بشكل غير مباشر من خلال مناعة القطيع.
ولكن في الولايات التي يتم فيها تطعيم أكثر من نصف السكان، ومع وجود معدلات أعلى بكثير بين المعرضين من كبار السن أو المرضى، لا يتوقع الخبراء موجة جديدة من الوفيات أو اكتظاظ وحدات العناية المركزة.
ولا يزال من الممكن نظرياً بالنسبة لبعض الأشخاص الذين تم تطعيمهم أن يصابوا بمضاعفات طويلة المدى من جراء الإصابة بحالة خفيفة، أو أن بعض الحالات الخطيرة ستظهر بين الأشخاص الذين يتناولون الأدوية المثبطة للمناعة. لذلك لم يتم القضاء على الخطر. لكن «دلتا» لا تعيدنا أيضاً إلى عام 2020.


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.