هنا شيحة: تمردت على حصري في أدوار «الفتاة الجميلة»

قالت لـ «الشرق الأوسط» إن الفن يستلزم قدراً من الجرأة

هنا شيحة مع عائلتها
هنا شيحة مع عائلتها
TT

هنا شيحة: تمردت على حصري في أدوار «الفتاة الجميلة»

هنا شيحة مع عائلتها
هنا شيحة مع عائلتها

قالت الفنانة هنا شيحة إنها استفادت كثيراً من مشاركتها كعضو لجنة تحكيم في المهرجانات السينمائية، وأوضحت في حوارها مع «الشرق الأوسط» أنها تنتظر عرض أحدث أفلامها «النهارده يوم جميل» الذي صورته في بداية العام الحالي، ويتناول قضية «الاغتصاب الزوجي» التي سيطرت على حوارات المصريين خلال الآونة الأخيرة.
وأشارت إلى أنها لم تتخيل نفسها بعيدة عن الفن والتمثيل، لكنها كشفت عن عدم إجادتها للرسم، رغم حبها للتلوين وتذوقها للفن التشكيلي، وثمنت شيحة تجربتها مع المخرج الراحل محمد خان، معتبرة إياه مدرسة سينمائية تعلمت فيها الحياة، وإلى نص الحوار:

