37 ألف مطلوب للسلطات اللبنانية في شرق لبنان يطالبون بتسوية لأوضاعهم

37 ألف مطلوب للسلطات اللبنانية في شرق لبنان يطالبون بتسوية لأوضاعهم
TT

37 ألف مطلوب للسلطات اللبنانية في شرق لبنان يطالبون بتسوية لأوضاعهم

37 ألف مطلوب للسلطات اللبنانية في شرق لبنان يطالبون بتسوية لأوضاعهم

أعادت الخطة الأمنية التي أطلقتها الحكومة اللبنانية في منطقة البقاع في شرق لبنان في الأسابيع الماضية، قضية 37 ألف مطلوب من المنطقة للسلطات اللبنانية، ارتكبوا جرائم تبدأ من إطلاق النار، ولا تنتهي بإدارة عصابات خطف وسرقة والاتجار بالمخدرات، وسط دعوات من هؤلاء بإيجاد تسوية لآلاف المطلوبين.
وأعلن الناطق باسم لجنة العفو العام في بعلبك - الهرمل عن المطلوبين الصادرة بحقهم مذكرات توقيف في منطقة البقاع الشمالي قاسم طليس ترحيب أبناء المنطقة بالخطة الأمنية، لكنه أوضح في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك أكثر من 37 ألف مذكرة توقيف، وهذا الأمر يحتاج إلى حل جذري، خصوصا أن الدولة لم تجد حلا حتى الآن»، لافتا إلى «أننا نريد أن نتعاون مع الدولة لإيجاد الحل وأن تبسط سيطرتها في المنطقة، ومن هنا يصبح العفو المشروط هو الحل».
وكانت الخطة الأمنية في البقاع، انطلقت في أواخر فبراير (شباط) الماضي وسط تأكيد جميع القوى الفاعلة في المنطقة، وبينهم حزب الله، رفع الغطاء عن كل المطلوبين، مشددة على ضرورة فرض الدولة لسيطرتها وهيبتها في منطقة تؤوي آلاف المخلين، وتصنف عسكرية منذ عام 1997. وتعزز هذا الواقع مع زيارة وزير الداخلية نهاد المشنوق يرافقه مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم ومدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء إبراهيم بصبوص إلى المنطقة. وفور البدء بتطبيقها، فرّ عدد من كبار المطلوبين إلى سوريا عبر الجرود، خوفا من إلقاء القبض عليهم.
وقال المستشار القانوني للجنة العفو العام في بعلبك الهرمل لـ«الشرق الأوسط» إن «المسألة الأساسية والجوهرية التي تحتاج إلى توضيح تتمثل بقانون العفو المشروط والمقترح من قبل اللجنة، الذي يتضمن مخرجا للدولة قبل الناس المطلوبة ولعائلاتهم حتى تعود الدولة إلى المنطقة»، لافتا إلى أنه «في ظل وجود عشرات آلاف مذكرات التوقيف والأحكام الغيابية وبلاغات البحث والتحري، تبدو السلطة اليوم عاجزة عن المعالجة إلا عبر إعطاء فرصة عن الحق العام حصرا».
وأوضح أن «هذا العفو المشروط لا يسقط الحقوق الشخصية، حتى عصابات اللصوص أو الخطف أو سرقة السيارات أو القتل والإرهاب لا يستفيدون مطلقا من هذا العفو، كونه لا يسري على الدعاوى الشخصية أيا وكيفما وردت».
وقال: «ما أريد تأكيده أن الوضع شائك والمعالجة يجب أن تكون صحيحة كي تكون صحية ومجدية». ويطالب هؤلاء بالعفو عن المطلوبين بتهم زراعة المخدرات والاتجار بها في أوقات الحرب، لكنه لا يشمل المتهمين بسرقة السيارات وخطف الناس «كونها عادة دخيلة على المنطقة وتسيء للمنطقة أكثر مما تسيء للأشخاص الآخرين ولن نقبل بها أو نتسامح فيها ولن يشملها أي عفو».
ويستثني مشروع قانون العفو العام المشروط الجرائم المحالة على المجلس العدلي، وجرائم الاعتداء على هيبة الدولة أو قتل العسكريين، وجرائم شبكات التجسس والاتصال بالعدو أو العمل لصالح دولة معادية، وجرائم الخطف والإرهاب، والمتفجرات وتأليف العصابات المسلحة، والدعاوى الشخصية المتلازمة مع دعاوى الحق العام إلا بعد تنازل أصحاب الحقوق أو تراجع المدعين.
وفي السياق، اعتبر رئيس مجلس تشخيص مصالح الشيعة في لبنان الشيخ علي المصري أن «أية معالجة لأي مشكلة لن تكون ناجعة وناجحة ما دامت تتعاطى مع النتائج من دون تفنيد الأسباب بمسؤولية»، لافتا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «مشكلة المذكرات المتراكمة في البقاع والتي ناهزت الـ40 ألفا لها أسباب كثيرة، منها ممارسات النظام الأمني السوري اللبناني سابقا، الذي عمل على ضرب قواعد قيام الدولة القوية، ومنها انعدام الدورة الاقتصادية الطبيعية، ما سبب انعدام فرص العمل الذي يؤمن عيشا كريما للمواطن، ما جعل بعض الناس يعيشون في دوامة خانقة دفعتهم إلى العمل غير القانوني».



