المصارف تفرض شروطاً على المودعين قبل سحب أموالهم بالدولار

TT

المصارف تفرض شروطاً على المودعين قبل سحب أموالهم بالدولار

بعد أيام من بدء تطبيق تعميم مصرف لبنان الذي يسمح لأول مرة للمودعين بالعملات الأجنبية سحب جزء من ودائعهم بالدولار ضمن شروط معينة، حذر رئيس لجنة الإدارة والعدل ونائب رئيس حزب «القوات اللبنانية» النائب جورج عدوان من عدم قانونية طلب المصارف من المودعين توقيع أوراق تمس بحقوقهم تنفيذاً لهذا التعميم.
وكان عدد من المواطنين اشتكى من اشتراط المصارف توقيع المودعين على أوراق تفرض شروطاً غير الموجودة بالتعميم منها ما يتعلق بإبراء ذمة للمصرف في حال التوقف عن الدفع لأي سبب من الأسباب والتعهد بعدم المطالبة بأي تعويضات تتعلق بفروقات سعر الدولار، فضلاً عن رفض المصارف أن يطلع المودع محاميه على هذه الشروط قبل أن يقرر التوقيع من عدمه.
ودعا عدوان الدائرة القانونية في مصرف لبنان إلى تنظيم نموذج موحد لكل المصارف لتنفيذ التعميم بشكل يحفظ حقوق المودعين، مطالباً المودعين بعدم توقيع أي مستند قبل صدور نموذج يحفظ حقوقهم.
وبدأت المصارف منذ مطلع شهر يوليو (تموز) الحالي تنفيذ تعميم لمصرف لبنان يسمح لكل مودع بالدولار في المصارف اللبنانية ضمن شروط معينة، الاستفادة من سحب 400 دولار نقداً و400 دولار بالليرة اللبنانية وفق سعر صرف منصة «صيرفة» أي 12000 ليرة.
واشترط مصرف لبنان في هذا التعميم الذي ألزم المصارف بتطبيقه، أن يكون حساب المودع بالدولار مفتوحاً قبل تاريخ نهاية أكتوبر (تشرين الأول) 2019 مع استثناء الأموال التي تم تحويلها من الليرة إلى الدولار بعد التاريخ المذكور.
وأوجب التعميم المودع الذي يريد الاستفادة منه إنشاء حساب مصرفي متفرع خاص ترفع عنه السرية المصرفية، فضلاً عن التوقف عن الاستفادة من أحكام تعميم سابق يتيح له السحب وفق سعر الصرف المعمول به حالياً في المصارف والمحدد بـ3900 ليرة للدولار.
ويرى كبير الاقتصاديين في بنك «بيبلوس» الخبير الاقتصادي نسيب غبريل أن تفاصيل وشروط تعميم مصرف لبنان واضحة مضيفاً في حديث مع «الشرق الأوسط» أن المودع الذي يريد الاستفادة من التعميم عليه أن يوقع على بنود أساسية منها قبوله بسحب المبلغ المحدد بالدولار والليرة اللبنانية، وفتح حساب رديف، وعدم الاستفادة من التعميم الذي يجيز له سحب الدولار على أساس سعر الـ3900 ليرة.
ويشرح غبريل أن باقي الشروط تحددها الدائرة القانونية لكل مصرف إذ لا يوجد نموذج موحد مضيفاً أن هناك مصرفاً واحداً أورد فقرة ربما خلقت قلقاً بين المودعين.
وفي حين يشير غبريل إلى أن الإقبال على التعميم من قبل المودعين كبير، يشدّد على أن المصارف جميعها ملتزمة بتفاصيل التعميم وبنوده ولا سيما أن مصادر تمويله موجودة. ويرى غبريل أن هناك جهات تحاول تشويه التعميم وتخويف المودعين من الاستفادة منه لغايات معينة بينما شروط التعميم واضحة للجميع.
من جهته، يرى عضو حملة الدفاع عن المودعين في لبنان المحامي رفيق غريزي أن هناك عدداً من المصارف تحاول تمرير بعض البنود خلسة، عبر نماذج مختلفة يعدها كل مصرف وحده، وتعود بالنفع عليه على حساب المودع الذي يفرض عليه التوقيع على النموذج كشرط للاستفادة من التعميم.
ويضيف غريزي في حديث مع «الشرق الأوسط» أنه ومنذ بدء العمل بالتعميم وحملة الدفاع عن حقوق المودعين تتلقى يومياً عشرات الشكاوى في هذا الإطار، لافتاً إلى أن التعميم «لا يستند إلى أي مرجع قانوني ويقوم بتطبيق «هيركات» مقنّع، كذلك نماذج المصارف غير قانونية لذلك ينصح المودعين بعدم التوقيع عليها واللجوء إلى القضاء انطلاقا من وضوح القانون الذي ينص على أن الودائع ترد للمودع بالعملة التي أودعها للمصارف».
ويرى غريزي أن الحل لا يكون بطلب وضع نموذج واحد للمصارف لأن هذا الأمر بمثابة اعتراف بالتعميم الذي يحرم المودعين من حقوقهم الطبيعية بالحصول على ودائعهم كاملة بالعملات المودعة بها.