> شاركت مؤخراً في لجنة تحكيم الأفلام القصيرة بمهرجان أسوان السينمائي... كيف تقيمين التجربة؟
- استمتعت بها جداً، حيث شاهدت أفلاما جيدة تتناول قضايا معاصرة حدثت في العامين الأخيرين على غرار التباعد الاجتماعي، والأمراض والأوبئة، والعنف الزوجي والتحرش، فالأفلام تعبر عن ثقافات متباينة، ومع ذلك فإن لغة السينما واحدة، فهي توحد الناس جميعا على اختلاف ثقافاتهم، وبرنامج الأفلام القصيرة كان قوياً، لذا فإن اختيار الأفلام الفائزة لم يكن سهلاً، لكننا لم نختلف وتوافقنا عليها، وهذه ليست المرة الأولى لي في لجان التحكيم فقد شاركت العام الماضي في لجنة تحكيم مهرجان القاهرة السينمائي، كما شاركت في عام 2014 في لجنة تحكيم مهرجان الإسكندرية، وكذلك في تحكيم مهرجان المركز الكاثوليكي ضمن لجنة ضمت سينمائيين ومثقفين مخضرمين على غرار المخرج الكبير داود عبد السيد، والمخرج أمير رمسيس، ودكتور إيناس عبد الدايم قبل تولي الوزارة، وقد تعلمت منهم كثيرا.
> كيف استفدت من المشاركة فنياً؟
- أستفيد بمشاهدة أفلام لا يتاح مشاهدتها إلا في المهرجانات، حيث أتعرف على ثقافات مختلفة وشخصيات جديدة تعمل في السينما، تكاد تكون الهموم واحدة، وفي مشاهداتي لا أفضل عنصراً على حساب الآخر، بل أهتم بالفيلم ككل وإلا فسأظلم عناصر فنية مهمة تساهم في نجاح الفيلم، مثل الموسيقى التصويرية، السيناريو، الإيقاع، التصوير، المونتاج.
> وهل تعقدين مقارنة أحياناً بين مستوى الأداء بالأفلام المصرية والأخرى الأجنبية؟
- لا أرى أن هناك اختلافاً، نحن لدينا تمثيل جيد، رغم أن الأفلام المصرية التي تشارك في مهرجانات لم تعد بالكثرة التي كانت عليها من قبل، لسيطرة الأفلام التجارية بشكل أكبر على الساحة، نحن في حاجة لأفلام فنية أكثر وهذا لا يعني ألا تكون جماهيرية، وأرى أن السينما المستقلة هي التي تنتج في السنوات الأخيرة أفلاما قادرة على المشاركة في مهرجانات كبرى.
> شاركت بفيلمك «قبل زحمة الصيف» في مهرجان «دبي السينمائي» قبل توقفه، هل عشت خلاله لحظات التوتر والترقب؟
- أحترم قرارات لجان التحكيم، وخصوصاً بعدما خضت تجربة التحكيم، فقد أصبحت أرى الأمر بشكل مختلف، فأن يفوز فيلم في مسابقة فهذا رأي يختص بلجنة التحكيم ولا يعد حكما مطلقا على الفيلم بأنه الأفضل، وقد يكسب فيلم في مهرجان ولا يحقق الأمر ذاته في مهرجان آخر، فالفوز والخسارة ليس حكما مطلقا على الفيلم، من الممكن أن يفوز فيلما في مهرجان كبير مثل كان السينمائي، ولا يحقق النجاح نفسه في بلاده، لكنني مقتنعة أنه طالما قبل الفنان المشاركة في مهرجان عليه أن يقبل بقرارات لجنة التحكيم، فهذا ذوقها ورأيها، ويجب ألا نتهمها بعدم العدالة أو المجاملة.
> لكن بعض النقاد قالوا إنك ما زلت صغيرة على التحكيم؟
- لست صغيرة، والأمر لا يقاس بالسن، بل بالخبرة السينمائية ومجال الدراسة، فقد بدأت التمثيل عام 1999 منذ أن كنت طالبة بمعهد الفنون المسرحية، حيث درست التمثيل والإخراج، بجانب إجادتي للغة الإنجليزية، واكتسبت خبرات عدة على مدى سنوات عملي الفني، إضافة إلى أن المهرجانات العالمية تضيف عناصر شابة للجان التحكيم لأن لديهم رؤية مختلفة للأفلام.
> بعيداً عن التحكيم... أين أنت من التمثيل وما سبب غيابك؟
- أنا موجودة، لكنني غبت عن الدراما العام الماضي، فمنذ عامين لا أجد ما أتطلع إليه سينمائياً وتلفزيونياً، هناك موضوعات تصلح أكثر للتليفزيون لأنها تتطلب مساحة عرض كبيرة، لكن لدي فيلم انتهيت من تصويره بعنوان «النهارده يوم جميل» مع المخرجة نيفين شلبي، وهو أول فيلم طويل لها بعد إخراجها عددا كبيرا من الأفلام القصيرة، من إنتاج المخرج شريف مندور، الفيلم اجتماعي يتناول قضية الاغتصاب الزوجي، وهي قضية مطروحة بقوة على «السوشيال ميديا»، لكننا كنا نحضر للفيلم منذ عامين لأن القضية مهمة وتعاني منها سيدات كثيرة في مجتمعاتنا، وحينما تذهب المرأة للإبلاغ عنها يقال لها إن القانون لا يجرم الزوج.
> وما الذي يحكم اختياراتك في الأعمال الفنية؟
- من المهم جداً أن أحب الدور، وأن يكون السيناريو محكما وأتعلق به، فلو لم أحب الشخصية التي أجسدها فلن أستطيع إتقانها ولا يفرق معي أن تكون سينمائية أو تليفزيونية، ولا أن تنتمي لبطولة فردية أو جماعية، بل يفرق معي القصة والإنتاج وأن أقدم شخصية جديدة، لكننا في النهاية نخضع لأشكال درامية محددة مع اختلاف الحواديت، المهم هو كيفية التناول الدرامي لها.
> هل أنت ممثلة جريئة في اختياراتك؟
- نعم أنا جريئة في اختياراتي، والفن عموما يستلزم قدراً من الجرأة.
> هل اكتسبت جرأتك من المخرج الراحل محمد خان، وكيف تقيمين تجربتك معه في فيلم «قبل زحمة الصيف»؟
- أنا جريئة من قبل تعاوني مع المخرج الكبير الراحل محمد خان، وفيلم «قبل زحمة الصيف» الذي جمعني به كان تجربة مختلفة تماما وله مكانة خاصة في قلبي، فقد تعلمت منه على جميع المستويات، هو كمخرج يدرك ما يريده بالضبط، مما يريح الممثل وكل فريق العمل، ولم نكن نتكلم كثيراً أثناء التصوير، ولا نعيد التصوير من زوايا كثيرة لا أهمية لها، وصرنا أصدقاء بعد الفيلم، كان من المفترض أن يجمعنا أكثر من فيلم، وكنت أقول له لابد أن نتجاوز الرقم الذي حققته مع النجم أحمد زكي (أخرج له 4 أفلام)، وقلت له إنني أريد أن تخرج لي سبعة أفلام... لكن القدر لم يمهلنا لإنجاز ما تمنيت، خان رحمه الله ليس فقط تجربة سينمائية، بل تجربة حياتية، فقد تعلمت منه معنى الحياة.
> لكن هناك ممثلون كبار بحثوا بأنفسهم عن أعمال تلائمهم لماذا لا تقومين بذلك؟
- منذ عام ونصف بدأت هذه الخطوة، بأن أعمل مع مؤلفين بشكل شخصي على بعض المشروعات الفنية التي تحمست لها، فقد شعرت أنها خطوة لابد أن أسعى إليها لأنني في مرحلة يجب ألا أنتظر فيها، وعملي التليفزيوني المقبل سيكون مع المؤلف هيثم دبور، وهو صديق وتعجبني كتاباته.
> تمردت على جمالك في بعض الأعمال فنية، كيف نجحت في ذلك؟
- الجمال مسألة نسبية، قد يرى البعض فنانة معينة جميلة، والبعض الآخر يراها عادية، وأنا لا أرى نفسي جميلة، بل عادية تماماً، لأن منظور الجمال شخصي جداً، يتوقف على رؤية كل منا، ودرست علم الجمال وهو علم قائم بذاته، ولولا اختلاف الأذواق لبارت السلع، عن نفسي أرغب في عمل أدوار متباينة بعيدة عن شكلي وملامحي وشخصيتي، وفي بداياتي كنت أؤدي دور الفتاة الجميلة أو الأجنبية التي تتحدث «عربي مكسر»، وهي مرحلة أنهيتها بعد عدم رغبتي في حصر المخرجين لي في تلك النوعية من الأدوار، وبقيت فترة حتى حطمت هذه الفكرة بأعمال مختلفة، وقدمني المخرج محمد ياسين بشكل مختلف في مسلسل «موجة حارة»، كما قدمني خالد مرعي في مسلسل «السبع وصايا» بشكل مغاير، وهذا العمل من الأعمال التي أحبها، وأنا محظوظة بالعمل مع مخرجين وكتاب متميزين مثل محمد أمين راضي.
> لو لم تكوني ممثلة... فهل كنت تتمنين أن تكوني فنانة تشكيلية مثل والدك الفنان الكبير أحمد شيحة؟
لم أكن لأعمل بعيداً عن الفن، فقد استحوذ علي في فترة مبكرة من حياتي، كان لابد أن أكون إما ممثلة أو مخرجة، لاسيما وأنني لا أجيد الرسم، وإن كنت أحب التلوين وأقرأ اللوحات وأتذوق الفن التشكيلي، لكن ليس لدي خيال أبي، حلا شقيقتي لديها موهبة الرسم وأولادي أيضا.