عودة «آلاف السودانيين» تكبح جماح الإيجارات في أحياء مصرية

سودانيات يسرن بملابسهن المميزة في شارع فيصل بمحافظة الجيزة (الشرق الأوسط)
سودانيات يسرن بملابسهن المميزة في شارع فيصل بمحافظة الجيزة (الشرق الأوسط)
TT

عودة «آلاف السودانيين» تكبح جماح الإيجارات في أحياء مصرية

سودانيات يسرن بملابسهن المميزة في شارع فيصل بمحافظة الجيزة (الشرق الأوسط)
سودانيات يسرن بملابسهن المميزة في شارع فيصل بمحافظة الجيزة (الشرق الأوسط)

انتقل نافع عبد الحي، وهو سوداني مقيم في منطقة فيصل جنوب القاهرة، إلى شقة بنصف سعر إيجار أخرى سكن فيها هو وعائلته منذ 9 أشهر، مستفيداً من تراجع أسعار إيجارات الشقق في مصر بشكل ملحوظ مع عودة آلاف السودانيين إلى بلادهم.

يقول لـ«الشرق الأوسط» إنه يدفع الآن 4500 جنيه فقط في الشهر (الدولار 48.75 جنيه)، بدلاً من 9 آلاف جنيه في الشقة الأولى، وهما في نفس المستوى، ولا يبعدان عن بعضهما سوى 2 كيلومتر فقط.

وخلال الشهور الماضية، تَقَدَّمَ الجيش السوداني في أحياء سكنية ومناطق عدة بالعاصمة الخرطوم وضواحيها على حساب «قوات الدعم السريع»، كما سيطر على مداخل 3 جسور استراتيجية في العاصمة المثلثة، وهي «الفتيحاب» و«النيل الأبيض» و«الحلفايا»، والذين يربطون ولايات أم درمان والخرطوم والخرطوم بحري، ومهدت هذه الانتصارات لعودة آلاف السودانيين.

ووصف القنصل السوداني في أسوان السفير عبد القادر عبد الله لـ«الشرق الأوسط» أعداد العائدين من مصر إلى السودان بـ«الكبيرة»، مشيراً إلى أنهم لا يملكون إحصائية دقيقة، لكن «أستطيع أن أقول إنه منذ 3 شهور العائدون إلى السودان أضعاف القادمين من السودان إلى مصر»، على حد قوله.

محل بيع ملابس سودانية في منطقة المهندسين (الشرق الأوسط)

وتوقع الدبلوماسي السوداني أن تزداد الأعداد بشكل أكبر الفترة المقبلة، قائلاً: «كلما تقدم الجيش السوداني عاد المزيد من السودانيين»، خصوصاً «في بداية العام المقبل، بعد انتهاء امتحانات الشهادة السودانية والتي تبدأ في 28 ديسمبر (كانون الأول)، وتستمر أسبوعين»، موضحاً أن «كثيراً من الأُسر تنتظر إنهاء أبنائها للامتحانات للعودة إلى السودان».