اتهامات للحوثيين بعرقلة مساعدات الفقراء

الجماعة الحوثية متهمة باستقطاع أجزاء من مبالغ مخصصة للفقراء (فيسبوك)
الجماعة الحوثية متهمة باستقطاع أجزاء من مبالغ مخصصة للفقراء (فيسبوك)
TT

اتهامات للحوثيين بعرقلة مساعدات الفقراء

الجماعة الحوثية متهمة باستقطاع أجزاء من مبالغ مخصصة للفقراء (فيسبوك)
الجماعة الحوثية متهمة باستقطاع أجزاء من مبالغ مخصصة للفقراء (فيسبوك)

أوقفت الجماعة الحوثية، خلال الأيام القليلة الماضية، صرف المساعدات النقدية المخصصة للحالات الأشد فقراً في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرتها، في ظل اتهامات لها باستقطاع مبالغ مالية من المساعدات التي تُخصصها المنظمات الأممية والدولية لمصلحة الفقراء في اليمن.

وذكرت مصادر مطلعة في العاصمة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية تعمدت وضع صعوبات وعراقيل عدة، لمنع صرف المساعدات النقدية للمستحقين في نحو 35 مركزاً خاصاً في 6 محافظات يمنية تحت سيطرتها، وهي صنعاء، وإب، والمحويت، وذمار، وريمة، وعمران، من خلال ما سمته «المرحلة الـ18 لمشروع الحوالات النقدية للمستفيدين من صندوق الرعاية الاجتماعية».

إشراف عناصر حوثية على عملية صرف مساعدات نقدية طارئة في محافظة إب (إعلام حوثي)

ويستهدف مشروع الحوالات النقدية المموَّل من البنك الدولي ومنظمة الأمم المتحدة للأمومة والطفولة (اليونيسيف)، في هذه المرحلة، ما يزيد على مليون ونصف المليون أسرة، تضم نحو 10 ملايين شخص في صنعاء وبقية المحافظات، بينما يبلغ إجمالي المبلغ المخصص بوصفه معونات نقدية في هذه المرحلة أكثر من 63 مليون دولار.

واشتكى مستفيدون من تلك الحوالات في صنعاء ومدن أخرى لـ«الشرق الأوسط»، من عراقيل وصعوبات مستمرة تتعمد الجماعة وضعها، وتؤدي لإيقاف عملية صرف المساعدات النقدية ساعات وأحياناً أياماً، في مراكز عدة؛ الأمر الذي يزيد من معاناتهم ومتاعبهم نتيجة الوقوف ساعات طويلة أمام تلك المراكز.

وتتم عملية الصرف التي يُشرِف عليها عناصر يتبعون ما يسمى «المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية»، وهو هيئة مخابراتية شكَّلتها الجماعة للرقابة على أنشطة الإغاثة والمنظمات الدولية والمحلية، إضافة إلى موظفين في بنك الأمل وصندوق التنمية الاجتماعي، عبر أكثر من 2500 مركز صرف تنتشر في نحو 40 ألف قرية.

جانب من عملية صرف مساعدات نقدية للفقراء في إحدى مناطق سيطرة الجماعة الحوثية (فيسبوك)

ويبرر هؤلاء المشرفون إيقاف عمليات الصرف في تلك المراكز وحرمان المستفيدين من الحصول على مستحقاتهم المالية الزهيدة، بزعم عدم انتظام المستفيدين في طوابير خاصة بعملية التسلُّم، وعدم تجهيز كشوفات أسماء بعض المستفيدين، إضافة إلى التحجج بوجود أعطال فنية في المراكز.