إيلي فهد لـ«الشرق الأوسط»: المدن الجميلة يصنعها أهلها

بكاميرته الواقعية يحفر فهد اسم بيروت في قلب المشاهد (حسابه على {إنستغرام})
بكاميرته الواقعية يحفر فهد اسم بيروت في قلب المشاهد (حسابه على {إنستغرام})
TT

إيلي فهد لـ«الشرق الأوسط»: المدن الجميلة يصنعها أهلها

بكاميرته الواقعية يحفر فهد اسم بيروت في قلب المشاهد (حسابه على {إنستغرام})
بكاميرته الواقعية يحفر فهد اسم بيروت في قلب المشاهد (حسابه على {إنستغرام})

لا يمكنك أن تتفرّج على كليب أغنية «حبّك متل بيروت» للفنانة إليسا من دون أن تؤثر بك تفاصيله. فمخرج العمل إيلي فهد وضع روحه فيه كما يذكر لـ«الشرق الأوسط»، ترجم كل عشقه للعاصمة بمشهديات تلامس القلوب. أشعل نار الحنين عند المغتربين عن وطنهم. كما عرّف من يجهلها على القيمة الإنسانية التي تحملها بيروت، فصنع عملاً يتألّف من خلطة حب جياشة لمدينة صغيرة بمساحتها وكبيرة بخصوصيتها.

ويقول في سياق حديثه: «أعتقد أن المدن هي من تصنع أهلها، فتعكس جماليتهم أو العكس. الأمر لا يتعلّق بمشهدية جغرافية أو بحفنة من العمارات والأبنية. المدينة هي مرآة ناسها. وحاولت في الكليب إبراز هذه المعاني الحقيقية».

تلعب إليسا في نهاية الكليب دور الأم لابنتها {بيروت} (حساب فهد إيلي على {إنستغرام})

من اللحظات الأولى للكليب عندما تنزل إليسا من سلالم عمارة قديمة في بيروت يبدأ مشوار المشاهد مع العاصمة. لعلّ تركيز فهد على تفاصيل دقيقة تزيح الرماد من فوق الجمر، فيبدأ الشوق يتحرّك في أعماقك، وما يكمل هذه المشهدية هو أداء إليسا العفوي، تعاملت مع موضوع العمل بتلقائية لافتة، وبدت بالفعل ابنة وفيّة لمدينتها، تسير في أزقتها وتسلّم على سكانها، وتتوقف لبرهة عند كل محطة فيها لتستمتع بمذاق اللحظة.