وفسّر المستشار الإعلامي السابق للسفارة السودانية في القاهرة وأمين أمانة العلاقات الخارجية في جمعية الصداقة السودانية المصرية محمد جبارة لـ«الشرق الأوسط»، عدم وجود حصر دقيق بالأعداد إلى أن بعض العائدين دخلوا مصر في الأساس بطرق غير شرعية، وعودتهم تتم دون أوراق أيضاً، أما الآخرون ممن دخلوا بشكل رسمي، فوثقت الجمعية عودة 29 ألف منهم في الفترة منذ أغسطس (آب) وحتى أكتوبر (تشرين الأول) الماضيين.

وقدّرت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، أعداد السودانيين المسجلين لديها في مصر حتى 30 سبتمبر (أيلول) الماضي بـ503 آلاف و993 لاجئاً. ولا يعكس ذلك كل أعداد السودانيين الذين دخلوا مصر بعد الحرب، إذ ثمة آخرون غير مسجلين في المفوضية.

وتسبب توافد السودانيين إلى مصر وتمركزهم في مناطق محددة في رفع أسعار الإيجارات أضعافاً عدة. وتعد ضاحية فيصل، الحي الشعبي جنوب العاصمة، واحدة من نقاط تمركز الوافدين السودانيين، إذ بلغ متوسط الإيجار في المنطقة الشعبية 8 آلاف جنيه، بعدما كان 2000 جنيه قبل قدومهم، حسب السمسار أحمد عبد الرحيم.

مواطن سوداني يجلس على مقهى بفيصل تحت عبارة «تحيا مصر» (الشرق الأوسط)

تراجع متفاوت

والآن، يؤكد عبد الرحيم لـ«الشرق الأوسط»، تراجُع أسعار الشقق خصوصاً «المفروشة في الأبراج السكنية»، والتي كان يسكنها «السودانيون اللي معاهم فلوس»، مشيراً إلى أن كثيرين منهم عادوا إلى بلدهم.

يوضح السمسار: «كانوا يدفعون في الشهر 15 ألف جنيه في الشقة المفروشة، وبعد عودتهم لا تجد هذه الشقق من يسكنها بالأسعار نفسها، ما دفع أصحابها إلى تخفيض أسعارها إلى 12 و10 آلاف جنيه».

وأقرّ السمسار بأن هذه القيمة تظل مبالغاً فيها في منطقة شعبية مثل فيصل «لكن قد تنخفض أكثر مع قلة الطلب»، مُرجعاً بطء حركة تراجع الإيجارات إلى «جشع أصحاب الشقق ممن يأملون في أن يدفع المصري نفس ما كان يدفعه السوداني».

وقال السمسار السوداني حسن عبد الله، والذي يعمل على عرض الشقق على غروب بـ«فيسبوك» يضم آلاف السودانيين في مصر، لـ«الشرق الأوسط» إن الأسعار انخفضت إلى النصف تقريباً، فالشقة التي كان يعرضها بسعر 5 و4 آلاف جنيه، أصبحت معروضة بـ2000 و2500 و3000 جنيه «الشقق متوفرة مو زي قبل»، وذلك بعدما ترك الكثير من السودانيين الشقق وعادوا إلى السودان، على حد وصفه.

ومن فيصل إلى منطقتي الدقي والمهندسين الراقيتين بمحافظة الجيزة، انخفضت الأسعار كذلك بشكل ملحوظ. يقول أحمد الأسيوطي وهو حارس عقار وسمسار في الدقي لـ«الشرق الأوسط» إن إيجارات الشقق المفروشة في المنطقة تراجعت «بشكل كبير جداً»، مشيراً إلى أنها وصلت الفترة الماضية مع قدوم السودانيين، وتحديداً منذ منتصف العام الماضي إلى 70 ألف جنيه، لكنها بدأت تتراجع منذ 3 شهور إلى ما بين 40 و30 ألف جنيه، مع عودة بعض السودانيين.