استقطاع متكرر

كشف مستفيدون آخرون من تلك الحوالات في قرى عدة في مديريات العدين وحبيش ومذيخرة في محافظة إب، ومديريات الجبين والجعفرية في محافظة ريمة، والرجم وحفاش في المحويت، وعتمة في ذمار، والعشة في عمران، ومناطق أخرى في صنعاء، عن وجود استقطاعات حوثية حالية من مستحقاتهم الزهيدة لدعم جبهات القتال.

ولفت المستفيدون إلى أن تلك الاستقطاعات يسبقها في كل مرة عمليات إيقاف متعمدة للصرف ساعات طويلة، دون إبداء الأسباب.

الجوع والفقر يدفعان يمنيين في صنعاء للتسول (الشرق الأوسط)

وبيَّن (أمين ع.)، وهو أحد المقربين من أحد المستفيدين من الضمان الاجتماعي في إب لـ«الشرق الأوسط»، أن قريبه لم يتسلم هذه المرة سوى مبلغ يساوي 15 دولاراً أميركياً تقريباً (8 آلاف ريال يمني)، وتفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار يساوي (536 ريالاً) كمساعدة نقدية مخصصة له، وذلك بعد عناء وجهد من أحد مراكز الصرف في ضواحي مدينة العدين.

وأوضح أن قريبه سبق له أن تَسَلَّمَ في المرحلة السابقة مبلغ 22 دولاراً (12 ألف ريال)، أي أنه تم استقطاع ثلث مستحقاته هذه المرة.

واتُّهم أمين الجماعة باستهداف الفقراء بشكل متكرر، ونهب كل مدخرات وموارد برامج الحماية الاجتماعية (شبكات الضمان الاجتماعي)، ما أدى إلى تعميق الفقر وارتفاع نسبته، وفقدان اليمنيين في عموم مناطق سيطرتها للحماية.

تدمير شبكة الضمان

ليست المرة الأولى التي تعرقل فيها الجماعة الحوثية صرف المساعدات العينية أو النقدية لصالح الفقراء والنازحين؛ إذ سبق أن اشتكى مستفيدون في مدن تحت سيطرتها مرات عدة من عمليات نهب واستقطاع مستحقاتهم.

وكشفت مصادر حقوقية في يونيو (حزيران) من العام قبل الماضي عن استقطاع قيادات انقلابية تدير مكاتب الشؤون الاجتماعية في المحافظات التي تحت سيطرتها، مبالغ من مستحقات الفقراء المستفيدين من مشروع الضمان الاجتماعي، تراوحت في حينها بين 6 و12 دولاراً (3 آلاف و7 آلاف ريال) عن كل حالة.

أسر يمنية في صنعاء تلجأ للحصول على وجبات طعام من مخلفات القمامة (الشرق الأوسط)

كما اتهمت المصادر الجماعة حينها بعدم مراعاة معاناة آلاف الأسر المعوزة المستفيدة من تلك المبالغ، وقد باتت مُعظمها لا تملك أي مصادر دخل غير تلك المستحقات الزهيدة التي تُصْرف لها كل 3 أشهر بعد انقطاع دام أعواماً، بفعل سطو قادة الجماعة على أرصدة صندوق الضمان الاجتماعي.

وأظهرت تقارير محلية وأخرى دولية تعرُّض عدد من الصناديق الإيرادية بما فيها «صناديق التقاعد» في مناطق سيطرة الجماعة لعمليات سطو منظمة، من بينها صندوق الضمان الاجتماعي، وصندوق النشء والشباب، وصندوق مؤسسة التأمينات الاجتماعية.

وعمدت الجماعة عقب انقلابها، وفق التقارير، إلى نهب أموال صناديق التقاعد، وأوقفت في المقابل مشاريع البنية التحتية، كما أحجمت عن تسديد ديونها للبنوك ومؤسسات التمويل الأصغر، ما قاد هذه المكونات التي تقدم العون والمساعدة لشريحة كبيرة من اليمنيين، إلى التوقف عن العمل.