نقل فهد جملة مشاهد تؤلّف ذكرياته مع بيروت. وعندما تسأله «الشرق الأوسط» كيف استطاع سرد كل هذه التفاصيل في مدة لا تزيد على 5 دقائق، يرد: «حبي لبيروت تفوّق على الوقت القليل الذي كان متاحاً لي لتنفيذ الكليب. وما أن استمعت للأغنية حتى كانت الفكرة قد ولدت عندي. شعرت وكأنه فرصة لا يجب أن تمر مرور الكرام. أفرغت فيه كل ما يخالجني من مشاعر تجاه مدينتي».

من كواليس التصوير وتبدو إليسا ومخرج العمل أثناء مشاهدتهما إحدى اللقطات من الكليب (فهد إيلي)

يروي إيلي فهد قصة عشقه لبيروت منذ انتقاله من القرية إلى المدينة. «كنت في الثامنة من عمري عندما راودني حلم الإخراج. وكانت بيروت هي مصدر إلهامي. أول مرة حطّت قدمي على أرض المدينة أدركت أني ولدت مغرماً بها. عملت نادلاً في أحد المطاعم وأنا في الـ18 من عمري. كنت أراقب تفاصيل المدينة وسكانها من نوافذ المحل. ذكرياتي كثيرة في مدينة كنت أقطع عدداً من شوارعها كي أصل إلى مكان عملي. عرفت كيف يستيقظ أهاليها وكيف يبتسمون ويحزنون ويتعاونون. وهذا الكليب أعتبره تحية مني إلى بيروت انتظرتها طويلاً».

لفت ايلي فهد شخصية إليسا العفوية (حسابه على {إنستغرام})

يصف إيلي فهد إليسا بالمرأة الذكية وصاحبة الإحساس المرهف. وهو ما أدّى إلى نجاح العمل ورواجه بسرعة. «هذا الحب الذي نكنّه سوياً لبيروت كان واضحاً. صحيح أنه التعاون الأول بيني وبينها، ولكن أفكارنا كانت منسجمة. وارتأيت أن أترجم هذا الحبّ بصرياً، ولكن بأسلوب جديد كي أحرز الفرق. موضوع المدينة جرى تناوله بكثرة، فحاولت تجديده على طريقتي».

تبدو إليسا في الكليب لطيفة وقريبة إلى القلب وسعيدة بمدينتها وناسها. ويعلّق فهد: «كان يهمني إبراز صفاتها هذه لأنها حقيقية عندها. فالناس لا تحبها عن عبث، بل لأنها تشعر بصدق أحاسيسها». ويضعنا فهد لاشعورياً في مصاف المدن الصغيرة الدافئة بعيداً عن تلك الكبيرة الباردة. ويوضح: «كلما كبرت المدن خفت وهجها وازدادت برودتها. ومن خلال تفاصيل أدرجتها في الكليب، برزت أهمية مدينتي العابقة بالحب».

لقطة من كليب أغنية "حبّك متل بيروت" الذي وقعه إيلي فهد (حسابه على {إنستغرام})

كتب الأغنية الإعلامي جان نخول ولحّنها مع محمد بشار. وحمّلها بدوره قصة حب لا تشبه غيرها. ويقول فهد: «لقد استمتعت في عملي مع هذا الفريق ولفتتني إليسا بتصرفاتها. فكانت حتى بعد انتهائها من تصوير لقطة ما تكمل حديثها مع صاحب المخبز. وتتسامر مع بائع الأسطوانات الغنائية القديمة المصنوعة من الأسفلت». ويتابع: «كان بإمكاني إضافة تفاصيل أكثر على هذا العمل. فقصص بيروت لا يمكن اختزالها بكليب. لقد خزّنت الكثير منها في عقلي الباطني لاشعورياً. وأدركت ذلك بعد قراءتي لتعليقات الناس حول العمل».

في نهاية الكليب نشاهد إليسا تمثّل دور الأم. فتنادي ابنتها الحاملة اسم بيروت. ويوضح فهد: «الفكرة هذه تعود لإليسا، فلطالما تمنت بأن ترزق بفتاة وتطلق عليها هذا الاسم». ويختم إيلي فهد متحدثاً عن أهمية هذه المحطة الفنية في مشواره: «لا شك أنها فرصة حلوة لوّنت مشواري. وقد جرت في الوقت المناسب مع أنها كانت تراودني من قبل كثيراً».