أحمد الأسيوطي حارس عقار وسمسار في منطقة الدقي بالجيزة (الشرق الأوسط)

ويعود التفاوت الكبير في الأسعار بين فيصل والدقي إلى طبيعة المنطقتين من جهة، ومساحة ومستوى الشقة نفسها من جهة أخرى، إذ إن الشقق في المنطقة كبيرة في المساحة «4 غرف و3 حمامات ومستوى لوكس».

وتوقّع السمسار أن تتراجع إيجارات الشقق بشكل أكبر الفترة المقبلة، مستدلاً على ذلك أن «تحت يدي شققاً فاضية من أكثر من شهر، لا تجد من يسكنها، وكل فترة يخفض أصحابها السعر أكثر، للعثور على مستأجر».

الأمر نفسه أكده السمسار في منطقة المهندسين حمدي الصعيدي، واصفاً سوق الإيجارات حالياً بالـ«الهادئ»، في إشارة إلى كثرة المعروض مقابل المطلوب.

التأثير نفسه شهدته منطقة مدينة نصر شرق العاصمة، حيث تراجعت الإيجارات فيها إلى 20 و30 ألف جنيه، بعدما وصلت إلى 40 و50 ألف الفترة الماضية، حسب محمود محسن، وهو صاحب شقق يقوم بتأجيرها.

يقول محسن لـ«الشرق الأوسط» إن لديه شقة حالياً يعرضها بـ 22 ألف جنيه، كانت وصلت الفترة الماضية إلى ضعف هذا السعر مع كثرة الطلب على الإيجارات بقدوم السودانيين، مشيراً إلى أن مدينة نصر من مناطق جذب الوافدين من جنسيات مختلفة.

ورغم التراجع النسبي لأسعار الإيجارات في مناطق تمركز السودانيين، استبعد عضو شعبة الاستثمار العقاري في غرفة القاهرة التجارية أحمد عبد الله، أن تشهد السوق العقارية تراجعات تعود به إلى المستوى الذي كان عليه قبل قدومهم، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»، إنه لا يتوقع انخفاضاً في أسعار الإيجارات بوجه عام بفعل التضخم وعوامل أخرى، «ومع ذلك ففي بعض المناطق التي شهدت تراجعاً مؤثراً في أعداد الجالية السودانية، من المتوقع أن ينخفض الطلب».

وتابع: «في كل الأحوال، الأرجح هو ألا تنخفض أسعار الإيجارات إلا إذا حدث تراجع كبير في الطلب مقارنة بالمعروض، وهو ما يعني مغادرة عدد كبير من الإخوة السودانيين».

محل سوداني في حي فيصل ينوي مغادرة مصر قريباً (الشرق الأوسط)

وسبق أن علق رئيس الحكومة الدكتور مصطفى مدبولي، على أزمة الإيجارات قائلاً إن الأسعار ارتفعت، لكن الحكومة لا تستطيع التدخل في سوق العقارات الذي يحتكم لـ«العرض والطلب»، متوقعاً آنذاك أن تكون «أزمة الإيجارات في مصر مسألة مؤقتة».

وخلال 6 شهور على حد أقصى، سيعود الشاب السوداني نافع عبد الحي إلى السودان، بعد شفاء قدمه التي خضعت لعملية جراحية مؤخراً، مشيراً إلى أن والديه عادا بالفعل، وأن «كثيراً من الوافدين السودانيين في مصر عاد منهم على الأقل شخص، يطمئن على الأوضاع هناك، قبل أن تتبعه بقية الأسرة».

واتفق معه توكل أحمد، وهو سوداني جاء إلى مصر مع عائلته قبل نحو 9 شهور، ويستعد للمغادرة في غضون أيام، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن السودانيين يفضلون العودة بمجرد الاطمئنان على استتباب الأمن في مناطقهم بسبب ارتفاع تكلفة المعيشة في مصر، فضلاً عن عدم توافر وظائف وأعمال لهم، وهو ما أكده أيضاً أمين أمانة العلاقات الخارجية في جمعية الصداقة المصرية السودانية محمد جبارة.